أنا محبطة
ذكرتني مشكلة الأخت بتلك الفترة الكئيبة التي عشتها بعد إتمامي للثانوية العامة، فرغم حصولي فيها على معدل عالٍ يؤهلني لدخول الكلية التي أرغبها لم يتم قبولي فيها لسبب لا أعرفه للحظة كتابتي هذه السطور، وقُبلت في كلية أخرى من كليات الطب ولكن ليس الطب البشري الذي كنت أرغب به.
مهما كتبت من كلمات تصف سوء حالتي النفسية وشعوري بالغربة وسط مجتمع الجامعة فلن تصف إلا نقطة في بحر مما عايشته في تلك الفترة السوداء، ناهيك عن المسافة الطويلة التي تفصل الجامعة عن المنزل.
درست السنة الأولى وأنا في قمة الإحباط مثلك وربما أسوأ، حصلت على درجات عالية في معظم المواد ودرجات مخجلة جعلتني أبكي في مواد أخرى، وعندما أسمع الطالبات يخترن تخصصاتهن بعد امتياز السنة التحضرية كنت أقسم بأنني لن أدخل التخصص(.......) ولن أعمل بأي مجال في هذا القسم مستقبلاً.. كنت أكرهه ولا أرغب به وأراه في قمة القرف.
أتعلمين ما الذي حدث عندما كتبت التخصصات المرغوبة بعد اجتياز السنة الأولى؟! اخترت وبكل قناعة (لا أعرف من أين أتت حقاً) ذلك التخصص الذي أقسمت أني لن أدرسه! وبعدما تم قبولي بالقسم اضطررت للصيام ثلاثة أيام كفارة عن ذلك القَسَم الذي حلفت به. أتعلمين ما الذي حدث بعد دراستي بهذا القسم؟ تفوقت! نعم بكل بساطة تفوقت رغم أني ما زلت متخبطة ليومي هذا في الطريقة المثلى للمذاكرة بعكس ما كان في لماضي أيام المدرسة. والآن أطبق في سنة التدريب (الامتياز) بعد أن تخرجت من الكلية وكنت الثانية على دفعتي بمرتبة الشرف، وعندما أفكر في لحظة دخولي للجامعة ولحظة تخرجي منها أجد فرقاً هائلاً، فقد أصبحت أحب تخصصي حتى النخاع رغم الظروف النفسية السيئة التي أعيشها، ولكنني مؤمنة بأن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن تُخلق السماوات والأرض وقد كتب لي الدخول في تخصص لم أسمع به حتى عندما حضرت للتسجيل في الجامعة.
أختي العزيزة،
كلنا عرضه للإحباط فليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وقد قال الله جلّ جلاله "عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم" فما الذي يدريك ما كان سيحدث لو نجحت بتفوق في الثانوية! ربما في أحسن الأحوال قد تتعرضين للغيرة والحسد، أو قد تدخلين في كلية تكون سبباً لفشلك في المستقبل رغم رغبتك بها. لن أقول لا تحزني فلو كنا نستطيع نزع الحزن من القلوب لكنت أول من نزع الحزن من قلبه، ولكن أقول لك كوني مؤمنة بأن الله إذا أحب عبده ابتلاه... اصبري على ما ابتلاك الله به عسى أن تكون سبباً لنجاح مبهر يوم الدين أمام الخلائق كلها وليس أمام أهلك ومحيط معارفك فقط.
وأخيراً وليس آخراً أحب ختم كلامي بقوله تعالى "لقد خلقنا الإنسان في كبد".
وشكراً.
2/12/2008
رد المستشار
جزاك الله خيراً على هذه المشاركة الجميلة المفيدة، وأرجو أن تدخل كلماتك الاطمئنان والتفاؤل إلى قلب صاحبة المشكلة وأمثالها من القراء. وأسأل الله لكما التوفيق في الدارين.