إغلاق
 

Bookmark and Share

منمنمات 2 (5 يوينو 2005) ::

الكاتب: داليا يوسف
نشرت على الموقع بتاريخ: 07/06/2005

 

خطبة الجمعة: شكوى الرجال

كان الحرص على حضور صلاة الجمعة طقسا متمردا في سني المراهقة وأنا أرقب بعضا من شباب الجيران وقد علقت قلوبهم بالمسجد فكانوا يذهبون لأداء الفروض في رحابه... أتساءل عن خصهم بما أراه فضلا كبيرا، فكان القرار: أضعف الإيمان أن أحرص على صلاة الجمعة في المسجد، بدأ الأمر في مسجد شارعنا بحي مصر الجديدة بالقاهرة وبمناوشاتي لأبي على الغذاء مذكرة إياه بما ذكره الخطيب ربما لأنه فقط لأنني مارست الطقس واستوعبته. وكانت المغامرة تصل إلى أقصاها حينما أمارس الضغط والإلحاح على أسرتي ليسمحوا لي بالصلاة في مساجد القاهرة العامرة وعلى رأسها مسجد عمرو بن العاص أول مساجد مصر بحي مصر القديمة فأذهب وحدي وهو ما يعني لفتاة من أسرة محافظة من الطبقة المتوسطة المغامرة بعينها.

كنت أستمتع كثيرا بروحانيات اليوم ومزايا الاعتماد على النفس التي لا أرى لها حصرا، بدأت السنين تمر والوعي يتسلل... وظهرت تجربة التعرض لخطابات دينية متعددة -بعيدا عن التصنيفات التقليدية وعلى ذكر الخطاب الديني أعتقد أنني من الذين يصعب عليهم تصور حياة تستقيم دون تفعيل للدين مع إدراكي لما يثيره هذا من أسئلة ومناقشات واجبة دارت العجلة... مضت براءة الطقس وظلت مرارة الوعي... وتكاثرت الأنشطة وبدأت لا أنتظم في حضور صلاة الجمعة بالمسجد مقابل تعرف أكبر على مساحات جديدة في الدين والدنيا.

ثم لفتت انتباهي الظاهرة... شكوى متكررة من رجال على قدر من الثقافة والتدين في آن واحد من خطبة الجمعة مغبطين إيانا معشر النساء على أن صلاة الجمعة لم تفرض علينا، فقل ما يجدون وسط صراخ الخطباء وتقليدية خطاباتهم ما يسمن أو يغني من جوع، ناهيك عن التطويل الزائد في أغلب الأحيان خطب رسول الله كانت نموذجا في الحكمة المقطرة الدالة دون إطالة أو إطناب- رأيت عدد من الشباب والرجال يتململ من سماع خطب الجمعة لا انصرافا عنها للهو أو انشغال بتجارة ولكن لأنهم يتطلعون إلى ما يسمو بنفوسهم وينعش عقولهم، وتذكرت ما روي عن الشيخ محمد الغزالي في ذكراه من أنه راجع نفسه بعد أن فرغ زاده بعد العمل 3 شهور كخطيب وداعية ورأى أنه بين أمرين إما أن يكرر نفسه ويجتر ما عنده وإما أن يتوقف ليستزيد ويفيد وبالطبع اختار الثانية التي جعلتنا نعرفه الداعية الواعي المثقف.

دور اجتماعي هائل يمكن أن تلعبه صلاة الجمعة في كل حي وشارع... لا يمكن أن نستمر في الاستماع إلى خطب عن آداب الطريق أو خصال المسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحن نخرج إلى الشارع المكتظ بكل تناقضات التدين المنقوص دون مراعاة لحضارة نحمل منها اسمها ودواوين الفخر. التغيير الاجتماعي يبدأ من اليومي وخطب الجمعة يمكن أن تتحول لوسيلة أساسية في هذا الإطار خاصة إذا تزامن ذلك مع توفيق وترتيب أوضاع المساجد التي ربما يصبح لها يوما مجالس إدارات منتخبة تدرك أهمية السعي لتطوير البشر.

واقرأ أيضا على
مجانين:
منمنمات 1 (4 يونيو 2005)



الكاتب: داليا يوسف
نشرت على الموقع بتاريخ: 07/06/2005