سوء حظ أم سوء اختيار أم إهمال أم نصيب أممممممم؟
السلام عليكم، الأستاذة رفيف،
جزاك الله خيراً على إجابتك على الأخت سما، ولكن لي تعقيب.
من أفتاك أن الشاب يتلاعب أستاذتي الفاضلة؟ اعلمي جيداً أن هذا الشاب قد يكون فعلاً محقاً وينوي التقدم وما يمنعه من ذلك هو رفض الأهل له كونه طالب، والموافقة بالضغط على الأخت سما على أي شخص مناسب يتقدم.
إن الوضع متساوٍ على الطرفين: الأهل يبحثون عن الجاهز والمناسب مادياً، ثم تأتي الشهادة، ثم العمل، ثم الدين. ولعلك يا أستاذتي تفكرين بمنطق التفكير فلا تفكرين بعقلك أو قلبك!
إن الحب فطرة وهبها الله للناس وهناك من يصدق فيها، ويسعى هذا الشاب لخطبتها أو ربط كلام لو أحس أن والدها ينتظره لها زوجاً لا يرفضه لأنه طالب.
إن الأولى أن تعرفي أن جرائم الأهل مشتركة وأنت تصادقين على هذه الجريمة دون التأكد من مشاعر هذا الشاب وجديته، وتصدرين أحكاماً جزافية، يا سيدتي لو أنها اختارت كما تريدين لها كي تكون "شاطرة"، ستعيش طوال عمرها تتألم، خاصة إذا ظل ذلك الشاب يحبها ويظهر لها ذلك وتحسنت ظروفه ولم يستطع الرجل الآخر احتواءها، لأن مشاعرها ستتعلق بالأول إذا تحسنت ظروفه وظهر أمامها. وهو كذلك وإن تزوج وكان صادقاً في حبه لها سيظل يكنّ لها حبّاً شديداً، ولو تكلم معها ولو مرة بالمصادفة فسيكون عائقاً بينه وبين زوجته.
قدري المشاعر بطريقة صحيحة وافترضي صدق مشاعره، وقدمي الحل من الطرفين لو أهله عارضوا بحجة أنه غير جاهز، أو أهلها عارضوا بنفس الحجة، ماذا تفعل، أو ماذا يفعل؟.
واعلمي تماماً أن الحب فطرة، وأن هناك شباباً صادقين ويريدون الفطرة التي فطر الله الناس عليها وإتمام الأمر بالزواج، آن الأوان أن نفهم هذا، وأرجو توضيح الأمر لي لعلي أكون أخطأت في فهم مقصدك، وأرجو من الله أن يكون صادقاً وتكون هي "شاطرة" في الحفاظ عليه. عندي قصص مشابهة كثيرة ووفقها الله بعد جهد طويل، ولكن الثبات على المبدأ أهم من المبدأ نفسه في هذه الأمور.
وفقهم الله ووفقت في مساعدة المسلمين، وسدد الله خطاك ونفعنا بعلمك أستاذتنا.
22/7/2009
رد المستشار
السلام عليكم، الأخ الكريم مهندس المستقبل؛
لقد أخذت في رسالتك هذه ترميني بالبيض والطماطم وكأنك أنت الذي أحب هذه الفتاة! ثم بدأت تشرح لي أن الحب فطرة وكأني تمثال منحوت فاتته هذه المعلومة، ولست من بنات حواء.
وعجبت من قولك: إني أفكر بمنطق التفكير فلا أفكر بعقلي أو قلبي!! ولا أدري ما هو منطق التفكير إذا كان في مفهومك لا هو العقل ولا هو القلب!! لعله عندك منطق من يفكر بالكبد أو الطحال، أو ربما الزائدة الدودية! وبمناسبة الكبد والبنكرياس فأنا كما قال الشاعر:
ولي كبدٌ مقروحة من يبيعني * بها كبداً ليست بذات قروح!
ولا أدري من أخبرك أن هناك مفتٍ أفتاني بأن الشاب يتلاعب؟! ولا أدري أين هي المشكلة في أن أطلب من سما أن تقنع ذلك الشاب بخطبتها؟ وهذه الطريقة ناجحة بنسبة كبيرة إذا أصرّ الشاب عليها والفتاة، أو جعلا أحداً يتوسط في الأمر لدى الوالدين، والأهل بعد الإصرار الشديد لا يملكون إلا الموافقة سواء كانت لمعارضة من أهلها أو من أهله، وخاصة إذا لم يتعدَّ الأمر الخطبة أي الوعد بالزواج. أليس من الأفضل لها أن تتخلص من الخطاب وتحافظ على حبها بطريقة مقبولة عند الجميع؟ أليس مع أمها الحق عندما ترى ابنتها لا هي مرتبطة بأحد ولا هي ترضى الزواج، وتفوّت على نفسها فرص غالية من الأزواج؟ الأم والأب ينظران إلى مستقبل ابنتهم بنظرة مجردة عن العواطف التي تعمي وتصم كلا الطرفين بسبب حاجته الشديدة للآخر.
والإصرار على الخطبة طريقة ناجحة -طبعاً- بشرط أن يكون العائق هو عدم الاستعداد المادي للخاطب، أو عدم الانتهاء من الدراسة، أما أن يكون الشاب لا يناسب الفتاة في مستواها الاجتماعي أو الثقافي، أو في ناحية من النواحي التي يمكن أن تجعلها -مستقبلاً- وأهلها ممتعضين من انتساب هذا الصهر إلى عائلتهم، فكل الحق معهم في أن يرفضوا زواجها ممن أحبته بغير بصيرة. ولا تشرح لي مسألة الحب الذي يلغي الفوارق، لأن الشاب هو أول من سيتعب ويشقى عندما ينطفئ الشوق وتبدأ الفتاة تبصر الأمور الناقصة في زوجها وتضع قائمة الطلبات على طبق مزين بالنكد.
نعم لو كان الشاب تنقصه الكماليات فقط ورفض أهل الفتاة تكبراً لغير علة معتبرة فيه بين العقلاء، لوافقتك في مثالك ولحمّلت مثل هؤلاء أكبر جريمة يرتكبونها في حق الشابين، بل ولست أنا التي أحملهم وإنما دينك الذي سمح للفتاة أن تذهب للقاضي وتعترض على ذلك فيزوجها رغم أنف أبيها وأمها.
وأنا أوافقك أن هناك جرائم مشتركة من الأهل، تقل وتكثر حسب عادات المجتمع، ولكن لا أوافقك أن العاشقين من الأبرياء، هذا ما تحكم به المعدة، وسأحاول التفكير بعقلي وقلبي لأتأكد!.
آن لك أن تعلم أن الطرف الأول في الجريمة هو هذين الشابين اللذين أطلقا العنان لأنفسهما في أن يحبا ويعشقا من ليس لهما قدرة على الزواج منه، ثم هما يندبان حظهما العاثر بعد ذلك! لا تقل لي هي المشاعر والفطرة! لأني سأقول لك: أين العقل الذي يوجه المشاعر والفطرة قبل اشتعال الحب؟ إن كان هذا العقل مفقوداً فليس من اختصاصي محاورة غير العقلاء. قد يعذر من قدر الله له أن يحب دون تسبب منه، ودون أن يطلق بصره هنا وهناك، ودون أن يدخل الجامعة وقد صمم أن يحب ويطير في سماء الأشواق، هذا يعذره الشرع ويقول: إن مشاعره خارجة عن إرادته فلا يحاسب عليها، لكن مع هذا لا يجعل من حبه فضيلة وإنما يقول له: حاول الارتباط بمن تحب، فإن لم تستطع ففارق، واستر على نفسك، وتب إلى الله.
إن كان هذا شأن المعذور! فكيف بغيره؟ كيف تكون الفطرة -التي كنت أجهلها وأخبرتني بها- كيف تكون قانوناً يحمي من أطلق بصره هنا وهناك وجرى وراء شهواته بدعوى ممارسة الحق المشروع في الحب؟
لم لا تقل لي: إن التي تحب غير زوجها حبها فطرة؟ أجبني، أليس الحب فطرة؟ لم تقوم الدنيا ولا تقعد على رأس من يحب امرأة أخرى غير زوجته ويريد أن يتزوجها؟ أليس الحب فطرة، والتعدد من حقه؟ أنجعل الحب فطرة عندما نريد! وجريمة عندما نريد!
ما من شيء فطر الله تعالى عليه البشر إلا وجعل له ضوابط، علينا أن نلتزمها ونحتكم إليها عند الاختلاف، فإن أبينا أن نلتزم بها -بواسطة العقل الذي منحنا الله إياه- أصبحنا شراً من الحيوانات، وإن أبينا الاحتكام إليها فهيهات أن نتفق وكل منا يضع مقدمات غير التي يضعها صاحبه!.
أتمنى أنا -أيضاً- من (كل كبدي) أن يكون الشاب صادقاً مناسباً وسما شاطرة، وأن يجدا طريقة ذكية للحفاظ على بعضهما، لكن لي طلب يطلبه منك (الدماغ): هلا أجريت إحصائية بين المتحابين في الشوارع والمدارس والجامعات لنعلم نسبة الذين وفقوا في زواجهم، ونسبة الذين ذهبوا ضحايا حب الأفلام العربية والهندية؟ وبعد إحصائية دقيقة أخبرني، فإن لم تكن نسبة النجاح أكثر من النصف، فإنه من التهور أن نجازف ونحب كي نختار شريك الحياة. وإن كانت أكثر من النصف -ولن تكون- فإنه من الغباء أن نطيح بآخرتنا من أجل أن نحصل على شريك الحياة بكامل اختيارنا بطريقة لا يرضاها الله عزّ وجلّ، ثم يكون الزواج بعدها من قبيل إنقاذ الموقف وإيجاد حلٍّ لمشكلة.
هذا ما أعتقده، وأؤمن به، وأقوله، وإن رُمِيت لأجله بالبطاطس والبطيخ، لأن الثبات على المبدأ أهم من المبدأ نفسه في هذه الأمور وغيرها.
أسأل الله تعالى التوفيق للجميع والاستفادة من الحق أينما وجد، وإرشادي إليه إن ضللت.
والسلام.ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>> سوء حظ أم سوء اختيار أم إهمال أم نصيب أم؟ مشاركة 2