بعد سنوات الرهاب : كفى قلقا وإهمالا م2
استكمالا للمثالية
هذا ما أضيفه بخصوص طريقتي للمذاكرة إنني لا أعتمد على جداول يصنعها لي أحد بل دائما تكون جداولي من رأسي وموضوعة بناءً على ظروفي التي لا يعلمها جيدا إلا أنا لكني أرى _ ولست أدري صحة ذلك _أرى أنها ليست موضوعة بناءً على قدراتي وإمكاناتي ووقتي, فأنا أتوهم أنني قد أنهي الكتاب كاملاً في يوم واحد بمزيد من الإصرار والإرادة, فقد سمعت الكثير من القصص عن أناس فعلوا ذلك بجدارة, بالإضافة إلى ما سمعت وقرأت من التنمية البشرية عن الإرادة والعزيمة, وما يوهمني به عقلي بأن المستقبل سيكون أفضل لو أجلت العمل بعد قسط من الراحة أو أي شيء آخر أحبه.
R03;
قد أكون اعتمدت على غيري فيما يتعلق بالجداول في مرحلة الثانوية فقط وهذه كانت مرة أو اثنتين ولم أتمه إلى آخره, لكن النصائح التي تكون من المعيدين والمتفوقين لا تخرج عن إطار كيفية استقراء النقاط المهمة آلية فهم ما يدور برأس المحاضر واستنباط ما سيأتي في الامتحان, ونفس الأمر مع الكتاب وما تأثر به الكتاب وركز عليه بالشرح أو دار حوله في عدة فصول... وهكذا, كيفية تكوين علاقات جيدة مع الدكاترة, بالإضافة إلى أن المحاضرين لدينا عبارة عن أنماط محفوظة من حيث طريقة وضعهم للامتحانات ومدى الصعوبة والمواضيع المهمة التي يركز عليها كذلك الأمر مع المواد؛ بعض المواد لها طقوس متعارف عليها من حيث مكان البدء بمذاكرتها وطريقة البدء والمصدر وتعدد المصدر أيضاً (المحاضرة فقط أم الكتاب فقط أم كلاهما) أي أن الأمر كله متعلق بتقنيات تحليلية للكتاب وطريقة تفكير المحاضر نفسه وأكثر ما يفهم الدكاترة هم المعيدين وطلاب الفرقة الرابعة طبعاً المتفوقين.
في بداية دخولي للجامعة كنت أحاول أن أقرأ الكتاب كله بتمعن شديد وأذاكر كل كلمة وحرف, وكنت أقول لنفسي حتى ما قام الدكتور بإلغاؤه سوف أقرأه في الإجازة, لكن اتضح لي عن تجربة وعن انتقاد بعض المقربين لي لهذه الطريقة اتضح لي أن لا طاقة ولا وقت يستوعبان ذلك, وأخبرني أحد المعيدين في بلدتي أنه حتى المعيدين لا يفعلون ذلك, واستنتجت بنفسي أنه علىّ استبعاد الكثير من المعلومات, لكن ما أذاكره بعد التلخيص _وخصوصاً العملي والمسائل والرسومات البيانية_ قررت أن أذاكره بفهم شديد وتمعن لذلك أراني تأثرت بفلسفة المحاسبة والإدارة إلى حد ما تأثرا متزايداً كلما تعمقت في هذه العلوم الإنسانية.
وأستطيع أن أذكر لكم ثلاث حالات أكون عليهم خلال مدة الدراسة.
مرحلة النشاط المبدئي (أول أسبوعين من الدراسة)
مرحلة الصراع مع العادات السلبية (الشهر الأول والثاني من الترم)
مرحلة الجداول الفاشلة (الشهر الأخير)
مرحلة المهمة المستحيلة (شهر الامتحان)
ما يحدث بالضبط أثناء المذاكرة أنني قد أركز وأنهي فصلين أو ثلاثة فصول _على الأكثر _ بدون انقطاع (وهو أكبر إنتاجية من الممكن أن أحققها في الأيام العادية بخلاف أيام الامتحانات) وعند هذا الحد أحتاج بشدة إلى أخذ قسط من الراحة, ولكنه في 90% من المرات تكون راحة بلا استئناف ويضيع اليوم, مع العلم أنه ليس في كل مرة أصل للحد الأقصى (3فصول) طبعاً تضيع أيام كثيرة بدون مذاكرة نهائياً, وأبقى على هذا الحال مستمرا في نقل المحاضرات والتي غالباً لا أركز فيها مع الدكتور فأفهمها _وبخصوص ذلك تخبرني المصادر أنه ليست العبرة بفهم المحاضرة أثناء شرحها بل العبرة بمذاكرتها وحدك فالشرح قد يُنسى بسهولة _ ويبقى عملي طوال العام نقل المحاضرات وتجميعها محاولة تلخيص الفصول والتي أيضا تكون مصحوبة بصعوبات فيصاحبها ملل من القراءة وقلق وتردد, يتمثل في الرغبة في المذاكرة أفضل من التلخيص فالمذاكرة أهم, ثم محاولة اكتشاف المادة وتحليلها وفقا للطرق السابقة الذكر.
هذه الظروف والتصرفات السابقة تحدث خلال الشهور الأولى من الدراسة (مرحلة الصراع...)_ وأستثني منهم الأسبوعين الأولين (مرحلة النشاط المبدئي) فهما مليئان بالحماس والنشاط والإيجابية والنظام والصلاة والرغبة في المذاكرة, ولكن نظرا لكثرة تغيب الدكاترة في هذا الأسبوع وتأخر طباعة الكتب أصاب بالفتور في هذين الأسبوعين _
وفي مرحلة الصراع تكون مصحوبة ببعض المظاهر وهي : محاولة استبعاد أحلام اليقظة والمشتتات والتركيز في المذاكرة واستخدمت غير طريقة مثل: الارتباط الشرطي, استخدام ورقة أكتب بها الأفكار التي تشتتني أثناء المذاكرة حتى أرجع لها وقت فراغي, البحث على الإنترنت حول كيفية تقوية الإرادة والعزيمة؟, والغريب أنني أكرر نفس الطرق كل عام ولا تنجح معي, وتكون مصحوبة باكتئاب لأنني أفشل في النهاية أبدأ بتحقير الذات وألقي الكتب وفي كثير من الأحيان أخلد للنوم مهما كان الوقت من كثر الحسرة والحزن وشرب المنبهات كالقهوة والشاي بشكل معقول لكن متزايد.
في الشهر الأخير يزداد الخوف من الامتحانات بالتدريج ويزداد معه جداول الإنقاذ والقائم على مبدأ محاولة المرور على محتوى كل مادة مرة واحدة على الأقل خلال هذا الشهر, حتى لا تكون مذاكرته أيام الامتحانات هي المرة الأولى فتزداد مدة المذاكرة وتقل مدة التخزين, نظرا لحداثة المعلومة وتزداد فرص عدم فهم النقاط الصعبة المتوقع مواجهتها وتزداد احتمالية طول المدة المنقضية فقط لفهم نقاط بسيطة,
المظاهر المصاحبة للمرحلة: الجداول الفاشلة المعدلة بشكل شبه يومي, التخاذل المعهود عن إتمام الجدول, كلما كثر التعديل على الجدول السابق قلت واقعيته واحتمال تحقيقه, إتمام تحليل المواد ومعرفة كل شيء يخص المادة ومعرفة التوقعات وما سيأتي في الامتحان والفصول المهمة وهكذا, الخوف والاكتئاب, الهروب من المذاكرة, النوم الكثير, والسهر الكثير, شرب القهوة والشاي بكثرة, تزداد رغبتي في كتابة أي شيء على ورق (قصة, رواية, مذكرات, مقالات, الكتابة عما أعاني منه في هذه المرحلة) أفكار وجودية وإلحادية, لا بد من موضوع يشغل تفكيري في هذه الفترة (خوف من الموت, خوف من المستقبل, الانشغال بأحوال البلاد,....) قد تكون هذه مصحوبة بمحاولات للتوبة والانتظام في الصلاة.
مرحلة المهمة المستحيلة: وفيها أحاول مذاكرة المواد حسب الأيام المقررة لها فقد تكون المادة قبلها 3أيام فقط للمذاكرة, وهناك أكثر وهناك أقل وفي المادة الأولى والثانية أذاكر فيهما على أكمل وجه وأنهي المادة في أيامها المقررة لها وأراجع على المادة مرتين أو أكثر حسب الظروف, ويكون حلي بشكل جيد في الامتحان ويكون هما المادتان صاحبتا أعلى درجة, دائما تكون درجاتهما (امتياز) أطمئن بسبب المادتين السابقتين وفي باقي المواد يزداد الفتور والاطئمنان وأحن إلى الإجازة, وتكون مذاكرتي للمواد الباقية في آخر يوم فقط (اليوم اللي قبل الامتحان مباشرة) وأحيانا كثيرة لا يسعفني الوقت لكي أنهي المادة فأذهب بدون إكمالها وتكون درجتي فيها (مقبول أو جيد) قد أحرز درجة (جيد جدا) فيها لعوامل أخرى كسهولة المادة أو إمكانية استنتاج الحل منطقياً إذا كان امتحان MCQ أو إنجازي جزء كبير أو مهم في المادة.
المظاهر: وفيها يزداد التركيز بشدة يزداد القلق إلى أقصاه (في البداية) ثم يتحول إلى لامبالاة وأحيانا تبلغ اللامبالاة أقصاها هى الأخرى, يزداد الاكتئاب قد تعود أفكار إلحادية أو لا, وفي المواد التي لم أنجزها أتذكر الهدف (الامتياز), ولكن أصاب بالإحباط والحزن ثم اللامبالاة, قد أجد نشاط يشغلني أهرب به رغم وجود الامتحانات, زيادة شرب المنبهات (القهوة والشاي) بكثرة, قد تكون مصحوبة بمحاولات للتوبة والانتظام في الصلاة.
ظواهر تتزايد بمعدلات متزايدة في كل مرحلة عن سابقتها:
أحلام اليقظة وأكثرها يكون حكايات عاطفية للتنفيس عن الضغط, العادة السرية, مشاهدة المواقع الإباحية, أفكار جنسية للخروج من حالة الاكتئاب أو الأزمات النفسية, الشعور بالحيرة وعدم القدرة على اتخاذ قرارات.
أعتذر مرة أخرى على كثرة حديثي لكنني بحق أريد أن أبوح لأحد عما بداخلي, فأنا فقط أسمع للآخرين ولا أحد يسمع لي, وإن سمع لا تكون الحلول موضوعية ولا يكون التفكير إيجابي, وفي النهاية لدي بعض الأسئلة:
هل من الممكن أن يعالج الشخص نفسه من الناحية النفسية بدون الحاجة إلى طبيب نفسي؟ وكيف له ذلك؟ وما الحد الأدنى من المعرفة عن علم النفس والصحة النفسية لكي يكون مؤهلا لمعالجة نفسه؟ وهل سينظر إلى مشاكلة النفسية بنظرة موضوعية تمكنه من حلها أم انحيازية أم لن يراها أساسا؟
من وجة نظر حضرتك ما الذي ينقصني في شخصيتي؟ ما هي نقاط القوة؟ وما هي نقاط الضعف؟
حضرتك ذكرت أن ما يحدث لي من أزمات نفسية تعكس عملية التطور فهل لي أن أسرع من معدلات هذا التطور أو أتحكم به؟
5/12/2016
رد المستشار
شكرا على متابعتك
إنجاز الطالب التعليمي في جميع المراحل يعتمد على عدة عوامل, وفي مقدمتها الوظائف الإدارية للفص الجبهي مثل التركيز والتنسيق واستيعاب المادة الدراسية والمقدرة على عزل ما هو في غاية الأهمية والمهم والغير مهم تماما.
يقابل ذلك مستوى التدريس وقابلية المعلم الجامعي على التواصل مع طلبته على اختلاف قدراتهم المعرفية.
وهناك أيضاً اندفاع الطالب وطموحه وتقييمه لمقدرته المعرفية ووضع أهداف تتوازى مع طموحه ومقدرته.
الحياة الجامعية هي مرحلة لا تقتصر فقط على الحصول على درجة جيد أو امتياز أو مقبول. هي بالأحرى مرحلة نضوج فكري واجتماعي وامتلاك الموهبة لمواجهة تحديات الحياة والاستعداد للاعتماد على النفس والصراع من أجل التقدم والإنجاز في المستقبل وربما لا علاقة لها بالموضوع الذي درسه الطالب.
هناك وسائل عدة لكي يساعد الإنسان نفسه نفسيا مثل الاسترخاء وتنظيم الإيقاع اليومي والتواصل الاجتماعي السليم. أما إذا كان مصابا باضطراب نفسي فلا يعالج نفسه وإنما يتوجه للمراكز الصحية. لا تعالج نفسك بنفسك ولا يستطيع الإنسان الذي يعاني من أزمات نفسية حتى لو كان طبيباً نفسيا أن يعالج نفسه.
شخصيتك لا تختلف عن شخصية أي طالب جامعي يحاول أن يتوفق ويواجه أزمات عدة ولكن أسلوبك في الكتابة وطرح معاناتك يعكس مقدرة تحليلية عالية. لا تبالي بتحليل نفسك استنادا إلى علم النفس فهذه وسيلة عقيمة لا خير فيها.
شخصيتك ستكتمل في المستقبل ولا تعاقب نفسك ولا تنتقدها ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.