اضـطرابات مخـتلفة!
الـسلام عليكم ورحمة الله وبـركاته.
في البداية أود أن أشكـر الموقع والقائمين عليه والأطباء الكبار على مجهوداتكم معنا ومساعدتنا في حلّ مشاكلنا، بارك الله لكم وأعانكم علينا.
لا أعلم من أين أبدأ، فكما يقولون "أنا في دوامة"! أنا طالب جامعي أدرس فـي إحدى كليات القمة وهي مختصه باللغات، لقد كان حلم أُمي منذ سبع سنوات أن أدخلها وليس حلمي أو طموحي!!.
من هُنا تبدأ المشكلة؛ كنت طالباً في الثانوية العامة كأي طالب وكان حلم أمي أن أدخل كلية اللغات لتحقيق أحلامها التي تراها في ابنها، أما أنا فكانت أحلامي وطموحاتي على النقيض تماماً، فأنا كل اهتمامي وتعلّقي بـ"علم النفس". كنت في الثانوية العامة أفكر في هذا الموضوع كثيراً وكيف أحقق رغبة أمي وفي نفس الوقت لا أخسر أحلامي وأمنياتي، ورغم الظروف المادية البسيطة حققت رغبة أمي وحصلت على مجموع عالٍ فـي الثانوية العامة مما أهّلني لدخول الكلية التي تحلم بها "اُمـي"، ومنذ كتابة التنسيق كان الصراع لأني حينما فكرت في كتابة رغبتي الأولى قـوبلت بالرفض الشديد والمعارضة من أمي وأقاربي بل وحتى أصدقائي! لا أعلم لماذا؟! لكن كانت معظم الآراء تتلخص في "خسارة مجموعك في علم النفس" أو "لن تجد عملاً بهذا التخصص". يعلم الله أني لم يكن في بالي أي تفكير في فرص العمل، لكن كل همي كان أن أدرس العلم الذي أحبه وأستطيع أن أصل فيه إلى أعلى مستوى.
دخلت الكلية وبدأت المعاناة؛ لم تكن رغبتي في اللغة التي أدرسها حالياً بل في لغة أخرى، ومرة أخرى قوبلت بالرفض من جميع الناس وكأنها معارضة وإحباط لا غير!
درست لغة لا أحبها على الإطلاق، وأصابني في الشهرين الأولين من الدراسة اكتئاب حاد، كنت أحضر المحاضرة ولا أشارك أو أتفاعل فيها، لا أذاكر ولا حتى أحاول أن أكتشف هذه اللغة. عندما اقترب موعد امتحانات الفصل الأول بحوالي شهر أو أقل قليلاً ضغطت على نفسي وذاكرت وكانت بالنسبة لي"أعمال شاقة"، رغم أنني منذ الثانوية العامة لم أكن أذاكر حتى ساعة كاملة. ومرّ الفصل الأول بحمد لله وحصلت على تقدير "جيد جداً" ومن هنا ظهرت المعاناة الأخرى فـكانت الفرحة كبيرة لأمـي والحسرة الأكبر لي.
كنت أتمنى الحصول على تقدير ضعيف لأجد حجة لترك الكلية كلها إلى الكلية التي أريد على أن أحصل على هذا التقدير ويكون الأمل في زيادة!! بدأ الفصل الثاني وبمرور الوقت تزداد المعاناة، ومرّ منه شهران لم أذاكر فيهما ولم أحاول المذاكرة، كنت أشتري كتب في علم النفس وأستغرق في القراءة الساعة أو الاثنتين بينما لم أفكر في المذاكرة ربع تلك المدة! وهذا هو حالي حتى الآن.
بقي على امتحانات الفصل الثاني ونهاية العام الدراسي حوالي شهر أو يزيد قليلاً، وأنا مضطرب جداً فقد ساءت حالتي النفسية وأشعر أني في مكان ليس مكاني وأن مكاني ليس في هذه الكلية. أمرّ من فترة لأخرى بتقلبات مزاجية شديدة جداً ليست من عادتي ولا طباعي، فشخصيتي هادئة وغير اجتماعية وقد أصبحت حالياً هادئة أكثر فأكثر، وأميل إلى العزلة والانطوائية أحياناً، وبت أنام كثيرأً هرباً من التفكير! حالتي العصبية ساءت، صرت اغضب من أشياء تافهة أو صغيرة!.
عذراً للإطالة، لكني حاولت سرد كافة التفاصيل والخيوط.
شكـراً لكم مرة أخرى وأعانكم الله علينا.
26/03/2013
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أشكرك يا محمد على لجوئك لموقع الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية، ولثقتك في القائمين عليه.
إن عرضك للمشكلة يشير إلى أن لديك استبصاراً وإدراكاً لها ووأنك تسعى لحلّها وهذا نصف الطريق لمعالجتها.
هناك عائق يمنعك من الوصول لهدفك أو تحقيق ما ترغب به أو يعترض مسيرتك نحو تحقيق أمنيتك وهو دراسة علم النفس مما يسبب لك التوتر والقلق. عليك أولاً أن تغرس في ذهنك قول الله تعالى: "ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور" (الشورى :43)، كذلك عليك أن ترى الجانب الإيجابي في مشكلتك وهو أنك طالب مجتهد حصلت على مجموع عالٍ بالثانوية العامة أهّلك للالتحاق بكلية مرموقة وأنك قادر على النجاح بالرغم من العوائق النفسية التي مرت بك خلال الفصل الدراسي الأول بل ونجحت بتفوق وتقدير جيد جداً.
أيضاً، عليك أن تتعرف أكثر على نفسك؛ أنت تمر بمرحلة المراهقة التي تعتبر من أصعب الفترات التي يمر بها الإنسان، في هذه الفترة هناك درجة من عدم الاتزان العاطفي التي قد تؤثر على عوامل أخرى في شخصيتك، ونتيجة لذلك يجعلك تصدر الأحكام السلبية على نفس; وعلى الآخرين وتصبّ غضبك على الوالدين باعتبارهما السلطة التي تسعى للتحرر منه لتقييدهم لك، فمن صفات الشخصية التي تتسم بقدر عالٍ من الصحة النفسية الانفتاح على الدنيا ومواجهة التحديات والاجتهاد والتوازن العاطفي والانبساط الاجتماعي، والقدرة على التوافق والتكيّف مع ذاتها ومع الآخرين، والقدرة على إشباع احتياجاتها ورغباتها في إطار الجماعة التي تعيش معها.
أدرك أنها معادلة صعبة خصوصاً عندما تتعارض رغباتك مع ما يفرضه عليك المحيطون بك، إلا أن الجانب المشرق أنك استطعت النجاح في تحقيق هذه المعادلة بتقدير جيد جدًا، غير أن ينقصك الثقة بالنفس وأنك قادر على النجاح بالرغم من العوائق والضغوط النفسية التي تواجهك، فمتى تحسنت ثقتك بنفسك ستتحسن ثقتك بالآخرين وستتمكن من إصدار أحكام إيجابية وموضوعية بحقهم.
لا تجعل دراستك للغات تعوقك في تحقيق ما تريد، فدراسة علم النفس تتطلب أن تكون كفؤاً باللغة الانجليزية للإطلاع على أحدث ما توصل إليه هذا العلم من نتائج الأبحاث والدراسات على مستوى عالمي، لديك الإجازة الصيفية لإشباع رغبتك بدراسة علم النفس والحصول على دورات متخصصة بشهادات معتمدة، وكم من نماذج تقابلنا في حياتنا نجحوا بتحويل مسار دراستهم وتخصصاتهم العملية بعد مرحلة الليسانس أو البكالوريوس، فكم من طبيب تخصص بدراسة الطب وهي من كليات القمة وتخصص مهنياً بالتمثيل! فالنماذج عديدة إلا أن دراستك الجامعية ما هي إلا محطتك الأولى وليست الأخيرة في تحقيق مبتغاك.
واقرأ على مجانين:
أحب علم النفس وأريد دراسته
أدرس إيه يا ربي؟؟؟؟!!!
دراسة علم النفس لخريج تربية تاريخ!
الطب أم علم النفس أم إعلام؟
أحببت علم النفس والطب النفسي
نفسي أتخصص في علم النفس
صراع الإقدام الإقدام: إنجليزي أم علم نفس؟
التعثر الدراسي بين الصيدلة والهندسة
الفشل والنجاح معادلة الحياة
وفقك الله
التعليق: رغم روعة الرد على الاستشارة ولكني لدي بعض الملاحظات. هذه المعاناة شائعة في السنة الأولى في الدراسة الجامعية لسببين:
1- عدم رغبة الطالب في دراسة المادة.
2- عدم مقدرته على دراسة المادة.
في الحالتين تؤدي المعاناة إلى تخفيض عتبة الطالب إلى الإصابة باضطرابات وجدانية على المدى البعيد.
على الآباء والأمهات عدم التدخل في اختيار فرع الدراسة الجامعية وعليهم النصيحة فقط وإبداء الرأي. القرار الأخير للطالب وبعدها عليهم مساندته.
ليس هناك حرج في الحديث مع المشرف الخاص لتبديل مادة الدراسة بعد السنة الأولى. الكثير يفعلون ذلك ويبدعون.
الغريب أيضاً أن لم تنتبه "كليات القمة" إلى عدم رعبة الطالب في دراسة الفرع وعمل الاختبارات اللازمة قبل قبوله فيها.