إغلاق
 

Bookmark and Share

الشذوذات الجنسية(1) THE PARAPHILIAS ::

الكاتب: ا.د.عبد الرحمن إبراهيم
نشرت على الموقع بتاريخ: 13/08/2008

 

قراءة تحليلية
لو أن المتعة الجنسية والقدرة على التناسل لحفظ النوع أوتيها الفضلاء فقط، إذا لأصبح العالم رائعا. جيمس بوسوبل، المجلة اللندنية (26 آذار ، 1763)

خلل تطور التوجه الجنسي واختيار الموضوع
قبل البدء بمناقشة الشذوذات الجنسية كل على حده، سأحاول أن أسترجع باختصار شديد عملية التطور الجنسي النفسي، لأن فهم الشذوذات الجنسية يتطلب بعض المعرفة عن حالات التطور الباكرة.

عند الولادة يكون الوليد غير قادر على التمييز بين نفسه وبين محيطه الخارجي، وهذا ما يدعى بالمرحلة (غير المتمايزة Undifferentiated) أو المرحلة الذاتية Autistic، أي لا توجد علاقة بين الوليد وبين أي شخص آخر على غرار العلاقات في مراحل الحياة اللاحقة.

إن العلاقة بين الراشدين لا تتم إلا بعد مراحل تطورية طويلة تبدأ بالمرحلة الذاتية هذه، ومن هذه المرحلة الباكرة تنتقل تدريجيا إلى المرحلة التالية أو التعايشية Symbiotic، والتي يحيا فيها الثنائي المؤلف من الأم والطفل كوحدة ملتصقة. وفي هذه المرحلة يصبح الطفل قادرا على تمييز الفروق بين نفسه وبين أمه لكن بشكل متقطع وغير كامل. ولا تلبث هذه المرحلة أن تختفي تدريجيا ليحل مكانها مرحلة الانفصال –التفرد Separationindividuation، حيث يخرج الطفل تدريجيا من هذا التعايش مع أمه ويبدأ بتكوين تصوراته الأولى عن ذاته.

إن مرحلة الانفصال –التفرد Separationindividuation هذه هي مرحلة حاسمة من الحياة، إذ أن اضطراب العلاقة بين الأهل والطفل في هذه المرحلة قد يؤدي فيما بعد إلى متاعب في تأسيس النضوج، وفي علاقات الراشد مع الموضوع وفي التوجه الجنسي.

تتميز بعض الشذوذات الجنسية بخلل في تطور التوجه الجنسي واختيار الموضوع، مما يؤدي إلى اختيار موضوع غير بشري للإثارة الجنسية أو إلى اختيار شريك بشري غير ملائم.
ففي الفيتيشية Fetishism يُستبدل الإنسان بموضوع جامد هو جزء من ثياب المرأة عادة. أما في تحول الزي Transvestism فهناك نوع من الامتداد إذا صح التعبير للفيتيشية، حيث يثار الرجل جنسيا بارتداء ملابس المرأة. وفي ولع البهائم (الحيوانات) Bestiality أو Zoophilia يصبح حيوان ما مصدرا للإثارة الجنسية. وفي ولع البول Urophilia وولع الغائط Coprophilia يكون مصدر الإثارة الجنسية هو هذه الفضلات.

أما فيما يخص اختيار الشريك الجنسي البشري غير الملائم، فيكون الغلام مصدر الإثارة الجنسية في ولع الغلمان pedophilia ، بينما يكون شخصا ميتا في ولع الجثث Necrophilia .
أما فيما يخص الجنسية المثلية (الجنوسة: وفق ما أتفق على تسميتها في المعجم الطبي الموحد) أو ما يطيب للغرب بتسميته الجنسية المثلية التفضيلية أو الإجبارية (المطلقة)Preferential Or Obligatory (exclusive) Homosexuality وهل يجب اعتبارها أحد أنواع الشذوذات الجنسية. (في الجنسية المثلية الإجبارية "الجنوسة الإجبارية" يكون مصدر الإثارة الجنسية الوحيد والمطلق هو شخص من نفس الجنس). وهنا يجب أن أوضح نقطة هامة جدا في هذا الأمر على أن أترك النقاش فيه إلى بحث مستقل باسم الجنسية المثلية (الجنوسة) HOMOSEXUALITY .

ففي عام 1975 شطبت الجمعية الأمريكية للطب النفسي كلمة جنسية مثلية (جنوسة) من التصنيف DSM-II واستمرا بشطبها في تصنيفاتهم اللاحقة حتى DSM-IV-TR عام 2000 وتبنوا وجهة النظر القائلة أن الجنسية المثلية (الجنوسة) ليست مرضاً إلا إذا كان الشخص يعاني من انزعاج من توجهه الجنسي. وحقيقة لم يتم شطب الجنوسة بناء على منطق علمي أو نتائج أبحاث ودراسات أو نتائج علمية موثوقة... على العكس تماما إذ تم حذفها نتيجة ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية... الخ، ولا تمت هذه الظروف إلى الفكر والمنطق العلمي بأي صلة، وهذا ما دفع بالكثير ممن وضعوا وشاركوا في تصانيف DSM ومنهم البروفيسور باير إلى التحدث في الأوساط العلمية العالمية والكتابة في الدوريات العلمية المتخصصة بأن حذف الجنوسة من تصانيف الجمعية الأمريكية للطب النفسي لم يتم وفق منطق علمي أو نتائج علمية قاطعة أو موثوقة..

وإنما كان لضغوط عدة منها على سبيل المثال ضغط الجنوسيين على الدوائر الطبية، وضغط شركات التأمين، الذي يشمل العلاج النفسي بأنواعه وتكاليفه، هذا عدا عن ردة الفعل على الاضطهاد الذي تعرض له الجنوسيون في أمريكا بعد مرسوم ايزناور عام 1953 بحرمانهم من الوظائف، واستهداف حاناتهم، ومن ثم الإفراط في ردة فعل الجنوسيون حتى غدا لهم أكثر من 800 جمعية عام 1970 ثم أصبحت بالآلاف... ومن ثم تدخلهم في التصانيف الأمريكية.. وهناك توجه بدأت بوادره تظهر الآن لإعادة الأمور إلى حقل العلم من جديد وهذا ما يدعوا إليه الكثير من العلماء المعاصرين.

كما ذكرت، اترك النقاش في موضوع الجنسية المثلية (الجنوسة) HOMOSEXUALITY . إلى بحث مستقل، وأكتفي هنا، بالقول يمكن اعتبار الجنسية المثلية (الجنوسة) التفضيلية أو الإجبارية هي اضطراب تطوري، وبالتالي خلل في التوجه الجنسي ضمن المحيط. فمحيط الإنسان (بيئته) يؤمن في الحالة الطبيعية دفعا بيولوجيا فعالاً باتجاه الإثارة الجنسية الغيرية، وبالتالي فهو يؤمن أيضا دفعا نفسيا واجتماعيا فعالا باتجاه استمرار وحفظ النوع الإنساني.

خلل تطور الحافز العدواني
إن تطور العلاقة مع الناس الآخرين يتعلق ويتناسب مع تطور عالم الحوافز. لقد بين سيغموند فرويد مفهوم الحافز المزدوج للجنس والعدوانية، حيث اعتقد بإمكانية الربط بينهما، وبأن كلاهما يساهم في السلوك الجنسي، ولا يمكن أن نشاهد أي من هذين الحافزين بشكله الصرف، فالاثنان ملتحمان معا ولكن بنسب مختلفة. وكمثال على ذلك لا يوجد أي عمل جنسي أو علاقة حب لا تحتوي بعض العدوانية، حتى لو كانت بالكاد كافية لتجاوز العوائق وإقامة النشاطات الضرورية للممارسة الناجحة. ومن المهم أن نعرف أن تظاهرات الحافز العدواني ضرورية للحياة. وهي ليست بالضرورة مدمرة، وليست "عدوانية Aggressive" أو "عدائية Hostile " بالمفهوم الذي نعرفه.

ولا يزال هناك الكثير كي نعرفه حول نضوج وتطور الحافز العدواني وكيف يلتحم مع الحافز الجنسي. لكننا على الأقل نعلم أن الدوافع العدوانية Aggressive impulses تلعب دورا مرضيا هاما في العديد من الشذوذات الجنسية. وأكثر من ذلك، هناك مجموعة من الشذوذات الجنسية يكون فيها الباعث العدواني مسيطرا بشكل كامل تقريبا، ويلغي أي شعور بالمودة المتبادلة أو المساواة أو الحنان. ففي المازوخية الجنسية الحقيقية True Sexual Masochism يحتاج المرء لتلقي العقاب والألم والتذليل بطريقة شعورية كشرط أو ضرورة للوصول للإثارة الجنسية والإشباع بشكل شعوري. (وهذا يختلف تماما عن الشخصية المازوخية حيث يكون كل من العقاب والإشباع الجنسي الناجم عنه موجودين على المستوى اللاشعوري). وفي السادية الجنسية الحقيقية True Sexual Sadism يحتاج المرء لمعاقبة وإيلام وإذلال شخص آخر كشرط وضرورة لتحقيق الإثارة الجنسية والإشباع بشكل شعوري. وبقي أن أذّكر أن الاغتصاب والجرائم الجنسية هي بشكل أو آخر امتداد للسادية الجنسية، حيث تصبح فيها الجنسانية مجرد وسيلة للتعبير عن الكره الشديد والحنق القاتل.

خلل تطور الحافز الجنسي
إن تظاهرات الحافز الجنسي في مراحله الأولى تكون طفلية في طبيعتها ولا تبدي السلوك المميز للراشد والذي تسيطر فيه الرغبات التناسلية على تلك الحوافز الجنسية الطفلية التي تدعى الحوافز الجزئية Partial drives إن التجارب السارة في الطفولة تشمل النظر والاستعراض والتقبيل واللمس وأشكال أخرى من السلوك، والتي ينظر إليها ويعتبرها الكثير من العلماء على أنها مظاهر طبيعية وهامة ومعممة للجنس فيما بعد بسن النضج والرشد.

مهما يكن، ففي المجموعة الثالثة والأخيرة من الشذوذات الجنسية يصبح أحد هذه الحوافز الجزئية الباكرة في الجنسانية الطفلية مفضلاً على الاتصال التناسلي، ويصبح هو الشكل الأساس للإثارة الجنسية والإشباع الجنسي. ففي التلصلص أو اللصلصه (زنى العين) Voyeurism يصبح استراق النظر هو الشكل الأساس للإثارة الجنسية، وفي الاستعراضية Exhibitionism يصبح التقاط نظرات الناس إلى الاستعراضي هو الشكل الأساس للإثارة الجنسية (مايشكله ذلك من خوف للضحية)، وفي الاحتكاكية أو اللزلزة Frotteurism يكون الاحتكاك هو الشكل الأساس والمفضل للإثارة والمتعة الجنسية.

تعريف
يمكننا الآن أن نقدم تعريف للشذوذات الجنسية. باختصار إنها حالات تتميز بتجنب العلاقات التناسلية الجنسية الغيرية مع الراشد البشري، مع استعمال متكرر وضروري لمتنفسات أو مواضيع أو أشخاص آخرين للإشباع الجنسي. وهي قد تشمل خللا في تطور التوجه الجنسي واختيار الموضوع أو خللا في تطور الحافز العدواني أو خللا في تطور الحافز الجنسي. إنها النتائج النهائية للعديد من العوامل المختلفة المتداخلة من البيولوجية والنفسية والاجتماعية و...، وهي غالبا ما تترافق بمقدار كبير من القلق والخجل والذنب وبمقدار قليل من الحرية والمرونة والمتعة المتبادلة والاختيار الشعوري. إنها تخدم عملاً دفاعيا لا شعوريا هاماً، وتحمي الشخص من الذعر الغامر الذي ينشأ كلما سنحت الفرصة لحصول جماع طبيعي لا يترافق بوجود شروط ضرورية وإجبارية.

ومهما كانت هذه الشذوذات الجنسية فإنها تحمل دمغة الجنسانية الطفلية وتنقلها إلى حياة الراشد، وهي دليل على الفشل في تحقيق النضج والعلاقات الجنسية الغيرية.
بقي أن أقول باستثناء المازوخية الجنسية والجنسية المثلية (الجنوسة) التفضيلية أو الإجبارية، فان الشذوذات الجنسية تكاد تقتصر على الرجال تقريبا لأسباب لست في مجال شرحها هنا. (سأعرضها في كتابي فكرة وجيزة عن الجنس عند الإنسان (تحت الطبع).

الفيتيشية FETISHISM
من غير الممكن مناقشة جميع الشذوذات الجنسية في هذه العجالة السريعة وتحتاج إلى وقت وكتب ومجلدات، لكن سأحاول هنا أن أناقش إحداها بشكل مفصل وكلي أمل إن يساعد ذلك على توضيح بقية الشذوذات على ضوء هذه المناقشة.

يبدي الفيتشيون Fetishisms تثبياً جنسياً على مواضيع أو أجزاء من الجسم غير ضرورية أبداً للجماع، لكنها شرط للإرضاء الجنسي لديهم. وتشمل هذه المواضيع الأحذية أو الملابس الداخلية أو المواضيع الجامدة الأخرى التي انغرست ضمن الاهتمامات الجنسية. ويمكن أن تستخدم أجزاء من الجسم أيضاً كالشعر والقدم.

إن الدرجات الخفيفة من الفيتشية شائعة تماماً وتدخل ضمن الحدود الطبيعية طالما أن الشخص قادر على الجماع الطبيعي ولا يحتاج إلى "دعامات" كي يستطيع الممارسة بنجاح، وفي هذه الحالات يكون الأمر مغالاة طبيعية في تقدير الشخص المحبوب، هذا التقدير الذي قد يمتد ليشمل حاجياته. ويمكن أن نلاحظ أيضاً وجود مراحل انتقالية في الطريق إلى الفيتشية الكاملة وذلك عند الأشخاص الذين يتطلبون أن يحقق شركاؤهم بعض المعايير الخاصة مثل أن يحقق بعض المعايير الخاصة مثل أن يكون للجسم شكل خاص أو أن يكون الشعر بلون معين أو بتوزيع معين.

إن هناك طيف يمتد من السلوك الطبيعي إلى قرب الطبيعي إلى المرضي الشديد المتمثل بالفيشية الإجبارية المكتملة. إن مثل هذا الطيف موجود في كل الشذوذات الجنسية كما هو موجود في الأمراض الأخرى ويتراوح بين الخفيف والشديد جداً وسأناقش تطور الفيتشية المكتملة لأنها توضح تماماً العوامل الداخلة في تطور هذه الانحرافات.

إن فهم الشذوذات الجنسية بما فيها الفيتيشية يتطلب أن نعرف أموراً حول طفولة الشخص وحول المواضيع المرافقة لهذه الفترة وحول سلوك أهله، والمواضيع Objects هي الأهم فيما يخص الفيشية.

فالعديد من الأطفال سرعان ما يعرفون أن مص اليد أو الإبهام هو عملية ممتعة، وأحياناً يدخل فم الطفل أو يقع في يده جزء من الغطاء أو الثياب، وهذه المواضيع لطيفة وناعمة بالنسبة للطفل وبالتالي يمكن أن تكتسب أهمية خاصة كوسيلة دفاع ضد القلق لا سيما عند النوم عندما يُترك الطفل وحيداً في غرفة مظلمة. وفيما بعد يمكن للموضوع أن يمتلك أهمية تعادل تقريباً أهمية الأم وعندها ندعوه الموضوع الانتقالي Transituonal Object.

إن المواضيع الانتقالية شائعة تماماً ويمتلكها العديد من الأطفال، إنها تساعد على التعامل مع خوفه من الانفصال عن الأهل، وتشكل جسراً للعالم الخارجي.
وسرعان ما يعرف الأهل أن هذا الموضوع العزيز يعطي الطفل راحة وأنه يمكن أن يستخدم لتهدئة الطفل. إن هذا يزود الأهل بوسائل تجنبهم الصراع المباشر مع متطلبات الطفل. ويمكن للأهل أن يلاحظوا زيادة قلق الطفل حول انفصاله عنهم متجلياً بزيادة بكاء الطفل في المدة والشدة. وعندما لا يعود الأهل قادرين على حمل توترهم المتزايد فإنهم يعطون الطفل موضوعه الخاص وذلك لتهدئته وجنب المواجهة.

إن هذا يزيد من أهمية الموضوع بالنسبة للطفل. إن مثل هؤلاء الأهل، خاصة الذين يواجهون بعض المتاعب، قد يستمرون في تشجيع الطفل على استعمال مواضيع جامدة وذلك للتخفيف المتطلبات المفروضة عليهم. إنهم يدربون الطفل على الالتفات إلى هذه المواضيع لتحقيق الإشباع والدعم وذلك بدلاً من الالتفات إليهم، وهي طريقة مخربة ومؤذية إلى حد ما. وفيما بعد، يمكن للطفل أن ينقل اهتمامه من المواضيع الأصلية إلى مواضيع جديدة مثل الألعاب والدمى. وتعزز أهمية المواضيع الجديدة عندما تصبح عاملاً مساعداً في إنقاص التوتر وإزالة القلق الناجم عن الحرمان والانفصال. وهذا الأمر ضار أيضاً، لأن الطفل يجب أن يتعلم تحمل هذه الإحباطات الطبيعية دون وجود حاجة إجبارية للمواضيع الجامدة.

لقد ذكرت استعمال المواضيع الانتقالية كوسيلة لإنقاص القلق المشاهد عند النوم. إن المرحلة التالية التي تؤدي للقلق هي مرحلة الفطام. فالطفل هنا ينفصل مرة أخرى عن موضوع يحبه، وهو الثدي أو الزجاجة، ويلاحظ التوتر مرة أخرى باستعمال الطفل لموضوع جامد يستطيع مصه ومداعبته. إن استعمال مثل هذا الموضوع يطيل من مص الإبهام أو الغطاء عند النوم، وبالتالي يطيل من الدور الذي يلعبه الفم في وقت يجب فيه أن تنقص أهميته.

ومن الفترات الأخرى المؤدية للتوتر تلك الفترة التي يجب فيها على الطفل الاستسلام لطلبات الأهل لضبط مصراته، وهنا يخسر الطفل السيطرة على موضوع ثمين آخر بالنسبة له، ألا وهو برازه. إن الراشدين يعتبرون البراز سيئ الرائحة ومثير للقرف، ويدركون الحاجة للتحكم بعملية التبرز، لكن الطفل لديه وجهة نظر مختلفة تماماً. إن الطفل يعتبر البراز جزءًا من ذاته، وهو يكره أن يفقد السيطرة على أي جزء من أجزاء جسده. إن الأطفال الصغار لا ينزعجون من برازهم الخاص، ويمكن أن يستلقوا عليه أو حتى يدهنوا جسمهم به وبكل متعة. ولا يفقد البراز أهميته إلا بعد أن يتبنى الطفل مواقف أهله. ويكشف الفيتيشي على الغالب الخصائص الطفلية لشذوذه الجنسي عندما يتطلب أن يكون موضوعه الفيتيشي His Fetish قذراً وذو رائحة كريهة. إن هذه الروائح تشبه غالباً روائح الجسد غير المغسول وتذكره برائحة الغائط.

إن الصراع بين الأهل والطفل الفيتيشي حول ضبط المصرات يمكن أن يحتدم إلى درجة شديدة أبعد من الطبيعي. أحد المرضى الفيتشيين، وهو راشد، تذكر هذه الفترة تماماً. كانت أمه امرأة عدوانية ومسيطرة جداً، وقد واجه تصميمها على الفوز رفضاً عنيداً للخضوع من جانب طفلها. كانت أمه تتحرى نظافة ثيابه باستمرار، وتبدي تعليقات سلبية تجاه طفلها وتهينه، لذلك كان طفلها يرفض التبرز. لقد كان يجلس على "النونية" لساعات دون أن يستسلم. وأخيراً وبعد أن يترك "النونية" كان يتبرز على الأرض، وأحياناً كان يتبرز قبل أن يجلس على "النونية" وكانت أمه الثائرة تضربه دون شفقة، ورغم كل هذا لم تستطع الفوز. وبعد أن يئست أخيراً سمحت له أن يأخذ معه لعبته المفضلة إلى الحمام. وعندها أذعن الطفل لرغباتها وصار يتبرز كالمطلوب تماماً لأنه شعر "بالنصر".

قد يبدو لنا أن السلام قد حل والنجاح قد تم، لكن هذا الحل لم يكن إلا فشلاً للأم والطفل. إن هذه الأم العداونية المتطلبة غير القادرة على الحب هي شخص غير ملائم لتربية الطفل. إنها لم تحب طفلها ولم تسمح له أن يتفاعل معها بطرق تلائم نموه الخاص. لقد أجبرته على حل مشكلته باستخدام مواضيع جامدة بدلاً من استخدامها هي. إن الأم الجيدة يجب ألا تبدأ بتدريب الطفل على ضبط المصرات في وقت باكر، ويجب ألا تجعل الأمر حرباً. ولن يكون مفاجئاً أن نعلم أن الموضوع الفيتيشي لذلك الرجل هو لعبة على شكل دب بني اللون قذر كريه الرائحة!.

وهكذا، وبمرور الوقت، يصبح الموضوع الانتقالي المهدئ للطفل شيئاً يمثل أموراً عديدة أولاً الأهل الذين فقدوا عند النوم، ثم الثدي أو الزجاجة المفقودة، ثم البراز المفقود.
وعندما يبدأ الطفل بالتطور تضاف معانٍ جديدة للمعاني القديمة، وتصبح اللعبة المحبوبة محور مشاعر الطفل الخاصة، ويصبح لها استعمال جديد يزيد من ضرر الطفل وأذيته، ويزيد من ابتعاده عن السواء أو الطبيعية، خاصة وأن الطفل قد نقل مشاعره للعبة فإنه قد يقول "لعبتي الصغيرة غاضبة"، وهذا يسمح للطفل أن ينكر غضبه عندما يُحبط. وبذلك يستمر الطفل في إنكار حقيقة مشاعره. ويزداد تعقيد المشكلة عندما يكون الموضوع رمزاً للأهل، ففي هذه الحالة يغضب الطفل من اللعبة بدلاً من أهله، وهذا يمنعه من التفاعل السليم مع الناس ويعيقه عن تطوير علاقات مع أنداده، بما فيهم الجنس الآخر. كما أن هذا أيضاً يؤهب لاضطرابات جنسية مستقبلية.

من خلال خبرتي التحليلية وجدت أن عددا كبيراً من الأطفال يستفيدون من هذه المواضيع الخاصة لإزالة قلقهم واكتئابهم الناجمين عن الانفصال عن الأم، بالإضافة للإحباطات الأخرى. هؤلاء الأطفال، وهم يشكلون النسبة الغالبة، لا يعتمدون كثيراً على هذه المواضيع المريحة لذلك فإنها تبقى أقل أهمية من الأم، ولا تؤثر في عملية التطور الطبيعية.

وبشكل عام عندما يكبر الطفل الطبيعي فإن اهتماماته تزداد وتمتد ولا يعود بحاجة لموضوعه الخاص كي يتجاوز القلق أو الصعوبات الأخرى، وبذلك يفقد الموضوع قيمته الخاصة ويهمل. وأما النسبة القليلة من الأطفال ـ هؤلاء الذين كانت تربيتهم غير جيدة سيئة (المقصود بالسوء هنا أنها لم تكن سليمة وصحيحة، وليس المقصود بها المعنى الشائع من سوقية وغيرها)، والذين شُجعوا على تعزيز أهمية المواضيع الجامدة ـ فإنهم يعطون اللعبة قيمة أكثر من الأم، وبالتالي فهم غير قادرين على إهمال مواضيعهم الانتقالية.

إن الاكتشاف الكبير للفرق التشريحي بين الجنسين يحدث تقريباً حوالي سن الثالثة، حيث يتوجه الاهتمام في هذه السن إلى الأعضاء التناسلية. ويعتقد الطفل قبل تلك السن أن لكلا الجنسين أعضاء مشابهة. إن هذا الاعتقاد يستمر رغم ما يلاحظه الطفل من أمور تناقض هذا الاعتقاد.

إن عقل الطفل قادر على إنكار الواقع بسهولة أكثر بكثير من الراشد، لذلك يجب أن لا نستغرب هذا التأخر في تقبل الطفل لفكرة وجود اختلافات تشريحية. إن الصبيان خاصة يحاولون إنكار غياب الأعضاء الذكرية عند أمهاتهم، ولا يتقبلون هذه الفكرة إلا بعد معارضة شديدة. ويصل بعض الناس لسن النضج دون أن يتخلوا فعلاً عن فكرتهم الأولية بأن لكل إنسان أعضاء تناسلية ذكرية. بالطبع هذه الفكرة مكبوتة (لا شعورية)، ولا يمكن استخلاصها والوصول لها بسهولة.

إن حياة أحد المصابين بتحول الزي هي شاهد حي على هذه الفكرة، فهو رجل يختفي في زي امرأة. إن "السر" الكامن خلف سلوكه الغريب هذا هو اعتقاده بأن تحت ثياب كل امرأة يوجد كائن ذكري، وبذلك يؤكد تخيله لفكرة أن لكل امرأة قضيب. "إذا كنت لا أستطيع رؤيته، فلا بد أنه مخبئ بين أشعار العانة. وإذا كان صغيراً فإنه سيكبر". هذه أقوال حقيقية لمريض كان يعاني من تحول الزي Transvestism.

وحالما يكشف الطفل الاختلافات الجنسية فإن اهتمامه الجنسي يتركز على الأعضاء التناسلية. وقد لوحظ أن الذكور خاصة يداعبون أعضاءهم التناسلية مما قد يسبب انزعاج الأهل. إن تحريم مثل هذا الفعل الناتج عن ارتفاع غير مفسر حتى الآن لهرمون الذكورة بين (3-6) سنوات ثم خفوته حتى سن البلوغ (والذي اعتبره بعض الباحثين سابقا نوعاً من أنواع العادة السرية) يترافق غالباً مع تهديدات حول إمكانية فقد القضيب أو أذيته، وبذلك يتكون لدى الطفل اعتقاداً بإمكانية حدوث الخصاء Castration. ويعزز هذا الاعتقاد ملاحظة الطفل للأعضاء التناسلية للفتيات، فهو يعتقد أنهن لابد قد عانين من هذه العاقبة. يترافق ذلك في زمن فقد الطفل لأسنانه اللبنية وهذا عامل آخر يساهم في تقبله لفكرة إمكانية فقد القضيب. فها هي أسنانه القوية القاسية المتصلة بقوة مع جسمه تنفصل عنه وتفقد.

إن الطفل الطبيعي التربية يحمل كل هذه التقلبات في مراحل النمو المختلفة: الرضاعة والفطام مع فقدان الحلمة، ضبط المصرات مع فقدان الغائط، والآن اهتمامه الجنسي بالقضيب والمخاوف المرافقة حول الخصاء. وفي هذه المرحلة من الحياة ينغرس الموضوع الانتقالي ضمن الاهتمام الجنسي التناسلي، إذ لوحظ عند بعض الأطفال انهماك في احتكاك الأعضاء التناسلية مع هذه الدمى (مما حدا بالكثير من العلماء بتفسيرها على أنها نوع من ممارسة العادة السرية مع هذه الدمى)، والتي اعتمدوا عليها بشكل أو آخر كي يطلقوا عليها تسمية المواضيع الفيتشية الطفلية Childhood fetishes .

مهما يكن، فهناك نوع من نقل هذا الطفل حبه من أمه إلى الموضوع الذي يريحه. إن هذا الشكل من العلاقة يحدث فقط عندما تحرف الأم اهتمام طفلها بها إلى موضوع جامد. حقيقة إن الأم علمت طفلها أن يحب شيئاً آخر عبر الإنسان الحي. وفي نفس الوقت الذي تظهر فيه الأحداث السابقة تتعرض علاقات الطفل مع الناس لعملية نضج، ويصل الطفل لسن المدرسة وعليه أن يترك تعلقه بأمه ويتعامل مع فقدانه لمودتها ويبني تعلقات أخرى مع العالم الخارجي بالإضافة للتعامل مع مخاوفه من فقدان أعضائه.

إن الطفل الطبيعي يقوم بالتأقلم بشكل جيد، ويحدث هذا عند الفتاة بشكل أسهل من الصبي. لكن الأمر مختلف تماماً بالنسبة للطفل الفيتيشي. إن هذا الفيتيشي الصغير، هذا الطفل الذي يستخدم الآن موضوعه الانتقالي أو الخاص بطريقة جنسية، كان قد عانى من أذية في أناه his ego وذلك بسبب التفاعلات غير المرغوبة والحاصلة في مراحل التطور الباكرة والتي ساهمت في تركيز اهتمامه واعتماده على المواضيع الانتقالية. إنه في الحقيقة معتمد على موضوع جامد لتحقيق إشباعه الجنسي. إن مثل هذا الطفل غير قادر على تحقيق انتقال مقبول نحو أساتذته أو الأطفال الآخرين، إنه غير قادر على تحقيق انتقال مقبول من البيت نحو العالم الخارجي بشكله العام.

ويستمر التطور خلال سنوات المدرسة، وتزداد الأنا قوة، ويزداد تماسك الشعور، وتتناقص قوة الحافز الجنسي خلال مرحلة ما قبل البلوغ، ونتيجة لذلك تتناقص الرغبة في استعمال الموضوع الفيتشي الطفلي لأهداف جنسية، لكن يستمر بعض فيتيشيي المستقبل في استعمال هذه المواضيع للتسلية والدعم أثناء مرحلة الكمون latency أنهم يحملون ألعابهم معهم حيثما يذهبون، ويعتمدون عليها ليدعموا جهودهم في التأقلم مع العامل. ويبدو بعض الفيتيشيين ـ لاسيما الأقل تأذياً طبيعيين تماماً خلال هذه الفترة الهادئة. فإذا تحسنت التربية وملك الطفل أنا قوية لدرجة كافية فإنه يستطيع تجاوز الصعوبات بشكل كامل، لكن هذا لا يحدث دوماً.

إن حدوث البلوغ مع ما يرافقه من تغيرات جنسية سريعة يغير الصورة كلها: ففي هذا الوقت تعود المشاكل القديمة للظهور ولكن بشكل آخر. إن حاجة المراهق للتفاعل مع أنداده ولاسيما هؤلاء من الجنس الآخر هو أمر صعب حتى على الشخص الطبيعي تماماً، وهو أمر لا يمكن احتماله بالنسبة لشخص علمته طفولته أن يبدل أمه بموضوع جامد. لقد فشل الفيتيشي أكثر من مرة في تحقيق المهام الكبرى للتطور، وها هو الآن في المراهقة غير قادر على مرة أخرى أن يسيطر على قلقه وينجح في مهمته الجديدة، لذلك فهو ينسحب إلى طرقه القديمة ويبحث عن بعض المواضيع الجامدة التي تمثل له كنز الطفولة الأصلي والمنسي منذ فترة طويلة.

إن الطريق الذي يختاره هو ذلك الذي أهبت له تفاعلات الطفولة، وهو الآن يتعامل مع قلقه باستخدام موضوعه الفتييشي الذي أصبح الآن أكثر تعقيداً في معناه من الموضوع الفيتشي الطفلي القديم. إن هذا التعقيد يأتي من وجود إضافات جديدة للمعاني القديمة. ومرة أخرى يستعمل الموضوع لأهداف جنسية بشكل مطلق، لكن الاستجابة الجسدية هنا هي استجابة الراشد حيث يم الوصول للإيغاف (النشوة) والقذف. ولسوء الحظ، لقد تجاوز الفيتيشي الآن نقطة اللا عودة. يختار كل فيتشي موضوعاً خاصاً متميزاً. وهذه المواضيع مختلفة باختلاف هؤلاء الفيتيشيين، وتتعلق بالتجارب الفريدة والمميزة التي مر بها كل منهم في طفولته.

على أية حال، فإن المبادئ الأساسية التي أدت لظهور الفيتيشية تبقى نفسها بالنسبة للجميع. إن الموضوع الفيتيشي يمثل وسيلة للتغلب على القلق المرافق لفقدان موضوع قيم يمثل جزءاً من الجسم بشكل أساس.

إن أهم اهتمامات الفيتيشي هو خوفه من فقدان أغلى ما يعتقد أنه يملك، أي قضيبه. إنه يحتاج لإنكار إمكانية هذا الفقد، تلك الإمكانية التي عززها فقدان الحلمة والغائط والأسنان والأم نفسها. ولا يقل أهمية عن هذه الأمور اكتشاف الطفل أن أمه لا تملك قضيباً، بعد أن اعتقد لفترة اعتقاداً راسخاً أنها تملك قضيباً. إن اكتشافه للفروق التشريحية بين الجنسين لـه تأثير عميق ومديد عليه. إنه الآن يعتبر النساء ناقصات، ويحاول أن يطمئن نفسه ضد خوفه من فقدان جزء من جسده وذلك من خلال استعمال الموضوع الفيتيشي.

إن مفهوم الفيتشي حول الجماع يتضمن خوفاً من إمكانية فقد القضيب أثناء الجماع، وبالتالي من إمكانية أن يحدث له ما حدث للمرأة. وهكذا يصبح الجماع الجنسي محاطاً بالرعب الشديد بالنسبة له، وهذا ما يجعله يلتفت إلى موضوعه الفيتيشي لتحقيق إشباع جنسي محض، أو أنه لا يمارس الجماع إلا بوجود موضوعه الفيتيشي كشرط أساس.

إننا ندرك تماماً غرابة كل هذه الأمور. لكن لنتذكر أيضاً كم أن الفيتيشية نفسها أكثر غرابة. لنفكر للحظة! رجل يمارس مع معطف مطاطي أو حذاء أو زجاجة أو موضوع قذر "مثير للاشمئزاز" أو.. أو... الخ. إنه لا يستطيع تحمل منظر امرأة عارية أو إلقاء نظرة قريبة على أعضائها التناسلية. ألا تبدو الأسباب الكامنة خلف هذا السلوك غريبة بالنسبة لنا؟.

بقي أن أقول إن المرضى هم الذين أخبرونا بأنفسهم عن طفولتهم "المجهولة". إنهم قدموا وبذلوا جهودا هائلة لإبطال الأذى الذي كان يصيبهم، وصمدوا أمام المصاعب التي واجهوها أثناء سعيهم للوصول إلى الحالة الطبيعية. إن هؤلاء المرضى الذين نجحوا في هذا هم الذين علمونا، وبدورنا نقدم معلوماتنا ولولاهم لما كانت هذه المعلومات.

تحول الزي TRANSVESTISM
سأناقش الآن حالة أخرى أقل شيوعاً من الفيتشية لكنها تعتبر امتداداً لها، وهي أيضاً يمتد طيفها من قرب الحدود الطبيعية إلى أقصى حدود الغرابة.
في تحول الزي Transvestism يكون الرجل مجبراً، وبمفهوم فيتيشي، على ارتداء ثياب النساء كوسيلة لتحقيق الإشباع في اتصال جنسي غيري heterosexual ، حيث بينت الدراسات السريرية أن معظم المصابين بتحول الزي هم جنسيون غيريون وليسوا جنسيين مثليين. ومن الهام جداً أن نميز بين تحول الزي وبين الجنسانية المثلية الإجبارية عند الذكور.

إن هناك علاقة بين الفيتشية وتحول الزي والجنسانية المثلية الإجبارية عند الذكور من حيث أن كل منها يحوي محاولة لتجنب معرفة وتقبل الاختلافات التناسلية بين الرجل والمرأة. لكن كل من متحول الزي والذكر الجنسي المثلي الإجباري يتعامل مع صراعاته بطريقة مختلفة تماماً. إن كلا النوعين من الرجال يذكر خوفاً وكرهاً شديداً للأعضاء التناسلية للمرأة، وهو خوف وكره مبني على أساس مفهوم طفلي مشابه لمفهوم الفيتيشي. لكن متحول الزي هو عادة جنسي غيري (عادة متزوج ولديه أولاد)، لكنه يلبس ثياب النساء ليحتفظ بخياله حول المرأة التي تملك قضيباً (تلك "الميزة المخبأة"). وبالمقابل فإن الذكر الجنسي المثلي الإجباري لا يلبس ثياب النساء بمفهوم فيتيشي، ولقد بينت الكثير من الدراسات أنه حتى في حالة الذكر الجنسي المثلي الشديد التأنث قد لا يلبس ثياب النساء إلا نادراً، ولكن بدون حدوث إثارة جنسية فيتيشية.

كما أن الذكر الجنسي المثلي الإجباري يتجنب الأعضاء التناسلية للأنثى بأية وسيلة، وهو يشعر بأنه مجبر على اختيار الرجال الآخرين الذين يملكون قضيباً كشركاء جنسيين. وأخيراً، يجب الانتباه إلى أن كلاً من متحولي الزي والذكور الجنسيين المثليين الإجباريين يمكنهم الشعور بمتعة جنسية طبيعية في أعضائهم الذكرية، وهويتهم الجنسية ذكرية. إن هذا يقودنا الآن لمناقشة الهوية الجنسية والهوية التجنسية ومتلازمة تحول الجنس.
                                                 ومازال الحديث مستمر
* نشرت على الشبكة العربية للعلوم النفسية



الكاتب: ا.د.عبد الرحمن إبراهيم
نشرت على الموقع بتاريخ: 13/08/2008