التكيف مع المعاناة ؟
مرحباً أنا ما عندي استشارة لكن عندي استفسار أنا أعرف كثير من الناس يعيشوا بأوضاع سيئة جداً ومعاناة لكن إذا حصلت لهم الفرصة للتخلص من هذي المعاناة وتغيير حياتهم يتراجعوا واكتشفت أنهم يتعايشوا مع هذه المعاناة ...وحتى لو حاولت أساعدهم بآخر خطوة يتراجعوا وكثير يختاروا عدم تغيير حياتهم على الرغم أنهم يعيشوا بظروف غير إنسانية.
وبالصدفة قرأت عن تجربة على كلب أنه العلماء قاموا بوضع كلب بقفص وإذا تحرك الكلب إلى الجهة اليمين يتم صعقه بالكهرباء فتعلم الكلب أنه يبقى بالجهة اليسار وبعد فترة عملوا العكس بحيث يصعقوا الكلب بالكهرباء كل ما تحرك إلى جهة اليسار وتعلم الكلب أنه يبقى بجهة اليمين وكل فترة يعكسوا الوضع والكلب يتكيف مع الوضع الجديد ثم قاموا العلماء بفتح القفص للكلب الغريب أن الكلب لم يخرج من القفص تعايش مع المعاناة.
أولاً... ما هو التفسير العلمي لردة الفعل هذه ؟؟ ولماذا الناس تتكيف مع المعاناة ؟؟
كيف أستطيع مساعدة الأشخاص من هذه النوعية ؟؟... كيف أتجنب أني أكون ضحية لردة الفعل هذه ؟؟
12/3/2017
رد المستشار
المتصفحة الفاضلة أهلاً وسهلاً بك على مجانين وشكراً على الثقة.
ما تشيرين إليه هو ظاهرة معروفة في علم النفس اسمها العجز المتعلم Learned Helplessness وهي سلوك يصدر من الكائن الحي بعد التعرض للعقاب (المادي أو المعنوي) المؤلم المتكرر الذي لا يستطيع لا تجنبه مهما غيَّر من طرق استجابته لذلك الألم، ويصبح غير قادر وربما غير راغب حتى في الهرب من أو التحاشي لمصدر ذلك الألم رغم توفر إمكانية جديدة لذلك الهرب أو التحاشي، وهناك نظرية العجز المتعلم التي تفهم الاكتئاب وغيره من العلل النفسية على أنها ناتجة عن العجز الحقيقي أو المتصور في التأثير في أحداث حياة الفرد.
يحدث ذلك النوع من الاستجابة في بعض من الأطفال الذين يتعرضون للتحرش المتكرر خاصة العقاب الجسدي واللفظي –ناهيك عن الجنسي- مع تكرار فشلهم في حماية ذواتهم كما يحدث لكثيرين من الأطفال المتعثرين دراسياً بسبب صعوبات التعلم وغيرها من الاضطرابات الشديدة في الأطفال حين تؤثر بشكل مزمن على أدائهم ومع تكرار فشلهم في الأداء كأقرانهم، كل هؤلاء يتولد لديهم الطاقم العقلي الشعوري الذي تفسره نظرية العجز المتعلم على المستوى الاجتماعي.
وأما ما تستطيعين به مساعدة هؤلاء الناس فهو حثهم على العلاج المعرفي السلوكي إن كان بإمكانهم حيث يتم إقناعه من خلال الهيكلة المعرفية الصحيحة أو المصححة لما تشكل لديهم من قناعات العجز عن السيطرة والعجز عن الهرب والتماهي مع دور الضحية، الذي يكاد يصل إلى التماهي مع الظالم والمعتدي أو الخاطفين كما في متلازمة ستوكهولم .
كل هذا قابل للعلاج على مستوى الأفراد.... ولا أظنه ممكنا على مستوى الشعوب، والتي يمكن أن تنزلق فيها ظاهرة العجز المتعلم من الآباء للأبناء وما حال المجتمعات العربية ببعيد....لكن رغم ذلك هو نظرياً ممكن.... ففعلاً قد تبدو المشاكل الاجتماعية الناتجة عن العجز المتعلم لا مفر منها لمن رسختها ظروفهم فيهم. ولكن هناك عدة طرق للحد من ذلك أو حتى منع حصوله. فقد تبين أن ظاهرة العجز المتعلم المحدثة في المختبر تميل للتحلحل مع مرور الوقت (أي لا يبقى الكلب على استسلامه للأبد).
كذلك يمكن من خلال العلاج المعرفي السلوكي تحصين الناس ضد الاعتقاد بأن "الأحداث في حياتهم لا تمكن السيطرة عليها" عن طريق زيادة وعيهم من تجاربهم هم السابقة، والتي كانت قادرة على التأثير على النتيجة المرجوة للأحداث. وهناك العديد من التجارب السلوكية في برامج العلاج المعرفي التي يمكن أن يستخدم لتبين للناس أن أفكارهم وأفعالهم تحدث فرقاً حتى وإن لم تأت بالنتيجة المرجوة 100% ومن شأن ذلك الفهم والتعلم أن يعزز ثقتهم بأنفسهم. وبقدرتهم على التأثير في مجريات أمورهم ولو جزئياً في أغلب الأحيان.
يمكنك أنت شخصياً أن تشتركي في برنامج علاج معرفي سلوكي مع معالج محترف تخرجين منه محصنة إن شاء الله من عرض "العجز المتعلم"....شكراً لاستفسارك.
واقرئي أيضاً:
العجز المتعلم