السلام عليكم
مشكلتي هي الخوف والخيال في نفس الوقت. أنا أعترف بكوني شاذاً -أو مثلياً-، لكن هذا داخلي ولا أحبه ولا أرتكب الحرام قدر المستطاع، وأحاول التخلص من هذا الحب! ومن يستطيع التخلص من ابتلاء؟! هذه ليست المشكلة. شكلي عادي تماماً ولي شوارب وأحياناًَ لحية وشعري قصير، وليس لي علاقة بملابس النساء أو الماكياج أو مشيتهن... إلخ فالتخنث من أشد ما يثير تقززي، وأتمنى أن يتم معاقبة المخنثين -والمسترجلات- بالذات لأنهم مجاهرون.
المشكلة هي أنني –كما يقول الطبيب النفسي– أتخيل أن الناس يعرفون هذا! فأتخيل أنني في موقف الحرج والاستهزاء والسخرية والتحرش بالسباب والكلام، في الباص في السوق في الحي في المسجد... إلخ، بل حتى في الخارج- في أوروبا مثلاً! والأسوأ أن أتخيل ذلك في "مِنىً" أي المشاعر في مكة، فقد كنت في الحج وشعرت أن الناس معنا يعلمون بالأمر ويتهمونني بالنظر إلى شاب منهم، ويتكلمون عليّ ويسخرون، بل وصل الأمر إلى كلام يصعب أن يُتخيل أو يصدر من أناس في الحج والطهارة.
كلمات مثل: "سيتم الاعتداء أو الخصي أو الفضح أو ما شابه..." عقاباً لي، وأن صورتي قد نشرت في نشرات الحج والتلفزيون! هل هذه قصة أم فيلم؟ أم أنه عقاب لي؟ مع أن مال الحج والنية كانت كلها من الحلال!
المشكلة هي تفسير هذا: إما أن يكون صواباً وأنا لم أتخيل شيئاً، فهل لي أن أعرف لماذا كل هذه الاتهامات وأنا لم أفعل شيئاً ولا يبدو عليّ شيء؟ وإما أن يكون خيالاً فأسأل لماذا يا ربي؟ هل وصلت الهلوسة لهذه الدرجة؟ كل هذا من هاجس فقط؟! وهل هناك حل؟ رأي الناس: كما قلت فالطبيب النفسي يقول إنني أتخيل وأقاربي معي في المكان يقولون كذلك، وأنا أقول إن هناك أدلة على ما أتخيل.
إن الحياة مع مثل هذا الأمر لا تطاق لمن جربها، والانتحار فكرة شبه يومية، أنا أعرف الشيطان وأفعاله ووسوسته، لكنني لا أعرف ربي حتى الآن، ماذا يفعل بي؟ ولماذا؟ وما السبب؟ وأين الحل؟ أخشى أن أكون كافراً مع أنني من المحافظين. هناك أيضاً التردد من إرسال هذه المشكلة لأنها قد تعني عدم الصبر والوثوق بالله، فيجب أن أشكو له لا لكم. باختصار: أنا أتعذب دون سبب، فهل هناك معنى لكل هذا؟ متى ينتهي؟ بالموت؟.
السؤال الآخر: أريد أن أتزوج، فمَن تقبل؟ لا تقولوا لي لا أخبرها بالموضوع قبل الزواج لأن هذه خيانة، وماذا أفعل لو اكتشفت هي شيئاً مني داخلياً مثل التفكير أو كلمة شاردة أو نظرات... إلخ؟ كما أنني لا أستطيع الإنجاب، فأرجو أن أجد امرأة تقبل بهذه الشرطين: إما أنها لا تنجب أصلاً أو أنها لا تريد الإنجاب وتقبلني كما أنا، وأنا أتعهد بالإخلاص ما حييت،
فهل هذا الأمر ممكن عن طريقكم أم أنه مستحيل؟ فكل وسائل الزواج الأخرى تفشل مع هذين الأمرين! فماذا كتب لي بعد ذلك؟
لذلك الأمر أتمنى أن تنشر هذه الرسالة في الموقع بل يرسل الرد على عنوان بريدي الإلكتروني المكتوب، وأتمنى أن يرد الدكتور محمد المهدي إن أمكن.
22/03/2009
رد المستشار
الأخ العزيز "غسان"، السلام عليكم ورحمة الله؛
لديك قدر من الميول والخيالات الجنسية المثلية، وأنت ترفضها وتقاومها، فكأن هناك جزءاً في نفسك يرغب في ذلك وجزءاً آخر يرفضه، وهذا هو الصراع الدائر الآن بداخلك، ويتم إسقاط أجزاء من هذا الصراع على الواقع الخارجي من خلال تجسيد الميول والخيالات ثم تجسيد مشاعر الرفض ومشاعر الذنب. فمثلاً يقوم ضميرك الحي بنقل مسرح المشكلة إلى الخارج ويتشكل المشهد وكأن الناس قد عرفوا ميولك الجنسية على نطاق واسع، وبدلاً من أن يعاقبك ضميرك يترك الأمر للناس لكي يعاقبوك بالهمز واللمز والتلميح والتصريح والإدانة والتشهير. وهذه الأشياء تمثل عقاباً يوقعه ضميرك عليك (من خلال الناس) لكي يشعر ببعض الراحة، ولكن الضمير لا يستريح تماماً لهذه العقوبات الجزئية فيقرر الحكم بالإعلام عليك من خلال التفكير في الانتحار كوسيلة -متخيلة- للتطهير من الميول الجنسية المثلية.
ثم يمارس ضميرك نوعاً من التعذيب لك بأن يقرر عدم أهليتك للزواج أو الإنجاب وكأنه يصدر ضدك حكماً بالإعدام الاجتماعي لتكتمل مسيرة التعذيب والعقاب.
لهذا أرجو أن تنتبه لهذا الصراع الذي تحول إلى نوع من الوساوس، وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى ضلالات إشارة أو ضلالات اضطهاد، وربما إلى هلاوس أو شبه هلاوس.
والبداية هنا أن ترى الأمر بواقعية، فأنت لديك ميلاً جنسياً مختلفاً لم تكن سبباً فيه، وأنت لم تستجب لهذا الميل المختلف بل قاومته بشرف وأمانة وانتصرت على نفسك، إذن فأنت لا تستحق اللوم أو العقاب، بل الأحرى أن تفخر بما قمت به من مقاومة للميول المثلية.
أما بخصوص مسالة الزواج والإنجاب فمن الأفضل تأجيل التفكير فيها الآن حتى تحسم صراعك مع نفسك وتتقبل ذاتك بقوتها وضعفها، وإلى أن يحدث ذلك فلا تبالغ في تخيل صعوبة الزواج أو استحالة الإنجاب، فكثير من المثليين (70%) نجحوا في الزواج والإنجاب وتكوين أسر مستقرة، فلا تكن أسيراً طوال الوقت لمخاوفك التي تضخم لك الأشياء، ولا تطلق العنان لمشاعر الذنب لديك فتمارس تعذيبك.
واعلم دائماً أن الله الذي خلقك يحبك ويساندك ويعلم ما تقدر عليه وما لا تقدر عليه ولا يكلفك ما ليس في وسعك.