رسائل الأمس م1
أكتب لكي الآن لأخبرك بانتصاراتي الصغيرة. منذ أكتر من شهرين أصبحت ملتزمة في صلاتي تركت العادة السرية منذ ذلك الوقت. لا أستطيع أن أتذكر كيف كنت أعصى الله باستخدام نعمة من نعمه، بالرغم من أن ملابسي لم تتغير وما زلت غير محجبة ولكني أستشعر الله في داخلي.
تأكدت بأن ما لدي هو ورم حميد وليس خبيث. ذهبت للطبيب وصوتي عاد إلى حد ما مثلما كان. كرمني الله بالرغم من كل ما فعلته، كرمني الله رغم أنني كثيرا كنت أرى أن هو «أستغفر الله» سببا لما يحدث لي، حمدا لله. على الجانب الآخر لم يتغير شيء أعاني من الإهمال من أبي وأمي لا يتحرك لهما ساكن لتعبي لا يعبآن بما أريد أو ما أحتاجه. كنت أتمنى أن أدعي لهم بأن يغفر لهم الله ولكني لن أفعل وفي المقابل لن أدع بأن يعاقبهم الله، فليخرجهم من حياتي بأي شكل من الأشكال.
أصبحت لدي مشكلة الفترة الأخيرة وهي إنني أصبحت كثيرة المقارنة بيني وبين أصدقائي دائما ما أقول في نفسي لماذا لديهم أهل يهتمون لهم وأنا لا، لماذا كتب الله لهم أزواج يعبأون بهم وأنا وأخواتى لا.
كم أتعبني هذا الشعور. كم أتعبني إنني أتحول لشخص حقود يكره أن يرى الخير لأحد آخر، كم دعوت الله أن يخرج هذا الشعور من قلبي ولكني لا أستطيع فأبتعد عنهم. لأني أشعر بأني أقل منهم وأني لا أستحق الخير مثلهم. لست أشعر بالوحدة ولكني أشعر بما هو أقسى أشعر بالوحشة. كم أتمنى أن أجد ما يخفف عني تعب الطريق من يشدني للأمام لأكمل الرحلة. صديقة، أخ، أخت، حبيب.
حاولت جاهدة أن أملأ فراغي بالكتب أو حضور كورسات أو أمسيات ولكن دون جدوى فالفراغ في داخلي أكبر من أن يسده هذا كله.
28/9/2016
* وبعد أقل من أسبوع أرسلت تقول:
رسائل الأمس
اعذريني على كثرة رسائلي فأنا لا أجد غير هذا المكان أستطيع أن أبوح فيه بما أشعر. ما زلت أصلي وما زلت منقطعة عن العادة السرية ولكن الشعور بداخلي تبدل. لا أستشعر لذة الصلاة لا شيء في حياتي تغير على الرغم أن مرت علي فترة أشعر بتفاؤل وراحة بعدما بدأت في الصلاة والالتزام بها. كثيرا ما أدعي الله أن يريني إمارة بأنه يسمعني بأنه موجود بأني لست وحدي ولكن دون جدوى. ألا يمكن بأن يكون الله قد نسيني، ألا يمكن بأن يكون الله قد كتب علي الشقاء.
قسما بربي لا أستطيع أن أتحمل أكثر من ذلك فأنا التي كتب عليها الوحدة والوحشة. عندما أرى أهل أصدقائي كيف يعاملوهم ويفتخرون بهم. أشعر بالدونية لأني لا أصل لهذه المرحلة فأنا الفتاة التي لا يعبأ بها أهلها. أنا الفتاة التي لا أحد يريد أن يصاحبها. أنا الفتاه التي لا يتقدم أحد لخطبتها. أنا أقل من أي شخص في هذه الدنيا.
الدنيا مفيهاش عدل، أنا عملت اللي علي وزيادة اجتهدت ودخلت كلية محترمة بالرغم من اللي شوفته ويعلم ربنا أني حتى في الكلية كنت بعمل اللي علي ولكن القدر أبى إلا أن أكون من الأشقياء، مش ربنا قال إن اللي بيجتهد بيجازيه، فين نتيجة تعبي فين نتيجة سعيي.
أنا محبطة ومكتئبة، أنا فعلا مش شايفة معنى لأن أفضل عايشة. ما يتهيأليش إن في حد هيلاحظ. تفتكري لو قتلت نفسي ساعتها هيبقى في جزاء.
تفتكري هدخل النار، طب اشمعنا أتحاسب ساعتها وما أتحاسبش وأتكافئ على مجهودي وعلى اللي اتحملته.
4/10/2016
رد المستشار
افتقدتك كثيرا يا صديقتي، وسعدت جدا بانتصاراتك الصغيرة، ولاحظت في سطورك ترتيبا، لم يكن حاضرا في سطورك بهذه القوة، والحقيقة أن هناك ما يعرف علميا "بالاكتئاب"، وأتصورك تعرفينه، ولكن أنت الآن تستضيفينه!؛ فهو ثقيل الظل، يجثم على صدر الإنسان فيظلل مساحاته المختلفة بلونه الرمادي السخيف؛ فيظلل على الأفكار فيجعلها سوداء، وينتقي ما يؤكد هذا السواد بحرفية شديدة، فيظلل على المشاعر فيجعلها كئيبة موجعة، توصل رسالة الدونية، والعجز، ويلوح الموت كرغبة مريحة للخلاص من العذاب!؛
ويظلل على الجسد فيجعله ثقيلا متثاقلا عن فعل أي شيء، حركاته تزداد بطأ، ويرهقه أي جهد صغير لا يذكر، وغيره من الأعراض التي ذكرتيها، وذكرتها كتبنا العلمية، ويمكنك بمتابعة صغيرة لموقعنا ستتعرفي على أعراضه، وآثاره، الاكتئاب يفرغ صاحبه من المعنى، وهذا أقسى ما تعانيه الآن، فأول ما يجب عليك تذكره أن كل تلك الأعراض على ثقل ظلها إلا أنها تخص اكتئابك، وليس أنت!، وأن قصة الاكتئاب تأتي كذلك من تراكم الإحباط وتصديق أنه لا شيء سيتغير!، وهنا بيت القصيدة يا صديقتي؛ فلقد انتقيت مساحة الفقد لاحتياجاتك من أبويك وثبت نفسك عندها ولا ترين غيرها في الحياة، وإن لم تأتي احتياجاتك منهما كما تريدين؛ فلن تسمحي لنفسك بالحياة!
ولو ظللت في حالة استدعاء للحرمان، وإصرارك على تغيير أهلك الذين لم يتعلموا شيئا في التربية، ولا النفسية، وربما في الحياة كلها ستتراجع نفسيتك دوما؛ وستظلين غاضبة من الله تعالى دون سبب حقيقي؛ فالله تعالى ليس إنسانا يتأثر بأفعالنا فيعطينا، أو يحرمنا، ولم يضحك علينا بأن الحياة جنة، وعادلة، بل جعلنا "بشر".
انه أراد لنا أن نكون موجودين، وأصحاب إرادة، وهو الصبور الرشيد لعلنا نفهم بصدق؛ فلو لديك طفل صغير يتعلم اول مرة وعاد من مدرسته يبكي؛ انه يفتقدك، وانه لن يتمكن من كتابة حرف "أ" عشرين مرة ويطلب منك كتابة الواجب فلن تساعديه!؛ فمساعدته في شيء تعرفين جيدا أنه يقدر على فعله بدرجة من تحمل المسؤولية، والجهد، والتعب ستكون الأذى بعينه!؛ ولا أكتمك سرا يا صديقتي؛ حين تقتربي بصدق من نفسك، وتسمحي لها بالحياة؛ ستقتربين من الله كما هو، وليس كما تتصورين، وستتحررين من سجن احتياجك لوالديك فتحيي؛ انك تستحقين..... أنتظرك.
ويتبع:>>>>>> رسائل الأمس م3