الاكتئاب والحزن
أنا أعاني من الاكتئاب والحزن لفترات طويلة، نادراً ما أكون سعيداً... غالباً ما يأتيني الحزن والاكتئاب بسبب مشاكلي مع الأهل، أغلب هذه المشاكل سببها الدراسة والمستقبل، فأنا في المرحلة الثانوية الأخيرة وهي سنة تحديد المستقبل ولكن بعد هذه المشاكل أصبح لدي شعور ألا وهو فقدان الأمل وأنه لا يهمني ما سيحدث لي في المستقبل وأن هذه الحياة كلها حياة واحدة والموت واحد فليأتيني كما يشاء.... أحياناً يصيبني الحزن والاكتئاب بدون سبب ولم أجد سبيلاً للتخلص منه... تأتيني أغلب الأوقات رغبة شديدة في البكاء ولكن لا أستطيع، فالبكاء تخلى عني منذ أكثر من سنتين.
مشاكلي مع أهلي جعلتهم يحملوني جزء كبير من هم وعبء الأسرة، مثل: تدهور الحالة المادية وعدم السفر أو الخروج بسبب دراستي وأنا مازلت في ريعان شبابي يجب أن أكون سعيداً وأكتشف العالم من حولي... العلاقة بيني وبينهم سيئة جداً. أبتعد كثيراً عن إطلاعهم أبسط سر عني، يمنحوني بعض الحريات في تربيتهم ولكنها قليلة جداً.
لم أرتبط يوماً بفتاة، ولم أخرج يوماً مع أي فتاة... كانت علاقاتي مع بعض الفتيات هي عبر النت ولطالما كنت أحاول جاهداً أن أجعلها حقيقية (أي وكأننا ضمن بلد واحد) ولكن في أغلب الأحيان أفشل بمحاولتي هذه... لذا فإن نسبة قليلة من حزني سببها هذا الفشل.
عندما أنظر للخلف في حياتي، أرى فشل كبير في دراستي وأهلي يشعروني بأني لست قادراً على النجاح وأنني سأكون حشرة في المستقبل وهذا ما يجعلني أفقد التركيز في دراستي ولا يعطيني الطموح والتشجيع لأحسن نوعية دراستي وأن يكون لدي تخصص في المستقبل.
الانتحار هو التفكير الوحيد الذي كان يراودني بشكل شديد جداً وغير معتاد، ذات مرة كنت على سطح البناية وأردت أن ألقي بنفسي ولكن ربما الوازع الديني هو الذي منعني، والتزامي الديني ليس بذالك الالتزام القوي... فأنا أقطع كثيراً من صلواتي ولا أدفع للفقراء.
رجاء، أريد حلاً
14/03/2015
وبعد يومين أرسل تحت عنوان "اكتئاب وحزن" يقول:
مرحباً،
لقد قمت بإرسال استشارة منذ يومين ولكنها لم تنشر بعد، فوجدتها فرصة لكي أكتبها من جديد وأعدل فيها... المهم: أنا طالب ثانوية عامة ذهبت مع أهلي للأردن منذ سنتين هرباً من الحرب الدائرة بسوريا والتي سببت لنا تدهور بحالتنا المادية نوعاً ما.
أنا أعاني من الاكتئاب والحزن، من غير سبب أو لأسباب تافهة، أهم سبب بالنسبة إلي - قد يظنه البعض سبباً تافهاً ولكنه عندي غير تافه- هو أنني أتشاجر كثيراً مع أهلي بسبب الدراسة وبعض الأمور الأخرى، ولكن أكثر شيء هو الدراسة... وكذلك الحديث عن المستقبل والجامعة، عندما يتم فتح هذه المواضيع أتضايق كثيراً وهم كذلك أيضاً يتضايقون عندما لا يجدونني أريد التحاور في هذه المواضيع.
ولقد كان من أهم أسباب رسوبي في الفصل الدراسي الأول من هذه السنة، هو الإحباط الذي وصل لي بسبب التقليل من جهودي وأنني لن أحصل على درجات عالية في دراستي، ولقد قلت لهم إن شاء الله سأبذل قصار جهدي فيما تبقى من الدراسة، ولكنهم ما زالوا يحبطونني ويقولون لي (لن تصبح شيء شي في المستقبل).
وطبعاً إهانات بمعدل كل يوم تقريباً... الضرب تخلوا عنه من حوالي 4 سنين تقريباً، يحملونني أعباء الأسرة مثل تدهور الحالة المادية لأنني أدرس بمدرسة خاصة وأحضر مدرسين خصوصيين كثيراً، ولكن سبب ذلك ليس تقصيراً مني في فهمي لدراستي، بل السبب يكمن في من يقومون بالتدريس لي، وتسببت دراستي في عدم قدرة عائلتي للخروج خارج المنزل والسفر خارجاً إلا بعد انتهائي من دراستي، ومن ضمن الأسباب التي جعلتني أتضايق وأتقيد، أن أهلي يقومون بمسائلتي يوميا لما أقوم بدراسته مما ساعد ذلك على تقييدهم أيضاً في عدم الخروج من المنزل.
دراستي الخاصة كانت سبباً في أن يلتحق إخوتي بمدارس حكومية حتى لا يتكلف أهلي مصاريف زيادة. كل يومين على الأقل أحس بحالات حزن وكآبة بسبب هذه المشاكل التي هي بالنسبة لكم عادية لكنها والله كابسة على روحي وجعلتني أعيش بالغرفة طوال الوقت تقريباً وأبعدتني عن المجتمع ورفاقي الخ... صرت أتضايق من قصص الدراسة وأتضايق عندما يمر أحد على غرقتي... علاقتي مع عائلتي مثل الزفت الآن... لا نتكلم كثيرا إلا في حالة الخناق والجدال... لا أبوح لهم بأسراي...
أنا لم أخرج مع أي بنت ولا مرة قمت بعلاقة حب إلى الآن، كلامي مع البنات فقط من خلال الشات وكلهم من خارج البلد لذلك أنا نادراً ما اكتئب بسبب فلانة.
أمشي في الشارع لا أنظر لأحد، أستمع للأغاني وبنسى الدنيا... قليلاً ما أدخن وأكيد أنا لست مدمناً وأكيد لا أشرب ولا أتعاطى شيئاً والحمدلله... نسبة الفضول عندي لكي أعلم ما يدور حولي بشكل عام صارت صفر بالمائة... وصلت لمرحلة أني لم أعد أهتم بمستقبلي واللي يصير يصير... وهي بنظري كلها حياة واحدة وموت واحد...
الانتحار كأنه يمشي معي دائما مثل خيالي، أفكر به في كل وقت ومكان، وذات مرة قررت أن ألقي بنفسي من فوق سطح البناية، لكن الوازع الديني هو الذي منعني من فعل ذلك.
رجاءً أريد حلاً لمشكلتي
16/3/2015
رد المستشار
ابني العزيز "بشر": أهلا بك على الموقع
واضح من رسالتك أنك إنسان عاطفي وذو ضمير حي، يؤلمك أن ترى أسرتك يتعبون من أجلك ويضحون بأموالهم في سبيل مستقبلك، فتحب أن تعوضهم عمّا بذلوه وتكون لهم الابن البار الذي يرغبون فيه ولكن حدة القلق وشدته من عدم توفيقك في الحصول على النتيحة المطلوبة جعلتك بالعكس تمشي في الاتجاه المعاكس رغماً عنك وحين انخفضت درجاتك ونزلت كثيراً زاد تأنيب الضمير حتى دخلت في حالة من الكآبة والحزن شلّت حركتك تماماً.
عزيزي قبل أن تحل مشكلتك مع أهلك يجب أن تتفق مع نفسك أولاً:
- ماذا ترغب أن تتخصص به في المستقبل؟
- هل تتوافق رغبتك مع رغبة الأهل أم أنهم يجبروك على تخصص لاترغب به؟
- إذا كان الشق الثاني من السؤال أعلاه هو الصحيح، ماذا تستطيع أن تفعل كي تصارحهم برغبتك؟؟
- إذا كان الشق الأول هو الصحيح ورغبتك تتناسب مع رغبتهم إذاً راجع نفسك وانظر ماذا يمنعك من التركيز؟ هل هناك أموراً أو عادات سيئة تمارسها تشعرك بالضغط أو الذنب بحيث تفقد تركيزك على الدراسة؟
بعد ذلك صارح أهلك بما تمر به من ضغط تماماً كما صارحتنا واذكر لهم كل ما ذكرته هنا من معاناتك واطلب منهم أن يوقفوا تضحياتهم لأنها تثقل عليك وتجعلك تشعر بضغط مخل للحركة، وإذا كنت قادراً على الاستيعاب والتركيز فلا تطلب المعلمين الخصوصيين وبدلاً من ذلك نظم وقتك بحيث تدرس دون الحاجة إليهم وما لم تفهمه راجع معلميك في المدرسة، هكذا توفر على عائلتك وتقلل من شعورك بالذنب والتقصير.
في النهاية كرر مع نفسك كثيراً هذه الآية الكريمة: "وأفوض أمري إلى الله إن الله بصيرٌ بالعباد" واطلب منه المعونة والتوفيق والنجاح واعلم أنه هو الرزاق العليم سوف يرزقك من فضله بالتاكيد. وإذا لم تتحسن حالتك بعد المراحل المذكورة حينها يجب عليك أن تراجع إما طبيباً نفسياً يصف لك مضادات للاكتئاب أو معالجاً نفسياً يعالجك بالأساليب العلاجية المعرفية والسلوكية.
تمنياتي لك بالتوفيق والنجاح.
ويتبع >>>>>>: مشاكل الأهل .. الإحباط .. الاكتئاب الجسيم م