تعقيب على استشارة مضت
أتذكر أنني راسلت لموقعك قبل 4 أعوام في تلك الأيام كنت أبلغ 23، في السنة الثالث في الجامعة، متوتر، قنوط، مستسلم نوعا لأمري بأنني سوف أتبع من سبقوني ممن أستمع "لكلام الوالدة" وخطب ومن ثم تزوج من من أشارت عليه بأنها بنت الحلال التي ستحترمه وتقدره وينجب منها ما تقر له عينه لم يتم الأمر كذلك ولكني أيضا مرتاح لما آلت عليه أموري وأحوالي.
لن أطيل عليكم المقدمات غير الواضحة، سوف أدخل بالموضوع وإن كنت أشك أن رسالتي هذه قد تجد طريقة إلى صفحة الاستشارات مع رد وإن كنت لا أريد حلا لمشكلة وإنما أريد أن أقص أحداث رحلتي منذ أن تلقيت ردكم على رسالتي السابقة منذ 4 سنوات وحتى وقت كتابتي لهذه السطور.
أنا مثلي، باختصار، أميل لنفس الجنس وكنت أصارع نفسي فيما سبق بسبب هذا الشعور الذي أتفق فيه أغلب جملة العلماء على أنه علة نفسية ولها تأثير اجتماعي سقيم، متجاهلين التأثير النفسي المدمر على من قاوم هذا الشعور وهو متلازم معه منذ البلوغ وما سبق يأخذون الأمر بأنه إما أن تغير جزء من كيانك أو تموت في المحاولة لأن ربنا رحيم بالعباد ولكن ليس لأمثالك ألا ترون كم هذا محطم لكينونة المرء وكيف أن عيونكم تشل مقدرته على احترام وحب ذاته في وسطه ومحيطه.
هل من الذنب أن يكون للمرء حبيب وروح إنسان آخر أين كانت أم الذنب عندما تكون فكرة التغيير والشعور بالذنب الساحق اليومي الذي يمنعك من التركيز على عباداتك وعلى سيرورة حياتك وإتمامك لأعمالك أمام ربك والآخرين ظللت أسأل نفسي طويل، أن إنسان متدين، متعلم، مثقف، محبوب من عائلته والآخرين، يقدر الجمال والفن، يحب الحياة ويريد أن يبذل فيها عطاء له وللآخرين.
بشكل عام عندما تتلاشى غمامة الإحباط والاكتئاب التي كانت دوما حولي فأنا أرى أنني شخص نموذجي من الداخل والخارج ولست ذلك المسخ الذين يحاولون تصويره يا أساتذتي الكرام أنا لست سقيما ولم أكون والفضل كل الفضل يرجع إليكم حين وجهتوا لي الرد فيما مضى على حالة مررت بها من قبل كنت أريد مفرا من الجدران التي حبست روحي داخلها بسبب إرهاصات من لم يكون في حالتي ومن لم يعانوا ما عانيت.
قد تقول إنني ربما لم أتفهم الرد كما يجب أو أنني وضعت في رسالتي مالا يعطي المعالج المقدار الكافي من المعلومات كي يحلل لي الأمور التحليل الدقيق لا لم يكن كذلك ولي في هذا شرح بعد معاناة كثيرة في حالتي خاصة بعد أن طورت مشاعر فياضة تجاه شخص من بني جنسي (لا لما نقوم بأي فعل وإن كان هو الذي يعرف نفسه على أنه "سوي" غيري الجنسية قد اقترح لي أن نتخطى الأمر إلى العلاقة الجنسية ولكني لم أوافق. ولا أيضا، لم يعتدى علي في صغري ولم أمارس من قبل الجنس في ذلك الحين), لجأت إلى مواقع العلاج النفسي على الشبكة العنكبوتية تشبعت من المواقع الدينية التي لم تفدني فيما مضى لذا لجأت إلى الحل النفسي.
وجدت موقعكم، وكتبت لكم على أمل الاستشارة حاولت بقدر الإمكان وضع مشكلتي بشكل متزن، شرحت حالتي وخلفيتي الاجتماعية وما يتصارع ما بداخلي وما هو بالخارج الذي ألاحظه من حولي. شرحت هذا كله وأكثر وانتظرت الرد بفارغ الصبر كنت كمن على مهب الريح فوق محيط مترامي الأطراف والشيء الوحيد الذي يمنع بينه وبين الغرق هو العلاقة بربي الذي لا يفهمني ولا يعرفني إلا هو جاء الرد، الرد الذي من الوهلة الأولى جاء ما يزيد عن الربع بقليل مما كتبته نصف هذا الربع آيات قرآنية وتفسير لهذه الآيات النصف الآخر للرد كان جافا، منفرا ويا ليته كان على إثر هذا عمليا مختصر الرد أن هذه الفاحشة التي تراود خيالي لابد من قطعها وإلا فإن النار مثوى لي أحسست أن صاحب الرد لا يملك أي ذرة عاطفة أو شعور تبادلي لما أسهبت في شرحه من ألمي الذي ظللت أقاومه منذ العاشرة من العمر.
أقسم لكم أن حالتي النفسية الهابطة لم تؤثر على حاسة التحليل التي بنفسي، صاحب الرد مشمئز من إعطائي للرد أصلا، كأنما أنا مراهق لا يدري ما يريد أو أني متفاخر لما أنا فيه أو أنني شخص ليس من التعليم والثقافة من شيء ولن يفيد رده في شيء أدركت من رده شيئا عظيما محور حياتي كاملة وكان هو مشوار سعادتي أو بالأحرى اعتدالي في نظرتي لنفسي صاحب الرد، كما هو حال الكثير لا يبالي ما أنا عليه ولا يبالي كيف سيؤول حالي فقط يبالي أن يرى العالم كما هو يريد ويستوعب.
لا يريد "أشكالي" في هذا العالم أو في عالمه بالأحرى، إذا بقيت كتوما على ما يدور بداخل وظللت أبدي تلك الصورة الرجولية المتوقعة مني من المجتمع فإن كل شيء سيكون على ما يرام ما دمت أنا باقي كخروف من باقي جنس القطيع فلا مشكلة لا يهم ما أنا عليه ولا كم سيخسر المجتمع عضو فعالا في هيكلته ممن قد يترتب على مستقبل هذا الفرد مستقبل أمته، أهم أساسيات المجتمع هي أن تبرمج عقلك ومنطقك وحواسك وأحاسيسك مع القطيع ومن لم يفعل فالموت أحرى له أنا أقدم حلا آخر، أنا لا أريد أن أكون في هذا المجتمع ولن أموت إذا لم أعش بداخله، رب السماوات والأرض خلق أراضي وجبال ووديان وبلدان وأناس آخرون يدرون ما يحيط بي ويدركون فن التعاطف الإنساني.
منطقي من هذا أن أنا فقط هو من يعيش مع نفسه يوما بيوم وساعة بساعة وثانية بثانية وليس المجتمع ولا أي شخصا آخر فقط أنا مع كينونتي ولذلك فككت سجني الخاص وتعلمت أن أتقبل نفسي بشتى أشكالها فمن من كائن سيتقبلني بما أن فيه سوى نفسي وأنا يا سادة لست سيء بالمقاييس الاجتماعية ومهما كانت التفسيرات الدينية لحالتي وحالة المثلية الجنسية فإني أتحدى أي شخص يخبرني أن التقاليد والعرف لا يتحكما بهذه التفسيرات بشكل أو بآخر، درجة التأثير ليست المهمة ولكن وجود التأثير ذاته لما أعد ألوم نفسي ولله الحمد ولكن سأمت هذا المجتمع وطبيعة النفس البشرية الأنانية التي لا يهمها إزاحة آلام الإنسانية، فقط المحافظة على الوضع التي تعودت عليه دون تغيير أنا لست من آلائك الذين يشجعون الآخرين على السير في خطاهم.
واجهت أكثر من مرة شخصا في مثل حالتي يسألنني ماذا يجب فعله هل يستسلمون للألم أم ماذا يفعلون، أقول لهم في البداية أنا لست قدوة، أن حياتي وما قمت به لي لوحدي، لائم ما أنا عليه من ظروف وبنية نفسية ولا يضمن أن يكون الخلاص لآخرين حاولت أن أحب امرأة في حالة وفي حالة أخرى أتممت خطبتي على فتاة من فتيات بلدي وفي كلتى الحالتين لم يتعدى الأمر الانسجام لنفسي لا العاطفي ولا الجنسي.
حاربت واستسلمت ثم حاربت واستسلمت وظللت على ذلك أتنقل من نصح طبيب نفسي (لا مبالي كذلك) إلى نصيحة أشخاص حاولوا أن يتفهموا ولكن لم يكن لديهم الوقت والإرادة لفعل شيء سوف النصح ثم المضي في طريقهم بل البعض ممن المفترض أن يكونوا أصدقاء تركني دون رجوع أو سؤال جربت العاطفة مع ما تتوائم نفسي معه، خذلني البعض ولم أكمل طريقي ما النصف الآخر ولكن لا لوم إلى أن وجدت من يفهمني كما أفهم ذاتي وفهمته بالمثل، احترمني وقدرني وأخلص لي إذا لم تكن هذه العاطفة والحب الذي يجب أن تكمل روحك بهما فأنا لا أدري تفسيرا آخر.
في نهاية خطابي، أود أن أقول إن لا ملامة عليكم فأنتم تقدمون خدمة مجانية لوجه الله عل وعسى من مستفيد أو ينجيه الله على أيديكم وشخص أو أثنين من المعالجين ممن كثرت عليه الردود المرسلة ولم يدرك مدى أهمية ما يقوم به فإني في حالتي أشكره لأن عن طريقه أدركت جزء من نضوجي النفسي والعاطفي.
لكم جزيل الشكر
03/10/2013
رد المستشار
الأخ السائل؛
أنا وأنت نعيش في كوكب "الإجابات" الجاهزة، وهي مثل الوجبات الجاهزة المعلبة سابقة التجهيز، معروفة المكونات، ومتوقعة تماما... فلماذا أدهشتك؟!!
هل تريدني أن أسلك تسطيحية شائعة يغيب عنها التعاطف، ثم تنسى أنت نفسك التعاطف مع المجتمع الذي يتحلى بهذه النظرة!!
فهل نختار النقد لك، ولنظرة المجتمع التسطيحية معتبرين أن المثلية والتسطيح كلاهما انحراف عما ينبغي؟ أم نختار التعاطف معك، والمجتمع... بوصفك والناس من أصحاب الأعذار؟!!
لا أدري من أجاب على استشارتك السابقة، ولم تذكر لنا عنوانها، ولا تاريخها، وبالتالي لم أطلع عليها!!!
تعالى نجرب نظرة أعمق:
يولد كل إنسان بقابليات متنوعة تكاد تكون هي نفسها، مع استعداد وراثي يدعم تهيؤ كل منا لأمراض أو مسارات حياتية معينة، ثم تتوالى على الإنسان مستجدات بعضها قهري، وبعضها اختياري، وتنتج التفاعلات بين هذه المقدمات والدنياميات جميعا صورة نهائية متحركة قابلة لإعادة التغيير والتشكيل حتى يلقى وجه ربه الكريم!!
الله وحده العادل الرحيم هو من يحاسب البشر، ولا يستطيع ذلك سواه لأنه وحده جل وعلا هو خالق القابليات، والعالم بالاختيارات، والقهريات!!
ولا يخلو بشر من قصور، ولا تتوقف مقدرته عن النضج والنمو، والتغيير إلا أن يختار هو تعطيلها، أو الاستسلام لما أو لمن يعطلها!!
وكما تعرف فإن ثقافات، ومرجعيات طبية ومجتمعية صارت ترى الشذوذ الجنسي، أو المثلية كما صار يسمى... تراها هذه الثقافات والمرجعيات مجرد تنوع في الاختيار الجنسي، بينما ما تزال مرجعيات أخرى في الخارج والداخل تراها اعتلالا، ومخالفة للسواء النفسي!!
ومن يرتب على هذا الموقف أو ذاك حكما أخلاقيا هو كمن يلصق وصمة بلقطة في فيلم طويل، أو مشهد في رواية ممتدة لشخص تطورت فيه قابلية ما بمقدمات قهرية أو اختيارية، أو هما معا!!
ولو مررنا هذا المنهاج في التعامل مع البشر أصبحنا جميعا، ونحن نحمل وصمات نهائية، وأحكام مؤبدة بينما الحياة أكثر رحابة، وتركيبا!!
وإذا صح التنظير العلمي القائل بأن الشذوذ/ المثلية هي مرحلة في التطور النفسي الجنسي فإن النضوج يمر بها، ولا يتوقف عنها، ولا أدري ما الذي يعطل مسيرتك في كل نواحي حياتك، ولا أدري من أين جاءت أحكامك على نفسك بما يعطلك أو يجعلك رهين محبس، أو أسير صراع؟!!
الأمر في هذه وغيرها هو مثل كل نضوج ونمو تحاوله في حياتك، فهل تسمي النضوج حربا، وتسمى بعض وقفاته استسلاما!!
وإذا سحب البعض المسألة إلى مساحة الجحيم والنعيم بحثا عن تحفيز يعتقده في سحب المسائل إلى هذه المساحة، أو إبراءًا لذمته بتذكيرك بما تعرفه أنت أصلا، أو لأسباب أخرى... فهل بقاؤك في هذه المساحة – لا تغادرها – هو نوع قهر أم اختيار؟!
وما تردده عن القطيع، وخراف القطيع، وغير ذلك من هواجس ومخاوف وتفاعلات مع نظرة المجتمع المعتلة لأشياء كثيرة، ومنها الاعتلال النفسي، فما بالك إذا كان جنسيا؟!!
ومن قال أن الألم شيء سلبي في المطلق؟! وربما لا نتعلم حقا إلا في غمار الآلام!! ولا نتغير صدقا إلا حين ندخل إلى أفران نار الخبرات والتجارب!!
وما الذي يمنعك من قبول نفسك، أو أن تحب ما أنت عليه، وفي نفس الوقت تواصل نضجك، ومسيرة نموك؟!!
ومن قال أن التغيير سهل، أو أن مغامرة اختيار الجديد غير المألوف هي مألوفة العواقب؟!
ومن تراه ينجح في علاقة "غيرية" إلا بجهد جهيد، ومسار نمو، وتعديل، ووعي يكدح من أجل تحصيله لتحقيق درجات أو أنواع من الانسجام النفسي والعاطفي والجنسي!!
أحسب دفء القطيع هو ما يخطي به من يستسلمون للمألوف االذي تعودوا عليه، ولا يبذلون جهدا في تغيير وعيهم بذواتهم، أو اختيارات جديدة تحمل تحديات، ومخاطرة حقيقية بنجاح أو تعلم لأنه ليس للفشل مكان ولا معنى في حياة أولئك الذين اختاروا النضج الشخصي، والتطور الذاتي، والوعي الروحي، ولو بعيدا عن القطعان!!
ربما لا تختار مكان ميلادك، ولا ظروفك في النشأة والطفولة، ولكنك يمكن أن تبذل جهدا في تغيير عالمك الخارجي: أين تسكن؟!
ماذا تعمل؟! ...إلخ
وربما تختار أن تبذل جهدا في تطوير عالمك الداخلي أيضا بعد أن مررت بتجارب وخبرات في عالم العلاقة بالرجال، إلى عالم ملئ بالمفاجأت، والألم، والتعلم، والجمال، والنضوج لمن شاء!!!
اسمه عالم العلاقة بالنساء