موقع مجانين يقودني إلى الجنون
عثرت صدفة على موقعكم المتميز ورأيت ما به من جهد واضح جزاكم الله عنه خير الجزاء.. وأكثر ما جعلني من متابعي موقعكم الكريم هو إلحاق تعاليم الشريعة الاسلامية بغاليبة الردود على استفسارات الأعضاء فلم اشعر بغربة العلمانية التي تشع بها بعض المواقع المماثلة، اثابكم الله ونفع بكم.
أرجة أن يتسع صدركم لما سأورده عليكم وأن تنشروا الموضوع بالعديد من آرائكم المستنيرة. فمنذ متابعتي لكم وكأثر جانبي، أصبح موقع مجانين هو ما يمهد لي طريق الجنون، حيث قد لفت انتباهي تلك المواضيع الخاصة بالمشاكل الجنسية (وأرجو توضيح هل حالتي فردية أم أنه انجذاب عام وطبيعي)
كان من أهم هذه المشكلات ما يتعلق بالماضي الجنسي وغشيان المحارم وما شابه ذلك من جرائم المخابيل. تحت عنوان "رواية أطول مما يجب!" وجدت فتاة منتهكة من جميع عائلتها، بل ويطؤها المدعو أباها جهارا وبرضاها والأدهى تفتتح رسالتها أنها لا تريد التغيير وأن كل ما ستسرده إنما هو فضفضة لا أكثر.
هل تعرفون ما الكارثة التي تؤرقني في كل ذلك، ليست بالتأكيد هذه الفتاة التي لا تكترث لنفسها ولا لأي وازع ديني أو أخلاقي، لكنه أنا الشاب الذي يبحث عن فتاة للزواج والتي ستمثل له تلك الفتاة الأصلح والأنسب، ولم لا وهي الأنثى بنت الرجل الملتزم المتدين العامل بالجيش، الملتزمة الخجولة التي تحجبت منذ أوان بلوغها ثم انتقبت وارتدت القفازات لدرء مستصغرات الفتن، المتفوقة التي التحقت بكلية الطب ولم تلهيها تفاهات البنات، التي لا تصادق غير أمثالها من الملتزمات ولم أراها تذكر زميل أو صديق مقرب أو أعرف أنها تغازل أستاذها من خلف نقابها المنير.
إذ أنظر إلى أي فتاة ظاهريا وأصدر حكمي عليها بما تراه عيني، فأين أنا من هذا الجانب المظلم، وكيف لي أن أعرف أن هذه الفتاة التي خطبتها أو سأخطبها ليست سحاقية أو لا تستمتع بالجنس الشرجي أو الإلكتروني أو الهاتف ثم تظهر لي كل الحب والإخلاص كما رأيت هنا.
هل حقا أصبح من الفتيات الآن تلك الحيوانات النهمة للجنس وفقط وتتخفى في زي العفاف؟
وما هي المعايير الاجتماعية والنفسية التي تنبئ عن أخلاق الفتاة بصدق؟
وما مدى تأثير الماضي الجنسي على الفتاة وما الذي يستوجب القلق منه؟
وهل هناك علامات ظاهرة تكشف تلك الميول الشاذة كلغة الجسد أو ردود أفعال خاصة؟
وكيف أتأكد من استواء شريكتي نفسيا وجنسيا وأخلاقيا... قبل أن أقرها زوجة وأما ترسم مستقبل أولادي؟
لا أقول أني مصاب بسواس ولكن كيف لي أن أصلح ما خربته الأيام وأنا لا أعلمه، فقط أقول..
أغيثونا أغاثكم الله
16/12/2015
رد المستشار
تعلمت يا "دهشان" أن الجنون اختيار!، وأن الشك والوسوسة تبقى بابا مفتوحا طوال الوقت حين نستسلم للقلق الذي استدفئنا في معاشرتنا له؛ فماذا ستختار؟؛ فحوادث الطرق في بلدنا صار ينتج عنها 8000 قتيلا سنويا؛ أي أعلى من عدد قتلى حرب دائرة لمدة سنة!، ولا زال من حفظت أرواحهم هم الأكثر، ودخول المستشفيات يجعلنا نرى البشر في حالة مرض وألم ومعاناة تظلم معها الدنيا، ولا زال الأصحاء هم الأكثر!،
وضحايا الفقر والجوع ينتشرون في أرجاء الكون الكبير، ولا زال المستورون أكثر!؛ فالقصة إذن لا زالت ميزان الأمل، والنجاة فيها هو المنتصر، بل حتى في قلب تلك الحوادث، والأمراض، والمجاعات كان هناك مسؤولية واختيار لأصحابها فرطوا فيها، أو ساعدوا بعدم قيامهم بمسؤوليتهم الشخصية أن يزداد عددهم الذي يرعبنا؛ فبيت القصيدة إذن هو قيامك بمسؤوليتك والتي تستطيع أن تقوم بها، ولن يقوم بها غيرك!؛ فحتى الله تعالى عز وجل لن يقوم بدلا عنا بما يجب علينا القيام به مادمنا نقدر مهما دعوناه وتبتلنا له تضرعا ورجاءا!؛ فلقد خلقنا "أحرارا، ونقدر أن نقوم بمسؤوليتنا الشخصية تماما"؛ فلن يقوم بدورك مادمت عليه قادرا مهما رجوته؛ لأنك مقصر!!؛
فليس مطلوبا منك أن تترك الهندسة لتعمل طبيبا نفسيا لتستشف ما وراء النقاب، ولا أنت تكون "شارلوك هولمز" لترى ما لا يراه الشخص العادي، فقط مطلوب منك حين تقرر الزواج، أن تقوم بمسؤوليتك الشخصية في فترة الخطوبة والتي أنشأت من الأساس لها، وهي أن تعرف الشريكة المحتملة هذه بصدق، وأن تختبر راحتك لها هل هي مشروع للحب المطلوب للزواج أم ذهبت الراحة العامة أدراج الرياح؟؛ فحين يضيع الخاطب فترة خطوبته في "الدباديب والخروج" لا يرى سوى تلبية احتياجه -والمشروع جدا بالمناسبة - لقربه من أنثى يشعر معها بالدفء والونس والحب؛
ولكن ليست هذه فقط مسؤوليته في تلك المرحلة؛ فالمشكلة التي أشرت لها لنا في رسالتك حتى لو تقدمت لخطبتها وأنت لا تعرف أي تفاصيل عن الخلل السلوكي والجنسي، والانحراف الجنسي الشديد، والمأساة النفسية التي كانت تقطر تقطيرا من خلال كلماتها حين ستجلس معها -وأنت واعي لمسؤولية معرفتها عن قرب - ستجدها لا تنظر لعينك مثلا، وسترى كم الحزن والغم والهم الذي يطبق على صدرها، وستكتشف بمرور الوقت أن العلاقة بين أفراد أسرتها معدومة تقريبا، وستكون الفتاة نفسها هي الضوء الأحمر لك إن كنت مسؤولا بأن هناك خللا ما يجعلك لا تطمئن على سعادتك وراحتك؛ فهذه الفتاة رغم تعرضها لتجارب مسيئة جدا لها وقت طفولتها التي لم تسعفها بوعي ولا رفض واضح إلا أنها كانت تستطيع كل مرة أن ترفض ولكنها اختارت الصمت وجعلت المبرر "الشيك" لهذا مرض أبوها وعطفه!،
لتتنازل عن مسؤولية قول "لا"، وكل مرة تروي أمرا مخزيا تقول والدي الحبيب!؛ فأنا كمتخصص نفسي سأتمكن جدا من عذرها، ولكن لن أتمكن من عذر من تقدم لها ووجد فيها كل هذا الاضطراب واختار أن يتم زيجته رغم ما وصله ليضع هو الآخر مسؤوليته الشخصية في هذا تحت مبرر شيك أيضا بأنها تلك الفتاة الطبيبة المتفوقة المنتقبة!؛ فكم من مأساة رأيناها بأعيننا كان يراها أصحابها ويختارون "تطنيشها"، أو يرون ويختارون "وهم" أن كل هذا سيتغير فقط بسبب أن حدث"زواج"!!؛
فلتتخلص من هواجسك أولا؛ لأنها اختيارك وأرجو أن تبحث لماذا تختارها، ثم تذكر أن موقع مثل موقعنا على كل ما فيه من صدمات وأوجاع وعجائب هو اللون الأسود الذي بدونه لن ترى ولن تعرف أن هناك لونا أبيضا يسر الفؤاد والروح، والحياة يمكن إدراكه حين نعي ونكون مسؤولين بصدق، وأن سواد مافيه هو ما نحتاج لمعرفته لا لنغرق في مخافة أن نكون أحد من يحكون روايتهم فيه في يوم من الأيام، بقدر ما هو ضوء يجعلنا نقوم بمسؤوليتنا تجاه أنفسنا؛ لنتمكن من القيام بمسؤوليتنا تجاه أي آخر بدأ من شريك الحياة ومرورا بأبنائنا، وانتهاء بعلاقاتنا ككل؛ فحين تجعل الاستثناء القاعدة فاعلم أنك أنت من فعلت هذا.
ويتبع >>>>>> : دهشان المفزوع م