اكتئاب وفقدان الثقة والطموح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
جُزيتم خيرًا على هذه الخدمة الرائعة التي هي بمثابة منفس وملجأ للكثيرين، وفقكم الله وفتح عليكم.
أنا فتاة نشأت في بيئة ملتزمة، أدرس في كلية الطب، شعرتُ في الآونة الأخيرة أني بحاجة إلى طبيب نفسي ولذلك قررت أن أعرض مشكلتي هنا.
الحمد لله طيلة سنين دراستي في المدرسة في المرحلة الإعدادية والثانوية كنت أعيش في سلام نفسي وسط أسرتي، وكنت دائماً الأولى بين زميلاتي من حيث المستوى العلمي، ومن حيث الالتزام الأخلاقي بشهادة الجميع، وقد توجتُ هذا التفوق بالحصول على مركز من ضمن العشرة الأوائل وتمكنتُ من دخول كلية الطب التي طالما حلمت بها، انتقلتُ إلى المعيشة في مصر بعيدًا عن أسرتي، وبالرغم من أني قضيت 3 سنوات حتى الآن في مصر، إلا أنني أشعر أني غير مستقرة نفسياً فيها، لا أدري هل السبب هو انتقالي إلى المعيشة في مصر أم للظروف التي استجدت.
كل ما سبق هي الصورة المشرفة التي يعرفها الجميع عني، أما ما لا يعرفه أحد هو أنني أمارس العادة منذ كنت في الصف الرابع الابتدائي، وكانت مرتبطة في ذاكرتي في ذاك الوقت بأي نشوة أو سعادة، أتذكر جيداً أني مارستها قبل ذلك وأنا أتخيل صورة الكعبة المشرفة!
المهم ظلت هذه العادة تلازمني إلى اليوم، ما لا يعرفه أحد عني أيضاً أنني على علاقة بشاب تعرفت عليه عبر النت منذ كنت في الصف الأول ثانوي، كانت علاقتنا في ذلك الوقت مجرد كتابة عبر الماسنجر نتناقش في أمور عادية، وبسبب عدم رضانا عن هذه العلاقة حاولنا مرارًا وتكرارًا الابتعاد ولكن كل محاولاتنا باءت بالفشل، فكنا نبتعد ونقترب إلى أن جاءت السنة الفيصل وهي الثانوية العامة التي قطعتُ فيها أي اتصال مع هذا الشاب ولله الحمد وفقني الله واستعدتُ تفوقي كما ذكرت.
بدأت العلاقة ببيننا فيما بعد تتطور، فأصبح الكلام يأخذ مجراً مختلفاً، تطور فيما بعد وأصبحنا نتحدث بالهاتف بالساعات، ساعد على ذلك وجودي في غرفة سكني بمفردي وكذلك وجوده بمفرده فهو يعمل في الخارج، فعلنا بالهاتف كل ما يمكن أن يحدث ولكن كان الفرق أنه بالهاتف فقط، ساء وضعي الدراسي كثيراً، وساءت أيضًا علاقتي بربي فلم أعد ملتزمة بالصلاة كما كنت، لم أكن طيلة هذه الفترة راضية عن نفسي، ولا هو، فقررنا الابتعاد حتى أنهي دراستي ويتمكن من خطبتي وكالعادة محاولاتنا تبوء بالفشل، وها نحن قررنا الابتعاد مجدداً، ولا أدري هل سننجح أم ماذا.
في العام الأخير بالذات أصبح الحزن يلازمني، أشعر دائماً بحالة من الإحباط تسيطر على تفكيري، لدرجة أني في الفصل الدراسي الأول من هذا العام درست جيدا ولكن أثناء أيام الامتحانات لم تكن لي رغبة مطلقا في فتح أو دراسة أي كلمة، وبالتالي حصلت على خمسين بالمئة.
أشعر أن كل الفرص ضاعت مني، أنا كنت أود أن أحصل على تعيين بالجامعة، ولكن لا أدري استهتاري أم ماذا كان السبب في تدني مستوايا الدراسي منذ أن دخلت الكلية.
حصلت في العام الأول على مقبول، وفي السنة الثانية على جيد، وفي السنة الثالثة على ما يقاربهما، فقدت الأمل في نفسي أصبحت كثيرة التفكير بشكل متضارب، ولشدة حرصي على تعيين الجامعة أشعر أنني أصبت بهلاوس، أجلس على النت بالساعات لأبحث عن أسامي علماء في الطب ليسوا أساتذة جامعة لأثبت لنفسي أنه ليس شرطا أن أكون أستاذة في الجامعة لأكون بارعة وذو قيمة في مجتمعي، أفكر في المستقبل بصورة غير طبيعية، لا أنظر لما في يدي دائما أفكر في البعيد، أفكر من الآن أين سأعيش في أمريكا أم بريطانيا أم ألمانيا وأبحث عن المعادلات وهل يشترط المجموع أم ماذا، أحيانا أشعر أن نفسي ضيق جدًا كان صدري طابق علي، وساعات أتلعثم في الكلام، أبكي كثيراً بلا سبب، في الآونة الأخيرة لا أدري هل بسبب فترة الامتحانات أم ماذا أشعر برعشة في يدي، وكذلك حين أنام أشعر بضربات قلبي.
أشعر كذلك بضربات مثل ضربات قلبي في رأسي من الأعلى، أحلم في نومي أحلام غريبة كأن أحداً يضربني برصاص أو يضرب والدتي، كثيرا ما أحلم في الآونة الأخيرة أنني أمشي في الشارع عارية اللباس، أشعر في بعض الحالات أنني سأموت قريبًا، أحيانا أمر بنوبات غريبة من البكاء والضيق وغالبا تكون قرب الامتحانات، أغاني أيضًا أثناء فترة الامتحانات بشيء، في بداية أيام مذاكرة المادة أدري جيدًا، ولكن قبل اليوم الثالث والثاني من الامتحان أشعر بالنوبات التي حكيت عنها مسبقا وبالتالي تنخفض كفاءتي كثيرا وأضيّع المجهود الذي قمت به، في أثناء حل الامتحان أكون في حالة إرهاق وخمول وفقدان الطموح والاكتئاب وأرغب في أن أملي الورقة أي شيء ولا أرغب في التفكير نهائيا إذا استعصى علي سؤال.
أناالآن مع أهلي في الدولة التي عشت فيها، أشعر بسلام نفسي أفضل بكثير من طيلة الأيام الماضية التي كنت فيها في مصر، هل فعلا أنا بحاجة لطبيب نفسي؟ هل ما أقول مهم أم شيء عادي لا أدري، دائما غير مسرورة وغير راضية أشعر من الآن أن مستقبلي الطبي ضاع أحيانا تأتي علي حالات من الضحك الهستيري والفرح التي ليس لها سبب، مع العلم أن شخصيتي في الأساس مرحة وأحب الضحك.
أنا أيضا كنت آكل بشكل معتدل ولكن في العام الماضي في أغلب الأحوال لم أعد أشتهي الطعام كما كنت ولذلك نقص وزني كثيرا ولكن مجرد وصولي إلى الدولة التي عشت فيها زادت رغبتي في الأكل حتى لو كنت شبعانة أقيس دائما حياتي على حياة الآخرين لا أدري لماذا، ماذا أفعل؟ كذلك أشعر أني فقدت الثقة بمن حولي بما فيهم والدي ووالدتي، لا أدري لماذا، ساعات بفكر في أمور عقيدية وفي وجود الله ومدى صدق الأحاديث النبوية ومدى صدق أي فكرة ممكن تيجي في بالي ومدى صحتها، ساعات مش ببقى مصدقة أي حاجه في الدنيا، بحس بلامبالاة غريبة وبخمول، كنت أود أن أخبركم أن والدتي منذ شهر تعالج نفسيا ضد الخوف المرضي والقلق النفسي، وكنت أنا من اعتنى بها، وحينما بحثت عن ما تعاني منه على النت وجدت تشابها إلى حد ما مع أعراضي وما قيل حول هذه الأمراض.
بعد إذنكم أرغب في عدم عرض المشكلة والتواصل معي بالإيميل
ثم أرسلت للموقع في رسالة منفصلة تحت عنوان فقدان الثقة تقول: أنا بعثت بمشكلتي قبل قليل ولكن لا أعلم هل وصلت أم ماذا؟
19/09/2013
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالنجاح والتوفيق.
في بداية الأمر لا بد من الإطلاع على الأعراض النفسية التي تطرقت إليها في الرسالة، وهي كما يلي:
العرض موجودة أو غائب الشدة المدة قلق موجود متوسط الشدة متقطع اكتئاب موجود متوسط الشدة متقطع شعور عداء أو خصومة غائب
حساسية شخصية غائب
حصارية أو وسواسية غائب
تصورات زورانية غائب
رهاب غائب
عملية ذهانية غائب
جسمانية غائب
باختصار هناك قلق واكتئاب متقطع يرتبط بالتعليم والاختبارات، ولا يمكن الحكم عليك الآن بأنك مصابة باضطراب عقلي أشرت في الرسالة إلى إصابة الوالد باضطراب عقلي وهو اضطراب القلق العام على الأرجح، وربما له ارتباط بظروف مهنية واجتماعية متعلقة بالغربة والجهد الفكري والعملي الذي لا حدود له.
ليس هناك ما يشير إلى تدهور أدائك التعليمي الدراسة الجامعية غير الدراسة الثانوية أو الإعدادية المواد الدراسية في كلية الطب وغيرها يتم رميها على الطلبة أحياناً بصورة مكثفة للغاية، ومعدلات التفوق أقل بكثير أن يحصل الطالب في كلية طب على معدل جيد أو مقبول فهذا لا يعني أنه أقل كفاءة من الذي يحصل على تقدير جيد جدا في بلاد الغرب مثلاً درجة شرف هي 69% وجيد من 59 إلى 68 ومقبول من 50 إلى 58 في جميع الحالات يتم معايرة الدرجات إلى الأعلى ودرجة النجاح في الحقيقة هي 35% حاولي الابتعاد عن التفكير في المعدلات ومقارنة نفسك بالآخرين التفوق الجامعي لا يعني التفوق المهني ومجالات العمل لا تقتصر على الحرم الجامعي فقط.
لعب الفراق عن الأهل دوره في المعاناة التي تطرقت إليها في الرسالة يمر معظم الطلبة الذين ينتقلون إلى التعليم الجامعي بعيداً عن البيت بفترة تأقلم تتراوح ما بين الثلاثة إلى تسعة أشهر في الغالبية العظمى يساعد الاختلاط مع الطلبة والمشاركة بفعاليات اجتماعية ورياضية وفنية في الجامعة في التأقلم والكثير من الطلبة يجد الحياة بعيداً عن المراقبة العائلية مرضية للغاية تساعدهم على الشعور بالاستقلال الفردي والمسؤولية لم تشيري في رسالتك إلى وجود فعاليات مثل هذه وكانت الوسيلة الوحيدة للتأقلم هو الاتصال عبر الهاتف والكمبيوتر مع رجل لا تعرفيه جيداً على أقل تقدير استمرت هذه العلاقة لفترة تزيد عن الحد المعقول، فحتى السجين يزوره من يحبه ويجلس معه لساعة أسبوعياً وهذا أفضل بكثير من ارتباطك بمن تعرفيه عبر الفضاء لم تشيري في الرسالة إلى حبك له بقناعة وربما حان الوقت إلى الاختلاط بزملائك بصورة مكثفة.
تشيرين في الرسالة إلى العادة السرية وما تسميه الهلاوس وغير ذلك هذا السلوك مجرد وسائل دفاع نفسية يلجأ إليها الفرد مع القلق والوحدة الاجتماعية وليست علامة من علامات الاضطرابات العقلية.
نصيحتي لك بالخروج من العزلة وتثبيت طقم عقلي Mind Set في ذهنك بأنك طالبة جامعية دخلت العقد الثالث من العمر وعليها الاعتماد على نفسها لمواجهة تحديات الحياة تبذلين الجهد المطلوب وتخرجين من العزلة التي تعيشين فيها والفراق عن الأهل لا يعني العزلة بل يعني الحرية مع المسؤولية.
افعلي ما نصحتك به وابتعدي عن مراكز الطب النفسي.
وفقك الله.