إغلاق
 

Bookmark and Share

هل الغواية من النساء فقط؟ ::

الكاتب: أ.إيناس مشعل
نشرت على الموقع بتاريخ: 06/03/2005


لقد التصقت كلمة الغواية بالمرأة منذ بداية الخلق لنسمعهم يقولون: لقد غوت حواء آدم ليأكل من الشجرة المحرمة فكان عقابهما الخروج من الجنة.
والحقيقة أن إبليس هو من أغوى حواء لتغوي آدم حيث اختار الطرف الأضعف ذي القابلية للتأثر وبغض النظر عن مضمون الغواية وهو كما نعلم غواهم بالملك والخلد إلا أنه لم يذكر لنا كيف كانت طريقة الغواية كيف أغوى الشيطان حواء وكيف أغوت حواء آدم؟

ليس بالسؤال الصعب والإجابة عقلانية بحتة الأرجح أنه كان بالكلام أو التخاطب ليس إلا فلم يكن لآدم أو لحواء سوءة حتى نقول غير ذلك بل كان عقابهما الأول هو ظهور سوآتهما وبالتالي طردهما من الجنة. أي أن الغواية رقم واحد في حياة البشر كانت باستخدام التخاطب للدق على وتر المشاعر المجردة النقية من أي غريزة لأنها لم تكن موجودة أصلا.

ولا نعلم لماذا بعد ذلك أخذت الغواية مرادف جنسي وإن مازالت تهمة الغواية ملتصقة بحواء وبناتها إلى يومنا هذا ولم يجب أحد ما الذي يجعل آدم يستجيب لغواية حواء؟؟.
وأنه لشيء ظريف حقا أن يجيب آدم على هذا التساؤل هذا إن كان عند آدم رد عليه فالمرأة مخلوق تصعب مقاومته حتى عند أكثر الرجال المتعصبين لجنسهم لذا سوف تظل حواء هي نقطة ضعف آدم سواء اعترف آدم بهذا أو أنكر.

وظلت عبارة المرأة فقط تغوي قائمة إلى أن جاء زماننا هذا زمن انقلاب الحقائق وأنصفت حواء من هذه التهمة ولو قليلا أو على الأقل حتى لا يغضب مني الرجال ويقولون عليَّ محرضة.
سوف أعيد صياغة الجملة السابقة وأقول شاركها آدم في تهمة الغواية وعندي الدليل. فلننظر إلى القنوات التليفزيونية وخاصة الفضائية والترفيهية فيه لنجد أن الرجال أيضا يغوون سواء بالحركات أو الكلمات بالطبع لن يستطيعوا مجاراة النساء اللاتي سبقوهم في هذا المجال فهن ذوات خبرة وباع طويل.

ثم أن بيت القصيد هو أن حواء لها التأثير الأعظم على آدم ليس العكس فالرجل ليس ذو أهمية بالغة عند كثير من النساء وتاريخه أسود عندها بداية بـ "يا مآمنة للرجال يا مأمنه للمية في الغربال" ختاما بحركة الفيمنزم والله وحده يعلم ما الآتي.

لقد أثار انتباهي حقا وأنا أتصفح قنوات التليفزيون أن أرى كثير من المطربين الذكور يتمايلون ويختالون بشكل غريب مثير للنفوس المريضة متفننين في عرض أجسادهم هذا يرقص بطريقة وقحة وهذا يغمز وهذا….
عفوا لن أستطيع تكملة السطر الأخير وإن كان لا يخفي عليكم.

بل والأدهي أنهم يغوون بالكلمات والتأوهات أيضا حتى تكون المهمة على أتم وجه وكأن الرجل ذو الشارب الكبير والملامح الذكورية والصفات الذكورية في طريقة إلى الانقراض وسوف يحتفظون بآخر السلالة في متحف الحيوانات المنقرضة لنراه محنطا داخل صندوق زجاجي.
والطريف أن الرجال غير مقبول منهم مثل هذه الأفعال ويتأثر بهم الرجل أكثر من المرأة فما الحكمة من غواية آدم؟؟؟

لم أجد إجابة على هذا السؤال.
ولكن الواضح أن رقعة كبيرة من الشباب يتأثر بسلوك مثل هؤلاء المتميعين المتمايلين من المغنيين الذين "يطربوننا" وأن هنا أقول يطربون ولمن لا يعلم "يطرب" أو "يترب" هي بالعامية المصرية تعني يفزع وهم بالفعل يفزعوننا ويفزعني أكثر الشباب الذين يأتون بمثل أفعالهم.

ولأنقل لكم واقعة طريفة شاهدتها في التليفزيون المصري وهو بالطبع المرآة التي ينعكس عليها حال مجتمعنا فأثناء مشاهدتي لبرنامج ما لا أذكر اسمه إلا أنني أذكر جيدا الحوار الذي دار بين المذيعة وأحد الشباب حيث قلبت القناة عند هذا الحوار تحديدا وكأني كنت على موعد مع الضحك فلم أعلم ما الذي سبق هذا الحوار من حوارات أخرى أو فقرات إلا أن العينة بينة ووضح هدف البرنامج بعد ما سمعت هذا الحوار.


المذيعة: أهلا وسهلا بك ما اسمك؟
الشاب: اسمي ……………………
المذيعة: قل لي يا ………………… هل لديك هوايات.
الشاب: طبعا.

وأنا هنا انتبهت واتسعت عيناي فالشاب ذو الهواية أصبح في أيامنا هذه مثل الخمسة وعشرين قرشا المعدنية المخرومة قليلة الوجود وقبل أن أستكمل آخذ فاصل إعلاني لأبلغكم أنه لمن أراد أن يعلم سر اختفاء الخمسة وعشرين قرشا المعدنية عليه أن يفتش في الميداليات التي يحملها كثير من الشباب منهم يضعونها فيها كحلية وكلما زاد العدد كان ذلك مصدر فخر بين الشلة.

* انتهي الفاصل.

انتبهت لقول الشاب (طبعا) فقد قالها بثقة واعتدلت قامتي وأخذت وضع الاستعداد وجالت بخاطري أفكار مريضة كاعتقادي أن هذا الشاب ربما كانت هوايته الشعر أو كتابة القصص أو الرسم أو إحدى الرياضات ولكن لم تكتمل فرحتي لتسأله المذيعة يا ترى ما هي ؟ لترتسم على شفتي ابتسامة بلهاء ذكرتني بابتسامة مرضي الفصام الشهيرة ليجيب هوايتي أرقص بريك دانس Break-dance.

لن أقول لكم كان وقع الإجابة عليَّ فلكم أن تتخيلوا ما تريدون وأطلقوا لخيالكم العنان في تخيل كيف كان حالي وقتها.

المذيعة: برافووو هل لك أن ترينا؟ وهو طبعا لم يمانع وأفردت له فقرة كاملة من برنامجها لنري هذا الشاب يتمايل ويأتي بحركات فكاهية أوقعتني ضحكا.

هذه الواقعة قبل أن تعكس فراغ عقل مثل هذا الشاب وغيره إلا أننا لو نظرنا لها من وجهة النظر التي أتحدث عنها لرأينا أن بعض الشباب وليس كلهم بالطبع كاد أن يقف تفكيرهم عند هذه النقطة وتفننهم في الإثارة وسراويلهم الضيقة وقمصانهم الأضيق سواء من كان يقصد منهم أو بالتقليد الأعمى.

منذ متى والرجال يتراقصون بخلاعة ويأتون بمثل هذه الحركات والتأوهات؟؟
ما الذي حدث ووصل ببعض الرجال لهذه النقطة.

فقد كانت ولا زالت المرأة هي من تبحث عن اهتمام الرجل أكثر من بحث الرجل عن اهتمام المرأة إلا أن الكفتان تساوتا هذه الأيام وأصبحنا كما نرى روبي وماريا أصبحنا نرى جاد شويري وإيلام وهم لمن لا يعلم مطربين "يتربونا" كل دقيقة على شاشات التليفزيون بحركاتهم المستفذة وللنظر للأمر نظرة عامة ما هو الهدف من الغواية سواء كانت على يد رجل أو إمرأة من هؤلاء الذين أراد الله أن يفضحهم في الدنيا قبل الآخرة.

فإذا رجعنا لواقعة الغواية الأولي لرأينا أن هدف الشيطان منها كان إنزال غضب الله على آدم وحواء أخذ بالثأر منهما وحقدا عليهما.

أما ما نراه هذه الأيام فما الحكمة منه وما هدفه؟؟؟ ما الحكمة في هذا المغني المتراقص بخلاعة وهذه المغنية التي تظهر أغانيها.

هل هي الشهرة وتحقيق الانتشار تماشيا مع مبدأ اقلع أكثر تشتهر أكثر والشهرة تعني مال وغني أيضا.
هذه الإجابة غير شافية والإجابة على ما سبق وأعمق ولسنا بحاجة لمعرفة السبب بل نحن بحاجة لوضع استراتيجية للحد من هذه الظاهرة التي تطيح بعقول ونفوس الشباب من الجنسين.

ولن ينصلح لأمتنا حالا ونحن ندمر نفوسهم، منهم صناع الغد الذي نطمع في أن يكون أفضل. 

اقرأ أيضاً على
مجانين:
حكايات أخصائية نفسية: زيارة لمكتئبة .
الفُصام(schizophrenia) بين العلم والسينما



الكاتب: أ.إيناس مشعل
نشرت على الموقع بتاريخ: 06/03/2005