دمعة ولمعة: العشق في عيون آسيوية!!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على جهودكم الغالية التي تبذلونها في مساعدة مثيلاتي :) فجزاكم الله كل الخير..
لن أطيل عليكم..
أنا في التاسعة والعشرين آنسة محجبة مسلمة أهتم بمظهري وبصحتي وناجحة بعملي والحمد لله.. أعمل في شركة من الشركات الآسيوية القوية ذات الصيت الذائع في المشاريع المعقدة التصميم والتنفيذ أيضاً.
القصة وما فيها، هي أن مديري الآسيوي شخص رائع!! نعم شخص رائع!!
أعمل معه منذ ما يزيد عن السنتين منذ جاء من موطنه (حيث فرع الشركة الرئيسي) إلى حيث أقيم بالخليج. فهو كريم وطيب وعادل ومستقيم ومعروف بحزمه المخلوط بالحنان (غير مسلم ولا كتابي حتى).. والقوة التي تزينها الرحمة دائماً.
علاقتنا قوية جداً جداً.. فهو داعم لي في كل أفكاري وفي كل آرائي.. ويساعدني على تحقيق طموحي ويقف بجانبي إذا شعرت بأية مشاعر سلبية في حياتي الخاصة أو العملية.
إلى الآن والأمور جيدة.
منذ فترة قصيرة.. وبالتحديد في إحدى الاحتفالات التي تقيمها شركتنا عند إرساء مشروع كبير عليها، أخبرني أنه يحبني.. رأيت عينيه تدمعان وتلمعان.. وأنا في حالة من الاستغراب..!!
أشعر نحوه بمشاعر رائعة.. أحبه وأحترمه كثيراً.. ويومها ذهبت إلى المنزل ولم أعرف كيف قدت سيارتي كل تلك المسافة الطويلة ولم أعرف ماذا سأفعل حين أراه في اليوم التالي!!
تمنيت أن يكون كاذباً.. أو لعوباً.. أو أي شيء من ذاك القبيل.. وأعرف أن زوجته توفيت في حادث وتركت له ابنتين جميلتين.. منذ حوالي عشر سنوات وهو الآن في الثانية والأربعين.
ولم أرَ منه أي شيء سيء.. فهو يحسن معاملتي ويحترم ثقافتي ويحترمني ويحبني كثيراً..
ولم أشعر بمحاولة منه مثلا لإغرائي أو لدفعي في علاقة غير شرعية أو تحرش أو ما شابه.. ولكنني أشعر برغبته في.. وأخجل من.. ومن نفسي إن فكرت فيه حتى..!
أحاول أن اترك عملي.. وأبحث عن عمل آخر.. لأنني سأضعف تحت تأثيره القوي.. وأنا أعرف ذلك.. طلب أن يتعرف إلى أسرتي المقيمة معي بالخارج والتقى به أهلي وبهرهم جميعاً.. بأناقته ورقته واحترامه وذوقه الرفيع..
بدأ يقرأ عن عقيدتي ويبحث فيها.. معجب بالإسلام.. بدأ يتخذ خطوات لا أعلم إلى أين ستأخذه أو ستأخذني.. لكنه رجل رائع لم أقابل مثله.. أبداً!!
أحبه وأقاوم بشدة مشاعره الضاغطة على مشاعري.. وأكاد أسمع قلبه ينبض أحياناً من فرط ارتباكه حين نكون معاً..!
لم أصرح له بأي شيء.. لكنني قلقة عليه.. وعلى نفسي.. لا أريده أن يتألم.. ولا أريد أن أتوجع لقربه أو بعده !!
ولو جاز الزواج منه لتزوجته دون حتى أن أفكر..!!
لكنني لا أعرف.. أين أّذهب وكيف أساعده أو أساعد نفسي.
01/11/2009
رد المستشار
في بعض الرسائل يمكن أن نرى بوضوح معالم وأعراض الفضفضة والمشاركة الحميمة في المشاعر، وهو شيء تمارسه المرأة أكثر من الرجال غالبا، ويبدو أنك هنا تفعلين شيئا من هذا، ويبدو أنك تعيشين في حالة من الارتباك دعيني أحاول أن أصاحبك فيها، وأحدثك عنها حتى تعرفين أين رأسك من القدمين (أبتسم).
حقيقة لم أفهم تستغربين أن يصارحك رجل تعامل معك بالشكل الذي تصفينه، ثم هو معجب بك، وبما رآه منك؟! ولا أدري ما علاقة مشاعره نحوك، وإعجابه بك، ومحاولات تؤكدين أنها لم تحصل منه في صدد إغراءك، أو التحرش بك، أو دفعك إلى علاقة أو مشابه؟!!
إذا كان إعجاب الرجل/ المدير بالمرأة/ المرؤوسة عندنا يأخذ هذه الأشكال فإن ذلك ليس هو الوضع العالمي، ولا الطبيعي ولا العقلاني، إنما هو من بعض البؤس والخبل الذي نعيشه نفسيا واجتماعيا، والعالم ليس مثلنا!!!
دعيني أذكرك بأن البشر منذ آدم وحواء يتعارفون، وقد يتحابون، وحين يحصل هذا فإنهم يبحثون عن إطار يضعون فيه مشاعر وعلاقة الحب التي بينهم هذه، ولم يكن مجتمع الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، والصحابة الكرام إلا مجتمعا إنسانيا عاش فيه الناس ما فطرهم الله عليه، وما أودعه في نفوسهم، ولذلك نسمع ما وصلنا عن السلف قولهم: كنا لا نرى على عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتحابين إلا الزواج، والمعنى واضح مثل الشمس لمن يريد أن يفهم، أو أن يرى، والمعنى الواضح هنا أقصد به أن الصحابة مثل كل البشر كانوا يتحركون في الحياة رجالا ونساء منهم من يريد الدنيا ومنهم من يريد الآخرة، كما يحدثنا محكم التنزيل، أشداء على الكفار رحماء بينهم.. إلى آخر ما وصفهم الله به، وهم في حركتهم البشرية هذه حصل منهم بشكل طبيعي فطري إنساني أن يتحاب رجل وامرأة فيكون الزواج هو الإطار لهذه المشاعر، ولتلك العلاقة التي تبدأ بالتعارف في حركة الحياة، وتنمو بنبض القلب، ودمع العين، وحركة الأحاسيس، وقد كتبت عن هذا في مواضع سابقة لمن يحب الاستزادة.
وفي ثقافات أخرى فإن العلاقات تأخذ أشكالا وأطرا متنوعة بحسب رغبة أطرافها وظروفهم، فنسمع عن علاقات جادة طويلة الأمد، وعلاقات قصيرة الأمد، وعلاقات عابرة...إلخ
ومن عمق جهلنا فإننا نحسب كل هذه الأشكال مجرد انحلال وفساد أخلاق، رغم أنها محض نظام اجتماعي للعلاقات يتضمن بعضها أشكالا هي نوع من الزواج بما يترتب عليه من حقوق وواجبات قانونية واجتماعية، لولا أن القوم هناك صاروا لا يحبون الكنيسة، ويكاد بعضهم لا يطيق أن يربط نفسه بها، ويريد لعلاقاته وحياته كلها أن تدور بعيدا عنها فيختار الشكل أو النمط المدني بالاتفاق مع الطرف الآخر، وبمعرفة الناس، وضبط القانون وإدارته، وجهلنا بهذا كله لا يغير من الواقع شيئا غير أن يطلق هواجس لا محل لها ولا مكان، ومفهوم ـ عندئذ ـ أن تنطلق مثلها في رأسك الغارق في الاستغراب والحيرة!!
الرجل ببساطة يحبك، وغالبا ما يريد الارتباط بشكل جاد، وأحسب أنه مستعد للزواج بك تتويجا لمشاعره نحوك، وعليك الخروج من الدهشة والارتباك لتصلي إلى إجابة الأسئلة التالية:
(1) هل تحبين هذا الرجل، وترغبين به زوجا تشاركينه الحياة؟! وهنا أذكرك أنه كمدير ناجح ليس بالضرورة أن يكون زوجا مرغوبا، وإن كانت إدارته الناجحة لك في العمل ربما تكون مقدمة لعلاقة زوجية ناجحة، وحسابات الزواج أعقد كثيرا من مجرد وجود مشاعر رائعة، أو علاقة عمل قوية جدا جدا كما تصفينها!
(2) هل أنت مستعدة أن تكوني أما لابنتين ـ لم تذكري أعمارهما ـ والبنتان من ثقافة أخرى مغايرة، وستتعاملان مع زوجة الأب القادمة من دين ومنشأ مختلف، فهل تقابلت معهما لجس النبض أو بدأت معهما في اختبار احتمالات النجاح أو الفشل؟!!
(3) ماذا تقصدين بخوفك من أن تضعفي تحت تأثيره القوي؟! لم أفهم هذه إطلاقا!!!! لقد تربيت يا آنستي على أن الحب ضعف، وأن الفتاة تفرط في نفسها وشرفها حين تحب، وهذا كله محض كلام أبله شائع، فمن يريد أن يختار شيئا من هذا يفعله بحب، أو من غير حب، وليست المسألة معركة يضغط عليك فيها بمشاعره وتقاومين؟! ولا أدري ماذا تقاومين؟!
(4) إلى أي مدى سينفعل هذا الرجل بالإسلام ويقتنع به؟! أحسب أنه إذا كان كما تصفينه من أن له عقلا وذوقا فأعتقد أنه سيقبل على الإسلام لو أحسن اختيار مداخل فهمه لهذا الدين الذي يظلمه أبناؤه، ولا يحسنون تقديمه، بل يسيئون إليه باليد واللسان، والفعل والبيان ما وسعهم الجهد!!!
(5) هل فكرت أين ستكون الإقامة إذا حصل زواج؟! هل تعرفين القوانين فيما يخص أبناء المصريات من غير المصريين؟! وربما يحسن بك أيضا أن تعرفي قوانين العمل والإقامة بالنسبة له في مصر، وكذلك إذا كنتما ستقيمان في بلده يحسن بك أن تتعرفي على أهله، فهم سيكونون أهلك، وتعيشين بينهم، وفي إطار ثقافتهم.
(6) هل أنت مستعدة لهمسات وسخافات البعض ممن سيجدون في ارتباطك بأسيوي مثارا للتنكيت والتبكيت والتندر، وكذا ملامح أبنائك فيما بعد؟! ربما لا يهمك هذا، ولكن أحببت تذكيرك به على كل حال، وعليك وضعه في الحسبان مع باقي نواحي الاختلاف في الشكل والثقافة آنستي... يا غارقة في الحب، وما أجمل مشاعر الحب، وما أجمل أن يحبك إنسان رائع لم تقابلي مثله، وما أروع أن ينبض قلبك بتلك المشاعر الرائعة تجاه إنسان يحبك ويحترمك، وما أحلى أن رأيت في عينيه دمعه العشق ولمعتها، فإن الرجال حين يعشقون بصدق، ويعبرون عنه بذوق ورقة وتحضر، ونبض قلب مرتبك، فإنهم حينئذ يحركون الجبال من مواضعها فما بالك بقلب أخضر لأنثى عاشقة؟!
وسط كل هذا الخيال والجمال أتوسل إليك ألا تتزوجي أبدا دون أن تفكري وتابعينا بأخبارك، وتبقى كلمة أريدها أن تصل للرجال العرب لأن أغلبية معتبرة منهم يجهلون تماما لغة المشاعر، ورسالتك دليل عملي على غياب الذكاء العاطفي والاجتماعي، ومهارات إدارة علاقة مع الجنس الآخر، ولهذا الوضع أسباب كثيرة، ونتائج متعددة أسلمتنا إلى أن نصبح كتلا من الغباء الإنساني والاجتماعي والعاطفي تسير على قدمين، وأقول مستندا إلى خبراتي أن أغلب رجالنا فاشلون بامتياز حين يتعلق الأمر، بالاقتراب من أنثى، أو احترام عقلها ومشاعرها، أو جذب اهتمامها، وتحريك عواطفها وأحاسيسها، وهذا الفشل والغباء يصاحبهم من قبل الزواج ليصبح كارثة من بعده حين تجد المرأة أنها بحلم العمر الذي بقيت تعيش وتحلم من أجل أن يقع قد ألقت بنفسها تحت رحمة مخلوق قاسي، وفظ القلب، سليط اللسان أحيانا، وجامد المشاعر، وتتضاعف الكارثة حين نتذكر أن حواء العربية هي أيضا كتلة من الغباء والهشاشة والتخلف والبدائية العقلية العاطفية بما يجعلها عاجزة عن فهم المفارقة والتناقض اللذين يعيشهما "أبو العيال" بين الإطار الاجتماعي السائد، والتنشئة المشوهة التي جعلت من النساء ومن الرجال هكذا، مع جهلها طبعا، وعدم استعدادها من جهة أخرى للتدخل الرفيق الرقيق الدؤوب في تدريب وترقية هذا الإنسان البدائي الذي تزوجته!! وطبعا أنا لا أعمم، ولكنني أشير إلى الأغلبية التي زرعناها فشلا وتخلفا فحصدناها تعاسة، ومعدلات طلاق تتزايد، وخيانات زوجية تتصاعد بوتيرة مخيفة!!
إن الأصوات تتنادى اليوم لتأسيس فقه ومدارس للسعادة الزوجية، وتكوين مناهج إعداد زوج ناجح وزوجة ناجحة، وحتى تستقر هذه المبادرات وتؤتي ثمارها فلا مانع من أن نطلب العلم ولو في الثقافة الآسيوية!!!