عد كتب الكتاب: أطلب الطلاق أحسن؟ م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أستاذة رفيف الصباغ،
أشكرك على وقوفك بجانبي وردك على مشكلتي، وأتمنى أن تقفي مرة أخرى بجانبي وتتفضلي بالرد عليّ، فليس ي بعد الله غيرك يريحني ويكون صريحاً معي.
أريد أن أخبرك الحقيقة كاملة. أنا ما زلت أبكي أحياناً وأرضى أحياناً؛ أقول لنفسي ليتني سمعت كلامه في المسائل الدينية التي كان يفرضها عليّ ما دام هو نفسه لم يكن ينفذ ما يأمرني به بحذافيره، فكم مرة قال أنه كان يستمع للأغاني عندما يغادر بيتنا لئلا ينام أثناء القيادة! وكثيراً ما كان يقول لي أنه يتابع فيلماً، ووالده كان ممثلاً، وتعرف على العديد من النساء. ألوم نفسي وأقول ليتني احتملته فهو لم يكن بمثل هذه الحدة أثناء وجوده معي في مصر، وليتني احتملت بخله في عواطفه معي طالما أنه ليس بخيلاً علي، فكان يأخذني كثيراً لمطاعم غالية واشترى لي هاتفاً جوّالاً بحوالي 1900 جنيه.
على الرغم من أني كنت في أشد الحاجة للكلام الحلو في هذه الفترة لأني كنت خائفة من الغربة، ومن مفارقتي لأهلي وأصحابي وبلدي. ليتني ما انفعلت مرتين عندما كان يحدثني في الدين ومواضيع جدية، وأنا أنتظر منه كلاماً يشعرني بأنوثتي وشوقه لي ويطمئنني بأني لن أشعر بالغربة، لم يقل لي سوى مرة واحدة أنه يشتاق لي خلال شهرين من سفره، ولم يمازحني، خصوصاً أنه عاقد عليّ وليس هناك ما يحرم في حديثه عن شوقه لي، فهل كنت تافهه بسبب ذلك؟.
أمر آخر أود أن أخبرك بأمر يقلقني فلا أنام بسببه؛ هل طلقت لأن الله غضبان عليّ وأراد أن ينتقم مني لأني كنت أشكوه لأصحابي وأهلي حين أتعب من بخله في عواطفه ومن مشاكلنا؟ كنت أقول في فضفضتي تلك أني مخنوقة وأني أريد أن أتطلق، لكن ما طلبتها منه قط، بل العكس هو الذي قال لي بطريقة غير مباشرة مرتين بأننا مختلفان في رؤيتنا للدين وأني يجب أن أكون مثله وأسمع فقط لنفس شيوخه وإلا لن نتمكن من العيش معاً، ويطلب مني الرد عليه.
سأحكي لك آخر شيء حصل معه لتحكمي عليّ بصراحة إن كنت أستحق الطلاق، فإن كنت مخطئة فعلاً فلا أكرر خطئي وأتعلم منه، وإن كنت غير مخطئة سأرتاح من إحساسي بالتأنيب والندم.
يا أستاذتي العزيزة، قبل مجيئه إلى مصر بخمسة أيام حدثت بيننا مشاجرة كالتالي: في ذاك اليوم كان عندي عذر شرعي يمنعني من الصلاة والصوم وتلاوة القرآن، وذهبت إلى بيت خالي تلبية لدعوته على الإفطار. عدنا إلى البيت في وقت متأخر، فأخذ ينصحني بألا أضيع رمضان على الرغم من علمه بعذري وأني في غير ذلك أواظب على جميع الصلوات والتراويح وقراءة القرآن وأشاهد التلفاز قليلاً، فردّ أن ليس لي حجة بسبب عذري الشرعي وعلي أن أجلس وأذكر الله وأسبحه، وطالت المكالمة في النصح، استمرت ساعة بعدها قلت له بأني أستوعبت كلامه وأني نادمة على تضييعي للوقت في غير العبادة ولست في حاجة للمزيد من النصح، فغضب وقال لي أني متكبرة وأني أعتقد أني أضمن دخول الجنة، وأن كل ما يقوله لا يعجبني وأراد أن ينهي المكالمة، لكني رفضت وأوضحت له أني متقبلة كلامه ولكني اكتفيت بالنصح القليل وأني لا أقترف ذنوباً في رمضان وأحاول إرضاء الله، فأنكر عليّ ذلك لأني أشاهد بعض الحلقات من المسلسلات فيها رجال، فلما فشلت في إقناعه قلت له: "لا تغضب فإذا كنت أشاهد شيئاً أو أسمع أغنية فربنا سيحاسنبي أنا وليس أنت".
فقال غاضباً: أتنوين فعل الحرام من ورائي؟!، وغضب كثيراً وهدد أن لو فعلت ذلك فسيوقف النت ويتخلص من التليفاز، فضقت ذرعاً بذلك وصارحته بشعوري أني مسيحية ويريد دعوتي للإسلام وأني سأعيش في سجن معه، فقال لي أنه تعب من الكلام وما قيل فيه الكفاية، فأجبته بأن يعمل ما يريحه، وانتهت المكالمة. مضى على تلك المكالمة خمسة أيام جاء عاد بعدها لمصر، حاولت في تلك الفترة الاتصال به مرة واحدة كنت أرسل له رسائل أخبره فيها أني خارجة مع أصحابي أو أهلي، بينما لم يحاول ولا مرة الاتصال بي ولم يرد عليّ في المرة التي حاولت أن أكلمه فيها. في موعد وصوله فجراً لمصر أرسلت له رسالة أقول له فيها حمد الله على السلامة وبعدها ببضعة ساعات اتصلت على بيته ولم يرد عليّ، وفي نفس اليوم اتصل والده بوالدي وقال له أنه يرغب في زيارتنا.
جاء هو ووالده وأخوه لكني لم أخرج لهم بأمر والدي، وفي هذه الزيارة أخذ يعدد عيوبي وكان ينادي والدي بحج وليس بعمي كما كان يقول له، وقال والده أنه يريد أن يعرف مطالبنا، وكان وجود أخاه سلباً فلم ينطق بشيء، قال والدي أن الطلاق شيء صعب وطلب مهلة 4 أيام قد يغير الله فيها الأحوال. كلمت أخته ووسطت أحد الشيوخ بأن يصلح بيننا لكنه رفض، كما عرض عليه والدي أيضاً الصلح ولكنه رفض كذلك قائلاً: "أتريد أن نأتي بالمأذون للبيت أم نتقابل خارجاً" وطلب من أبي أن يعطيه نصف حق هدايا كان أهداني إياها -هاتف جوّال، وزجاجة عطر- وأخذ مني نصف شبكتي على الرغم من أنه لم يقدر لي مهراً.
هذه هي الحقيقة كاملة، فهل كنت مخطئة؟ هل كان علي أن أحاول كثيراً أثناء خصامه لي؟ أن أتصل به؟ هل كان يجب عليّ أن أحاول الاتصال به عند وصوله بدلاً من إرسال رسالة؟ هل أستحق الطلاق بسبب ذلك؟ أصدقائي يقولون لي أن احمد الله فهو إنسان غير مهذب وغير متدين بحق بسب طريقة انفصاله عني، وأنه ليس كريماً كما كنت أعتقد لطلبه نصف ثمن هدية أهداني إياها وهو عاقد عليّ، وإن كان رجلاً حقاً ما كان انفصل بهذه الطريقة.
أرجوك قولي لي: هل أنا ظالمة أم مظلومة؟ أنا الآن غير واثقة في نفسي، من سيود الارتباط بي، وقد تم عقد قراني من قبل، وإن وافق أحد على الارتباط بي فيجب عليّ التنازل كثيراً عن مواصفات فتى أحلامي حتى أتزوج وأتقبل شروط من يريد الارتباط بي.
أرجوك لا تبخلي عليّ بالرد.
22/9/2009
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختي الكريمة؛
أسأل الله تعالى أن يعوضك خيراً. أحب أن أوضح لك أموراً قد تفهمين من خلالها ما جرى معك:
- إن فشل الزواج لا يعني بالضرورة أن أحد الزوجين –أو كلاهما- سيء، أو ظالم... فربما كانت الفتاة خلوقة متدينة، وكذلك الشاب... ولكن ما أن يرتبطا حتى يبدأ بالشكوى من بعضهما! وإذا رجعت إلى السبب وجدته إما تنافراً في الطباع الشخصية، أو اختلافاً بائناً في المستوى الاجتماعي، أو في التقاليد... تجعل الحياة جحيماً لا يطاق بالنسبة لهما! وليس أدل على هذا من قصة زواج السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها من حِب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زيد بن حارثة رضي الله عنه! فكلاهما صحابي مشهود له بالصلاح، ولكن الفارق الاجتماعي بينهما نكَّدَ عليهما معيشتهما وانتهت حياتهما بالطلاق، فهو عبد وهي من أفضل القبائل: قريش! وقد أكرم الله تعالى السيدة زينب بعد طلاقها فكانت زوجة لنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
- ليس كل متدين محب لدينه يحسن عرض دينه والترغيب به -للأسف- وكم من داعٍ يظن نفسه آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، ويحتسب أجر عمله عند الله، ولو وزن عمله بميزان الشريعة لكان أمره ونهيه أشد حرمة من المنكر الذي ينهى عنه. فلا يكفي للدعوة إلى الله تعالى أن يعلم الإنسان الحكم الشرعي، بل لا بد أن يعلم طبائع النفوس، ويحسن الترجيح بين المصالح الشرعية، ولا بد لتعلم كل هذا من تعلم أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأحكام التربية، والتعرف على خبرات العلماء المشهورين الناجحين، والخوض في تجارب متعددة. ولهذا نجد مثل هؤلاء المتدينين يفشلون في تربية أولادهم –ومن قبلهم زوجاتهم- وترينهم هم في واد وأهل بيتهم في واد! أو لعلهم يطيعونه كرهاً ونفوسهم مليئة بالعقد النفسية، والأفكار المشوهة عن الدين.
- إنفاق المال لا يدل بالضرورة على كرم الأخلاق! فكم من منفق ينفق رياءً، أو لمصلحة، أو يرتجي عوضاً عن نفقته،... فإذا لم يحصل على ما يريد انقلب كرمه بخلاً وشحاً وظهرت أخلاقه على حقيقتها.
- يحق لأحد الزوجين أن يطلب الانفصال عن الآخر إذا وجد من نفسه نفوراً وكرهاً شديداً للآخر، وليس هذا من الذنوب! ولن ينتقم الله ممن يفعل هذا... كذلك ليس من الذنوب أن يعبر أحد الزوجين عن عدم ارتياحه من الآخر، وخاصة قبل تمام الزواج من باب الاستشارة وطلب النصيحة، فالانفصال في هذا الوقت خير من الانفصال بعد الدخول وإنجاب الأولاد.
وما زلت أرى أن البعد بين تفكيركما كبير، وأنك كنت لن ترتاحي معه لو استمرت العلاقة بينكما.
لهذا لا تكثري من التفكير، وكوني موقنة أن قضاء الله خير للمؤمن، واحتسبي حزنك وطلاقك واسألي الكريم الرحيم أن يعوضك خيراً.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>> بعد كتب الكتاب: أطلب الطلاق أحسن؟ م2