مشكلة تحرش قديمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أشكر لكم جهودكم وأدعو الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم. أعتذر مقدما عن الإطالة ولكن أردت أن يكون هناك إلمام كامل بالصورة قبل الرد. مشكلتي قريبة من مشكلة وجدتها كانت بعنوان متحرش تائب كانت قد ردت عليها الأستاذة "أميرة بدران" ولكنها أكثر تعقيدا. فأرجو أن تقوم هي بالرد على مشكلتي. أدعو الله أن يفك كربي ويعفو عني ويرفع عني ما أنا فيه ويرحمني من العذاب المستعر بداخلي.
عمري الآن 33 عاما لم أكن يوما ممن يصاحبون الفتيات أو حتى يؤمنون بالصداقة بين الولد والبنت حتى عندما كنت بالجامعة كان أصدقائي كلهم من الأولاد وكانت طبيعة شخصيتي انطوائية قليلا فمضت فترة مراهقتي دون أي ارتباط بفتاة إلا بعض قصص الحب المراهق لبعض الفتيات دون حتى التصريح لهم بذلك. مشكلتي بدأت منذ أن كنت بالجامعة. لي ابنة عم تصغرني ب16 عاما ومنزل عمي ملاصق لمنزلنا فمنازل العائلة كلها متجاورة وكان بطبيعة الحال الأولاد يتنقلون من منزل لآخر معتبرين أن منازل العائلة كلها منازلهم. وكنت أحب أن ألاعب أبناء أعمامي وخاصة هي فليس لي إخوة يصغرونني.
وفي يوم من الأيام كنت ألاعبها وأجلسها على رجلي وأتكلم معها فإذا بها تمسك فمي بيدها وتقبلني منه كانت وقتها ابنة 4 أو 5 أعوام. وقتها شيء ما تغير داخلي نحوها خفق قلبي لها ولم أعد أنظر لها على أنها ابنة عم فقط أو كما كنت أعتبرها أختي الصغرى. أعرف أنها تصرفت ببراءة الطفولة ولكن كنت أنا وقتها على مشارف العشرين وغالبت هذا الشعور داخلي وأقنعت نفسي أنها مجرد طفلة ولكنه كان اقتناعا زائفا ولكن مضت الأيام وكنت أعاملها بطريقة عادية ولكن بحب زائد عن الباقين.
حتى أتت البداية الحقيقية للمشكلة التي أعيش في عذاب بسببها وكانت بعد تخرجي بفترة ولم أكن حصلت على وظيفة وقتها وكنت أجلس بالمنزل وحدي لمدة شهرين؛ نظرا لسفر والدي ووالدتي لزيارة أخي في بلد آخر وكانت هي تتردد علي كثيرا خلال هذه الفترة تجلس معي وألاعبها وأعلمها على الكمبيوتر الخاص بي وكانت وقتها في عمر 7 سنوات تقريبا ازداد ارتباطي بها لدرجة كبيرة ولكن كنت حتى وقتها أمنع نفسي من الاقتراب منها كان أقصى ما يحدث أن أمسك يدها ولكن كان مجرد إمساك يدها يسبب لي زيادة في ضربات قلبي. ومع الوقت زاد ارتباطي بها أكثر وأكثر وبدأت أقتنع أنها حبيبتي ليست مجرد فتاة في الثامنة وبدأت أقوم باحتضانها وتقبيلها ولكن بحدود وبعد هذا أتت المرحلة الأخيرة التي أعتبرها أسوأ فترات حياتي حيث كنت أقوم باحتضانها من الخلف ومحاولة ضمها لي حتى يلتصق جسدانا.
لم تدم هذه الفترة طويلا ربما شهرا أو شهرين أو أكثر قليلا كنت أراها مرة تقريبا في الأسبوع وأحاول الاختلاء بها لفعل ذلك ولم يكن يحدث هذا كل مرة فكنت أصارع نفسي كثيرا ولكن كنت أضعف أحيانا وكنت بعد أن أفعل أختلي بنفسي ألومها وأبكي ومرة عاقبت نفسي بوضع يدي على النار. حتى كانت آخر مرة وكانت الأسوأ حيث اختليت بها وضممتها لي ولكن شعرت أنني أضعف من كل مرة حتى أنني يومها قبلتها من فمها ولكن أفقت مما أفعل وقررت يومها ألا أعود لمثل هذا مرة أخرى وبالفعل لم يتكرر ذلك ثانية كنت أحاول ألا أتواجد معها في مكان يمكن الاختلاء فيه.
كنت أضعف أحيانا وأهم أن أعيد ما سبق ولكن أصارع نفسي وشيطاني وأستعن بالله وساعدني على ذلك أنها كانت بدأت تشعر أيضا أن شيئا غريبا يحدث وبدأت تنفر وتحاول ألا تتواجد معي بمكان يمكن أن أختلي بها فيه أما لو كان مكان يوجد به آخرون فكانت تحب أن تجلس بجواري وتتحدث معي. وتبت إلى الله عما فعلت وندمت كثيرا وبكيت كثيرا واستغفرت الله لي ولها ولعائلتها التي أخطأت في حقهم بهذا الفعل ودعوت الله لهم كثيرا وبدأت الالتزام وسماع الدروس الدينية وحتى أني أطلقت لحيتي.
وساعدني أيضا أني كنت أعمل في محافظة أخرى ولا أرجع للمنزل إلا نهاية كل أسبوع ولكن بمجرد رؤيتها أو سماع صوتها أو حتى ذكر اسمها أمامي كان يبعث في نفسي أحاسيس متضاربة ما بين الشوق لها والندم والعذاب النفسي على ما فعلت بمن أحب ومر على هذا ما يقارب العام فقررت أن أبحث عن زوجة لعلها تكون السلوى عما يعتمل بداخلي وبالفعل بعد فترة أكرمني الله بزوجة صالحة.
وبعد زواجي بشهور قليلة أتاني عرض عمل بدولة أخرى وسافرت ولحقت بي زوجتي بعد ولادة ابنتي الأولى وأحببت زوجتي وهي أحبتي بشدة ولكن لم أستطع التغلب على ما بقلبي تجاه ابنة عمي من حب لها وعذاب بسب ما فعلته معها. وفي كل إجازة لنا كنت أشتاق لرؤيتها والتحدث معها وحتى تصويرها لأحتفظ بصور لها معي وكانت بعد أول إجازة أصبحت ابنة 12 عام ووجدتها ارتدت الحجاب فرحت بها كثيرا ووجدت أن حبي لها لم ينته بل ظل كما هو.
وتوالت السنون وكنت دائما على تواصل معها هي وإخوتها على الإنترنت حتى قامت بالاشتراك في الفيسبوك منذ عامين أو أكثر قليلا وكانت وقتها في ال15 من عمرها وبدأت محادثاتي معها على فترات وكان جل الحوار عن أحوال الأسرة والدراسة وهكذا. حتى كانت السنة الأخيرة زادت محادثاتي معها ولكن كانت تدور في نفس الحوار ما بين الهزل والسؤال عن الأحوال والنصيحة حتى قمت في آخر إجازة لي منذ 3 شهور تقريبا كنت خلالها أتحدث معها كل يوم تقريبا هي وإخوتها بسبب أنه بهذه الإجازة سوف يتم زفاف أختها الكبرى وكانت تستشيرني في كثير من أمورها وكنت أيضا أسألها عن بعض الأشياء فهي حماها الله تمتاز بعقل راجح وشخصية قوية ومحبوبة من العائلة كلها.
كنت بين الحين والآخر يعتمل بداخلي العذاب بسبب ما فعلته في الماضي وكان عزائي أنها لا تتذكره وكنت أيضا أعيش حالة من الصراع النفسي الرهيب بسبب حبي لها الذي لا يد لي فيه ولا أعلم ما مصيره خصوصا مع وجود كثير من المعوقات مثل زوجتي التي لا أقدر أن أسبب لها جرحا وفارق السن بيننا وأخيرا ما اقترفته في حقها في الماضي.
وانتهت الإجازة وبدأت رحلة عذابي الرهيبة من أول يوم لي بعد السفر فقد حدثت حادثة لفتاة كانت تعرفها ابنة عمي وصدمتها سيارة وتوفيت وأثر ذلك جدا في نفسيتها ولاحظت تغيرا واضحا في أسلوب كلامها معي وعندما سألتها عن السبب قالت إنها قررت ألا تتحدث مع أقاربها الرجال على مواقع التواصل الاجتماعي وهي تستثنيني ولكن لا تريد التحدث كثيرا، احترمت رغبتها ولكن كنت أشتاق للكلام معها فإن رأيتها على الفيسبوك أسألها عن أحوالها وأحوال الأسرة وكان الحوار لا يزيد عن 3 أو 4 أسطر. حتى لاحظت تغيرا جديدا في أسلوب الحوار وهو الجفاء الشديد ومحاولة الصد المستمرة للكلام وأحيانا عدم الرد.
وفي آخر حوار دار بيننا ألححت عليها بشدة لأعرف السبب، وهل هذا الأسلوب معي وحدي أم مع الكل؟ وكانت تجيب بجملة "مفيش إجابة" ثم قامت بوضع بوست لها على الفيس بوك وهي تعرف أني أرى ما تكتبه وكان معنى البوست أنها لم تنسَ ما حدث في الماضي وربما لم يعطها الله نعمة النسيان حتى لا تنسى حقها أو أنه ينتظر منها دعوة. عندما رأيت ما كتبته أصابتني حالة من الذهول والصدمة إذن فهي لم تنسَ. حاولت أن أتحدث معها ثانية لم ترد.
ظللت مستيقظا طوال الليل حتى الصباح أشعر بضيق النفس والتعب وكأن روحي تفارقني وكنت أنتظر أن تقبض روحي في أي لحظة حتى أتى الصباح وذهبت للعمل لا أعلم كيف وصلت إليه وكان يوم لا يوجد به عمل نظرا لكونه آخر يوم عمل قبل العيد فقمت بفتح الفيسبوك وكنت في حالة نفسية سيئة جدا حتى أن دموعي كانت تسيل في صمت فقررت أن أكتب لها ما يشبه الاعتراف ولكن دون تفاصيل كما بهذه الرسالة والاعتذار وأطمئنها أني لم أكشف أو أمس لها جسدا ربما أكون أخطات أو أني في الغالب أخطأت في الاعتراف بذلك ولكن هذا ما حدث بسبب حالتي النفسية وقتها وبالفعل كتبت رسالة طويلة أعتذر لها وأطلب منها العفو والصفح حتى أني صرحت لها في رسالتي بحبي لا أعلم أيضا لما فعلت ذلك كنت قررت عدم البوح به إلا إذا تغيرت الظروف وكان هناك أمل في الارتباط بها ولكن تحت حالتي النفسية السيئة كتبت لها اعتراف بحبي.
ورأت الرسالة ولم ترد ألححت عليها في الرد فما كان منها إلا أن قالت "لا أجد ما أرد به عليك إلا سامحك الله ولكن أعتبر من الآن أني غير موجودة ولن أكون موجودة ولا يوجد لعمك ابنة باسمها وأرجو أن تقوم بمسح المحادثة وعمل حظر لي" ألححت عليها في الاعتذار وطلب الصفح وأني لم أمسها بسوء فقالت آخر رسالة "أن الجرح أحيانا يكون بالكلام" ثم أغلقت وأغلقت حسابها في نفس اليوم وتركتني في حالة لا أجد وصفا لها كنت أشعر بالعذاب والعجز والقهر والندم والسخط على نفسي ونار تستعر في صدري وبقلب ممزق ولا أعلم ماذا أفعل؟
شعرت بالتعب وخرجت من العمل باكرا وعدت للمنزل لم أستطع أن آكل طوال اليوم وكنت قد رتبت رحلة للعيد قمت بإلغائها وكنت أشعر بتعب في جسدي كله ورعشة وارتفع ضغطي لأول مرة حتى أن اثنين من أصدقائي أخذوني للمستشفى. وظللت أبكي كلما اختليت بنفسي وساءت حالة زوجتي وهي لا تدري ما ألم بي.
حاولت الاتصال بابنة عمي على هاتفها لم ترد ثم قامت بإغلاقه ساءت حالتي يوما بعد يوم فقدت كثيرا من وزني لم أعد أستطيع حتى الابتسامة دموعي أصبحت لا تجف حتى أني لم أعد أستطيع منعها أمام الناس سواء في بيتي أو حتى بالخارج كلما سألني أحد ما بي. لجأت إلى الله أرجوه وأطلب عفوه ورحمته بي وبها. الجميع يسألني ماذا بك زوجتي وأخي وأصدقائي وأقاربي؟ ولكن لا أقدر على البوح بكلمة.
نار تأكلني من الداخل ولا أستطيع أن أفتح فمي. حتى أبي وأمي شعرا بي مع حرصي على عدم إقلاقهم وعدم إظهار صورتي أمامهم عند الاتصال بهم. بعد يومين أو ثلاثة علمت أنها فتحت حسابها وقامت بعمل حظر لي لم أيأس وقمت بعمل حساب جديد وبعثت لها برسالة اعتذار وطلب سماح فقامت بعمل حظر له أيضا. عملت حسابا ثانيا وثالثا ورابعا وبعثت لها برسائل على هاتفها وحاولت الاتصال بها ولكن لا ترد وحظرت كل الحسابات. حتى كان من يومين قمت بعمل حساب جديد وبعثت برسالة لها أسألها ألم تهدئي من ناحيتي؟ وأنا لا أعلم ما هو تصورها عما حدث وأريد أن تعطيني فرصة للتوضيح ثم لها الحكم بعد ذلك.
فقامت بالرد وقالت إن الموضوع بالنسبة لها انتهى حتى صلة القرابة انقطعت وأنها ستتم عامها السابع عشر بعد أيام وتريد أن تبدأ فيه حياتها من جديد بالطريقة التي تريدها ولا يكون لي أثر فيها أما ما في قلبها فهو يخصها وحدها ثم قامت بحظر هذا الحساب أيضا. حاولت مرة أخرى أن أستسمحها وأذكرها أن العفو والتسامح من صفات المؤمنين وأن قطع الرحم من الكبائر وأن تبدأ سنتها الجديدة بقلب يملؤه المحبة والتسامح ولكن لا مجيب.
ما زلت أعيش حالة من العذاب النفسي الرهيب منذ أكثر من أسبوعين الآن وحيرة وتساؤلات كثيرة مثل هل كانت فعلا تتذكر من البداية؟ أم أنها تذكرت فجأة؟ وإن كانت تذكرت فجأة فما السبب؟ وإن كانت تتذكر من البداية، فلماذا التغير في طريقة المعاملة؟ وهل أخطأت بالاعتراف لها بأنني أخطأت في حقها؟
ثم ما هو تصورها عما حدث أم أن عقلها يصور لها ما هو أكبر من الحقيقة؟ وتعصف بداخلي حالة من العجز لبعد المسافة بيننا وعدم قدرتي على الذهاب إليها ومحاولة تصفية النفوس وجها لوجه. وقهر بسبب ما وصلت له حالتي أفكر في الموت بكل وقت ولولا خوفي من الله لربما فعلت.
أصبحت إنسانا محطما بعدما كان الكل يشهد بقدرتي على التحمل والتفكير بعقلانية وما يحول بيني وبين الانهيار التام هو رجائي وتعلقي برحمة الله وعفوه. أعلم أنني مذنب وما بعثت بهذه الرسالة لأبرر أو أنكر فعلي وأعترف به وأدعو الله أن يغفر لي ويرحمني ويعفو عني ويلطف بحالي فإنني تبت منه من وقتها ولم أعاوده مرة أخرى.
|
وأعذرها إذا لم تستطع الصفح عني فأنا نفسي أحيانا لا أسامح نفسي وأحيانا أخرى ألتمس لنفسي العذر لأنه كان لدي وازع من ضمير ولكن كنت أضعف بسبب قلة تديني وقتها وجهلي بمثل هذه الأمور وعزائي أنني تراجعت عن فعلي هذا وحافظت عليها من نفسي أن أتمادى. وأرجو الله وأدعوه ليلا ونهارا أن يلين قلبها وتسامح وتعفو وتصفح عني فجرحي كبير ربما يكون أكبر من جرحها لأن أكبر جرح سببته لأحد في حياتي كان لأكثر من أحببت في حياتي.
أرجو النصيحة منكم عسى الله أن يجعلكم سببا في خلاصي من عذابي، وهل بعد الرد أقوم بإرساله لها أم لا؟ وجزاكم الله خيرا
* ثم بعد خمسة أيام أرسل يقول:
بقية مشكلة تحرش قديم
قمت منذ أسبوع بإرسال استشارة وما زلت منتظرا للرد. أضيف فقط أنني ما زلت أحاول أن أستسمحها وأعتذر لها وبالأمس بعثت لها برسالة طويلة أعتذر لها فيها وأذكرها بأني كنت لها من بعد هذا الفعل نعم الأخ الذي لم يقصر يوما في إسداء أي معروف لها وبأن معاملتي لها كانت تتسم دائما بالاحترام والتقدير وهي تشهد على ذلك وذكرتها بكلامها عن مكانتي لديها واعتذرت حتى عن تصريحي لها بالحب وأنني لم أكن لأخبرها به لولا الحالة النفسية السيئة التي كنت أمر بها ساعة كتابة الرسالة وطلبت منها أن تفتح صفحة جديدة لا يكون فيها سوى الود والعلاقة الطيبة التي كانت بيننا.
فقامت بالرد أمس بأنها سامحتني ولكن لا تريد فتح صفحة جديدة ولا تريد أيضا أن تتذكر القديمة وأما عن صلة القرابة فقالت أنها لا تقدر أن تتعامل معي مرة أخرى وحتى بيت عمها لا تستطيع أن تتعامل مع أحد منه في الوقت الحالي وطلبت مني أن أتوقف عن إرسال الرسائل لها.
لا أنكر أني أشعر بالراحة وكأن جبلا قد انزاح من على صدري رغم معرفتي أنها لم تسامح بشكل كامل والدليل باقي رسالتها أو حتى ربما قالت هذا على سبيل جعلي أتوقف عن إرسال الرسائل ولكن مجرد الرد وتغير حدة الأسلوب خفف عني كثيرا من هذا البركان الثائر بصدري. لم أستطع الرد عليها وقتها لتوتري وخوفي من أن أسيئ الكلام مرة أخرى وحتى أفكر جيدا في ما سأقوم به ولكن ما زلت أطمع في صفحها الكامل فهي بالفعل من أقرب الناس لقلبي إن لم تكن الأقرب.
أشيروا علي بالله عليكم ما هو الصواب؟ هل أتركها لفترة لربما تهدأ أكثر وتعيد التفكير؟
أم ألح عليها في استرضائها حتى لا يكون بقلبها أي أثر ربما يتسبب في إثارة الموضوع مرة أخرى ويحدث انتكاسة أو ربما يترك أثرا سيئا عليها في حياتها أو دراستها
9/10/2015
رد المستشار
كثيرا ما كنت أسأل نفسي: لماذا لا يستجيب الله لدعواتنا رغم ضعفنا وهواننا على البشر كمسلمين في بقاع الكرة الأرضية تقريبا، وكلما كبرت سنا واقتربت من نفسي الحقيقية أكثر، واقتربت من الله "الحقيقي" أكثر؛ أرى الإجابة تتجلى أكثر وأكثر على سؤالي الدائم، فالمسلمون كثر ولكن المؤمنين قليلون، والمؤمنون هنا ليسوا فقط من شهدوا لله تعالى بالواحدانية، وصلوا وصاموا وزكوا، وحجوا، إنما الإيمان ببساطة عميقة معناه "أني أصدق الله تعالى"، فإيمانك يجعلك تصدقه، وتصديق الله تعالى لا ينفع معه الرقص على السلم!، فتصديقك يجب أن يكون يقينا!
نعم، فالله تعالى قال هو عن نفسه، ولست أنا ولا أنت ولا أي أحد أنه الغفور، وأنه يتوب على من تاب، وأن الحسنات تذهب بالسيئات، وأنه يغفر الذنوب جميعا! فمن تعبد إذن؟ من تصدق إذن؟، تصدق ذنبك أكثر منه تعالى!؟، فلتؤمن بالله يا أخي وتصدقه، فلا علاقة بين توبتك ومسامحتها أصلا، فلقد أذنبت نعم وفعلت ما فعلت، ولكنك ندمت ندما شديدا، وتألمت نفسيا حتى وصلت للرغبة في الموت؛ لأنك لا تصدقه!، فكيف يستجيب الله العلي العظيم لك وأنت لا تصدقه يقينا؟!، تعبد ربا في رأسك وحدك عرفت أنه يغفر نعم لكن لا يملؤك التصديق بغفرانه فعلا؟ عرفت ربا ممن حولك، أو من بعض الكتب، أو من بعض المشايخ؛ الذين نسوا أن يعلمونا أن الإيمان هو أن نصدق الله تعالى فمن أصدق من الله قيلا؟،
بل وأظنك تعرف الكثير من قصص التائبين وقصص التوبة من الله العظيم لعباده التائبين، ولكن تعرف كل هذا كمعلومات دون أن تصدق فتقع في براثن الاكتئاب ثقيل الظل الذي يدمي قلبك ونفسك ويلتهمها!، فلتكف عن هذا يا أخي فكفاك نحيبا......
أما هي؛ فكان الله في عونها؛ فستأخذ وقتها الطبيعي من آلام وآثار تجربة التحرش، بل وتعاني من صراع بسبب امتنانها لك ولشخصك، ولقد حاولت أن تظهر بمظهر البلهاء، ولكنها لم تتمكن من الاستمرار فيه مع اهتزاز نفسيتها وارتباكها لموت صديقتها، فالتي تمر بتلك التجربة السيئة تمر بالكثير من المشاعر السلبية المؤذية، كالغضب، والشعور بالقهر، وأنها ضحية، وربما مشاعر بالذنب، والرغبة في الانتقام.... إلخ، وكلما كبرت ونضجت كلما تقززت من نفسها أنها كانت تحب الجلوس معك وأنت من هتكت براءة مشاعرها، ولكنها ستكف بعد حين عن تلك المشاعر، فدعها تأخذ حقها وتعيش تجربة النضوج الذاتية!
خصوصا بعد أن بعثت تشرح لها مرار وتكرارا، ولا تتصور أن محاولاتك لطلب العفو ستذهب سدى، ولكنها لن تقول لك هذا أبدا وستنكره، ولكن لا تسطح توبتك، ولا تجعل بنت عمك كعبة تدور حولها في كل وقت وحين، فتعثرك الكبير في القدرة على مسامحة نفسك كما كشف درجة هشاشة إيمانك كما أعنيه بالله تعالى -فلتراجع تلك النقطة أفضل بكثير-، كشف كذلك تخبطك الكبير في مساحة التعامل الصحي مع نفسك، وإدارة مشكلاتها، فلقد كنت طوال عمرك قبل حدث التحرش ببنت عمك تحيا فقط في كهف الرجال لا تعرف سواه، وكنت وحيدا نوعا ما، لا تتحدث مع الآخرين كثيرا.
وكبرت ووقفت على أعتاب مراهقتك التي يحدث فيها تطورات جسمانية وجنسية وفكرية كبيرة تحتاج لأب وأم على دراية بتلك المرحلة الحرجة ولكن لم يحدث، فكنت وحدك، وزاد على هذا أعراف القرى التي يدخل فيها كل الأقارب كل البيوت بلا مراقبة، بلا توعية، بلا شيء، فلم تكن أنت المذنب الوحيد، فبدلا من تقييم المرحلة والاعتراف بالخطأ ومحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه، أجدك تتخيل أنك ترتبط بها عاطفيا!، رغم أنك متزوج ولك أبناء، وتحب زوجتك، وتعيش حياة طبيعية معها وكنت على مشارف القيام برحلة أنت وأسرتك قبل ما حدث الذي حدث؟
فما حقيقة حبك المزعوم لابنة عمك هذه التي تجعلها "مسمار جحا" في حياتك لتتعثر؟؟، فلقد كانت طفلة وكنت أنت مراهقا، فقبلتك قبلة طفولية تقلد فيها ما يحدث معها حين كان يقبلها والداها في فمها على الأغلب، أو غيرهما كتقليد سخيف أخرق من ضمن تقاليدنا الخرقاء، وكنت أنت في مرحلة مراهقتك وتحرك عندك مشاعر جنسية لا أكثر، ولكن احتياجك الجنسي الشديد وقتها، أضعفك ففعلت ما فعلت وتبت عنه، وفي مرحلة المراهقة لا يتمكن المراهق من رؤية الشعرة الرقيقة بين المشاعر وبين الجنس فوقعت في هذا!
لكن استمرار تغذيتك للإحساس بالذنب نحوها جعل الموضوع يأخذ حيزا نفسيا يلتبس عليك للمرة الثانية!؛ فتورط نفسك في مشاعر تظنها حبا، بل وتعترف لها بها لتزيد الطين بلة!، فهل يساعدك الآن الشعور بالذنب لتظل في فلكها وجود درجة من الملل بجانبه مثلا مع زوجتك التي تحبها؟، أم أنك تهوى الألم وتتلذذ به؟، فقصتك التي تحياها من ألم ومعاناة وتبدل حال وكأنك تحيكه بيديك، هي محض فعل يداك أنت؛
فالله تعالى سامحك مادمت تبت واستغفرت وندمت وتدعو لك ولها منذ سنوات، وهي ستأخذ وقتها للتعافي من تجربتها بعد أن استوعبت ما حدث؛ لأنها طبعا تذكره منذ زمن، وتعاني من مشاعر تلك التجربة السيئة وليس عليك أكثر مما فعلت فعلا، فلقد اعترفت لها بخطئك، وندمك، ووضحت لها ضعفك وصغر سنك حينها عن الآن، وطلبت منها بكل الوسائل الممكنة أن تسامحك فماذا تبقى؟؟
لماذا تختلق وهم هالة الحب من دائرة مشاعر الذنب والرفض وسط حبك لزوجتك؟؟، أنت تحتاج أن تقف وقفة مسئؤولة لتسأل نفسك ماذا تفعل بالضبط؟، فلتعد لزوجتك وأبنائك، وعملك مسامحا لنفسك، متيقنا بغفران الله العظيم لك، وتدعو لها أن تجتاز محنتها بنضوج وتعافي، وليعوضها الله خيرا بزوج يصونها ويكرمها، فانتبه لنفسك وحياتك وكفاك تعذيبا في نفسك عن عمد وعن غير عمد!
وعد ثانية لقصص التائبين لتعرف غفران الله، وتصدقه... ولا تتصور أبدا أني لم أشعر بألمك ومعاناتك، ولا تتصور أبدا أني لا أشعر بمعاناتها، ولكن في حياتنا أشياء كثير تمر بنا ونمر بها لنتعلم عن أنفسنا، وعن الحياة، وغالبا ما تكون بتجارب مؤلمة.
بقي أن أقول لك: أنك استشرت ورددت عليك بخبرة نفسية وإنسانية لم تبتعد عن الله تعالى قيد أنملة، فإن فعلت أي شيء بعيدا عما قلته لك، وخضت تجربة مؤلمة جديدة مع بنت عمك بمحاولات، أو زواج؛ فلتعلم تمام العلم أنك تفتعل ذلك، وأنك مسؤول عنه، أما إن انتبهت لنفسك بصدق وتوكلت على الله، فأنا وغيري هنا لأجلك فتابعنا واستقم واستعن بالله العلي الكريم.
واقرأ أيضاً:
التائب من الذنب كمن لا ذنب له
التائب من الذنب كمن لا ذنب له مشاركة
بعد التحرش: إلامَ الشعور بالذنب؟
ويتبع>>>>>>: مسمار جحا م