أغار من صديقتي
هل كنت مريضة أم لا؟؟ وما الحل الآن؟؟ هل الأدوية النفسية قد تسبب المرض بالفعل إن لم تكن تستدعيها الحالة؟؟؟؟
السلام عليكم ورحمة الله، تحية طيبة لكل العاملين على هذا الموقع الفاضل. لي رجاء بسيط لو يتكرم الدكتور سداد التميمي بالرد على استشارتي ولكم جزيل الشكر.
المشكلة:
1- أتعالج منذ خمس سنوات حتى الآن، ولكن ذهبت مؤخرا إلى أحد الأطباء وقرر أنني لم أكن أعاني في البداية من أي مرض نفسي يستحق العلاج، وأن كل ما حدث قد يرجع إلى أعراض جانبية للأدوية، والآن أنا أطلب التأكد من هذه المعلومة وماذا علي أن أفعل الآن.
2- في البداية، وكان هذا منذ خمس سنوات، وأثناء ثانية ثانوي، كنت فتاة هادئة أساعد زملائي في الدراسة وكان الجميع يشيد بأخلاقي وتفوقي،
3- بدأت المشكلة عندما طلب أحد أساتذتي الرجال أن يسلم علي باليد، كنت قليلة الخبرة، وعندما سمحت بذلك مسك يدي وأخذ يضمها بين يديه، متعللا بأنه مثل أبي، مع العلم أن أبي كان من الشخصيات العصبية وأبي نفسه لم يفعل ذلك ولا غيره من الرجال،
4- شعرت حينها أني فعلت شيئا خطأ، وأن علي ترك هذا الدرس الخصوصي، ولكني لم أفعل لذلك، لأني كنت بدأت التعلق بهذا الأستاذ للأسف،
5- بدأت أتذكر هذا الأستاذ كثيرا وكلما تذكرته شعرت بالذنب، لم يحدث شيء غير هذا ولكني اعتقدت دينيا أن هذا خطأ لا يضاهيه خطأ، حيث لم يحاول أحد من أهلي معرفة ماذا حدث، لأني كنت حينها غير متواجدة معهم لكن مع جدتي حتى لا أتركها وحيدة حيث كنت أحبها جدا
6- تركيزي قل، شعوري بالذنب كبر بداخلي، ولكني مع كل هذا تجاوزت المرحلة الأولى من الثانوية العامة بنجاح باهر وحصلت على مجموع 97%
7- ولكن مع خوف أهلي علي أن يقل مجموعي في السنة النهائية من الثانوية العامة، وبسبب هذه الأعراض التي لم تكن إلى الآن معطلة في حياتي (قلة التركيز عن العادي -الشعور بالذنب تجاه هذا الموقف الذي إلى الآن لم يسألني عليه أحد)، قرر أهلي اصطحابي إلى أحد الأطباء النفسيين الذي قال حينها أني لا أحتاج إلى علاج وأخذ يقنعني أني لا أحتاج إلى الأدوية وقال باللفظ أنت (دلوعة) ولكني استحيت أن أحكي لهذا الطبيب عما حدث معي.
8- سافر هذا الطبيب وأخذني أهلي إلى آخر الذي قرر لي علاجا، ومن طبيب إلى طبيب، ومن علاج إلى آخر، ومن شيخ إلى شيخ، ومن دجال إلى دجال
9- أنا لا أعرف حينها ماذا أفعل، حالتي تسوء، وآخذ أدوية لا تؤثر، والشيوخ يضربونني لأني ربما مسحورة، وأنا قلقة على مستقبلي الذي لطالما حرصت عليه
10- ظهرت حينها أعراض جديدة (قلة التركيز جدا، قلة الأكل، النوم الكثير، المبالغة في إزاحة الأذى عن الطريق وأعلم أن هذا من الأفكار الخطأ)
11- السؤال هنا هل الأعراض الجديدة من أصل المرض؟؟، أم أنني لم أكن مريضة وهذا نتيجة الأدوية مثلا؟؟
12- قرر أحد الأطباء أنني قد أحتاج نوعا جديدا من الجلسات التي تسمى جلسات الحث الكهرومغناطيسي، وهي بديلة عن جلسات الكهرباء، وأخذت أربع جلسات وكان المفروض أنهم 15، تدهورت حالتي تدهور لم أجده بعدها أبدا، وأصبحت في حالة غير عادية، أحاول أن أؤذي نفسي وغيري.
13- السؤال هل هذه الجلسات كانت مفيدة في حالتي؟؟ أم أنها كما يقول أهلي الآن إنها غير متعارف عليها كثيرا في الطب النفسي؟؟
14- بعد تلك التطورات تحسنت حالتي فجأة وهذا الذي لا يعرفه أحد إلى الآن، ومع أني تحسنت كثيرا إلا أن أهلي وأنا معهم شعرنا بالقلق كثيرا على مستواي الدراسي، ورغم أنه لم يبقى من الأعراض إلا قلة التركيز، حيث كل الأفكار الخطأ انتهت فجأة (ربما لأني اقتنعت أن كل ما كنت أشعر به وما أفعله من تصرفات خاطئة ربما راجع إلى سحر أو ما شابه)، إلا أننا كنا نسابق الزمن لأن الامتحانات قد اقتربت، شعرنا جميعا أن استكمال العلاج قد يساعدني أكثر على التركيز.
15- وبالفعل حصلت على مجموع 98% ودخلت كلية الصيدلة، واستمريت في العلاج، لم أكن أهوى هذه الكلية منذ البداية، منذ لحظة الاختيار بين الكليات، حيث كنت أفضل كلية العلوم أو الطب البشري، ولكني دخلتها، وفي الفرقة الثانية رسبت، وكانت هذه الانتكاسة الأولى والأخيرة حتى الآن بعد بداية المرض، حيث كنت أحاول أن أؤذي نفسي.
16- والآن أنا في حالة جيدة جدا، والتقدير الكلي لي في كلية العلوم التي حولت لها (أنا الآن في الفرقة الثالثة) جيد جدا، ظهرت بعض المشكلات خلال فترة العلاج مثل (قلة الثقة بالنفس ورعشة اليدين، والتعلق أحيانا بصديقاتي اللاتي كنت أظنه تعلق جنسي ولكن الأطباء قالوا أنه مجرد تعلق عاطفي) كل هذ اختفى تماما منذ سنة ونصف، ولكن ظهرت أعراض لم تكن موجودة (الكثير من الاعتمادية، القلق أحيانا، زيادة مفرطة في الوزن) التي مازالت موجودة حتى الآن.
17- أخيرا هل كنت أحتاج إلى علاج؟؟ وإذا كنت أحتاجه، إلى أي مدى يمكن تحسن حالتي؟؟ ومما أعاني؟؟ وإن كنت لا أحتاج إلى علاج أصلا ما الحل الآن؟؟ هل يمكن أن تسبب الأدوية وما حدث معي إلى نشأة مرض نفسي لم يكن موجودا؟؟
متأسفة على الإطالة
ولكم جزيل الشكر
24/12/2015
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
لا بد من تفحص رسالتك بعناية وتحديد المسار الطولاني والمقطعي للأعراض التي تشيرين إليها.
بدأت المعاناة مع حدث وهو مسك الأستاذ ليدك. رسالتك صادقة وخالية من المبالغات ولم يحدث مع هذا الأستاذ غير تلك الحادثة. بعد ذلك بدأت بإصدار الحكم على نفسك أنت ولم تصدرين الحكم على الأستاذ. بعبارة أخرى توجهت نحو ذاتك وهذا ما يفعله الإنسان المتوتر القلق والغير سعيد ولم تتوجهي نحو إسقاط اللوم على هذا الرجل. هذا الحدث بحد ذاته وما جرى منذ ذلك اليوم يؤكد بأنك لا تعانين من شخصية حدية.
يحكم الإنسان على غيره من خلال عدة أبعاد منها الفضيلة والاجتهاد ومساعدة الغير وغير ذلك. كذلك يحكم الإنسان على نفسه من عدة أبعاد وفي النهاية يصدر الحكم النهائي على غيره أو على نفسه من مجموعة الأحكام الفرعية على جميع الأبعاد.
لكنك لم تفعلي ذلك وأصدرت الحكم على نفسك ليس من خلال بعد واحد وإنما من خلال حدث واحد وهو مسك يد الأستاذ. لا يحدث ذلك إلا إذا كانت الحالة وجدانية غير متوازنة وتميل إلى القلق والاكتئاب بسبب ظروف بيئية أو عوامل تكوينية مثل استعداده للإصابة بالاكتئاب.
هناك بعد ذلك وصفك لأعراض في مراحل أخرى مثل: قلة التركيز وقلة الأكل والنوم الكثير ورعشة اليدين. هذه أعراض وجدانية اكتئابية.
الشعور بالذنب وعدم القدرة على إزاحته مع استعمال دفاعات نفسية غير شعورية هو الاكتئاب بعينه. هناك رواسب للقلق والاكتئاب تشيرين إليها في عدم الثقة بالنفس والتعلق أحيانا بصديقاتك فقد أصبحت تميلين بسرعة إلى التوجه نحو ذاتك وانتقادها.
المسار الطولاني لهذه الأعراض كان طويلا في البداية وبعد التحسن أصبت بانتكاسة. هذا المسار لا يستند إلى إصابتك بشخصية حدية أو هشة وإنما يستند إلى إصابتك باضطراب الاكتئاب الجسيم المتكرر.
الإجابة على الأسئلة:
1- لا أعلم ما هو العلاج الذي تم وصفه إليك أيامها ولكنك ربما كنت بحاجة إلى عقار مضاد للاكتئاب وجلسات علاج كلامي. أما العلاج الكهرومغناطيسي فلا حاجة له مع الأعراض التي تطرقت إليها.
2- تحسنت حالتك لأن المسار الطبيعي للاكتئاب يميل إلى التحسن تدريجيا وربما ساعدتك بعض العقاقير. ما أطال نوبتك الأولى هو عدم قدرتك على الحديث بصراحة وإزاحة الذنب في داخلك وإيداعه في ملف الطبيب النفسي، ومن ثم الإساءة إليك عن طريق الدجل.
3- عليك الانتباه إلى إيقاع حياتك والانتباه إلى العوامل التي أدت إلى الانتكاسة مرة أخرى والأعراض التي ظهرت في البداية. إن فعلت ذلك يمكنك تفادي الانتكاس في المستقبل.
4- الأدوية وما حدث معك لن تسبب مرضاً نفسيا وتجربتك قد تكون عاملا يساعدك على مواجهة التحديات وحماية ذاتك من صدمات الحياة.
ما تطرقت إليه أعلاه لا يعني بالضرورة انتكاسة أخرى في المستقبل وهناك احتمال كبير بأن هذه التجربة لن تتكرر ولكن أيضا عليك الحرص بالحديث عما في داخلك وبسرعة عند الحاجة مع من هم ثقة ويستمعون إليك.
وفقك الله.