بعد 4 سنوات رهـاب: إهمال أكثر = انحناء أكثر = قلق أكثر م
رهاب اجتماعي كسل قسري وأحلام يقظة ومشاكل أخرى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحياتي للعاملين على الموقع، وأعتذر لطول رسالتي ولكثرة ما بها من أسئلة ومشاكل، ولكنني أريد حلا لكل تلك المشاكل مجتمعة لأنها مرتبطة ببعضها البعض بشكل معقد، ولأنها تؤرقني وتسبب لي الاكتئاب، لا أعلم من أين أبدأ.
دعوني أجمل لكم المشكلات، والأسئلة ثم أفصلها بعد ذلك (الرهاب الاجتماعي، الكسل القهري، الخوف والاكتئاب والشك في وجود الله بشكل متكرر، الشهوانية، إدمان أحلام اليقظة). والأسئلة: كيف أسيطر على سلوكياتي وتصرفاتي، كيف أقترب من المثالية في أداء أدواري في الحياة، كيف أحقق رسالتي الشخصية بكفاءة وفعالية، لماذا أحمل هموم العالم على عاتقي؟
أنا شخص غير مسؤول بالمرة، رغم أنني أحب التخطيط لحياتي جدا، وأحب تنظيم أدواري في الحياة، لكن الأمر يكون شديد الصعوبة عند التنفيذ وتحويل تلك الخطط إلى خطوات عملية. بمجرد الشروع في التنفيذ سرعان ما يصيبني الفتور، والكسل عن القيام بالمجهود، فبمجرد أن أدرك مقدار المجهود اللازم للقيام بعمل معين، أستصعب هذا العمل ويكون رد فعلي التسويف والتأجيل أو الإهمال.
ومن مظاهر هذا الكسل: الكسل عن تعلم شيء جديد مخطط له مسبقاً، أو أداء الفروض وخصوصاً عند المذاكرة، أثناء المذاكرة أصاب بالفتور والملل والكسل الشديد، وأحيانا من مجرد قراءة الفصل حتى، رغم أنني أحب العلم بشدة وأحب مجال دراستي جداً والمواد التي أدرسها، وأظل أحلم بكمية المعلومات التي سأكتسبها من تعلم المادة، وأستمتع بمحاولات العلماء وتدرج النظريات ومتابعة اكتمال العلم وتطوره، لكن لا أعلم أين المشكلة بالضبط؟ ما دام الدافع للتعلم موجود وقوي والحوافز موجودة وكثيرة، فلما لا أستطيع استكمال المذاكرة والجلوس أكثر من ساعة على المكتب.
أنا لا أستطيع أن أجلس على المكتب وأنا أذاكر فترة طويلة، بل يجب أن أقوم وأتمشى ذهاباً وإياباً حتى تؤلمني قدمي. نادراً ما أسيطر على الكسل ويكون ذلك إما في بداية العام الجامعي عندما أكون في قمة الشوق للجامعة، أو في اليوم الأخير في الامتحانات عندما أكون قد أدركت خطورة الأمر، وأن جزء كبير من المادة لم أذاكره بعد، هناك حالة أخرى يذهب فيها الكسل تماماً عندما أذاكر مع الأصدقاء؛
وعندها أتولى زمام المبادرة وأقوم بشرح الفصل بعد قراءة جيدة متمعنة بصبر شديد وبدون كسل، ثم أشرح الفصل، وبهذه الطريقة لا أنسى الفصل أبدا، لكن هذه الطريقة تستهلك مني وقت طويل عند تحضير الفصل بالإضافة إلى ندرة وصعوبة إيجاد وقت مناسب لجميع الأصدقاء نجتمع فيه، وعدم إمكانية الاعتماد على هذه الطريقة دائماً.
مشكلتي مع المذاكرة ومع غيرها من الأعمال لا تتوقف عند الكسل فقط، بل عند أحلام اليقظة القسرية أيضاً، فقط كلمة واحدة أقرأها قد ترمي بي في عالم مليء بالقصص والحكايا، مجرد كلمة أو جملة أفهمها جيدا سرعان ما أقوم وأنسج من مضمونها حكايا كثيرة بل وأربطها بالواقع والحياة والمشكلات والسياسة والعلوم الطبيعية والاجتماعية والفلسفة والدين وعندما أفيق أجد عقارب الساعة قد قفزت 7 ساعات؛
وأحيانا أكثر وأحياناً أقل وعندها أدرك أنه علي أن أنام لأستيقظ للجامعة وأن أتناول العشاء وأحضّر ملابسي للغد وووو.......الخ، ولكثرة المهام أضطر للسهر ثم لا أركز في المحاضرة الأولى، وعندما أعود أقرر أنني سأذاكر اليوم وأعوض تقصير الأمس، ولأنني أعود من الجامعة مرهقا بسبب السهر أضطر إلى احتساء أكواب القهوة وتستمر دورة الإهمال ويصاحبها تأنيب الضمير وأمل في التغيير.
أحيانا أتمكن من تعديل بعض السلوكيات إلى سلوكيات إيجابية، وعندها قد أتحمل الصبر أمام جاذبية العادات القديمة السيئة، وقد أقع طريحا بسبب تراكم قوى الجذب، لأنني أقوم بترك مجموعة عادات دفعة واحدة، أحيانا أستمر بضعة أيام لكن زلاتي كثيرة، وقد مللت من كثرة الوقوع والوقوف، متى يأتي يوم النصر؟
كانت لي محاولات كثيرة لإدارة الوقت، اتبعت فيها عدة أفكار ونظريات وأجيال لإدارة الوقت لكن كل هذا كان مصيره الفشل، أحيانا أقول لنفسي أن كثرة المحاولات الفاشلة تؤدي إلى النجاح في النهاية، ولابد من الصبر وأن كثيرا من الناجحين كانوا فاشلين في البداية، وأن المسأله مسألة وقت لكن العمر يمر والفرص تضيع واحدة تلو الأخرى ولا تتكرر.
ففي البداية ضاعت فرصة إحراز مجموع جيد في الثانوية العامة، ثم العام الأول لي في الجامعة، ثم الثاني وخصوصاً أنني مدرك تماماً لطرق وآليات إحراز الدرجات العالية في الجامعة، وأعرف جيدا ما سيأتي في الامتحان لكنني أتكاسل عن مذاكرته وأسوفه حتى آخر يوم قبل الامتحان، وعندها لا يسعفني الوقت لتحصيل باقي المادة وعندها أتساوى بغيري ممن لا يعرفون المعلومات التي أعرفها.
وقد بلغ حد الكسل وإدمان أحلام اليقظة كما قلت لكم حتى اليوم الأخير قبل الامتحان، ورغم معرفتي بأسرار النجاح في كليتي علاوة على حبي لها وخبرة المتفوقين والمعيدين الذين نقلوها لي، إلا أنني لا أستطيع أن أحصل على درجة الامتياز، في العامين الأولين في الكلية كانت درجتي جيد جداً، رغم مذاكرتي للمواد في آخر يوم أو يومين كما قلت لكم لكن تقدير الامتياز هو هدفي الذي أريد تحقيقه، لأنه أصبح أسهل بالمقارنة بالدفعات السابقة. فقد كان هذا التقدير صعب المنال، بلغت تلك النصائح التي أعرفها حول معايير التفوق أنني عندما نقلتها لأحد أصدقائي المقربين، أصبح الأول على الدفعة عندما قام بتطبيقها حرفياً.
دائماً أبحث عن الأمور السهلة، اللذيذة، الممتعة، لحظية المتعة، فأنا أستعجل النتيجة أحب أن أكون ناجحاً لكن أحب أكثر أن أستمتع بلذة الوصول للنجاح، لذلك أجدني إنساناً شهوانياً، أبحث عن اللذة والتي تكون في كثير من الأحيان محرمة، مثل مشاهدة الأفلام الإباحية وممارسة العادة السرية والتفكير في الجنس، إنفاق المال على ما لذ من الطعام أو على أشياء تافهة، على الأشياء الممتعة...الخ.
أجدني أبحث عن شيئين في الحياة اللذة والسعادة، ورغم أنهما موجودتان في النجاح وفي الجد والاجتهاد إلا أن هذا الطريق محفوف بالعقبات والعوائق ومرارات الصبر والتحمل، علاوة على أن السعادة ستكون في نهاية هذا الطريق لا في بدايته، أما طريق الشهوات فلذته في البداية، لكنني أعلم أن لذته سريعة وتنفذ بسرعة ويعقبها ندم.
وبخصوص أحلام اليقظة والكسل والرهاب الاجتماعي، فدرجات حدتهم تتفاوت في الإجازة عنها في الدراسة، فأحلام اليقظة لاتأتيني كثيراً في العطلة الصيفية ربما لأنني أستثمرها في تأليف القصص والروايات وأنقلها على الورق ربما لذلك تقل حدتها باقي اليوم، بل أحيانا أستطيع التحكم بها والحد منها، أما في الدراسة فتكون قسرية وتأتيني بكثرة، وعن الكسل فأراه متمكنا مني في الإجازة أكثر منه في الدراسة، ربما لأنني أكون مرتبطا بمواعيد يومية إجبارية تجعلني نشيطاً إلى حد ما مثل الذهاب إلى الجامعة يومياً.
بالإضافة إلى بعض الكورسات وإجراءات دفع المصاريف ومشاوير شراء الكتب وغيرها، أما الرهاب الاجتماعي فيكون حاداً في العطلة لأنني أمضي الكثير من الوقت وحدي وأستمتع بذلك ولا أحب الجلوس مع أحد كل يوم وبكثرة لأنني أمل منه، أما في الدراسة فأكون اجتماعيا، وتعود وتظهر مهاراتي الاجتماعية مرة أخرى لكن تبقى درجة خفيفة من الرهاب الاجتماعي أيضاً أريد التخلص منها تماماً ولا أستطيع، فمازالت هناك بعض المواقف التي أتهيبها وبعض الأشخاص الذين لا أستطيع أن أقول لهم "لا" صريحةً، ومازلت أتعرق بشدة وأتلعثم أمام الفتيات.
في مراحل دراستي المختلفة كنت أعاني من الرهاب الاجتماعي بشدة، لكن مرحلة التعليم الجامع كانت مرحلة مختلفة تماما، فيها أصبحت اجتماعيا، وذهلت من كوني أستطيع التعامل مع شخصيات مختلفة، وجدت زميلين قديمين من نفس بلدتي والآن هما صديقين وهما يعانون أيضا من الرهاب الاجتماعي، ولكنهم كانوا أكثر حدة مني.
وهنا أخذت بزمام المبادرة وأدمجتهم معي في بعض المواقف الاجتماعية رغم أنني مازلت أعاني مثلهم ولكنني تدربت بهم وعن طريقهم على: "كيف أكون اجتماعيا"، كان موقفاً جريئاً واحداً_ قد مر بسلام_ سبباً في وضعي على أول طريق العلاج من الرهاب الاجتماعي، ولكني اليوم وصلت عند حد قد توقف عنده مفعول العلاج، وصلت حدة الرهاب إلى مستوى ثابت، وأريد أن أتقدم أكثر وأتخلص منه تماماً.
أريد أن أكون مثاليا في كل أدواري في الحياة، وأن أتحكم في كل سلوكياتي بدون أن أخضع في النهاية ذليلا للعادات السلبية، والمتع اللحظية والكسل والراحة والهروب من الواقع، الذي يجعلني لا أدرك الوقت في كثير من الأحيان، أريد أن أحقق أهدافي بكفاءة وفعالية كما يقولون: زي ما الكتاب بيقول، وأن أحقق رسالتي في الحياة، وإن كانت المثالية مستحيلة فأنا أقبل بأن أقترب قدر الإمكان من حد المثالية.
بين الحين والآخر أشعر بالخوف من المستقبل من بعض الاحتمالات المخيفة كموت أحد أحبائي أو أقاربي أو أهلي ومجرد التفكير في ذلك كان يصيبني بالقلق والاكتئاب لحظياً، وذلك الشعور قد قل في الفترة الأخيرة بشكل كبير والحمد لله.
تصيبني بين حين وآخر أفكار تشكيكية حول وجود الله وأفكار الحادية كثيرة، نظريات علمية تشككني، أشعر في بعض الأوقات _أستغفر الله _ بعدم تدخل قوة الإلهية في الكون، أقول لماذا يتركنا الله في هذه الحيرة نأكل بعضنا البعض نختلف على وجوده وعلى أوامره ونواهيه وكتبه التي أنزلها ومع بعضنا البعض أيضا لماذا يتركنا نحارب ونقاتل ونتعذب، لماذا عندما يشك المرء في دينه لماذا لا يطمئنه الله أو يبعث له برسالة روحية يستشعرها في قلبه.
أحمل هموم العالم بشدة على عاتقي كأنني أحد المسؤولين قد أستغرق في أحلام اليقظة أو أفكر بشكل علمي وأدرس الموضوع من جوانب كثيرة تجعلني أرى صورة معقدة التركيب ثم أصل في النهاية إلى حائط سد، أصاب بالهم والكرب حيال القضايا الإنسانية القومية العربية وما يصيبها من تفتيت، الإسلام وما يوجه له من افتراءات، الهوية العربية وما يصيبها من تمزق، مصر وما تعاني منه، وتكون أحد الأسباب التي تؤدي إلى دخولي في حالة من الاكتئاب ومزاج عصبي وشعور بفقدان الأمل، أريد أن أفعل شيئأ على كل تلك المستويات ولكن ما بيدي حيلة، ما الذي بوسعي فعله لكل تلك القضايا حتى أريح نفسي من هذا الهم، وأشعر بالرضا عن نفسي.
أعاني من أفكار اكتئابية حول عدم جدوى وجودي في الحياة وتحدث بالذات عندما أحاول أن أتغير إلى الأفضل ثم أفشل وأعود إلى حياتي السابقة المليئة بالشهوات والعادات السيئة.
شكرا لكم
وعذراً على طول الرسالة.
29/10/2016
رد المستشار
شكرا على استعمال الموقع ثانية وتمنياتي لك بالنجاح.
سأضع جانباً استشارتك الأولى.
رسالتك تحتوي على العديد من المعلومات وشرحٍ وافٍ لسلوكيات أدركت بأنها غير صحية وحرصت على البحث عن وسائل لتجاوزها ونجحت في ذلك.
تشير أولا إلى أنك تعاني من الكسل القهري والاكتئاب والخوف وإدمان أحلام اليقظة. لكن بعد قراءة شرحك المفصل لحالتك في بقية الرسالة يكتشف القارئ بأن استنتاجاتك غير سليمة. ما تسميه رهاب اجتماعي هو مجرد خجل وحساسية للتعامل مع الآخرين وليس من الإنصاف أن نضعك في قفص الاضطرابات النفسية الغامضة مثل الرهاب الاجتماعي. المريض المصاب بالرهاب الاجتماعي لا يقوى على التفاعل أبدا مع الغير ولا يبحث عن علاج في غالبية الأحوال بل لا يصف نفسه بمريض نفسي.
هناك من يحصل على درجة امتياز في الجامعة ودرجة مقبول بعد ذلك في الحياة الاجتماعية والمهنية. وهناك من يحصل على درجة جيد في الجامعة ودرجة امتياز في الحياة الاجتماعية والمهنية. يسعى الإنسان ويتنافس مع أقرانه ولكن هناك مرحلة في المستقبل يدرك فيها الإنسان بأن الإبداع ونجاحه في الحياة والسعادة لا يعتمد على مرتبته في التنافس مع الأشقاء والأصدقاء والزملاء وإنما في صراع مع نفسه لمواجهة التحديات والاستمرار في عملية التطور. إن كنت تحصل على درجة جيد جدا فألف مبروك وربما ستحصل على درجة امتياز هذا العام ولكن حاول التركيز فقط على تطوير نفسك بدلا من التركيز على المنافسة مع الآخرين.
لا يمكن القول بأن أسلوبك في المذاكرة غير طبيعي ولكن ما يجب أن تسعى إليه هو إصدار جدول أعمال يومي وأسبوعي تلتزم به. لا أحد يستطيع عمل ذلك سواك ولن يقدم أحد لك التبريكات بإنجازه ولا يوجد سواك لعمله والالتزام به ومن بعد ذلك تشعر بالرضى والهناء.
ما تسميه أحلام يقظة مجرد أفكار وخواطر يعرفها كل إنسان ولا يحتاج إلى التصريح بها. الكثير من الشباب في عمرك يمرون بمرحلة وجودية يبحثون فيها عن معنى الحياة والعقيدة وقيمتها. سيأتي اليوم الذي تستقر فيها هذه الأفكار وتشعر بالراحة الذهنية والعاطفية.
الاستنتاجات
٠ لا يوجد في الرسالة ما يشير إلى إصابتك بالاكتئاب أو أي مرض نفسي. الأزمات النفسية التي تتحداك بين الحين والآخر تعكس فعالية عملية تطور الشخصية في هذه المرحلة.
٠ تشير بوضوح إلى أملك بالتفوق وعدم العودة إلى حياة سابقة غير ناضجة. هذا يؤكد بأنك تمضي قدما في عملية التطور.
٠ تتحدث عن أفكار اكتئابية ولكن لا توجد أعراض اكتئابية في رسالتك.
٠ لا توجد إشارة إلى علاقة عاطفية في حياتك وربما حان الوقت لدراسة ذلك.
٠ لا تراجع طبيبا نفسانيا أو معالجا نفسانيا وامضي قدما لتحقيق أهدافك. مسيرتك يجب أن تكون في اتجاه واحد وهدف واحد توجد فيه أحلامك.
وفقك الله.
ويتبع >>>>>>: بعد سنوات الرهاب : كفى قلقا وإهمالا م2