إغلاق
 

Bookmark and Share

كاريزما الإمام الشهيد: مقدمات قراءة نفسية ::

الكاتب: د. أحمد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 02/12/2006

في العام ألف وتسعمائة وتسع وتسعون على ما أتذكر أصررت على الاحتفال بالذكرى الستين لرحيل حسن البنا رغم التضييق الرهيب الذي كان سائداً حينذاك على الإخوان المسلمين بعد محاكمات عسكرية، وضغوط هائلة كانت قد بدأت قبل ذلك بعدة سنوات.

وحضر الاحتفال الضيق يومها الدكتور محمد عمارة، والأستاذ جمال البنا شقيق الإمام الشهيد، والأستاذ عبد الله السمان الكاتب الإسلامي، كما حضر الأستاذ جمال ربيع رئيس حزب مصر، وثلة من الشباب الذين صاروا كهوة بعد ذلك!!

إصراري على الاحتفال ثم إصراري على المساهمة في، والتشجيع على مناقشة تكوين حسن البنا وعصره وآثاره ومسيرته لا ينطلق من حبي وإعجابي بهذا الرجل فحسب، ولكن يهمني أكثر أن نفهم ونتعلم، ونتبين مواضع الإنجاز فنحافظ عليه ونستثمره، وأن ندرك مواقع الثغرات والكمال لله وحده في ضوء المتغيرات لنسدد وننجح في تطوير الأداء، والسير خطوات واسعة نحتاجها إلى الأمام، والأمة كلها ينبغي أن تتعاون في ذلك من أجل هذا كان فرحي باللقاء الذي دعا إليه مشكوراً مركز الإعلام العربي، وأصررت على المشاركة فيه بما طُلب مني عازماً بمشيئة الله على تطوير ما أطرحه هنا من أفكار أولية، لعل وعسى أن نعيد الاعتبار إلى تاريخنا الذي نحمله على ظهورنا دون أن نتعلم كثيراً منه، رغم احتياجنا الشديد إلى أن نفعل!!

القائد
القيادة أنواع، وأخطرها ما صار يُعرف في أدبيات التطوير الإداري، وعلم النفس المنظمات والجماعات بالقائد التحويلي، وفهمت أن المقصود بالتحويل هنا هو خليط من وضع الخطط التي تترجم الأفكار إلى أفعال، والقدرة على العبور بالحركات من مرحلة إلى مرحلة باليات ومهارات وشعارات تدفعها إلى الأمام، إضافة إلى القدرة على البصيرة والحلم الجماعي المشترك، والتعامل مع الغموض والتعقيد، واختبار الفروض والظروف، وتلافي الأخطاء وتعديل المسارات، وتفادي الصراعات، وبالخلاصة اختيار فعل الصواب وسط زحام البدائل، وضجيج تداخل الأصوات، وهكذا كان حسن البنا.

الاستيعاب
يبدو أن البنا قد امتلك قدرة عالية على استيعاب الأفكار والمعارف، والخبرات والتجارب المتنوعة، ومن قبل ومن بعد يبدو أنه قد استوعب مصدره الرئيسي في التفكير والحركة، وهو القرآن الكريم، استيعابا فريداً.

وقرأت عنه أنه كان يردده ويتلوه أثناء سيره وحيدا، أو أثناء ركوبه قي المواصلات... الخ، وكأنه يراجعه ويغذي روحه وجسده بألفاظه ومعانيه فيخلطه خلطاً بكيانه، ولا عجب أنه كان ينطق بالآية بعد شرحها، أو العكس، فيثير الإعجاب من فرط طزاجة الأفكار والتأويلات والتعليقات التي يقدمها. ويتضح أيضا أن البنا كان على اطلاع واسع بالتراث الفقهي، والفكر الإنساني العالمي آنذاك، ومكتبته خير شاهد على ذلك وكلماته في الرسائل وخطبه ومقالاته دليل آخر.

ولم يجد غضاضة في الأخذ عن "رشيد رضا"، وعن "الصوفية" وطرقهم، وعن التنظيمات السائدة في عصره، والنظريات الشائعة في عهده. لكنه حين يأخذ عن هذا أو ذاك إنما يفعل على نحو واعي بما يريد، مستوعب لغايته وأهدافه فتكون الاستفادة، ويكون التضافر الذي يقوي محتوى ما يقدمه.

العاطفة
يتضح من سيرة الإمام البنا أنه كان عقلانياً، ولكنه بنفس القدر كان عاطفياً، لم يكن يحب الشجار والخلافات، بل كان دوماً داعية سلام ووفاق، كما كان تواصله الشخصي مع من حوله يفعل بهم كما السحر فهو يهتم بهم شخصياً، ويبذل ما في وسعه لمساعدتهم.

في الرواية عنه تظهر صلابته وحساسيته، كيف كان يعرف الناس ويحبهم ويتذكر كل واحد باسمه وصفته وظروفه، وكيف كان يقيم علاقات طيبة مع الجميع بحيث فرض احترامه على المحبين والكارهين على السواء.

انعكست عاطفته هذه على كلماته وحركاته فكانت خير دليل على مودته، ووضوح فكرته، وصدق إخلاصه، وتوازن شخصيته بين الروح والعقل، واستثماره للوجدان، وسهلت هذه الحال مهمة البنا في أن يكسب القلوب قبل العقول لدعوته منبهاً إلى ما أفرد له تلميذه الشيخ محمد الغزالي كتاباً كاملاً بعنوان: "الجانب العاطفي في الإسلام".

الثقة
يفرد الأستاذ "عمر التلمساني" للثقة مكاناً كبيراً حين يحاول وصف وتحليل شخصية البنا، ويروي أنها كانت من أهم مظاهر الإسلام في أستاذ الجيل، كما يسميه التلمساني.

والثقة كما يشرحها هي الثقة في الله سبحانه، وفي المنهاج وصلاحيته، وفي القدوة والأسوة والقائد والزعيم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي وعد الله سبحانه لكل المؤمنين بالتمكين، والوصول إلى الغايات، ولو بعد حين. ثم الثقة في النفس بلا حدود، لا تعالياً ولا غروراً، ولا غفلة ولا عنجهية، كما يذكر الأستاذ عمر رحمه الله، مما جعله يقدم على أي عمل مهما كان، وهو ثابت النفس، واثق الخطى.

ومن ثقته بنفسه، واعتماده على ربه استطاع مواجهة الشدائد والمحن، بل من ثقته بنفسه انتدب نفسه ابتداء ليقوم بمهمة إحياء الأمة وإحياء معاني الإسلام في النفوس على النحو الذي عرفناه، فهو يرى في نفسه كما طرفة بن العبد في معلقته.
إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني عنيتُ.... فلم أقعدْ..... ولم أتبلدِ

الاحترام
امتلك البنا دأباً وسعياً في سبيل تحقيق ما يريد تحقيقه من أهداف، وتجلى هذا الإصرار في الاستمرار، والعزم وعلو الهمة، فكان ينزل من قطار السابعة صباحاً العائد إلى القاهرة من رحلة دعوية قام بها عطلة نهاية الأسبوع فيتوجه رأساً إلى المدرسة التي يعمل بها فيحضر الحصة الأولى مع تلامذته.

ولو لم يكن البنا على هذا النحو الذي كان لما بدأ أصلا، وهو يرى العقبات من اختلال لمعاني الإسلام في نفوس أبنائه، وشيوع مظاهر الابتعاد عنه في كافة نواحي الحياة، وتفشي الجهل والتخلف، والأمراض الاجتماعية والثقافية في المجتمعات العربية الإسلامية.

ولولا الإصرار لما استطاع البنا أن يرى دوماً أن علامات ورصيد السلامة والإيمان ما تزال موجودة تنتظر الإحياء، ولولاه لما استطاع النفاذ إلى الخير الذي يحمله كل قلب تواصل معه، ولما استطاع تفعيل هذا الخير والدفع به إلى العمل الفعال في مكانه المناسب لمهاراته ومواهبه.

ولولا الإصرار لتوقف البنا أمام عقبات جسيمة، ومحن داخلية وخارجية، وتحديات هائلة من شأنها كسر الإرادات أو الدفع إلى إيثار السلامة، ولكن قوته النفسية جعلت الحل الوحيد لإيقاف اندفاعه هو الإطاحة به باغتياله، وهو ما كان.

الانسجام الداخلي
سأله صحفي ذات مرة أن يوضح شخصيته كما يراها للناس، فقال البنا أنا سائح يطلب الحقيقة، وإنسان يبحث عن مدلول الإنسانية بين الناس ومواطن ينشد لوطنه الكرامة والحرية والاستقرار والحياة الطيبة في ظل الإسلام الحنيف. أنا متجرد أدرك سر وجوده فنادى: إن صلاتي وسكني ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.

هذا الانسجام الداخلي الذي يجعل المشاعر والمواقف، والأفكار والممارسات، والعلاقات والكلمات تتوجه في سبيل واحد، وينظمها خيط أو خط واحد فيتحرر الإنسان من الصراعات الداخلية التي تبدد كثيرا من الوقت والجهد والطاقة النفسية والشخصية، كما يوفر فرصة نادرة أن تكون كل حركة أو سكنة، أو مبادرة أو إحجام عبارة عن دعوة في حد ذاتها لما يحمله صاحب هذه الطباع، وما يكونه دون أن يتكلف لتلك الدعوة زيا أو يرتدي لها رداء، أو يمارسها وقتا، وينخلع عنها في أوقات راحته أو فراغه.

تتحول الدعوة هنا من عمل أو رسالة إلى طابع وأداء حي متواصل طوال اليوم والليلة ، وهذا من شأنه رفع المصداقية، ولفت الأنظار ، وزيادة الأنصار.

اللياقة البدنية
الحضور البدني الديناميكي هو من معالم الشخصية القيادية الجذابة، ومن الواضح أن البنا كان يهتم بجسده في التغذية المتوازنة، وممارسة الرياضة، والبعد عن كل ما يضر، فلم يعرف عنه أنه اشتكى من مرض مزمن أو من أمراض إهمال الصحة، ولم يعرف عنه إلا كل نشاط وحيوية، وبذل جهد بدني يلفت الانتباه.

إن الحيوية البدنية من شأنها أن تزيد من مساحة القدرة على البذل ولها أعظم الأثر في إعطاء صورة مشرقة عن القائد، وبخاصة حين يحمل دعوة هي من إرشادها الحفاظ على سلامة البدن وعلو الهمة.

وفي رسالته "دعوتنا في طور جديد" يتناول النهضة التي يتصورها في مستوى الأفراد والأسرة والأمة. ويشير إلى أن الإسلام يريد ضمن تصوره للإنسان جسدا سليما يقوم بأعباء الواجبات الإنسانية حق القيام، ويصبح أداة صالحة لتحقيق الإدارة الصالحة، ونصرة الحق والخير. ويرى أن الإسلام وتكاليفه ونظامه يكفل بناء وحماية مثل هذا الحضور البدني الناشط.

مهارات الاتصال والتعبير

حفظه للقرآن الكريم، وفهمه جيدا، والتواصل به مع الناس، والدراسة في دار العلوم وليس في الأزهر، والتكوين الصوفي المبكر للبنا، والذكاء الاجتماعي والحساسية العاطفية له، وحرصه على كسب القلوب، ولغته العالية في التعبير جعلت من تواصله مع المستمعين ومحدثيه شيئا يشبه السحر أو الإغراء الذي لا يقاوم أحيانا، فهو يرفع صوته في مواضع، ويستخدم المشاعر والوجدان في مواضع، ويلجأ إلى الحجج العقلية في مكانها، وهو يتواصل مع كل أصحاب مهنة أو خلفية طبقية أو تعليمية أو اجتماعية باللسان والأسلوب الذي يفهمونه، وهو قادر على وضع أفكاره في القالب المناسب للجمهور الذي يتوجه إليه، وهو يضرب الأمثال، ويحكي القصص، ويخطف الأسماع دون ملل، وهو يصغي باهتمام وتفاعل، ويهتم بمحدثه مهما كان!

وهو خير من يضع المعاني العظيمة المركبة في كلمات بسيطة سهله دون تسطيح، وخير من يصوغ العبارات المؤثرة التي تعلق بالذهن بما تحمله من دلالات في نقاط أو حتى شعارات.

تقديم الحلول
قدرة البنا على حل المشكلات، وتلافي العقبات، وتجنب العداوات، وتخطي العوائق كانت مضرب المثل، وأردت أن أعود إلي علم "الفلك" لعل فيه إفادة فوجدت أنه رحمه الله كان من مواليد برج الميزان، ويشتهر أهل الميزان بالقدرة على التوفيق بين الناس وتفادى الصدام، ووزن المصالح والمفاسد جيدا ً قبل اتخاذ أي قرار، ويتميزون بسعة الأفق والمرونة والاعتدال في الرأي والممارسة، وهكذا كان البنا ساعياً إلى ترطيب الأجواء دائم، وعدم خلق مشكلات، ثم المسارعة بالحل حين تقع أي منه، وكم من خصومة أعاد بعدها البنا العلاقات إلى مجاريه، والابتعاد عن الضجيج والمعارك وغبارها طالما كان المبدأ سليم، والدعوة تسير، ولذلك كان محبوباً من الجميع، واقعيا ً في طرحه رغم قدرته على الخيال، ولذلك وجد فيه كثير من الناس ضالتهم المنشودة التي يبحثون عنها: بين البشر قائداً ومرشداً وحاملاً لمسئولية وأمانة كبيرة تهرب منها غيره!!

التوفيق الرباني
بحسب الأستاذ جمال البنا فإن الإمام الشهير لم يكن "كاريزما" بالمعني الغربي المشتهر، وإنما كان رجلا ً حالفه توفيق الله منذ مولده وحتى استشهاده، فكان الابن البكر لوالديه مع كل ما يعني هذا من رعاية واعتناء، وشهد بالتالي طفولة سعيدة في بندر المحمودية على ضفاف النيل وهدوء انسيابه، ورزقه الله صحة ممتازة، واطلاعاً مبكراً على المراجع التراثية في مكتبة والده، واحتكاكا ًبشخصيات مؤثرة بدءاً من شيخ كتاب القرية الكفيف، وأفاده تنوع جذوره ما بين الريف والحضر، واحتكاكه بالمتصوفة والفلاحين والعمال والأفندية منذ وقت مبكر في حياته.

ويرى "جمال البنا" أن من التوفيق أن الإمام قد التحق بالجامعة في دار العلوم بما في ذلك من اطلاع على الآداب العربية والعلوم الإسلامية على أيدي أساتذة أكفاء مخلصين ومتمكنين. كما يرى أن تمكنه من مادته ودعوته، وإخلاصه لما نذر نفسه له جعله متدفقاً متواصلاً مؤثر، وهذا معنى كاريزما البنا، التي كانت بحسب أخيه الأصغر ليست سوى إخلاص عميق، وصدق نبرة!! كما يرى أنه من التوفيق قدرة الإمام على الاستفادة من سابقيه ومعاصريه دون تقليد أو استنساخ.

(خلاصة)

وأرى أن الإمام الشهيد قد جمع بين صفات القيادة الكاريزمية والقيادة الإلهامية بمصطلحات علم الإدارة، وسيكولوجية الجماعات، كما جمع بين نوعين من الجاذبية بمصطلحات نفس العلوم، فهو صاحب جاذبية موجهة ذاتيا متضافرة مع جاذبية موجهة جماعيا أو اجتماعيا.

كما تنطبق على الإمام البنا معالم القائد الكاريزمي الحقيقي، في مقابل ما تذكره البحوث عن "كاريزما مصنوعة" تتعلق بمنصب حكومي أو هالة إعلامية دعائية ثم تزول وتنتهي!!
وأخيرا فإن البنا قد جمع في مسلكه ومشروعه بين المصداقية والكفاءة، وهو النمط الأنجح في القيادات التحويلية.

وتبقى كلمة:
أزعم أن نقطة ضعف البنا كانت في قوته، أي أن شخصيته الآسرة، وقدراته العالية، وتوفيقه وتميزه ساهم في غياب الأجهزة والمؤسسات التي يمكن أن تحل محل هذه القدرات حين يغيب البنا.

وأزعم أن دعوة البنا قد انتشرت- وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية- بشكل فاق قدرته وقدرة أجهزة جماعته على الاستيعاب. وأزعم أن محاولته لعمل كل شيء، والتوفيق بين كل أحد، وقيادة كيان قد تتناقض بعض مكوناته، لا في أهدافها، ولكن في طريقة عملها، أزعم أن هذه العوامل مجتمعة قد سارت بالبنا ودعوته إلى حيث نعرف جميعا!!

ربما لم يكن هناك مما حصل مفر، وربما أو شك هو على إحداث تغيرات وتطويرات جذرية، ولم يمهله القدر، وربما تأخر كعادة مواليد برج الميزان- في اتخاذ قرارات حاسمة كان ينبغي أن يتخذها بشأن "النظام الخاص"، وغيره.
وهذه كلها نقاط أشير إليها دون استطراد، لعل العمر يتسع للعودة إليها بحثا ومراجعة وتفصيلا لا لوما ولا هجوما، ولكن فهما وتعلما واعتبارا، حتى لا تتكرر أخطاؤنا!!

لقد كان الإمام البنا مدرسة في الإدارة كما كان مدرسة في أشياء كثيرة، وبالتأكيد أنه أتعب من بعده، وهذا مما يثير الحاسدين، ويؤثر في المحبين، وإن من قد لا يهتم بدراسة شخصيته، وقراءة أفكاره غالبا ما يحسه ويحبه، وتلك من أسرار الأرواح، أو الطاقة الروحية الإنسانية، وهو العلم القديم المتجدد حاليا، وهو الذي يرى أن لكل جسم، ولكل إنسان طاقة ذاتية تتواصل مع الطاقة الكونية، ومما تعلمنا في الفيزياء أن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم، ولكن هذا حديث آخر.

وأختم بكلمات أحببتها، ورأيتها جامعة لصفات القوة النفسية والروحية كما رآها البنا، وتلك القوة هي من معالم ومكونات الكاريزما.
يقول الإمام الشهيد رحمه الله في رسالته: إلى أي شيء ندعو الناس:

إن تكوين الأمم وتربية الشعوب وتحقيق الآمال ومناصرة المبادئ تحتاج من الأمة التي تحاول هذا أو من الفئة التي تدعو إليه على الأقل إلى قوة نفسية عظمية تتمثل في عدة أمور:
إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف، ووفاء ثابت لا يعدو عليه تلون ولا غدر، وتضحية عزيزة لا يحول دونها بخل ولا طمع، ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له، يعصم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه والخديعة بغيره. على هذه الأركان الأولية التي هي من خصوص النفوس وحدها، وعلى هذه القوة الروحية الهائلة تبنى المبادئ وتتربى الأمم الناهضة وتتكون الشعوب الفتية وتتجدد الحياة فيمن حرموا الحياة زمنا طويلا.

وكل شعب فقد هذه الصفات الأربع- أو على الأقل فقدها قواده ودعاة الإصلاح فيه، فهو شعب عابث مسكين، لا يصل إلى خير ولا يحقق أملا، وحسبه أن يعيش في جو من الأحلام والظنون والأوهام وإن الظن لا يغني من الحق شيئا، هذا هو قانون الله تبارك وتعالى وسنته في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا: (.....إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ...)

المصادر:

1- روح وريحان – أحمد أنس الحجابي – مكتبة وهبة-1981
2- الملهم الموهوب.. حسن البنا..أستاذ الجليل- بقلم عمر التلمساني- دار التوزيع والنشر الإسلامية1984
أوراق من تاريخ الإخوان –الكتاب الأول- ظروف النشأة وشخصية الإمام المؤسس، جمعة أمين 2003- دار التوزيع والنشر الإسلامية1982
3- حسن البنا- مواقف في الدعوة والتربية ....عباس السيسي – دار الدعوة بالإسكندرية طبعة ثانية.
4- حسن البنا – الرجل الذي يحكم الدنيا من الآخرة... ملحق جريدة الفجر- المصرية، بمناسبة الذكرى المئوية لمولده عدد68- الأثنين25-9-2006
5- مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا- طبعة دار الشهاب-القاهرة.
6- مذكرات الدعوة والداعية – طبعة دار الشهاب – القاهرة.
7- موسوعة عالم الأبراج – هالة عمر – دار هلا للنشر والتوزيع – طبعة2005
8- مقابلة شخصية مع الأستاذ جمال البنا – أكتوبر 2006.



الكاتب: د. أحمد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 02/12/2006