احتقار الذات
كنت طفلة بالسادسة ولدي أخت تصغرني بسنة بعد أن كان جل وقتنا سوياً مرضت أختي وأصبحت مشلولة لا تستطيع الكلام ولا الحركة أصبحت وحيدة مللت كثيرا إلى أن أنجبت أمي طفلاً رجعت الحياة البيت وما أن كبر أخي أصبح أبي لا يعدل بيننا ويفضله هو
كان جل وقت أمي مع أختي المريضة وأخي الصغير وأبي خارج البيت كنت ملولة لا أجد أحداً أتحدث معه فكان أغلب وقتي في دراستي كنت متفوقة على المدرسة وأشترك بمسابقات حفظ القرآن والحديث كنت متفوقة على مستوى مدينتي، كل نهاية سنة أعود للبيت بشهاداتي التفوق وأمي وأبي يقومون بتهميشي وكأن الأمر اعتيادي
أبي كان شخصاً فظ القلب يناديني لكي أحضر له كوب ماء يقوم بدس العصا خلفه لكي يفاجئني بالضرب على ذنب نسيت ماهو لغته كان الضرب حتى لو كنت فتاة طيبة مطيعة وأحبه وبعد أن يضربني يقول لي ماذا يرضيك؟ يقدم لي طعاما من مطعم أحبه وكنت أبكي داخلياً لأنه لا يشعر أنني آكل طعامي المفضل على شرف إهانته لي وجسمي لازال فيه آثار الضرب.
أمي كانت تراقب بصمت وكنت أتساءل أي أم هذه التي لا تستطيع أن تحمي ابنتها من هذا الكائن وأحيانا كانت تضحك على حركات أبوي البهلوانية بالعنف المبرح تجاهي!!
كرهت أبوي وكرهت أمي بعد أن ردت أمي ذات يوم على سؤالي البريء الطفولي بعمر 10 سنوات "ليه ماتحبوني؟".. جاوبتني وهي غضبانة "إيه إنت ماحد يحبك"
كبرت وأنا لا أجد إلا التهميش منهم أصبحت حساسة جدا من أي علاقة يتم تجاهلي فيها بل إن معظم مشاكلي مع الأقرباء وصديقاتي هي بسبب تجاهلهم لي!! لا أستطيع كتمان الغضب تجاه تجاهلهم لي مهما كانوا طيبين تجاهي....
ربما لأن بسبب تجاهل أهلي لي لم يهتموا بصحتي وبصحة أسناني وأعاني إلى الآن منها ولم أجد حلاً سوى الهرب من التجمعات والناس لكي لا يلاحظوا نقصي وعيب أسناني مع أني وكما يقولون ناس كثيرين أني فائقة الجمال
إلا أني أعاني من ضعف الشخصية وركاكة الكلام بل إن قريباتي تسلطوا علي وقامو بإهانتي أمام الناس والملأ رغم أني كنت أحبهم كأخواتي
واجهت انتقادات جارحة وأنا طفلة كنت أتساءل لماذا هذا العيب فيني وليس في الفتيات الأخريات؟
اكتشفت أن الفتيات لديهن أمهات يهتمون بهم وأخوات يحذرونهم
أما أنا خطواتي كانت عن جهل لوحدي ليس لدي من يهتم بي أصبحت مضرباً للفتاة ذات العيوب القذرة في ظنهم لكني كنت لا أعلم شيئا ولا أعرف مصلحتي
انحرفت مبكراً جدا بحثت عن الحب مراراً وتكرارا ظننت أني وجدته ثم تلاشى أنا الآن أكره نفسي على حماقاتي وتصرفاتي الهمجية كنت في بيئة منعزلة عن الواقع وساذجة غريبة هي حياتي
أهلي الذين لا يعرفون الحب حياتهم غريبة
دعوت الله كثيرا لكني أشعر أنه لا يسمعني شككت بالدين وفقدت الأمل أصبحت أرى نفسي بلا أي قيمة إنسانة مُهانة من أهلي أولاً ثم أقربائي حتى أصبحت أتسول المشاعر والاهتمام من زميلاتي في يوم اضطررت أسافر وحدي لسفرة عمل لكني أخاف من فكرة السفر وحيدة لا يوجد أحد يؤنس وحدتي!!
فكرت بالانتحار والآن أفكر بالهجرة فهي أفضل حل لكني سأظل وحيدة وهذا ما يؤلمني
أصبحت أتمنى أن يتوقف كل شيء الزمان والناس والكلام والآراء، أن أكون ضمن اللاشيء يشعرني بالهدوء والسكون
أتمنى حقا أن أجد السلام الذاتي لأنني أصبحت متشائمة حزينة
والكلام الإيجابي المنمق لا قيمة له بداخلي ولا يؤثر بي
2/5/2019
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
التعامل مع ذكريات طفولة غير طبيعية وأب منحرف وأم لم تراعي ابنتها عملية صعبة ولكن لابد من مواجهتها لكي تبدئي رحلتك في الحياة نحو السعادة.
هذا التعامل مع الذكريات القاسية يختلف من إنسان لآخر ولكنه في نهاية الأمر يعتمد إن كنت لا تزالين تعيشين في هذا البيت المختل وظيفيا أم خرجت منه. إن كنت لا تزالين تعيشين في البيت فلا بد من التفكير في العمل بعيداً عنهم والقبول بأن صدمات الماضي تركت آثارها عليك ولكن في نفس الوقت لا يعني ذلك بأنك غير قادرة على مواجهة التحديات وتجاوزها.
هناك أولا الشعور بالذنب تجاه مشاعرك السلبية تجاههم. الصراحة هذه المشاهر مشروعة ويجب القبول بأنها تتناسب مع السلوك الغير إنساني تجاهك من قبل الأب والأم على حد سواء. لا فائدة من اختلاق الأعذار لتفسير سلوكهم فكلاهما أخفق إخفاقاً ذريعا في سد احتياجاتك العاطفية والنفسية. هذه المشاعر قد تصل إلى عتبة كراهيتهم وإن كنت تشعرين بذلك فلا بأس ولا تفكري بالغفران لهم.
الخطوة الثانية هي رعاية نفسك. تتحدثين عن أسنانك وتأثيرها على مظهرك وليس هناك أسنانا لا يتم علاجها اليوم في عيادات طب الأسنان العملاقة في جميع أنحاء العالم. هذه الخطوة تساعدك في استعادة بعض الثقة بنفسك.
الخطوة الثالثة هي رعاية صحتك والالتزام بإيقاع يومي منتظم من طعام صحي ونشاط بدني. مع هذه الخطوة يجب المبادرة بتوسيع شبكت الاجتماعية والتواصل مع الآخرين. تحرصين دوماً على رعاية مصالحك وتضعين نصب عينيك تأزمك في التعلق السليم مع الآخرين بسبب ذكريات الطفولة. لا تفقدي ثقتك بنفسك مع فشل تواصل مع أحد فتجارب الحياة وتجاوزها لا يختلف كثيراً عن امتحان السياقة. يسقط الإنسان الامتحان مرة ولكنه يستعيد ثقته ويحاول المرة بعد أخرى حتى ينجح. من خلال ذلك يحافظ على سلامة نفسه في رحلة الحياة.
الخطوة الرابعة هي تطوير نفسك ثقافيا كما تشائين. ثقافة الإنسان تعتمد أيضاً على تجاربه وقد تكون هويته الاجتماعية الثقافية الجديدة غير هوية من حوله. هذا ما يجب أن تحرصي عليه وتتذكري بأن عملية التطوير هذه لا تنتهي.
أما الخطوة الخامسة والأخيرة فهي العودة يوما ما إلى ذكريات الطفولة القاسية وحسم أمرها. يومها قد يكون قرارك غفرانهم بسبب جهلهم أو عدم المبالاة بهم لأن لا مكان لهم في كيانك النفسي والفكري.
وفقك الله
واقرأ أيضا:
صفحة من الماضي
مشاكل تزعجنا لم لا ننساها..
أريد البكاء ولا أستطيع!