الزواج وعلاقته بالقضاء والقدر
أرسل Ramzi Khani يقول:
حضرة الدكتورة رفيف الصباغ،
أشكر اهتمامكم وإرسالكم الرد على البريد الإلكتروني الخاص بي، فجزاكم الله كل خير، وبعد،
إن عدم ثقة الشباب بالفتيات وبالعكس بات مرضاً اجتماعياً مستشرٍ في المجتمعات الشرقية، ولست الوحيد من وقع في براثن هذا المرض، ولا أدل على ذلك من انتشار ظاهرة فحص العذرية قبل الزواج والتي حرمها مجلس الإفتاء الأعلى في الأردن مؤخراً، ناهيك عما يتردد من اختراع جهاز يكشف العذرية مع التأكيد على أن العفة أعمق من مجرد غشاء.
لكن لي ملاحظتين على ردكم الكريم:
الأولى: كيف للزوجة التي اشترط زوجها أن تكون بكراً أن تتحايل وتتملص لتستر نفسها مع عدم غش الزوج، ألا يحمل هذا الكلام تناقضاً؟.
والثانية: -وهي الأهم-، كيف لي أن أكتسب الخبرة في التعامل مع الفتيات لأميز الخبيث من الطيب والغث من السمين؟.
أرجو أن تساعديني فأنا بحاجة لمساعدتك، ليس فقط بالنسبة للفتاة التي حدثتكم عنها بل كي أتمكن من التعامل مع أي فتاة تظهر في حياتي مستقبلاً. وختاماً، أنتهز هذه الفرصة لأرفع أرق التهنئات لشخصكم الكريم ولأسرة مجانين بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.
16/8/2009
أرسلت لميس (21 سنة، طالبة، مصر) تقول:
إلى أسرة مجانين، تحية طيبة، وبعد؛
على الرغم من استنكاري للصورة السوداوية التي رسمها الأخ صاحب المشكلة إلا أنني لا ألومه كثيراً نظراً لانتشار الفساد في مجتمعنا بدرجة مخيفة تضاهي المجتمعات الغربية، لكن الفرق أن عندهم تجري الأمور عالمكشوف أما عندنا فكله من تحت الطاولة.
أنا أعرف فتيات كانت لهن علاقات مشينة وقد مثلن على أزواجهن البراءة والتدين وتزوجن، ولا أدري ماذا كان تاريخ أزواجهن قبل الزواج، لكن من لم تكن له علاقات قبل الزواج -من كلا الطرفين- فسيقع ضحية مقلب كبير لو كان شريكه -زوجة أو زوج- ذا تاريخ حافل بالملاحم البطولية مع الجنس الآخر، وهو ما يجعلني أخشى على نفسي. المشكلة تكمن في وجود حلقة مفرغة هي أنه كي لا تقع فريسة الغش يجب أن تكون خبيراً، وكي تكتسب الخبرة يجب أن تكون لك علاقات، ووجود علاقات يعني الانحراف والخطيئة، فكيف للشاب الطاهر والفتاة الطاهرة أن يكتسبا خبرة كشف ما تحت القناع؟ إن تمكنتم من كسر هذه الحلقة المفرغة تكونون قد أديتم لي ولغيري جميلاً لن تكفي الكلمات لشكركم عليه.
16/8/2009
رد المستشار
السلام عليكم،
شكراً لشعورك الطيب ولتهنئتك بالشهر الكريم، وأسأل الله تعالى أن يبارك لنا فيه ولجميع المسلمين ويعيننا على الطاعات، واغتنام الأوقات الفضيلات.
الأخ الكريم،
كنت أقصد بستر المرأة نفسها مع عدم غش الزوج، أن المرأة الثيّب (الثيِّب هي التي زالت بكارتها بالوطء، سواء كان مباحاً أم غير مباح، ويقال للرجل الذي وطئ النساء ثيِّب أيضاً) إذا جاءها من يشترط البكارة، وكانت فقدت بكارتها بمعصية، فليس من الضروري أن تخبره بفقد الشرط فيها بل لها أن تتحجج بأي حجة لرفضه دون فضح نفسها، ولم أعنِ أنها تمضي للزواج، وأظن أن هذا واضح.
أما بالنسبة لعدم ثقة الفتيات بالشباب والعكس، فأظن أن هذا عائد إلى البيئات التي يوجد فيها هؤلاء الشباب والفتيات، وليس مرضاً مستشرياً بشكل مطلق. فهناك بيئات يكون الشباب فيها والفتيات أبعد ما يكونون عن الشبهات، والشك لا يجد مكاناً ليدخل بينهم، وإن حصل وشك أحدهم فهذا لا يدل إلا على فساد طويته. وهناك بيئات من الطبيعي جداً أن تكون العلاقات فيها قائمة على الشك وفقد الثقة، فكل ما فيها يدعو لذلك، وإذا لم يدخل الشك إلى القلب فيها فهذا هو المستغرب، وهذا يسوقنا لجواب سؤالك أخي الكريم حول معرفة الفتيات، ولم أحتر في إجابة على سؤال ما احترت في إجابتك! فمن أصعب الأمور شرح البديهيات والبرهنة عليها!
لا بد قبل كل شيء أن تعلم أنه لا يمكن لأحد أن يعرف الحقائق الخفية لأحد بشكل قطعي إلا الله تعالى، ولكننا مأمورون بالعمل بحسن الظن أولاً، وبما يبدو لنا من ظواهر الناس ثانياً.
فليس لنا أن نتهم أحداً بذنب لم يثبت عليه سواء كان الزنا فما دونه، ولا يحل لنا أن نشك فيه أيضاً -فهذا سوء ظن محرم-، إلا أن تراه يفعل ذلك رأي العين، أو يقر هو على نفسه، أو يجاهر بفعلته بين الناس فلا يهمه أعرفوا أمره أم لا، نسأل الله السلامة والعافية.
ولكن ألا تستطيع أن تميّز بين من مظهره الصلاح وبين من مظهره الفساد؟ ألا تستطيع أن تميز بين من أخلاقه عالية، وبين سيء الأخلاق؟ كذلكم الأمر هنا: تريد أن تبحث عن الصالحة ابحث عنها بين من مظهرهن الصلاح واشتهر أهلهن بالتربية الصالحة، واحذر ممن ظاهرها السوء دون أن تتهمها وتشك فيها. كيف تريد أن تعرف الطاهرة العفيفة من الخبيثة بين مجموعة فتيات لا تبالي إحداهن أن تضحك في وجه فلان، أو تمازح فلاناً، أو تلبس ما يظهر مفاتنها ويرسمها رسماً أمام ستين فلان وفلان؟ وكيف تتهم من التزمت لا بمجرد الحجاب فقط، بل بآداب الشريعة وفرائضها، في كل حركاتها وسكناتها؟ لا بد أن الفرق واضح بين هؤلاء وهؤلاء! عليك يا أخي أن تطلب العفيفة حيث توجد، ثم تجتهد في السؤال عن أخلاقها والتزامها بدينها، واختبارها من خلال طريقة كلامها وتعاملها اليومي مع الرجال، ولن تحتاج لإقامة علاقة معها لمعرفة ذلك فهو واضح للجميع، ثم بعد أن يطمئن قلبك لتصرفاتها الحالية، فليس لك أن تشك بمن ظاهرها الصلاح!.
ثم خير طريقة لمعرفة الصالحات أن تلتزم أنت الصلاح، لأنك ستدرك بحسك حينها أي انحراف عن الطريق الذي تسير فيه، وكلما ازداد صلاحك كلما كنت أكثر حساسية لمعرفة الخبيث. والذي يتقن اللغة العربية يعرف غير العربي من أدنى لكنة في لسانه، والذي يتقن قيادة السيارات يعرف المتدرب الحديث من مترين يمشيهما أمامه!.
والأمر أولاً وأخيراً توفيق من الله تعالى يكرم به من لاذ ببابه والتجأ إليه فأكثر من الدعاء قائلاً: ((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)).
وبنفس هذا الجواب أجيب الأخت لميس التي شاركت في مشكلتك وسألت نفس سؤالك، فليس من الضروري أبداً أن يقيم علاقة من الطرف الآخر حتى يصبح خبيراً به، وما أكثر الخبراء في هذه الأمور من الملتزمين الذين لم يحادثوا فتاة –أو يحادثن شاباً- إلا فيما تستدعيه الضرورة. وما أقوله لكما ليس مثاليات أو ضرباً من الخيال، وإنما واقع أعيشه ويعيشه من حولي من الذكور والإناث. وصدقاً هذه هي المرة الأولى التي أعلم فيها أن الشك قد انتشر بين الجنسين، لأنه لا أحد يعاني منه ممن حولي إلا قلائل معرفون بفساد الأخلاق والطوية فيلصقون فسادهم بكل من يرونه أمامهم!.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> الزواج وعلاقته بالقضاء والقدر مشاركة 2