أريد من أمي أن تتزوج..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أوجه احترامي وتقديري لكل العاملين بالموقع, جعله الله في ميزان حسناتكم.
مشكلتي متعلقة بأمي, أمي انفصلت عن أبي منذ كنا صغارا, كان أبي يأبى أن يعطينا النفقة فكانت أمي تعمل طوال النهار لتؤمن لنا لقمة العيش ثم قررت أن تسافر إلى أحد البلدان وشقت شقاء الرجال وبذلت كل ما بوسعها من أجلنا وكان يتقدم لها العديد من الرجال لكنها كانت ترفض من أجلنا, ثم تقدم لأمي رجل وكانت مرتاحة له جدا وكانت تريد الزواج منه وكنت حينها في المرحلة الابتدائية, كرهت ذلك الشخص جدا وكنت أبكي بشدة عندما علمت أنها ستتزوجه لكنها عندما رأت دموعي غيرت رأيها تماما عن الموضوع, وقالت أنها لن تفعل ما قد يضايقنا وأنها تعيش من أجلنا..!
ويتقدم لها كثيرون ويكونوا فعلا أشخاص جيدون لكنها كانت تشعر أن هذا يضايقني فكانت ترفض المهم أنني كنت طفلة أنانية عكس أخي, هو أصغر مني ولم يكن يهمه الأمر فحينما كنت صغيرة لم أكن مقتنعة أنه يجب أن يكون هناك رجل إضافي معنا وأننا نكفيها ولا داعي له ولم أقتنع أن الرجل سند المرأة لأنني كنت أرى أن حالها وحالنا كان جيدا دون إضافة أي شخص آخر.
وصلت لسن المراهقة وفهمت حقا ما معنى أن يكون هناك مرأة وحيدة تشقى على أولادها دون سند أو راعي, وأدركت أنه يجب أن يكون هناك من يؤازرها ويخفف عنها ويعطيها الاكتفاء العاطفي الذي طالما أرادت أن تحظى به فكنت أؤنب نفسي على أنانيتي وأقول لنفسي هذه حياتها لماذا نتحكم نحن بها أنا لن أكون راضية إن وقفت أمي أمام زواجي لمن أحب ولن ترضى أي فتاة بذلك, لماذا أعطي لنفسي هذا الحق وأحرمها هي منه. وأفكر في وحدتها عندما نكبر أكيد تحتاج لونيس لأي شخص يعوضها عن الحب الذي افتقدته وعن الحنان الذي لم تجده قط فأقول لها أمي تزوجي هذه حياتك ولا دخل لنا بها فترد أنا لا أحتاج إلى رجل لا يوجد رجل جيد الآن أنتم لي الحياة بأكملها لكن عندي يقين أنه بداخلها تريد رجلا خصوصا أننا في مجتمع ذكوري.
المشكلة الآن في أخي هو مراهق أيضا, في يوم من الأيام بعدما تكلمت مع أمي عن الزواج وأنه حقها وإلخ سألت أخي ماذا إذا تزوجت؟ وكأنها قالت ماذا إذا قتلتك؟, تضايقت جدا لها يقول لها لن تحتاجي إلى رجل ولن تشعري بالوحدة أصلا.
الآن أنا أشعر أن أمي تكلم رجلا وأشعر بتوهج قلبها عندما يتصل بها حتى انها عندما ترى ذلك الاتصال تسرع الى اي مكان بعيد عنا لكنها تتظاهر أنها تكلم صديقتها لكن الصوت واضح أنه رجل, لكن يبدو أنها مترددة من أن تصرح لي, لأن علاقتي بها علاقة صداقة يعني عندما تتضايق من أحد تأتي وتحكي لي وتقول لي أنني صديقتها وأنا كذلك أقول لها وأحكي عن يومي.
أنا متضايقة من أجل أمي صحيح أنني كنت طفلة أنانية لأنني لم أكن أفهم شيء عن الحياة لكنني الآن أدركت معنى امرأة بلا رجل في هذا الزمن والوطن الرجولي الذي لا يعترف إلا بالرجل الذي لا يستطيع أن يثبت رجولته إلا على المرأة.
علاقتي بأخي ليست قوية ولا يتقبل مني نصائح أبدا, سؤالي هو عندما تصرح لنا أمي بإرادتها بالزواج كيف أقنع أخي أن يتقبل الواضع ولا يعارض زواجها.
مشكلتي الأخرى في أنني صرت أشك في ذكائي وتركيزي وذاكرتي, أشعر أن استيعابي صار أضعف جدا ولا أستطيع أن أتذكر المعلومات بسهولة لا أعلم هل السبب شرود الذهن؟
المهم ما أحزنني فعلا أنني قمت بعمل اختبار ذكاء قدمته لي أخصائية نفسية في عائلتي وكانت درجة ذكائي فوق المتوسط 112 وكان ذلك من بضعة سنوات فقط أتفاجأ من كم يوم مضى بعدما قمت بعمل اختبار آخر مختلف أن درجة ذكائي اللفظي 99!! أم أن الاختبارات أصلا لا علاقة بينهما وهناك اختبار آخر لكنني قولت لن أستطيع أن أكمله لأنني كنت متوترة جدا وكنت أشعر أن درجتي به ستكون منخفضة للغاية هل تفكيري صحيح أن ذكائي قد يكون منخفضا؟ مع العلم أنا فتاة متفوقة.
أيضا أنا لا أعترف إلا بسلبياتي ودائما أتأثر بأي شيء سلبي يقال لي, لو قال لي أحد كلمة جيدة في حقي لا أهتم ولا أتأثر لكنني أفرح قليلا لكن أنا أحبِط من نفسي جدا مع أنني أرى أنني لا أستحق وأنني أقسو عليها وأنه يجب أن أحبها أكثر من ذلك
فكيف أستطيع أن أقوي ثقتي بنفسي وأمحو اليأس الذي بها؟
شكرا لكم وأتمنى أنني لم أثقل..
30/01/2014
رد المستشار
أهلا وسهلا بك يا صغيرتي؛
كم أنت جميلة وقادرة على تفهم احتياجات الآخرين خاصة أمك، ألا يعد ذلك ذكاءا اجتماعيا تملكينه ولم تتحدثي عنه في اختباراتك؟، فكفاك توترا وبحثا عن أمور خارجية تزيد من ثقتك في نفسك بما فيها اختبارات الذكاء!، فأنت متفوقة، وابنة بارة، وتتحملين غياب الأب بنبل فلا تجعلي ضعف ثقتك بنفسك يضيع إنجازاتك؛ وحتى أكون صادقة معك يجب أن أعترف لك بأن الثقة بالنفس تبنى في الانسان بناء منذ نعومة أظافره بالحب غير المشروط، وبالتقبل، والتشجيع، والمسؤولية، والثناء، وغيره من الوسائل التربوية حتى يهضم الإنسان أنه يستحق الحب، وأنه قادر على تحمل مسؤوليات وتحديات الحياة، وحين تخلو التربية من ذلك يهتز كيان الإنسان ويظل في حالة تخبط ولا توازن وكلما رضي الناس عنه ومدحوه كلما اتزن والعكس صحيح، ولا يسعد هذا الشخص بإنجازاته لأنه يحقرها رغم وجودها، ويرى نفسه ضئيل فاشل عمن حوله وهذا في حد ذاته إعاقة كبيرة جدا له ليتقدم...
فلتبدئي مع نفسك طريق اكتساب الثقة بالنفس وابذلي الجهد والوقت لأنه طريق يستحق الجهد ويبنى عليه أمور غاية في الأهمية في مساحات الحياة كلها؛ وستبدئينه بمراجعة أفكارك الخاطئة، وعلاجها واستبدالها بأفكار صحيحة وهذه الخطوة ستأخذ منك وقتا، فمثلا:
استبدال فكرة أنك أقل ممن حولك، أو أنك لن تنالي الحب والاهتمام إلا بشروط مثل إرضاء الآخرين، أو عدم رفض أي طلب لأحد، أو العطاء الفياض وأن هذا فقط الذي سيجعلك تنالين الحب والاهتمام بأنك شخص جيد في حد ذاته؛ لأن روحك محبوبة لذاتها بدون أي مصالح تقدمينها ستحتاج لجهد وتدريب؛ فتتدربين على رفض ما لا يعجبك، وتتدربين على نحت ملامح تخص شخصيتك والتعرف على نفسك عن قرب وصدق.... إلخ،
فلتبدئي بتلك الخطوة بهدوء دون تهور ودون يأس من التغير، وسيساعدك على علاج تلك الأفكار أن تستدفئي بالأعمال والمواقف التي قمت بها بالفعل في حياتك وتستحق التقدير مهما كان حجمها، وبأن تكفي عن جلد ذاتك وسبها ووصمها بالسلبيات، وتشجعي نفسك على التقدم والتحسن، والانخراط مع أناس طموحين منطلقين لا يستدفئون باليأس والنقد والسخرية، فإن قمت بتلك الخطوة الكبيرة سيسهل ما بعدها، وحتى تفعلي ذلك وتتابعيننا؛ دعينا نتحدث في أمر والدتك الكريمة؛ وهنا أريد أن أذكرك بأن أخوك يمر بمرحلة حرجة؛ مرحلة لا يرى في الزواج إلا الرغبة الجنسية؛ لأنها تطغى على تفكير المراهق عامة والذي لم يعي بعد، أو لم يتمكن من فهم واستيعاب الفارق بين الرجل والذكر، فأنت في فترة عدم إدراكك كنت ترفضين زواجها ثم حين زاد وعيك ونضج إحساسك بأمك تمكنت من التراجع عن طيب خاطر عن رفضك السابق؛
ولأن والدتك لن تكون من النوع الذي سيضعكما أمام الأمر الواقع؛ فلا مفر من أمرين من المهم أن يحدثا معا بشكل متوازٍ ومتدرج في نفس الوقت، أولهما أن يتم توجيه نظرة أخيك للزواج كأمر مهم في استقرار الحياة، وأنه أكبر من سد مساحة الوحدة والجنس عند البشر؛ فهو الشراكة وحمل المسؤوليات مع شريك، واستمتاع بالحياة والمشاعر والدعم النفسي، وهو مناخ صحي لافراد العائلة ككل... إلخ، والأمر الثاني هو ظهور هذا الشخص الذي وثقت فيه الأم والذي أتصور من خلال طبيعة شخص والدتك أنه سيكون الرجل الذي سيتزوج من يهواها بأولادها ولكن بشكل تلقائي وسلس لا يثير شكوك أخيك أبداً...
وتلك الخطوة لابد وأن تتم بحرفية شديدة جدا، فيتواجد مع أخيك في مساحات يتحرك فيها أخوك بشكل طبيعي، وأتمنى أن يقوم بالأمر الأول وهو الأهم رجل في عائلتكم أو معارفكم يحترمه ويقدره ويتقبله، أما غير ذلك فلا أراه ذا بال، وسيكون الوقت هو الكفيل بتغيير فكرة أخيك عن زواج والدتكما. وفقك الله وأراح قلبك..