وساوس وقهور المبطلات ع.س.م.د RCBT الوسواس القهري الديني15
ذكرنا في بداية هذا الجزء أن محتوى الوساوس والقهور التي تتعلق ببطلان العبادة هنا يعتمد على معلومات المريض وليست بالضرورة صحيحة، وأحيانا تنتج عن تصورات شخصية خاصة لما يجب أن يكون عليه الشخص أثناء العبادة، وأحيانا يكون السبب اكتشاف معلومة لم يكن يعرفها ضمن فتوى لغير الموسوس وهناك أمثلة كثيرة على حالات ينتج فيها كل هذا عن سماع بعض الفتاوى والآراء عن مبطلات العبادة، بل إن من الحالات من يتعلق الأمر عندهم من خوف مستمرٍ 24×7 من إبطال الصلاة التالية، وقد قدمنا في وصف وس.وق. المبطبلات بما يفسد عبادة الصحيح ولا يفسد عبادة الموسوس وهو خروج شيء من السبيلين، ونعرض هنا لما لا يفسد عبادة الصحيح ولا عبادة الموسوس، ويقصد به ما قد يطرأ على الوعي أو الجسد أثناء العبادة ويخشى أن يبطل العبادة، وأخيرا أو ثالثا نصف وس.وق. المبطلات الغريبة أو المستغربة للعبادة.
ثانيا وس.وق. ما قد يطرأ أثناء العبادة فيفسدها:
ومن ذلك من أفكار، أو شكوك، أو صور، أو مشاعر، أو تخيلات، أو انكشاف، أو حركة مثلا:
1- الشك أو التردد في النية أثناء الوضوء أو الصلاة؛ بما يدفع بعضهم للشك في بطلان وضوئه فيعيد أو صلاته فيسلم خارجًا من الصلاة ليبدأ من جديد، أو كذلك في الصيام.
2- الأفكار أو الصور المقتحمة أثناء العبادة والتي يمكن أن تكون من أي نوع، لكنها لدى أغلبية مرضانا تكون إما كفرية تشكيكية أو تجديفية أو جنسية المحتوى أو تتعلق بالرياء أو السخط إلخ، وكثير من المرضى يشتكون من زيادتها أثناء العبادة بما يشكل عبئًا ثقيلاً على نفوسهم، وقد يدفع البعض إلى الخروج من الصلاة وإعادتها؛ أملاً في عدم حدوث الفكرة المقتحمة مرة أخرى لكن هيهات.
3- اقتحام مشاعر نفسية أو جسدية مرفوضة أثناء الصلاة؛ كالشعور بالغضب أو الإثارة الجنسية، بكل ما يستتبعه ذلك من معاناة وقهور بغرض تحييد أثر ذلك الاقتحام على العبادة، فهناك من المرضى من يستعيذ ومنهم من يستنكر ومنهم من يتصور رمزًا دينيًّا أو خلقيًّا طيبًا ليعادل أثر الاقتحام، ومنهم كذلك من يخرج من الصلاة ليعيدها أو يعيد الوضوء والصلاة أو الاغتسال والوضوء والصلاة.
4- انكشاف جزء من الشعر أو الجسد في النساء، ولعل تزلج الخمار قليلا بما يظهر بعض الشعرات واحد من أشهر وساوس المبطلات في السيدات فرغم أن كشف جزء يسير من شعر المرأة أو جسدها أثناء الصلاة لا يبطلها عند جمهور العلماء، خاصة إذا كان ذلك غير مقصود أو بسبب عارض كتيار هواء مفاجئ أو غيره، رغم ذلك فإن الخوف من بطلان الصلاة بسبب ذلك يدفع كثيرات إلى قهور تثبيت غطاء الرأس والتحقق أمام المرآة قبل الصلاة غالبا لدقائق ثم التحقق من ثباته بعد التسليم من الصلاة وربما إعادة الصلاة إذا ظهر أنه تحرك، كذلك هناك من توسوس بانكشاف القدمين فتحتاط لذلك بإطالة الثياب ثم تتعثر في ثيابها فتشك في ظهور جزء من جسدها أكثر من القدمين وهكذا!... ومن الوس.وق. ذات العلاقة التعمق في خاصية نسيج الثوب أو الإسدال الذي تصلي فيه المرأة... إلخ.
5- وس.وق. الحركة أثناء الصلاة وهو ما يعده الموسوس مبطلا للصلاة فتراه يلجأ لما يشبه التخشب أثناء الصلاة فتأتي حركات الصلاة نفسها وكأنها محسوبة بدقة وتراه في الركوع والسجود ينشغل بتثبيت رأسه ومنعها من الحركة بحيث لا يتحرك منه شيء ولا يهتز، ثم يشك في بطلان صلاته بسبب اضطرار رأسه للحركة أثناء التسبيح في السجود، وعندنا أيضًا من ينشغل بتعبيرات الوجه أو الابتسامة القهرية أثناء الصلاة وربما بحركات الأصابع... إلخ، وكل هذا كما هو واضح بعيد تمام البعد عن الفقه الصحيح كما سنرى أدناه.
ثالثا وس.وق. المبطلات الغريبة للوضوء أو الصلاة:
وهي عبارة عن مبطلات خاصة بالمريض عادة يستغربها الآخرون؛ كمن يقطع الوضوء ويعيده لأن درجة حرارة الماء تغيرت، أو لأن أحدًا أطفأ الإضاءة في مكان وضوئه! وأحيانًا إذا لمسه أحد أو ناداه أثناء الوضوء أو الصلاة... إلخ.، أو أكرر لأني لم أحافظ على توازن الركعات... إلخ وكثيرا ما توجد هذه الوس.وق. ضمن صورة من التصور السحري لما يجب أن تكون عليه الحال أثناء الوضوء أو الصلاة كافتراض واشتراط توازنات ما يجب أن تستمر أثناء العبادة على خلفية من الميول الكمالية والسمات القسرية.
علاج وساوس وقهور المبطلات الأخرى:
علاج هذه المجموعة من وس.وق. المبطلات يشمل التنوير المعرفي الذي يبين أنها لا تبطل وضوء أو صلاة الصحيح إن عرضت له وبالتالي أو بالأحرى لا تبطل صلاة الموسوس، ورغم سهولة ذلك وثبوت الفهم لدى المريض إلا أن من المهم تبصيره بما قد يتعرض له من حيل وسواسية تشككه بشكل أو بآخر في فهمه أو تطبيقه لما فهم.
الشك أو التردد في النية:
هنا يعلم المريض أن الشك أو التردد في النية لا يعتد به بعد البدء في العبادة لأن من المعروف أن التردد أو الشك في النية أثناء العبادة، كالصلاة أو الصيام، لا يبطل العبادة إذا لم يترتب عليه فعل يقطع النية، كالأكل في الصيام أو الخروج من الصلاة. الأصل بقاء النية، واليقين لا يزول بالشك. فإذا دخل الشخص في عبادة بنية صحيحة، فإن التردد أو الشك لا يبطلها إلا إذا تحول إلى فعل يقطع النية، لكن من الأفضل أن يقال للموسوس صلاتك لا تنقطع مهما شعرت أنها انقطعت أو تغيرت نيتك أو شككت فيها، (لأن أغلب من يقال لهم إلا إذا تحول الشك أو التردد إلى فعل من الموسوسين سيأتي ليسألك لقد حركت أصبعي أو رقبتي وهذا فعل خارج الصلاة!)، وأما الأفكار، أو الصور، أو المشاعر، أو الأحاسيس الجسدية المفاجئة أثناء الصلاة فلا تبطل بها لا صلاة الصحيح ولا الموسوس، والخلاصة أننا نقول للموسوس ببطلان صلاته لا شيء يبطل صلاة الموسوس! أي أن عليه باختصار أن يواصل العبادة غير مبالٍ بتلك الوساوس.
انكشاف جزء من الشعر أو الجسد في النساء:
فيما يخص حكم انكشاف جزء من الشعر أو الجسد أثناء صلاة المرأة نتعلم من الفقه أن كشف جزء يسير من شعر المرأة أو جسدها أثناء الصلاة لا يبطلها عند جمهور العلماء، خاصة إذا كان ذلك غير مقصود أو بسبب عارض، وأما بالنسبة للخوف من انكشاف القدمين فإن في حكم انكشاف قدمي المرأة في الصلاة خلافاً، فبينما رأى أبو حنيفة وبعض الشافعية أنَّ قدمي المرأة ليستا بعورةٍ كذلك -أي كوجهها وكفيها- رأي الحنابلة أن القدمين من العورة واجبة الستر أثناء الصلاة وانكشافها مبطل للصلاة، رأى مالك أنَّ قَدَمَيِ المرأة من العورة المخففة فإذا كشفتهما صحَّت صلاتُها، وإن كان كشفهما حرامًا أو مكروهًا، ولكن تنبغي عنده إعادة الصلاة مع سترهما، ووجود هذا الخلاف فيه مخرج سهل لمريضة الوسواس وهو الأخذ برأي الأحناف، وغني عن البيان أن لدينا من تشك في حدوث الانكشاف فتعيد الصلاة وهذه يقال لها إذا جاءك الشك في ظهور شيءٍ من بدنك في الصلاة فالأصلُ عدمُ انكشاف هذا الشيء، أي أن عليك طرح الشك وعدم الالتفات له، وهناك من تكون حالتها مركبة بمعنى أنها تلجأ لأفعال استباقية مثل التصوير أو الاستعانة بمراقب وهذه يطلب منها أولا الكف عن الإجراءات الاستباقية وإهمال الموضوع وأن عليها الأخذ برأي أبو حنيفة فلا تبطل صلاتها ولو انكشفت القدم.
الحركة أثناء الصلاة:
هنا أيضًا نحتاج بداية إلى تثقيف المريض فقهيا بخصوص حكم الحركة في الصلاة، فنبدأ بتخصيص الحركة المذمومة في الصلاة والتعريف بأن هناك حركة مستحبة في الصلاة وهي الحركة لفعل مستحب في الصلاة، كما لو تحرك من أجل استواء الصف، أو رأى فرجة أمامه في الصف المقدم فتقدم نحوها وهو في صلاته.... إلخ، وأهمية هذا التعريف أنه يخرق توقعات بعض الموسوسين المتطرفين في فهمهم للانضباط المطلوب أثناء الصلاة، ويلي ذلك التعريف بالحركة أو الحركات المذمومة أو المبطلة للصلاة والتي يشترط: 1ـ أن تكون طويلة عُرفاً. 2ـ أن لا تكون لضرورة. 3ـ أن تكون متوالية، أي: بغير تفريق، وهناك من وصفها بأنها التي توحي للناظر أن المتحرك لا يصلي، وعادة ما يكون ذلك التوضيح مفيدا في مساعدة المريض على الاسترخاء أثناء الصلاة، خاصة أن ما نراه من الموسوس هو الإجراءات الاستباقية التي تمنع الحركات أكثر مما نرى حركات مبطلة للصلاة، أي أنه يحتاج إلى عدم الخوف من الحركات وعدم محاولة تحاشيها، ومن المهم كذلك تعليم المريض وتنبيهه إلى أن كل ما قد يربطه بها الوسواس من معنى لحركة معينة سواء كانت تلقائية أو قهرية أثناء الصلاة (كالابتسام أو العبوس أو حركات الأصابع أو اللسان....إلخ) كمعاني الإساءة والاستهزاء والاستهانة كل تلك المعاني هي وساوس لا أكثر عليه تجاهلها تماما.
المبطلات الغريبة للوضوء أو الصلاة:
هذه النوعية من الوس.وق. نادرا ما تكون مقنعة للمريض فعادة ما يكون عارفا بغرابتها وعاجزا في نفس الوقت عن عدم تصديقها أو عدم التصرف كأنه يصدقها، فمثلا عادة ما يقول المريض "تخيل يا دكتور أني إذا نادى عليّ أحد أثناء الوضوء أضطر للإعادة من البداية وأبقى أشعر أن وضوئي غير صحيح إن لم أفعل، وربما إن قاومت نفسي ولم أعد الوضوء وقاومت وصليت فرضا أو حتى أكثر... أجد نفسي في النهاية مضطرا لإعادة الوضوء والصلوات" وفي أحوال كثيرة تختلط الصورة هنا بسمات الشخصية القسرية وأعراض و.ل.ت.ق (وسواس اللا اكتمال التكرار القهري) والتفكير الخرافي وغير ذلك بما يعقد الصورة السريرية ويجعل الحاجة إلى الدعم العقَّاري بموازنات الدوبامين فضلا عن تدريبات الاسترخاء والتأمل وتعلم القبول وغير ذلك من الأساليب العلاجية الحديثة في الت.م.ا جزءً مهما من الخطة العلاجية.
ويتبع>>>>>: وساوس العقيدة والأحكام ع.س.م.د RCBT الوسواس القهري الديني17
واقرأ أيضًا:
استشارات تنقيط البول / وساوس وقهور المبطلات!