إغلاق
 

Bookmark and Share

(صور-1).. القلم والورقة..والحالة ::

الكاتب: د.مجدي سعيد
نشرت على الموقع بتاريخ: 26/04/2005

 
صور..صور..صور، صور مقلوبة..وصور معدولة..صور أبيض واسود وأخرى ألوان، صور خارجية من واقع الحياة، وصور داخلية من تفاعلات تدور في النفس وتعتمل في العقل، "صور" هكذا كان العنوان الذي اخترته وقت الكتابة الذاتية..وقبل أن يرى أول موضوع كتبته النور وبالتحديد عام 1987 عندما سمح لي الأستاذ جابر رزق رحمه الله بنشر مقالي الذي حمل عنوان "خواطر مسلم"، فقبل هذا التاريخ، ومنذ أن عرفت كيف أرص حروف الكلام جنبا إلى جنب لتصنع كلمات وعبارات ذات معنى، ومنذ أن أمسكت بالقلم لأول مرة لأكتب فكرة أو خاطرة، منذ هذا الوقت المبكر من عمري..وحتى نشر ذلك الموضوع، كانت كتابتي لنفسي، دفقات شعورية أو ثمرات فكرية، "صور"عنوان ظللت أكتب تحته خواطري الخاصة على مدى سني دراستي الجامعة..

أنتظم فترة وأتوقف فترات..حتى توقفت نهائيا عندما تخرجت وسحبني "سير" الحياة إلى دوائر أخرى من العمل والكتابة، واليوم وفي محاولة لاستعادة ذاكرة الكتابة الحرة تلك أعيش حالة من الذكرى مع القلم والورقة والحالة الكتابية..فهيا فلتعيشوها معي.

الكتابة كانت ولا زالت بالنسبة لي هي الهواء الذي أتنفسه، هي حالة انعتاق من القيود، حالة من الإحساس بالحرية في بيئة خانقة لها، فالكتابة تحقق لي حالة من التوازن والتوافق الفكري والنفسي، في جو ضاغط يدفعك دائما إلى اختلالات فكرية أو نفسية، ربما تكون هذه طبيعة الحياة..أن تعبث بذلك التوازن، وأن تختبر فينا قوتنا وعزيمتنا على إعادته، أو تجعلنا نتوافق بشكل أو بآخر مع تلك الحالة المختلة، وكفات الميزان الطائشة هنا أو هناك، ومن تفاعلات الحياة تلك وما تفعله فينا وفي أفكارنا ومشاعرنا تعتمل فينا بعض الأفكار أو المشاعر لتصل إلى حالة من النضج أو أشباهه، لابد لها فيها من أن تتدفق وحينئذ لا أجد بديلا عن الإمساك بالقلم والكتابة على أي قصاصة من الورق تقابلني.

ورفقتي تلك للقلم والورق
بدأت منذ أن عرفت كيف أمسك بالقلم وأكتب، فلا زلت أذكر عندما كنت صغيرا ألعب ببعض ما أتيح في البيت من أحجار الشحن الكهربائي (البطاريات) الفارغة التي كنت أصنع منها شخوصا للعبي حيث لم تكن ثمة لعب ألعب بها، وكنت أصنع من تلك الشخوص أبطالا لقصص من خيالي أعيش معها أوقاتا تطول أو تقصر، وفي إحدى مرات لعبي تلك شجعتني أختي الكبرى على أن أمسك بالقلم وأكتب تلك القصص، وأذكر أنني فعلت ذلك مرة أو مرات لا أدري، لكنني لم أثابر على تلك الحالة الكتابية طويلا في مرحلة دراستي الابتدائية إذ كان اللهو واللعب داخل البيت وخارجه يشغل قسما كبيرا من اهتمامي ووقتي،

 أما القسم الآخر فقد ثابرت فيه على أكثر الحالة القرائية إذا جاز التعبير حيث بدأ عشقي للقراءة منذ أن عرفت كيف أفك الخط، ومنذ تلك اللحظات البكيرة من عمري ترافقت القراءة والكتابة جنبا إلى جنب فاستوليتا على حبي وولهي حتى صارتا لي مهنة وحرفة، وقبل أن تكون الكتابة حرفة كانت ولا زالت عشقا، استعدت ذاكرتها في مرحلة دراستي الإعدادية التي كانت لي فيها محاولات شعرية فاشلة، وكان لي فيها تراث من الخواطر اختطته في كشكول أحمر احتفظت به طويلا، وفي تلك الفترة وضعت لتلك الخواطر قالبا يشبه قالب الحكمة والقول المأثور القصير والتي كنت أحرص على قراءة مثلها في الصفحة الأخيرة من جريدة الأهرام والتي كانت تعنون باسم "من غير عنوان واستمرت معي تلك العادة في المرحلة الثانوية ولكنني أضفت لها محاولات لا بأس بها في القصة القصيرة أعددت مجموعة منها للاشتراك في مسابقة القصة القصيرة التي كان ينظمها "نادي القصة" بالقاهرة عام 1978، لكن متغيرا دخل على حياتي فغير اهتماماتي وتوجهاتي ومسار قراءاتي وكتاباتي..فما هو ذلك المتغير..ذلك ما سوف أعيش معه في الدفقة القادمة..



الكاتب: د.مجدي سعيد
نشرت على الموقع بتاريخ: 26/04/2005