لم أرَى منها إلا عينيها... أحبها
أخي الدكتور محمد المهدي وأختي الكبيرة الأستاذة رفيف الصباغ، السلام عليكم ورحمة الله؛
أرجو أن تسمحا لي بإبداء رأيي في هذا الموضوع.
دكتور محمد، أرى في كلامك ووصفك لفتاتك اندفاع عاطفي كبير ربما من أسبابه أنها أول فتاة ملتزمة تتعرف عليها بعد التزامك فالظاهر من كلامك أن الفتيات في بيئتك غير ملتزمات وهذه الزميلة هي تجربتك الأولى مع الملتزمات، أقدر مشاعرك الراقية والجميلة تجاهها ولكن الحياة الزوجية أخي العزيز لا تبنى على المشاعر وحدها -رغم أهميتها- فهناك نقاط أخرى يجب أن تأخذها بعين الاعتبار وربما من أهمها مدى التكافؤ الاجتماعي بين عائلتكما وهل عائلتك تقبل ارتباطاك بفتاتك وهل عائلة فتاتك تقبل ارتباطها بك؟؟ قد تقول أن هذا الأمر غير هام ولكن صدقني لقد رأيت حالات حب انتهت بالفشل وبآلام لكلا الطرفين بسبب هذه النقطة خاصة أن فتاتك منقبة فربما بعض الأسر ترفض هذا الأمر لزوجات أبنائهم أو ربما أسرتها ترفض ارتباطها إلا بشاب ذو مواصفات معينة "كأن يكون ملتحي أو حافظ للقرآن" فتأكدوا من هذه النقطة أولا، كما أرجو منك أن تتأكد من مشاعرك تجاه فتاتك وأنك أحببتها لذاتها وليس لكونها أول ملتزمة تتعامل معها.
كما أني لاحظت من كلامك كأن مفهوم الالتزام ليس واضحا بشكل كامل بالنسبة لديك فالاتزام أخي الكريم ليس مجرد فرائض نمارسها ومحرمات نتركها وإنما هو منهج حياة كامل متكامل ينظم حياة الإنسان وعلاقته بربه وبنفسه وبالناس بل وحتى بالحيوانات، فالإسلام مثلا وضع ضوابط للعلاقة بين الجنسين فلا يوجد في الإسلام ما يسمى بصداقة بين الجنسين -وأتمنى من الأستاذة رفيف بحكم تخصصها الشرعي أن تذكر لنا ضوابط العلاقة بين الجنسين بشكل مفصل خاصة في الجامعة لأننا معشر الشباب نعاني من ضبابية في هذا الأمر وواقعين بين الإفراط أو التفريط وأصبحنا نسمع مصطلحات جديدة كالصديقة الشرعية!!- لذا فأقترح عليك أن تزيد من ثقافتك الدينية بالقراءة والإطلاع فظاهر من حديثك أنك تملكين عاطفة دينية جيدة أسأل الله أن يجعلني وإياك من عباده الصالحين.
نعود لفتاتك و"زعلك" منها لأنها لم تعبر عن حبها لك، فأقول لك أخي الكريم بما أنها ملتزمة فحيائها سيمنعها حتى من ذكر هذه الكلمة لك لأنك بحكم الشرع الإسلامي ما زلت إلى الآن رجل أجنبي بالنسبة لها لكن طالما أنها وافقت عليك فهذا يعني أنها تحبك وإلا لكانت اعتذرت منك بلطف فهل يعقل أن تكون لا تحبك ولكن تتفق معك على الارتباط!! وربما ستعبر عن حبها واهتمامها بك بطرق غير مباشرة لا تخدش من حيائها كأن تخبرك بأنها تدعو لك مثلا.
كما أنصحك أخي الكريم إذا حصل نصيب وارتبطت بفتاتك أن تتعامل معها بواقعية ولا تنسى أنها في النهاية إنسانة تصيب وتخطئ فلا تتوقع منها الكمال فالكمال لله وحده، وأسأل الله أن يختار الأصلح والأنفع لكما في دينكما ودنياكما، وأتمنى أن تتقبلني أخا وصديقا لك فأنا زميلك في السنة الثالثة في إحدى كليات القمة في بلدي.
وأستاذة رفيف يعجبني كثيرا أسلوبك الرائع في الردود على استشارات السائلين وأحرص على قرائتها فأنت تردين بطريقة مختلفة عن الردود النمطية للدعاة وعلماء الشريعة على مشكلات الشباب فردودك تتميز بأنها واقعية ومنطقية وتفهمها لنفسية كاتبها وعدم حدتها أو شدتها على المخطئ حتى أن الشخص لا يتوقع أن كاتبة الرد حاصلة على شهادة ماجستير في الفقه الإسلامي وليس في أحد العلوم; النفسية!!، فأسأل الله أن يزيدك علما وإيمانا وأن ينفع بك الإسلام والمسلمين وأن يكثر من أمثالك في الأمة، وأرجو منك أن تدعي الله لي أن يرزقني الزواج بفتاة مؤمنة تقية نساعد بعضنا على النهضة بأمتنا والعمل لخدمة الإسلام والمسلمين.
وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله
24/3/2010
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، يا أخ عرفان...
لكم تسرني المشاركات التي يتناصح فيها القراء، ويحث بعضهم البعض على التمسك بالحق، وجميلة مفيدة هي مشاركتك، وأرجو أن يستفيد منها الأخ السائل..
نورتني يا عرفان!! ما هي هذه (الصديقة الشرعية) التي ظهرت على الساحة؟! هذه أول مرة أسمع بها!!! ومن يعش، يسمع ويرى!!
بالنسبة لما طلبته من الكلام عن حكم العلاقة بين الشاب والفتاة، فهناك استشارة أجبت عليها من فترة وجيزة، تسأل عن الحب بين الشاب والفتاة... وهي لم تنشر إلى هذه اللحظة التي أكتب فيها الرد على مشاركتك، ولعلها تكون نشرت قبل نشر هذا الرد...
غير أن الأمر –على ما يبدو- أصبح يحتاج مقالاً مستقلاً، فادع الله تعالى أن ييسر كتابته...
ثم أعجب وأحزن من الحال التي وصلنا إليها، والتي أصبح الناس يستغربون أن يتكلم دارس العلوم الشرعية، أو داعية، بكلام يناسب النفوس ويتعامل مع من حوله على أنهم بشر!!!
ورغم وجود ثلة طيبة من العلماء والدعاة الذين يحسنون التعامل مع الناس والنفوس، إلا أن الشريحة الغالبة التي تتصل مع الناس –وللأسف- لا تحسن التعامل مع نفسها فضلاً عن التعامل مع الناس!!
أعجب، لأن المفروض أن الشرع جاء لتربية النفوس، فكيف لا يحسن الدعاة ذلك؟! الجواب وبكل بساطة، أنهم تعلموا عددًا من الأحكام، غير أنهم نسوا أن يتعلموا أحكام عملهم ودعوتهم إلى الله تعالى وهو فرض عين عليهم!! بل لم يخطر في بالهم أصلاً أن لعملهم هذا أحكامًا!! وإنما أخذوها على مبدأ (أخبرتني أمي عن جدتي أن علي أن أفعل ذلك)!!
وأقول –لا تزكية ومدحًا لنفسي- بل تبينًا لعظمة هذا الدين، أقول: إن الأسلوب الذي أبدى عدد من القراء إعجابهم به، إنما أخذته من كتب الفقه، ولم أكن قبل هذا أفقه شيئًا في هذا المضمار!!
وأنا منذ ست سنوات أعمل عملاً جادًا للبحث في هذا الأمر ولاستخراج ضوابط إصلاح النفوس من كتب الفقه... وهذه باختصار رسالة الدكتوراه التي أعدها! وإنما اخترتها لما رأيته من قلة العلم عندي وبين الدعاة في هذا المجال، وانطلاقًا من فكرة: أنه إذا كان لبيع الرغيف أحكام في كتب الفقه، أفلا يكون لبناء الأنفس وإصلاح الأمة أحكام؟؟ وفعلاً هناك أحكام... وفعلاً يجب –وجوب عين- على كل من أراد تربية أحد، أو دعوته، أو تعليمه أن يتعلمها... وما هذه العاهات البشرية التي تراها تسير أمامك إلا نتاج التربية الجاهلة بتلك الأحكام والضوابط!!
فأسأل الله تعالى أن يلهم الناس رشدهم، وأن يرزقك زوجة صالحة تتعاون معها على تربية جيل صالح بالطريقة، وعلى الطريقة التي يرضاها الله تعالى ورسوله، وأن يجري على أيديكما الخير العميم لهذه الأمة..