تعبت ونفسي أرتاح..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أنا فتاة في ال16 من عمري، كنت أعيش مع أسرتي في الخارج منذ أن كنت في السادسة من عمري، عانيت من الوحدة الشديدة طوال سنوات طفولتي ومراهقتي، فأنا بلا أصدقاء ولا أقارب، ولكن لم تكن الغربة هي السبب في ذلك بالعكس لقد أحببت إقامتنا في الخارج حيث أننا كنا في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتاح لنا ما لا يتاح لغيرنا من العمرات والحج والصلاة في الحرمين المكي والمدني.... لكن سبب وحدتي هو أهلي، حيث لا يمر عليَّ عام في مدرسة إلا وينقلوني إلى أخرى لسبب من الأسباب! في كل مرة كنت أحاول أن أجد أصدقاء وأخرج من حالة الوحدة، ولكنهم لا يلبثوا أن ينقلوني إلى مدرسة أخرى، فمللت من ذلك وفضلت البقاء كما أنا في وحدتي... وقد نقلوني من ما يقارب ال10 مدارس طوال سنوات دراستي.
ولكن لم يقتصر الأمر على هذا الجانب فقط بل كنت عندما أحاول أن أجد في أسرتي ما يعوضني عن تلك الوحدة تزداد الأمور سوءًا.. فأبي وأمي طوال الوقت في العمل وإن عادا منه يكونان مرهقان ولا يطيقان سماع أحد، وعندما أعترض على ذلك، وأنه يكفي أن يعمل أحدهما ويتفرغ الآخر (أمي) لرعايتنا يكون الرد المعتاد: (وإحنا بنعمل كل ده عشان مين يعني؟!.. مش عشانكو، عايزة بابا بس هو اللي يشتغل؟؟.. عشان نفضل عايشين هنا بقية عمرنا، جيل آخر زمن) وفي الحقيقة أنهم لم يكونوا يفعلون كل ذلك من أجلنا بل من أجل أنفسهم فبما سيفيدنا (الفيلا والعربية!) إذا كنا قد فقدنا طعم السعادة والراحة النفسية، فأصبحت الوحدة جزء مني وأصبحت أميل إلى الانطواء...
كان عزائي الوحيد هو المجال الوحيد الذي أبرع فيه في حياتي وهو (الدراسة) قد كنت منذ صغري الأولى دائمًا، وأنجح بتفوق، ولم يكن أي شيء يؤثر على تفوقي لا حزن لا فرح لا اكتئاب لا وحدة وأحمد الله أني نجحت في شيء ما في حياتي فلقد فشلت في جميع الجوانب وأولها الجانب الاجتماعي.
استمرت الحال على ما هي عليه إلى أن بلغت ال 12 من عمري فقرروا أن تكون تلك آخر سنة لهم، وعادت بنا أمي إلى مصر، وبقي أبي ليكمل تلك السنة على اعتبارها آخر سنة. لم أستطع أن أصدق ذلك، وكأن روحًا جديدةً قد بُعثت في قلبي، وقررت أن أبدأ حياة جديدة، وسأكوّن صداقات عديدة، وأعيش حياة طبيعية في بلدي.
عدنا وألحقتنا أمي بأحد أفضل المدارس في محافظتنا، وبدأت أتكيف نوعا ما مع زملائي، وأحاول إيجاد صداقات، ولكن ما كان دائمًا يزعجني، أنهم كانوا يعاملونني على أني (كائن غريب من كوكب ثاني) ولكن سارت الأمور بطريقة جيدة على محورين:
1- محور الأصدقاء: فكوّنتُ صداقة مع ثلاثة فتيات، بالطبع لم تكن كل واحدة قريبة مني مثل الأخرى فواحدة كانت مجرد صاحبة لا صديقة، ولم أكن أبوح لها بأي أسرار. وأخرى كنت أحبها جدًا، ولكني لم أكن أخبرها بالكثير لأنها كانت شديدة الطيبة وعلى رأي المثل (ما بيتبلش في بؤها فولة). والأخيرة كانت تمثل عليَّ دور الصديقة الصدوقة! ولم أستطع كشفها إلا متأخرة حيث أنها في جلسة حوارات بنات جاءت سيرتي وكانوا يتكلمون في موضوع ما فإذا بها وقد باحت ببعض أسراري! وعندما عدنا إلى المدينة بعد عام كوّنتُ صداقة حقيقية مع فتاتين، ولكن عند عودتنا هذه السنة مرة أخرى إلى مصر ذهبت كل واحدة إلى محافظتها وافترقنا، ولكننا ما زلنا نتواصل عن طريق الانترنت والهاتف، ولكن هذا ليس كافيًا بالطب، وبعد فترة سينشغل كل منا في حياته، وتنتهي هذه الصداقة، ولكني رغم ذلك لم أهتم كثيرًا، فقد كان هناك المحور الثاني وهو الأهم بالنسبة لي .
2- محور الحب: بالطبع لم يكن ببالي حب في تلك السن المبكرة ولكني وجدت أحد زملائي في الفصل مهتمًا بي اهتمامًا شديدًا، فلم يكن يرفع نظره عني، في البداية استغربت الأمر ولكن عندما بلغت ال 13 من عمري في تلك السنة الدراسية بدأت أشعر نحوه ببعض المشاعر التي لم أشعر بمثلها من قبل، ولم أستطع تبريرها، وبدأت أبادله النظرات والابتسامات والإشارات. وعندما صارحني بحبه صارحته بحبي له أيضًا، وكنا في فترة امتحانات سيعقبها إجازة فطلب مني رقم هاتفي بما أننا سنقضي الإجازة وكل واحد في مكان، وعندما نعود إلى الدراسة لن يتحدث إليّ لكي لا يعيقني عن الدراسة، فوافقت وعشت معه أجمل قصة حب في العالم، وكانت قصة روميو وجوليت بالنسبة إلينا (شوية عيال كانوا بيلعبوا) فقد كان يستطيع أن يحتويني ويفهمني وكان فيه كل المميزات التي تتمناها أي فتاة، كان حنونًا ويخاف عليّ من أي شيء، متدين يدفعني إلى التقرب إلى الله أكثر، كان حافزًا لكي أتفوق، ولم يكن (مائعًا) كباقي القصص التي نسمع عنها، وعندما يجد مني ما لا يحبه كان ينتقدني برقة لكي أكون أفضل إنسانة في العالم، ولم يكن له سوى عيبين أو ثلاثة:
عنيد: ولم يكن ذلك بالعيب الخطير إلى جانب تلك المميزات.
سلبي: فقد أدركت ذلك العيب من الوهلة الأولى ولكني تغاضيت عنه أو أعطيته مسمى أفضل (حساس) فقد كان لا يقدم على فعل شيء إلا إذا كانت كل الأمور إيجابية، وإذا حدث أي شيء غير معتاد فإنه يتوقع الأسوأ.
لا يسامح أحد بسهولة: ولكنه أخبرني أنه سيسامحني على أي شيء لأنه أحبني من كل قلبه، لم يكن ذلك أيضًا يعني لي شيئًا، وكان أهم شيء أن يكون بجانبي...
لم أستطع أن أحكم على نفسي إذا كنت فعلًا بنفس روعته، ولكني أحببته حبًا جنونيًا وصل بي إلى درجة أنه إذا غاب عني فترة طويلة أستيقظ ليلًا أبكي وأنادي عليه كالطفلة الصغيرة، ولكني لم أعطه ثقتي كاملة لأن تلك كانت أول مرة أعطي فيها الأمان لشخص... وكان ذلك يزعجه فلم أكن أعطيه المبرر الصحيح، وهو معاناتي سابقًا من الوحدة بسبب تلك الظروف لكي لا أشوه صورة أفضل حبيبة -التي رسمها لي- وفضلت أن أخبره بأن الثقة شيء يكتسب وليس شيء يمنح، وأنه سيكتسبها مع الوقت... وكنت أُكثر من اختباره لكي يطمئن قلبي، لكني كنت أشك في أي شيء بسرعة مما قد يجعلني أحيانا أتفوه بكلام قد أندم عليه لاحقًا، وكان في كل مرة يسامحني.
كانت حياتي معه في منتهى الروعة، وشعرت أنه هدية سماوية من الله ليعوضني عما فات، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن! فقد أخبرتني أمي أننا سنعود مرة أخرى إلى المدينة كان هذا الخبر بالنسبة لي كالصاعقة، وعندما أخبرته بذلك كاد ينهار، وترجاني أن أحاول مع والديّ لكي يتراجعوا عن ذلك. ولكن هيهات فقراراتهم بمثابة قرارات المحكمة الظالمة لا رجوع ولا استئناف فيها! وجاءت ليلة سفري، وتحدثت معه لأخر مرة، وانخرط في البكاء، وبكيت أنا أيضًا. كانت تلك من أصعب لحظات حياتي، ولكني وعدته أني لن أتركه وسأستمر في محادثته من هناك، وهو وعدني أنه سينتظرني تلك السنة إلى أن نعود مجددًا.
في تلك الفترة كنت أكره أبي وأمي كما لم أكره أحدًا في حياتي من قبل! شعرت أنهما أبعداني عن الشخص الذي يجعلني أستمر في حياتي. حاولت أمي في تلك الفترة التقرب مني ومصادقتي فأوهمتها أني موافقة ولكني لم أكن أخبرها إلا بما أريد أن أخبرها به لأني في قرارة نفسي عندما حاولتْ ذلك كنتُ أريد أن أقول لها (بعد إيه يا أختي...جاية متأخرة أوي) عندما وصلت هناك تحدثت معه لمرة واحدة ثم عندما حاولت الاتصال به بعد فترة وجيزة وجدت هاتفه مغلقًا وظل مغلقًا لمدة 4 أيام، في البداية قلقت عليه ثم بدأ الوساوس في عقلي يا ترى ماذا حدث هل تخلى عني؟ هل أحب غيري؟ هل مل من هذه الحالة؟ هل.. هل..الخ ثم فتح هاتفه، واتصل بي، ثم بعث لي برسالة يخبرني أن هاتفه كان معطل. ولكني كنت في قمة الغضب فإذا تعطل هاتفه ألم يكن يستطيع أن يتصل بي من أي هاتف آخر ليطمئنني عليه فقط؟
وانتابتني تلك الحالة التي أتفوه بها بكلام قد أندم عليه -وقد ندمت عليه فعلًا- فشغلت برنامجًا على هاتفي يعيقه عن الاتصال بي، وبعثت إليه رسالة في منتهى القسوة أخبره فيها أن كل ما بيننا قد انتهى، وأطلب منه أن ينساني بما أنه تعود على ذلك. ظننت أنه كالمعتاد سينتظر أن أهدأ ثم سيحدثني فإذا به أرسل رسالة واحدة: (هو في إيه؟) ثم أغلق هاتفه إلى الأبد وقد علمت فيما بعد أن هاتفه قد تعطل نهائيًا، أصابني الهلع الشديد عندما حدث ذلك، وأحسست أني غلطت غلطة فادحة وحاولت الوصول إليه بطرق عديدة:
1- بعثت إليه بصديقة من صديقاتي لتحاول أن (تجر معاه ناعم وتشوفه زعلان ولا فعلاً كل حاجه انتهت) فأجابها بكل سلبية: نهى مين؟ أنا معرفش حد بالاسم ده؟ لم أهتم بذلك وقلت ربما ظن أني لم أخبر صديقتي بما كان بيننا فتظاهر بذلك.
2- استطعت الحصول على رقم أخته، وجلست أتحدث معها لأتوسل إليها أن تعطيني رقمه الجديد لكي أكلمه وأعتذر له -وكان ذلك بعد ما يقارب العام- فأخبرتني أنه قال لها: نهى مين؟! وعندما أخبرته أني كلمتها، رفض أن يتحدث إليّ) أيضا لم أهتم وظننت أن ذلك بتدبير من أخته فهي لم تكن تحبني كثيرًا، وكانت تماطل معي.
كنت قد اكتأبت في هذه الفترة، وعندما عدنا بعد ذلك العام أخبرني أبي أننا سنرجع لعام آخر -أنا كالعادة لم أستطع فعل شيء- وعندما أخفقت محاولاتي فكرت أنها لم تكن غلطة بل قدر وأن فشل المحاولات كان علامة من الله لي لكي أتوقف.
لكن حبي له كان فوق كل الاحتمالات والأفكار، فاستمريت عندما عدنا هذا العام وقد مر على ذلك عامين وبضعة شهور، علمت أن أخته قد توفيت منذ فترة وجيزة، فحاولت أن أصل إليه لعلمي أن الإنسان في حالات الحزن يحتاج إلى أحبابه، وأنه لربما يسامحني، فاستطعت أن أحصل على رقم هاتف منزله وساعدني قريب لصديقة لي، فاتصل بمنزله على أنه صديق له وجلب لي رقمه.
فرحت ولكني كنت في شدة القلق لأني عندما شاهدته صدفة لم يبدي أي مشاعر أو تعبيرات وكان كمن يمر بجانب شخص لا يعرفه عندما حاولت الاتصال به كنت في قمة الخوف ففضلت أن أرسل له رسائل أولًا، ثم أتصل به فقلت له فيها الأتي: (أزيك والبقاء لله في أختك أنا عارفه إنها متأخرة أوي وإن سنتين كثير أوي وإنك ممكن تكون نستني أصلا بس أنا محتاجة أتكلم معاك وأشرح لك الظروف وإيه اللي حصل فلو الموضوع لسه همك اسمح لي أكلمك ونتفاهم عشان مينفعش كل حاجه تخلص فجأة ومن غير أي مبرر. ممكن أكون أنا السبب أو أي حاجه تاني.. معرفش بس اللي أعرفه أن اللي بيحب بجد بيسامح ولو كرهتني ومش عايز تسمع صوتي أصلا عرفني بس مشاعرك ناحيتي شكلها إيه دلوقتي وعايزاك تعرف حاجه مهمة: أنا حبيتك بجد وعمري ما نسيتك ومش هقدر أبطل أحبك حتى لو كرهتني) انتظرت رده فإذا به أغلق هاتفه لمدة 3 ساعات ثم فتحه عندما حاولت الاتصال من هاتف أخر ردت عليّ والدته.
استمررت في المحاولة لمدة يومين فكانت هي من ترد عليّ كل مرة فخمنت أن هناك تفسيرين لما يحدث:
1- أنه لا يريد محادثتي فأعطى الهاتف لأمه لكي يتجنب ذلك.
2- أنه ترك الهاتف ذلك اليوم في المنزل وهي من قرأت رسائلي فحدثت مشاكل! لم أستسلم أيضًا وطلبت من قريب صديقتي أن يتصل به ليعرف ما حدث أو على الأقل يبلغه اعتذاري، ورسالة مني فاتصل به ردت أمه ثم أعطت الهاتف له وعندما أخبره أنه قريب لي -للاختصار بدل ما يقول قريب لصديقة- فرد عليه بنفس السلبية: نهى مين؟ أنا معرفش حد بالاسم ده؟ انهرت عندما وصلني هذا الرد ولم أستطع أن أفعل المزيد فقد كان نفس الرد الذي يصلني كل مرة، ولم أفهم لماذا كان يفعل ذلك، فكان بكل بساطة يستطيع أن يخبر أيا من الذين ساعدوني بأنه مثلًا نسيني وأنه سيذكرني بالخير لكن كل شيء انتهى.
أما هذا الرد فكان يثير جنوني لكن ما يزيد تعبي أن قلبي يشعر أنه ما زال يحبني لكن لماذا يفعل ذلك بي كان ببساطة يستطيع أن يخبره أنه نسيني على الأقل لأحاول أن أنساه!
وعادت حياتي كما كانت في بدايتها لا أصدقاء لا حبيب لا شيء لقد مضى على ذلك قرابة الشهر وأنا حاليًا أعيش حياتي بشكل طبيعي. أي شبه تجاوزت ما حدث، ولكن ما إن يأتي مشهد عاطفي أو أغنية عاطفية في التلفاز أو أسرح أو أسير في الشارع فأتخيله أمامي فيقلب ذلك عليّ المواجع وأعود للتفكير في الأمر من جديد.
ذلك ساعدني نوعًا ما لكني متحيرة فهناك كلام صادر عن عقلي يقول لي: هذه التجربة كانت خيرًا لي من جميع النواحي حتى لو انتهت، من ناحية قضيت معه أجمل أيام حياتي، ولن أنساه فسيظل ذكرى جميلة في قلبي مهما فعل. ومن ناحية أخرى أدركت أني مهما أحببت هذا الشخص وبصرف النظر عن حجم مميزاته فقد كان لديه عيبين لا يصلحان معي السلبية وهذا معناه أنه إذا حدثت أي مشكلة كنت سأواجهها وأحارب من أجل حلها وحدي وذلك سيجعلني أضيق ذرعًا، وكان سيؤدي للفراق على أي حال. وعدم التسامح لأني شخصية عفوية نوعًا ما ولا أفكر فيما أقوله -أعلم أنه خطأ وأحاول أن أغيره- وبهذا الشكل إذا تسببت في مشكلة كبيرة نوعا ما لن يسامحني.... أعتقد أن هذا ما حدث من ناحية ثالثة أني استفدت من هذه التجربة فمهما تألمت وجُرحت ففي النهاية سينتهي ذلك.
وكلام صادر عن قلبي يقول لي: لا زلت أحبه مهما حدث، ومهما فعل، ولا زلت متأكدة أن قلبه يحبني إلى الآن ولكن ربما هو لا يستطيع مسامحتي، ولا أهتم بعيوبه أنا أحببته كما هو، ولا أريد تغييره، ولا أريد غيره أريده أن يسامحني فقط أشعر أن والديّ هما السبب الرئيس في المشكلة –بالطبع أنا مخطئة وأتحمل نتيجة خطئي- لكن لو لم يجعلاني أسافر معهما لما كانت كبرت المشكلة، ومضت هذه الأعوام وكنت سأعتذر له بمجرد أن أراه في المدرسة أو أي مكان.
وكلام صادر عن الاثنين معا يقول لي: قدر الله وما شاء فعل لن أنساه، وإن كان من نصيبي سيعود لي مهما مضت أعوام، وإن لم يكن... فقد أحببته جدًا والمشاعر التي أعطيتها له لن أستطيع أن أعطي مثلها لغيره، وربما يقدر الله لي شخصًا أفضل في الوقت المناسب... لا أدري فمصيبة قلبي مصيبتان قد ضاع مني الحب الأول وهو ما يتمسك به جميع الناس وضاع مني حب حقيقي وهو ما يبحث عنه كل الناس... الشيء الأكثر تأثيرًا وهو سبب معاناة قلبي أن كل منا كان يشعر بالآخر، ولو كان بيننا آلاف الكيلومترات، وأنا لا زلت أشعر به عندما يتألم حتى الآن فكيف سأجد ذلك الإحساس مع غيره؟ فوراء كلام من أسير؟ قلبي أم عقلي أم الاثنين أم ماذا؟ وهل أنا سبب كل ما حدث فعلًا أم أنه قدري كما فكرت بعد المحاولتين؟ وهل عليّ أن أفعل شيئًا أخر من أجله؟ وماذا أفعل لكي أحيا حياة طبيعية؟ وهل كتب عليّ أن أحيا وحيدة؟ هل أنا انطوائية؟ ولن أستطيع أن أتعامل مع الناس أم أني تعقدت مما حدث معي؟
لقد فكرت في شيء ليريح ضميري فقط وهو أن أكتب له كل ما حدث وكل ما فعلته من أجله في دفتر ما وعندما أراه في أي مكان أعطيه له ليقرأه لأني بالطبع لن أستطيع أن أروي له كل ما حدث كلامًا في الشارع وهذا لأننا في صعيد مصر وإن أطلت معه في الحديث سأجد الشارع كله يستمع وينظر.... فهل أفعل ذلك؟؟ أم يكفي ما فعلته؟.... في الحقيقة أن هذه الفكرة ليست لأريح ضميري فقط بل لا زال عندي أمل (واحد في الألف) أن يسامحني إذا عرف تفاصيل ما حدث وما فعلته... أرجو مساعدتي في الخروج من حيرتي واتخاذ القرار السريع آسفة على الإطالة وأرجو إفادتي... أو معالجتي إذا احتجت إلى علاج فكثيرًا ما فكرت في الذهاب لطبيب نفسي، ولكن سني لم يسمح لي بفعل ذلك وحدي، وإذا طلبت ذلك من أمي ستفتح معي تحقيقًا ولماذا وسين وجيم... مع العلم أنها طبيبة ووالدي أيضًا طبيب، ولكن في تخصصات عضوية.
أرجو أن يكون في إفادتكم نهاية لآلامي ووحدتي ومشكلتي وألا يكون مجرد كلام راشدين من نوع:
(أنت ما زلت في سن مبكرة والحياة أمامك طويلة..... كان ذلك حب مراهقة..)إلخ
07/01/2011
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أهلاً ومرحباً بك معنا يا "نهى" في موقعنا مجانين وفي صفحتكم استشارات مجانين..
تلفت نظري دائماً الأسماء والألقاب التي يطلقها الأشخاص على أنفسهم، ومن الملفت أن اسم lost lost الذي أطلقته على نفسك لا يتناسب تماماً مع حالتك، فأنا أرى أنك تعرفين أين وصلت وتستطيعين تقييم التجربة التي لم يمر عليها وقت طويل بشكل متوازن إلى حد ما، ولكن وكأنك تتمسكين بأشلاء قصة الحب الفائتة رغم معرفتك الأكيدة بدور القدر فيها..
عزيزتي، مهما كانت الدوافع ومهما كانت الأسباب فأنت الآن قد انتهيت من قصة حب جميلة علمتك الكثير وآنست وحدتك في أيام كانت صعبة، وبدأت الآن بمرحلة جديدة شئت أم أبيت، وتحضرني كلمة سمعتها في بداية فيلم أذكرها دائماً وهي "التجارب التي لا تميتنا تجعلنا أقوياء في المستقبل". وأنت الآن تدركين حاجتك لوجود أصدقاء معك، تملكين القدرة على اكتسابهم وصناعتهم، لديك الكثير من المهارات والخبرات مع الأشخاص تجعلك قادرة على تكوين مجتمع خاص بمقاييس تناسب مستواك الديني والاجتماعي والتعليمي. إذاً خرجت من هذه التجربة بنجاح وبرصيد إيجابي. ولذلك دعينا لا ننظر إلى الماضي إلا كي نأخذ المزيد من العبر..
تجارب الحب السابقة يا صديقتي تصبح مع الأيام كالجرح يمكنك بالنظر إليه تذكر قصته لكنه لا يؤلمك بتاتاً بل يولد لديك المناعة، وبالنسبة لما قلتيه بأنه الحب الحقيقي وأنه الحب الذي لن يتكرر وأنك لن تقابلي من يجدد في قلبك هذه المشاعر، فلن تكوني استثناء في الحياة، وكل منا قابل من أحبه حقيقة ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا هو أفضل حب قابله وليس بالضرورة هو الحب الذي سيسعدك في الحياة، كما أنه ليس بالضرورة الحب الذي سيبقى له وجود في قلبك طويلاً. ستقابلين الكثيرين وستنتهي في يوم من الأيام بفستان زفاف أبيض مع شخص أحببته سابقاً أو ستحبينه مستقبلاً ولكن تأكدي دوماً أن الله في صفك وأنك ما دمت مع الله وتتحرين دائماً رضاه فإنه سيكون معك وسيدخر لك الأفضل دائماً..
ثقتك بالله عز وجل وبرسوله الكريم الذي قال: ولا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، ستجعلك تقلبين هذه الصفحة وترجعين لصياغة سيناريو أجمل وأفضل لفصول حياتك المقبلة..
حبيبتي، أنت لست وحيدة، فلديك عائلة محترمة مثقفة تسعى للأفضل، يعتقد أفرادها أنهم يفعلون ما يجلب الفخر، يسعون لما يرونه صالحكم ولم يتوقعوا ما جره ذلك عليكم من معاناة ووحدة وغربة. وبما أنك الآن لديك من الوعي ما يجعلك تفهمين الأمور بوضوح أكبر فإن لديك القدرة أيضاً على تغيير واقعك الأسري.
تقربي إلى أمك وصادقيها وأبداً لا تسمحي لنفسك بأن تقولي "بعد إيه يا أختي، جاية متأخرة أوي" فهي أمضت الوقت سابقاً تبحث لك عن مستوى معيشة أفضل وترسم خططاً للمستقبل تناسب ما يرغب به المجتمع عموماً ولن يكون بإمكان الإنسان في أي حال من الأحوال أن يحيط بكل الأسباب والأمور في تربيته لأولاده فقد يهتم أحدنا بالجانب النفسي ويهمل الجانب الجسدي وقد يهتم آخر بالجانب المادي ويهمل الجانب الاجتماعي وستصبحين في المستقبل أماً وستدركين صعوبة الأمر..
إن تقديرك لنية أمك وأبيك الحسنة وأنهما أمضيا أيامهما الأجمل يسعون لتحصيل المال من أجل نفقات دراستكم ولاختيار مستوى أفضل في الحياة سيجعلك تتقبلين أخطاءهما وسيثير لديك مشاعر رقيقة تجاههما فيها من الشفقة والحب ما يمكنك من التقرب إليهما وتقدير ما فعلاه من أجلكم وكسب برهما..
اقرئي من فضلك......
كنت في غربة.... كيف أكون صداقات
ما تشعرين به أمر طبيعي
بقوة العزيمة كل شيء ممكن
ومات الحب ابن 19 سنة!
الحب وبلاويه
وتابعينا بأخبارك ونحن دوماً بانتظارك......