أخشى اللقاء الجنسي الأول م
أين الحل: في "البروزاك" أم في غيره.
السلام عليكم بداية أتوجه بالشكر الجزيل إلى الدكتور جواد على إجاباته العلمية الدقيقة، والذي سأتوجه إليه باستشارتي على اعتبار أنه أجاب في مرة من المرات على سؤال سائل حول "البروزاك". لأنني قبل 10 سنوات أخذت هذا الدواء ولكنني الآن أعاني من نسيان فظيع، فهل هذا بسبب الدواء. هذا من جهة ومن جهة أخرى سأستغل هذه الفرصة لأن أسألك لعلك تفيدني وأنا أعلم أنك أهل للثقة.
بداية دعني أستاذي الفاضل أن أقول بأنه سبق وراسلت الموقع، وقد تفضل الدكتور وائل بالإجابة عنها، ولكنني أغفلت الكثير من التفاصيل والتي سأذكرها الآن بنوع من الشرح والتفصيل، وكذلك بعض العلل النفسية الأخرى التي لم أذكرها في الإفادة الأولى.
المشكلة كانت من البداية، أي منذ مرحلة الطفولة المبكرة والتي لا أتذكر منها إلا عدم الثقة بالنفس والارتباك والرهاب الاجتماعي والحساسية المفرطة والخوف الشديد، حتى أنني أتذكر بأنني كنت أستيقظ في منتصف الليل وأظل مستيقظا إلى غاية الصباح في حالة ما إذا كنت نائماً بغرفة لوحدي، إلى جانب معاناتي من الوسوسة في كثير من الجوانب. وما زاد حيرتي هو كيف لطفل صغير جدا لا يفقه من هذه الحياة شيئا أن يصاب بكل هذه العلل النفسية.
ما جعلني أفسر الأمر فيما بعد على أنها من قبيل الوراثة. خاصة وأنني كبرت في جو عائلي يسوده الهدوء، ما عدا الصرامة الشديدة التي كان يعاملني بها الوالد في مجال الدراسة والتي كانت تؤثر في نفسيا... وما زاد الطين بلة هو تدني علاماتي الدراسية في المرحلة المتوسطة أو ما تعرف عندكم بالكمالية بعدما كنت متفوقا في الابتدائية فكانت القشة التي قسمت ظهري وزادت من عدم ثقتي بنفسي. خاصة وأنني كنت أعقد آمالاً كبيرة في أن أنجح، في وقت لم أعد فيه قادرا على استيعاب الدروس، خاصة الرياضيات، وهذا ما جعلني أعتقد بأنني لست ذكيا في تلك المرحلة العمرية من حياتي.
ظللت على هذه الحال إلى غاية دخولي إلى الجامعة. في هذه المرحلة وصلت إلى حافة الانهيار وشعرت بأنني سأجن وشعرت بذعر كبير؛ في هذه المرحلة لم يكن أمامي من خيار إلا الذهاب إلى طبيب بغية الاستشارة. فذهبت إلى طبيب عام. فوصف لي دواء "بروزاك" لمدة 6 أشهر، فالتزمت به كما نصحني الطبيب. هنا انقلبت حياتي رأسا على عقب، لأول مرة أشعر بطعم الثقة بالنفس ولأول مرة أتذوق معنى السعادة والاستقرار النفسي. ربما كان هذا الاستقرار طبيعيا بالنسبة لشخص آخر، ولكن لا أخفيك أمرا دكتور، كان بالنسبة لي هذا الارتياح والاستقرار الذي شعرت به أول مرة حدث ظللت أستمتع به فترة طويلة. كيف لا وأنا الذي لم أعرف إلا الاضطراب وعدم الاتزان النفسي.
ولكن المشكلة يا دكتور بعد مرور 10 سنوات من أخذ "البروزاك" تكمن في أنني أعاني من ترسبات الماضي، أي نعم أعرف استقرارا وهدوءا ولكن مخلفات الماضي تطفو وتعكر صفوي. خاصة وأنني لا أمتلك ذكاء اجتماعيا يمكنني من التواصل الجيد مع المجتمع فكما سبق الذكر فأنا في مراحلي النفسية العمرية السابقة لم أكن إلا مشوشا على جميع الأصعدة مما أدى بي إلى فشل اجتماعي ذريع .. وممكن أن ألخص كل ما أعاني منه في هذه النقاط:
1- ما زلت أعاني من عدم الثقة بالنفس، خاصة من الناحية الشكلية. فأنا مقبل على الزواج ولكن أخشى من الرفض بسبب شكلي. مع العلم من أن هذه المشكلة (أي الشكل) أعاني منها منذ الصغر.
2- أخشى من الزواج في حد ذاته أو أن يبوء بالفشل، كما أنني أخاف من العلاقات الجنسية في هذا الإطار وأخشى من أن تجدني الزوجة مقززا أو غير مرغوب فيه.
3- أما أهم شيء يزعجني فهو الحساسية المفرطة، وسرعة الغضب والغليان والاحتراق الداخلي، خاصة إذا ما شعرت بالإذلال والحقارة والظلم والاحتقار، ولا أعرف مطلقا كيف أدفع هذا الشعور المزعج، كما أنني لا أتحمل مطلقا الانتقادات ولو كانت بسيطة من مثل انتقاد شكلي أو طريقة عملي، وهذا حقا يفسد نفسيتي بشكل كبير، وهذا أكبر علة نفسية أعاني منها.
4- أراجع تصرفاتي وتصرفات الآخرين بعد انتهائها، فأظل أتصارع مع نفسي فعلى سبيل المثال لا الحصر، فأقول في نفسي: كان من المفروض أن أقول كذا بدلا من كذا، وماذا لو قلت ما قلته بطريقة أحسن من التي قلتها وهلم جر.
5- الغضب. ولا أعرف كيف أنفس عن هذه الطاقة التي أشعر بها تغلي في داخلي.
6- الخجل ولا أعرف متى أقول "لا".
7- ما زلت أعاني من الرهاب الاجتماعي مع الفارق طبعا بين الحاضر والماضي، أي قبل "البروزاك" وبعده.
8- أصبحت أعاني من برود جنسي وضعف الحيوانات المنوية وقِـلَتِها بشكل ملحوظ ..
9- أشعر دائما بأنني أريد أن أرضي الآخرين حتى ولو على حساب نفسي.
10- التفكير في الماضي والأخطاء التي وقعت فيها.
11- وساوس دينية في حق الذات الإلاهية. أحيانا تشتد وأحيانا تخف حدتها.
12- حينما أدخل في شجار مع أي شخص آخر، أضطرب ولا أعرف كيف أتكلم فأشعر بأن من حولي ينظرون إلي بنظرة غريبة، كما أنني أخاف من الدخول أصلا في مثل هذه الصراعات خشية أن يتطور إلى صراع بالأيدي مع العلم أنني أعيش بمجتمع أقل ما يقال عنه أنه عنيف جداً وممكن أن يقتل لأتفه الأسباب. وهذا ما يجعلني أتفادى الكثير من هذه الشجارات. أحيانا يكون ذلك على حساب نفسي وحقي، ولكن هذا الأمر يشعرني بالجبن واتهام نفسي بالضعف والهوان.
وبناءً على ما تفضلت به آنفا فهل أحتاج يا دكتور إلى أن أعود إلى دواء "بروزاك" ومن دون استشارة طبيب نفسي، وهل له أضرار جانبية وهل ضعف الذاكرة التي أعاني منها الآن هي بسبب الدواء المذكور؟ وماذا لو اتصلت بطبيب نفسي وأعطاني أدوية أخرى فهل سيكون لها تأثيرات جانبية؟ وهل أخبر الطبيب بأنني أخذت "البروزاك" من قبل على أساس أنه يفيد ذلك في الاستشارة أم لا داعي لإعلامه بذلك؟
هل تنصحني بالزواج، علما بأنني أتوق إلى ذلك على الرغم من البرود والفتور الجنسي وضغف الانتصاب؟ وهل من الممكن أن أعود إلى قوتي الجنسية أي إلى سابق عهدي؟ أرجو أن تكون الإجابة مطمئنة فترتاح نفسيتي.
هل من الضروري أن أراجع طبيبا نفسيا أم هل من الممكن أن أعالج نفسي بنفسي عن طريق التفكير الإيجابي؟ وإن كنت حاولت ذلك وإلى الآن فأنا أحاول ولكنني لم أستطع الوصول إلى النتائج المرجوة.
في رأيكم ما سبب عللي النفسية بناء على ما ذكرت؟ هل الوراثة أم البيئة؟
هل أكتفي بالعلاج الدوائي دون السلوكي، علما بأن جل المعالجين هنا في بلدي لا يعتمدون إلا على الأدوية، ربحا للوقت؟
هل هذه الأعراض، هي دليل على ضعف الشخصية؟ أم نفسية البشر هي معرضة للمرض مثل الجسد، فهل هذا الأثر طبيعي؟
هل من الممكن أن أتعافى بشكل نهائي؟
أرجو يا دكتور أن تجيبني عن كامل أسئلتي.
ما هي نصائحكم، دكتور جواد تقبلو تحياتي وأعتذر على الإطالة
21/05/2015
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالسعادة.
في بداية الأمر لا بد من التعليق على علاقة "البروزاك" والعقاقير المشابهة له بالنسيان الشديد. لا يوجد أي دليل علمي يسند هذه الملاحظة حتى عند استعمال العقار لفترات طويلة تتجاوز العشرة أعوام. الإعلام العام والعلمي أيضاً ينشر مثل هذه العناوين بدون الاستناد إلى دراسة علمية وإنما مجرد ذكر حالة مرضية واحدة لا تشكل أكثر من حالة واحدة من مئات الآلاف. ما تسميه النسيان الفظيع مصدره ضعف التركيز واضطرابات عاطفية ووجدانية وعدم الثقة بالنفس. تحسنك على "البروزاك" سوف يدفع أي طبيب تراجعه إلى وصفة ثانية ويشير إلى إصابتك بأعراض وجدانية لا بد من علاجها.
عرض عام للاستشارة:
لا بد من التنويه إلى أن رواية المستشير تعكس إلى حد ما إدراكه لماضيه وحاضره وليس بالضرورة تفسر أو تعلل مشاكله النفسية. رغم ذلك فإن هذا الإدراك الشخصي في غاية الأهمية وعدم تعليله أو القبول به من قبل الآخرين لا يساعد الإنسان على الانتقال إلى مرحلة أخرى، في نفس الوقت على الإنسان أن يدرك بأن التخلص من ترسبات الماضي ورميها في سلة النفايات مهمته هو وليست مهمة الآخرين. متى ما رمينا ذكريات الماضي وتخلصنا منها انتقلنا إلى مرحلة أخرى وحياة أفضل، دون ذلك لا يتحرك الإنسان ويستمر يتفرج على مسيرة الآخرين.
مرحلة الطفولة لم تستطيع أن تلبي احتياجات الطفل. صرامة الأب مع ابنه ترسل إشارة إلى الطفل بأن قبوله من قبل الأب الحنون لا يتم إلا بشروط. هذا القبول الأبوي لا يساعد الطفل ولا يدفعه إلا نحو طريق واحد وهو الفشل في بناء شخصية تتميز بالثقة بالنفس والقابلية على التواصل الصحي مع الآخرين والمسير قدماً لتحقيق طموحاته الشخصية.
قبول الأب بابنه يجب أن يكون مطلقاً وبدون شروط وهو العكس تماماً من قبول الزوجة بزوجها والمدرس بطالبه ورب العمل بعماله والدولة بمواطنيها، هذا لم يحدث معك. النتيجة هي ولادة شخصية هيكلها لا يتميز إلا بميزة واحدة هي عدم الثقة بالنفس وبالتالي تميل إلى الخجل والحساسية والقلق الاجتماعي ومحاولة إرضاء الآخرين. محاولة إرضاء الآخرين لا تختلف تماما عن محاولة الابن اليائسة لإرضاء أب لا يقبله إلا بشروط.
عدم الثقة بالنفس سؤددي بدوره إلى تجنب الأزمات ومواجهة الآخرين وذلك بدوره يؤدي إلى فشل الإنسان في تطوير نفسه اجتماعيا ونفسيا وفكرياً. متى ما فشل الإنسان في التحرك نحو الأمام لا يجد نفسه إلا مراجعاً لماضيه ويولد عقله أفكار قلق وحصار معرفي وما يسميه البعض أفكار وسواسية.
في نهاية الأمر ينتهي أمر الإنسان كمحرك السيارة القديمة القليلة الحركة بأن عتبتها للعطل أقل بكثير من سيارة محركها نشط وتم تجديده. أما عتبة الإنسان للعطل فهو الاكتئاب بأنواعه ولذلك تحسنت سابقاً مع "البروزاك". تورث المحرك النفسي من الأبوين ولكن صيانته تحتاج إلى بيئة صحية وتعلق سليم. في حالتك لم تكن عملية الصيانة جيدة وعلى ضوء ذلك أرجح دور الظروف البيئية.
توصيات الموقع:
1- أنت بحاجة إلى عقار وكلام. العقار الذي سيصفه الطبيب هو "البروزاك" لأنك استجبت إليه في السابق، بعد ذلك سيعرض عليك الكلام في جلسات علاج معرفي سلوكي تستهدف نظرتك للماضي والحاضر وطريقة تغيير أفكارك واستبدالها بأفكار إيجابية تدفعك نحو الأمام.
2- الضعف الجنسي الذي تشير إليه يحتاج إلى فحوصات مختبرية ولا يمكن الجزم سوى أن الضعف الجنسي الذي تشكو منه سببه الاكتئاب، تتحسن الحياة الجنسية للإنسان المكتئب بعد العلاج والأفكار الإيجابية تساعدك على استعادة الثقة بالنفس ومن بعدها يمكن التخلي عن العقاقير تدريجياً.
3- رحلة العلاج هذه لا تقل عن عام ولكن هذا لا يمنعك من البحث عن امرأة والزواج منها إن كنت راغباً في ذلك. الرجال من صنفين في جميع أنحاء العالم. الصنف الأول: يبحث عن امرأة ليتزوجها ويكمل مشوار العمر معها. الصنف الثاني: يتحرج من عملية البحث وبالتالي يطلب من الآخرين النجدة والمساعدة في البحث. في العالم الشرقي تبحث الأم عن عروس لابنها وفي العالم الغربي يجند الأصدقاء والأقارب أنفسهم لحدوث تعارف بين الطرفين عسى أن ينتهي بالزواج. أنت على ما أظن من الصنف الثاني.
وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
كيف تتقبل النقد دون توتر؟
توكيد الذات، إثبات الذات