مدمرة بكل ما للكلمة من معنى
السلام عليكم؛ مشكلتي بدأت لما كنت صغيرة كنت طالبة متفوقة ومحبوبة، ولكن بالتدريج بدأت أتكلم مع نفسي، ما أثرت علي ولا واحد لاحظ، وصرت بالثانوية العامة والحمد لله عرفت أركز ونجحت بتفوق، ومن ثم رجعت لبلدي فلسطين لإكمال الدراسة الجامعية، وأنا صغيرة كان عندي ضعف سمع خفيف جدا ما حدا لاحظوا، وبطلب مني خفت يصير معي إحراج بالجامعة طلبت من أهلي أركب سماعة للأذن وهاي اللي دمرت سمعي سبحان الله وأصبح الضعف كبير وبسبب لي إحراج، وأصبحت انطوائية جدا على نفسي وبرفض العرسان منشان هاي الشغلة، وأهلي بلوموني لأني أنا اللي طلبت مع إنه الدكتور هو اللي نصح... بس قدر الله وما شاء فعل.
الشيء الثاني لما جيت عالجامعة وسكنت بدأت أحس بالوحدة هون، تطور معي الحكي مع النفس جدا، بجلس أحيانا بالساعات أمام المرآة وأحيانا بصوت عالي، نفسيتي مدمرة ومستواي الدراسي تدنى جدا، أصبحت أتمنى النجاح وكأنه مستحيل مع العلم إنو ضعف السمع ما مأثر عدراستي لأني بسمع المحاضرات منيح، بس كل حياتي ضايعة بالكلام مع النفس، مثلا ليش هيك صار معي وليش حكيت هيك، وأنا مش من النوع اللي بنسى أنا بتذكر كل شيء صار معي بحياتي وبضل أحاسب نفسي.
أحيانا موقف تافه بضل شهر أحاسب نفسي عليه، بحياتي مع الناس بلوم غيري عكل شيء وما بتحمل أخطائي، والله وصل في إني بدعي على نفسي بالموت كل يوم، تخيلي لما كل الكلمات اللي بتتبادر لذهنك إنك فاشلة في الحياة، بس لو أرجع أسيطر عحياتي متل الأول حاسة فقدت السيطرة على عقلي كليا، أحيانا من غير إشي بجلس علمكتب ومتحمسة بدي أدرس وببلش أتذكر موقف بنتهي في ساعتين من البكاء وما بدرس وعالحالة 4 سنين صار لي بالجامعة، والله زهقت حياتي, وما عندي أي مبرر قدام أهلي على حالتي.
الله يجزاكم خير شو أعمل....؟؟
لأني حااااااولت جدا بس فشلت كل مرة
11/08/2011
رد المستشار
حياك الله "حبوبة"؛
أما عن الحديث مع النفس فهو أمر شائع بين الناس المنسحبين اجتماعيا ويمكنك معرفة المزيد عنه بالقراءة عن أحلام اليقظة. أحلام اليقظة تعوض الحياة المفقودة لدى الشخص ومع الوقت يجد أن الأحلام أسهل من العمل ويزيد من جرعة الأحلام فتكون النتيجة أن أحلامه تستهلك الوقت الضروري للعمل والإنجاز وتحقيق الأهداف التي يرغبها ويحلم بها وهكذا تصبح مضرة وتفقد وظيفتها الأصلية في تخفيف التوتر والتخطيط، وعجزه عن تحقيق أهدافه لانشغاله بأحلامه يؤدي به إلى المزيد من الانسحاب وهكذا تستمر العلاقة العكسية بين أحلام اليقظة والإنجاز حتى يقرر الشخص أن يجعل الحياة الواقعية أكثر إشباعا من الأحلام.
ويأتي الانسحاب الاجتماعي في البداية لعدة عوامل قد يكون منها الشعور بالنقص نتيجة بعض العيوب والاختلافات الخلقية وفي حالتك قد يكون شعورك بالخجل من ضعف سمعك، كما قد يأتي من المبالغة في تعميم بعض الخبرات الفاشلة التي لا تخلو منها حياة لتصبح في نظر الفرد النموذج الوحيد لتفاعله، أما آخر الأسباب وقد يكون أهمها فهو التوقعات غير الواقعية من النفس ومن الآخرين ومن الحياة بصفة عامة وانظري إلى نفسك حين تقولين أنك كنت محبوبة ومتفوقة ورغبتك بأن تكوني كذلك طوال الوقت ترفع لديك مستوى القلق إلى الحد الذي يحد من قدرتك على العمل فتكون النتيجة الهروب لأحلام اليقظة.
بالنسبة لمشكلة السمع لديك كيف تلومين نفسك ويلومك أهلك فتراجع السمع لديك كان متوقعا وبناء عليه أوصى الطبيب باستعمال المساعدات السمعية وليس أن التراجع حصل بسبب استخدامها فصححي الفكرة اللاعقلانية التي لديك كي ترتاحي من الندم.
أما عن شعورك بالضيق والحرج لاستعمالك السماعات فأذكرك بالآيات الكريمة من سورة البقرة "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)".
اكتبي هذه الآيات في مكان بارز وذكري نفسك فيها دائما لتنسي ضيقك، فرب العالمين نبهنا بأن الحياة سيصيبها شيء من النقص في مجالات مختلفة وشاء الرحيم أن يكون نصيبك من النقص في سمعك ومن اختار لك الابتلاء يعلم يقينا بأنك قادرة على تحمله والصبر عليه، فلا تشعري بالحرج منه بعد الآن فكل بني آدم مبتلى بنقص ما والتميز الحقيقي لأولئك الصابرين عليه المتعايشين معه فكوني منهم لتفوزي في الدنيا والآخرة إن شاء الله، وبدلا من التركيز على النقص الذي لديك احمدي الله دائما على قدرة السمع المتبقية لديك.
أخيرا حبوبة أريدك أن تقرئي قليلا عن الوسواس القهري لنصرف شبهة أن يكون لومك لنفسك على أمور بسيطة لفترات زمنية طويلة هو وسواس يحتاج منك لانتباه، أما إن وجدت أن صفات الفكرة الوسواسية لا تنطبق عليك يجب عندها أن تعززي ثقتك بنفسك بتذكر أن لا بشر كامل ولا معصوم ولكن المتميز من يتعلم من أخطاءه، وتعلمي المقارنة بين نتيجة الانشغال بأمور قد انتهت لا يمكن تغييرها وبين عيش الحاضر والإعداد للمستقبل الذي هو فرصتك الحقيقية لتجنب الأخطاء السابقة، ودعي عنك القلق العالي الذي يحرمك فرصة الإنجاز فلا تنشغلي بالنتيجة بل ركزي على العمل المطلوب حاليا.
يساعدك عزيزتي في التخلص من الانغماس في أحلام اليقظة أن تنخرطي في أنشطة الجامعة حسب ميولك واهتماماتك وأن تخصصي وقتا للقراءة في المجال الذي تحبين، وأن تقوي علاقاتك الاجتماعية بزميلاتك في الجامعة وأقاربك، وتذكري أن مسئوليتك الأولى ليست أمام أهلك بل أمام نفسك التي أنت مسئولة عنها وعن الإعداد لحياتك المستقبلية بالاهتمام بدراستك وبتعزيز ثقتك بنفسك بالإطلاع على باب توكيد الذات على الموقع.
فاقرئي:
من سمات الموسوسين فرط الشعور بالمسؤولية والذنب
بين أحلام اليقظة والواقع كيف أعيش؟!
نعم هو الوسواس القهري بحذافيره
أحلام اليقظة أحلى م اليقظة!
التعليق: السلام عليكم دكتور وائل... شاركت في استشارة "لست مدمرة" لكن يأتيني خطأ تقني لذلك أرفق التعليق وآمل أن تضيفه .. وبارك الله فيك:
"السلام عليكم
ربما هناك الكثير من الأمور المشتركة وبيننا فأيضا موطني فلسطين وأيضا مررت بأزمة نفسية أثرت بشكل كبير على دراستي حتى أصابني العجز والوهن واليأس من أني سأعود لتفوقي وأيضا حديثي لنفسي يؤثر علي أحيانا بشكل نفسي . لعل تجربتي تفيدك بعض الشيء:
أحيانا يكون التفوق الدراسي سلبيا !! كيف هذا قد تتسائلون ؟! ببساطة إذا كان الإنسان يعاني في جانب من جوانب حياته مثل حياته الاجتماعية فقد يختبئ وراء تفوقه الدراسي ليهرب من المشكلة ليتركها تنمو كالغول بدلا من مواجهتها، بينما الطالب الأقل تفوقا يضطر للتعامل مع المشكلة وعدم إخفائها .....