انفصام الروح عن الجسد
أنا في العقد الثالث, أنا لست بقادر على تحديد مكوني الحقيقي فأنا خليط أو لربما هجين, أنا كتلة من التناقضات الهائلة ومتاهة لا سبيل للرشد هنا, مشكلتي ببساطة بدأت منذ ولدت حيث توفيت والدتي أثناء ولادتي, صحوت على الدنيا لم أجد سوى أشقائي الأربعة وأبي, أبي الذي ظل مخلصاً لذكرى والدتي, أبي الذي يتحاشى النظر لوجهي لأني نسخة عنها أبي الذي كلما نظر لوجهي قرأت في وجهه لومي على قدومي لهذه الدنيا وتسببي بوفاتها, منذ ثلاثين عاماً وأنا أحس بأن وجودي خطأ كبير وأن حياتي خطيئة أكبر ومنذ الأزل وأنا أردد في نفسي لو بقيت أمي على قيد الحياة ولو كنت مكانها لكن ما باليد حيلة.
في البيت رباني أبي كبقية إخوتي لم يدللني ولم يقسو علي, وكان علي التخبط طويلاً في مراحل حياتي ربيت كصبي وليس كفتاة, فلا أعرف شيئاً عن عالم بنات جنسي لم أرتدي فستان في حياتي كلها, لم يطل شعري يوما بل كان والدي يقصه لي كبقية إخوتي الذكور, وجاءت مرحلة المراهقة ولك أن تتخيل ما واجهت لوحدي, ناضلت لأخفي جسدي بملابس رياضية ومعالم استغربت ظهورها أصلاً, كرهت جسدي وكرهت روحي حتى وكان ذلك سبب انعزالي في بيتنا وانقطاعي عن العالم الخارجي, واجهت قمعا وسخرية الفتيات في المدرسة وكان العنف هو دفاعي, وينتهي دوماً بنقلي من مدرسة لأخرى هكذا دون أن يسألني أبي ولو لمرة واحدة, لم يصارحني ولو لمرة ما يغضبك, لم يسألني لم أبداً وهكذا,
إنما كبرت وكبرت حيرتي معي وشقائي, زاد بؤسي في الجامعة إذ زاد تنمر الجميع حتى أساتذتي وتخرجت وأنا على حالي, أتصرف كالرجال في كل شيء, لبسي, طريقة كلامي, في طباعي, خشونتي واضحة للجميع وعصبيتي أيضاً, لم يصدف يوما أن صادقت فتاة مثلي ولم تطأ يوما قدمي ذلك العالم, وطبعاً اتهامي بالمسترجلةً, لم أحس يوماً بأني فتاة وجاءت تجربة الزواج؟
وافقت لظني بأن هذا هو الحل حالة انفصام أحاسيسي عن جسدي ولكن كان ذلك أكبر كارثة في حياتي ولا يمكنني حتى الحديث عنها وتم الطلاق سريعاً؟؟؟؟ لكني حملت طفلاً؟؟؟ كلما ظهرت علي ملامح الحمل زاد بؤسي وتعاستي بل تمنيت أن أقتل ما ينمو بداخلي, لا زمت البيت في حملي وأنجبت طفلا لم تفلح تجربتي كأنثى على مدار 3 عقود من الزمن لم أفلح كإبنة أو شقيقة أو زوجة أو أم؟؟؟
ماذا تبقى من عمري؟ ثلاثون عاماً من السباحة في تيارات معاكسة ونضال وصراع؟ أشمئز من جسدي؟ أكرهه؟ أكره الأنثى وضعفها أكره رقتها؟
كيف سأبقى حبيسة هذه اللعنة طوال العمر؟ أتعذب عندما أرى ملامح أنوثتي؟ حاول زوجي _ سابقا ً إقناعي بأن لدي أنوثة أحسد عليها لكني لا أرى إلا جسدا مشوهاً؟
بالنسبة لشهوتي وميولي فليس لي ميول لا لهذا ولا لذاك _ اعذرني إن قلت بأنها عملية مثيرة للاشمئزاز كلها بهيمية وهذه قناعاتي.
لو تحولت لرجل _ نعم هكذا ببساطة لحللت معظم مشاكلي _ لاستقرت نفسي ولربما سأربي طفلي في ظلي كأب ولم لا؟ خاصة بعدما تخليت عنه لوالده؟ ما الحل؟؟؟؟؟؟؟ كيف ستهدأ روحي؟ كيف لقلبي الحزين أن يبرأ؟
أليس الاستقرار النفسي أبسط أبسط مطالبي في هذه الحياة؟
أفيدوني
04/07/2013
رد المستشار
مناقشة الاستشارة:
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالسعادة والاستقرار.
لابد أولاً من الإجابة على سؤالك الأخير وهو: لو تحولت لرجل لاستقرت نفسي؟ بصراحة الإجابة على هذا السؤال هو بالنفي رغم أن الاستشارة في إطارها تشير إلى اضطراب الهوية الجنسية ولكن محتواها لا يؤكد هذه الفرضية بعبارة أخرى لو تم طرح طلبك إلى جراح مختص بهذه العمليات لما حصل على مساندة الفريق الطبي النفسي المعاناة التي تصفيها في الرسالة تؤدي بالنهاية إلى كارثة طبية بعد إجراء العملية لعد وجود قناعة بوجود اضطراب الهوية الجنسية.
هناك أزمة نفسية طويلة المدى نتجت من جراء غياب الأم منذ الطفولة لا توجد في الرسالة إشارة إلى بديل للأم مما زاد في معاناتك النفسية لا شك أن ظروف البيئة لم تسمح بتربيتك مع أربعة أشقاء كان تعلقك بالوالد غير آمن رغم عدم وجود دليل في رسالتك على أنه عاملك بقسوة وعمل على تهميشك في داخل الأسرة غياب الأم وبديلها وتعلقك المتردد بالأب دفعك نحو انتحال شخصية ذكرية لكن هذه الشخصية لم تساعدك في تجاوز عقدة غياب الأم وأنك مجرد سوء حظ وبشرى غير سارة للأب والأخوة.
هذا التعلق الغير آمن وشعورك بالقلق والغضب والاكتئاب يفسر تمردك أثناء فترة المراهقة لكن رغم ذلك تفوقت في تعليمك بعد ذلك ولكن لم تتجاوزي أزمتك النفسية بعد زواج قصير وإنجابك لطفل ولخصت المعاناة بفشلك كإبنة وشقيقة وأم وزوجة، وكلها أدوار أنثى لم تتقبلها في البداية البيئة التي نشأت فيها المرأة المصابة باضطراب الهوية الجنسية تميل إلى القناعة المطلقة بأنها ولدت في جسد غير جسدها ولا تصف المعاناة التي تطرقت إليها يضاف إلى ذلك هو صراحتك بغياب ميول جنسية مثلية والتي تتعارض في الممارسة السريرية مع اضطراب الهوية الجنسية المحدد.
التشخيص:
اضطراب الهوية الجنسية الغير محدد302.6.
توصيات العلاج:
٠ العلاج الكلامي مع معالج نفسي.
٠ ينصح البعض بتعامل سلمي مع الهوية الجنسية الطبيعية والقبول بها والتصرف كذلك لمدة ستة أشهر.
٠ هناك إشارة إلى اضطراب وجداني غير محدد وربما تجربة عقار مضاد للاكتئاب لمدة ستة أشهر لا ضرر منه.
٠ مراجعة الموقع بعد تلك الفترة.