تحب الجنس وجدا تكرهه : هل هو اضطراب؟
كيف أحطم هذه الأغلال
السلام عليكم، شكراً على الفرصة العظيمة التي يتيحها لي هذا الموقع، كنت قد أرسلت استشارة سابقة، بعنوان : تحب الجنس وجداً تكرهه هل هو اضطراب، ولقد تفضل الأستاذ د/ سداد جواد بالرد علي وأرجو منه التفضل مجدداً والرد على هذه الاستشارة، وأريد أن أشكره على رده وأخبره أنه قد ساعدني كثيراً
أعاني الآن من مشكلة محددة، وهي عدم القيام بأي خطوة حقيقية والعيش في أوهام غريبة قهرية لا أستطيع إيقافها
عندما كنت طفلة صغيرة تعرضت لكل أنواع الوحشية والقهر من كلا والذي وأخي الكبير، وكنت أحاول أن أكافح أو أعترض ولكن ردهم علي أدنى محاولة مني للبقاء بخير كان دائماً عنيفاً لحد لا يصدق، فتوقفت مع الوقت عن المحاولة وعرفت هذه القاعدة واستخدمتها طوال حياتي " ليس هناك من طريقة لهزيمة الوحش، فقط يمكنك التظاهر أنة غير موجود"، فكيف كان لجسدي الصغير أن يتغلب على أبي وأمي وأخي!!!!
كانت هذه وسيلتي للبقاء حية .
كان أهلي يفرضون علي البقاء في غرفتي طوال الوقت (كنت أدرس منزلياً) وكانوا يقولون أن المرأة تنتمي للمنزل وحرام عليها الخروج منه، وكانوا يحرمون علينا ( أنا وأختي الصغيرة) مشاهدة التلفاز أو قراءة الكتب أو أي شيء يخطر في بالك الحقيقية .
وكان البقاء حبيسة غرفتي طوال اليوم وكل يوم أفضل بمئات المرات من المخاطرة الشديدة والخروج منها والتعرض لما نتعرض له منهم، وهكذا لم يكن أمامي أي وسيلة لتمضية الوقت وتهدئتي أو تهدئة أختي الصغيرة من ذلك الرعب المقيم طوال الوقت، غير بالتظاهر .
كانت تلك لعبتنا الوحيدة، كنا نخترع حياة كاملة ونلعب أدورانا فيها، كنا نمضي حرفياً كل الوقت ونحن نلعب تلك الألعاب السخيفة، ونمثل أننا أشخاص آخرين، بأسماء وصفات أخرى يعيشون حياة أخرى، وهكذا تسني لنا أن نحقق كل أحلامنا التي لن تتحقق أبداً .
عندما وصلت للـ14 من عمري كنت في حالة سيئة جداً نفسياً، لم أستطع أن أتكلم مع أحد غير أختي ل3 أيام، كنت أفقد القدرة على النطق قهرياً، وكنت أعي تماماً أنه في غضون أيام، إما سأنزلق إلى الجنون أو سأنتحر أو سأموت حزناً وأتوقف عن الأكل والشرب قهرياً.
كنت قد وصلت لقمة قدرتي على الاحتمال، وكان الشيء الوحيد الذي يجعلني أتمسك بهذه الحياة البائسة هو إحساسي بالمسؤولية تجاه أختي الصغيرة .
ثم وقعت في الحب ، فبالمصادفة البحتة وأنا أقوم بتنظيف غرفتي، رأيت وجه رجل جميل منعكس في المرايا المقابلة لغرفتنا، كان أحد المشاهير الهوليودين، وكان أخي يشاهد برنامجه في التلفاز، وكانت هذه أول مرة أرى أحداً هكذا، وقعت في الحب من أول نظرة (أعي الآن تماماً أن هذا مجرد هوس يدعي بهوس الحب ولقد تخلصت منه) ولكن حينها لم أعرف ذلك، ولم أستطع السيطرة على مشاعري ، وانجرفت كلياً، وأصبحت أمضي وقتي كله في تخيل أني معه وأني عندما أكبر سأصبح مشهورة ممثلة وسنتزوج وإلى آخر هذا الهراء من الأعراض المصاحبة لهذا المرض، فمجدداً، كنت أتخيل وأتظاهر في عالم غير واقعي وغير موجود( ملحوظة مازلت أعاني من نفس المرض وأحاول السيطرة عليه، فهو يحدث في كل مرة أرى فيها أشخاص بصفات معينة، غالباً نجوم، ولكن الفرق أني الآن أعرف أنه مرض)
في الـ16 من عمري تم اختطافي وتعذيبي بأبشع الطرق (من أجل التسلية) واغتصابي ، وكان خاطفي معتل عقلياً ونفسياً بشكل كبير ومازال، فأصبت بمتلازمة ستوكهولم ، وأصبحت أمضي كل وقتي وأنا أحاول عيش تلك الكذبة ( لم يخطفني بل أنقذني ويحبني وأنا سعيدة هنا)، ومع مرور الوقت أصبح التصديق أصعب وأصعب وأصبحت الأمور أكثر دموية، وبالصدفة البحتة وجدت ورقة مقطوعة من جريدة تتكلم عن فن خداع الأعداء من أجل البقاء، وضرورة التلون، كانت هذه أول مرة أسمع فيها هذا الكلام في حياتي، فبسبب العزلة الشديدة التي كنت أعيش فيها، كنت شديدة السذاجة لدرجة لا تصدق، وأتصرف تباعاً لغريزة طفولية، كنت أقاوم فقط، ولكن عندما قرأت تلك الرسالة غيرت رأي وتحكمت حينها في كل شيء، وأصبح هو ( خاطفي) مجرد خاتم في أصبعي أحركه كيفما أشاء .
الغريب في الأمر أني الآن مطلقة منة وبلغت السن القانوني للتصرف وحدي في كل شيء 21، وأستطيع أن أعمل وأذهب إلى أي مكان وأعيش حياة كريمة، كل هذا منذ ما يقارب العام ولكني لم أفعل، مجددا أخاف أن أتخذ أي خطوة ( وكأني مازلت أعاني نفس الأهوال ونفس العوائق) وأعاني من الرهاب الاجتماعي وقلة الثقة في النفس، ومازلت أخافه بالرغم من عدم قدرته على أذيتي، أمضي كل وقتي في القراءة أو التخيل، أتخيل أني حققت كذا وكذا، حبيسة المنزل، بلا أي أحلام أو طموحات أو خطوات بلا أي شيء.
لو رآني أحدهم وأنا أكلم نفسي بصوت عالي، وأتحرك وأتصرف وأنا غارقة في خيالتي لحكم علي بالجنون فوراً، لا أعرف كيف أخرج من هذه الحالة، فأنا في أشد الحاجة لإكمال دراستي، وللعمل فأنا في احتياج مادي شديد، وللخروج ولو لـ5 دقائق ورؤية ضوء الشمس، في حاجة لبدأ حياة جديدة، للتخلص من ذلك الشخص الكريييييه حقاً، في حاجة لأن أحيا، ولكني لا أستطيع، لا أحد ليساعدني بلا عائلة وبلا صديق وبلا أحلام وبلا روح
كيف أستعيد نفسي، كيف أخرج من هذه الحالة، علماً بأن هذه المتلازمة قهرية وتحتاج لمتخصصين لمساعدتي، وهو أمر غير متاح أبداً
23/5/2017
وأرسلت بعد 4 أيام تقول:
استكمال لاستشارتي السابقة ناقصة المعلومات
أرجو أن تتقبلوا اعتذاري الشديد، فلقد نسيت أن أضيف بعض المعلومات المهمة في استشارتي الأخيرة التي لم تردوا علي بعد فيها، ولا أعرف كيف أعدل عليها بعد أن أرسلتها، كانت تلك استشارتي الثانية( التي لم تجيبوا عليها بعد) وكانت عن التخيلات التي أعاني منها، وهذه بعض السلوكيات التي ربما تكون مرتبطة بالموضوع
أعاني ( بشكل قهري ) من عد البلاط ، دائماً ما أعد البلاط ( السيراميك في الأرضية)، ليس طوال الوقت، ولكن بشكل متكرر، كان الموضوع يحصل حوالي 10 مرات يومياً في الماضي، منذ بداية سن المراهقة تقريبا، حقيقة لا أذكر منذ متى تحديداً، ولكن الآن حوالي 2 يومياً، أو كل عدة أيام
أعاني من عد كل الحروف التي أقرأها وخصوصاً على شاشة التلفاز، وأقوم بتقسيمها لأعداد زوجية وأضع الحرف صاحب الرقم الفردي في المنتصف، ( نفس تاريخ الظهور والشدة السابقة)، وقد قالت لي أختي الصغيرة أنها تعاني من نفس الأعراض أيضاً ذات مرة
كنت أقوم برسم كل صورة أراها على التلفزيون أمامي بأصبعي في الهواء حرفياً كل مشهد، وأحاول باستماتة الانتهاء من رسمه قبل ظهور المشهد الآخر، أختفي هذا العرض تماماً منذ حوالي عامين، وهو نفس تاريخ تقليل الأعراض الأخرى أعاني من نوبات هوس شديدة، لا أعرف تحديداً منذ متى، ولا متى تبدأ ولا متى تنتهي، لا أتابع الصراحة
أعاني من اكتئاب شديد قبل وأثناء وبعد مرور دورتي الشهرية، وأنا أعني شديد، ودائماً ما تكون ألامها شديدة جداً جداً وخصوصاً أسفل ظهري، ولكن الأمر السيئ حقاً هو مقدار غضبي العالي جداً في تلك الفترة، أعني أنه يمكنني أن أؤذي أي أحد بسهولة، قد أضربه ضرباً شديداً جداً، وأسب الآخرين بطريقة بشعة وبأبشع الألفاظ ( ملحوظة أنا لست كذلك أبداً أبداً في حياتي الطبيعية فأنا شخص مسالم جداً ومتحضر وأخاف أن أؤذي الآخرين كثيراً حتى أني نباتية) ولا أستطيع إيقاف تلك الشتائم، الأمر يصبح خارج عن إرادتي ويظل غضبي يتصاعد يتصاعد بلا توقف، حتى أصرخ بهسترية وبصوت عالي حتى تنقطع أحبالي الصوتية تقريباً، وحينها أهدأ وأمضي بقية فترة دورتي الشهرية بأمان، يتكرر ذلك المشهد كل شهر، ناهيك عن الخسائر المادية الناتجة عن تحطيمي للأشياء حولي، أصبح شخص خطير فعلا حينها
بشكل عام أنا شخص غاضب، شخص سعيد ولكن غاضب، أنا غاضبة طوال الوقت، أشعر كأني قنبلة تغلي، وأفقد السيطرة أثناء دورتي الشهرية فقط
عانيت من اكتئاب شديد في طفولتي ( على الأغلب كل طفولتي)، وازداد الأمر بعد اختطافي، كنت لا أكل إلا كل ثلاث أيام بعض اللقيمات فقط، وحاولت الانتحار مرة بقطع يدي ولكن القطع كان بعيداً قليلاً عن الوريد فلم أنزف بما فيه الكفاية ( لم تكن معي أداة حادة بشكل كافي) ثم استلمت كلياً، فلم أعد أتناول الطعام أو أي شيء آخر، كنت أستلقي على الأرض طوال اليوم في الظلام، حتى يأتي خاطفي ويفعل بي ما يفعل بدون أن أقاوم فقط أبكي، ثم يرحل، كان يطعمني كل عدة أيام بالقوة ويلقيني على الأرض مجدداً، واستمريت على هذا الحال لعام ونصف، والآن شفيت تماماً ولا أعاني من أي اكتئاب
ولكني أعاني من صعوبة كبيرة وبطء شديد في القيام بأي شيء ، فالشيء الممكن عمله في نصف ساعة يأخذ مني يومين !!!
بشكل عام لا أفعل أي شيء على الإطلاق غير الاستلقاء والقراءة أو مشاهدة التلفاز فقط هذا، ولا أظن أن الأمر له علاقة بالاكتئاب بل ربما بالخوف
تعاطيت المخدرات من قبل، كالحشيش والبانجو والأفيون والبرشام وكذلك البيرة والسجائر والمنشطات الجنسية، كان خاطفي يجبرني على تعاطيهم قبل أن يحاول اغتصابي تكرر ذلك عدة مرات من كل نوع ولكنه توقف عن ذلك عندما وجدني أدخل في نوبة هستيرية من الغضب بعدها، ومن حينها ( عدة سنوات ، لا أذكر الصراحة) لم أتناولها مجدداً
في استشارتي الأولى ( تحب الجنس وجداً تكرهه ) قال لي المستشار د/ سداد ، أني لا أمتلك قانون جنسي عاطفي يخبرني كيف أتصرف ، وقد كان محقاً ، باستثناء أني لا أملك أي قانون على الإطلاق يخبرني كيف أتصرف حيال أي شيء في أي مجال، القراءة ساعدتني كثيراً، ووجدت بعض القوانين، ولكني مازلت في قمة السذاجة والجهل بكيفية التصرف في أي موقف، كيف يمكنني أن أغير ذلك ، مثلاً أحببت كثيراً كتب جون جراي الطبيب النفسي المعروف، فهل هناك كتب معينة يمكنكم ترشيحها لي، يمكنها أن تخبرني بكيف أتصرف في الحياة بشكل عام ؟
قدمت تلك المعلومات حتى تساعدكم على فهم استشارتي الأخيرة بشكل أفضل
كل عام وأنتم بخير
27/5/2017
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع ثانية وتمنياتي لك بالسعادة والهناء.
رسالتك من فصلين وفي الأول تتحدثين عن سلوكيات متعددة وظروف بيئية قاهرة في الطفولة وأثناء الارتباط وبعد الانفصال.
أما في الجزء الثاني فالحديث عن أعراض نفسية متعددة منها:
1- نوبات وجدانية.
2- نوبات غضب.
3- إيذاء الجسد.
4- الشعور بالضجر وضعف الاندفاع.
5- سلوك قهري متكرر.
لو تم جمع هذه الأعراض مع سيرتك الشخصية في الحياة فأول ما سيفكر به الطبيب النفسي هو وجود صفات خاصة بك توحي بأن إطار شخصيتك يتميز بعدم الاستقرار العاطفي بل وسيعطيك تشخيص اضطراب الشخصية الغير مستقرة عاطفياً. ربما هذا المصطلح أكثر دقة وأفضل استعمالاً في وصف حالتك بدلاً من استعمال مصطلح اضطراب الشخصية الحدية. هناك إسراف في استعمال الخيال منذ عدة أعوام٫ وبالرغم من أن هذا السلوك ليس بالضرورة غير طبيعياً٫ ولكن من المتوقع أن يتجاوزه الإنسان في بداية العقد الثالث من العمر.
لكل إنسان روايته في الحياة وأنت تتحدثين عن مشهد متكرر وهو الرهينة والأسيرة. روايتك لم تنتهي بعد ولم ينتهي بعد مشهد الرهينة الأسيرة٫ ولا توجد إشارة في استشارتك توحي بأنك على وشك بداية كتابة مشهد وفصل جديد في الحياة. تتحدثين عن كائنات لعب دور المعتدي عليك والخاطف لك٫ ولديك مشكلة كبرى الآن في كتابة مشهد وفصل جديد لا يحتوي على هذه الكائنات الوحشية. من يقوم بدور هذه الكائنات الآن هو عقلك الواعي واللاواعي وفي كلا الحالتين يصعب عليك كتابة فصل جديد للرواية تتحدثين فيها عن قيامك بهذا الدور لتهميش نفسك وشخصيتك.
هناك حالة من الشلل المعرفي والعاطفي٫ وأنت بحاجة أولا لاستشارة طبيب نفسي على أرض الواقع تتحدثين معه وبدوره سيبحث عن وجود أو عدم وجود اضطراب نفسي جسيم يفسر عدم استقرارك الوجداني. ربما سيصف لك عقاراً واحداً أو اثنين لموازنة المزاج٫ وسيرشدك إلى ربط سلوك الحاضر بذكريات الماضي وتجاوزها.
في نهاية الأمر ليس هناك من يستطيع كتابة الفصل الجديد في روايتك سواك أنت٫ والبداية هي الحديث عن أهدافك في المستقبل والانطلاق من الحاضر. أما الماضي فلا بد من وضعه جانباً.
كتابة الفصل الجديد تتطلب أولاً تطوير مهاراتك الشخصية وتعليمك. إذا لم تكن لديك الرغبة في دخول معهدٍ ما فلا بد من البحث عن عمل يساعدك على التواصل الاجتماعي السليم في الحياة. يتعلم الإنسان من العمل أحيانا أكثر من الذي يتعلمه من معاهد التعليم.
وفقك الله ورعاك.