إغلاق
 

Bookmark and Share

أرجوك لا تفهمني ::

الكاتب: أ.شيماء شفيق
نشرت على الموقع بتاريخ: 10/07/2005

 
لا أعرف ما هو مصير هذه الكلمات ربما ستظل أسيرة لهذا الدفتر وربما تطلق لعنان الفضاء الإلكتروني على كل الأحوال لا يضيرني أن تظل أسيرة لدفتري فكم من مقالة سطرتها في خيالي وكم من فكرة لم تجد إلا صفحات أجندتي الخاصة التي كانت ولا تزال تختلف وتتلون باختلاف مراحل عمري .....

كنت ومازلت أقر لنفسي أنني لست كاتبة ولم تراودني نفسي يوما لأكون كذلك ولكن لا أخفيك سرا فلقد عشت تلك الفكرة في أحلام يقظتي أحيانا ولا أعرف سر قناعتي بأني لست كذلك ربما لضعف ما في نفسي فأنا مع الأسف لست واثقة منها تمام الثقة ربما لأني لم أعرفها حتى الآن تمام المعرفة ولا أجد حرجا في الاعتراف بذلك ولكن لماذا تجرأت لأول مرة في حياتي وغامرت بكتابة هذه الكلمات ؟!

كنت أشاهد يوما برنامجا تلفزيونيا وكان يستضيف بشكل دائم فضيلة الشيخ علي عبده عوض أعزه الله والذي قد لفت إليه أنظار الكثيرين بجمال أسلوبه وتلك الحميمية التي تشعر بها تجاهه وكان يروي موقفا تعرض له أثر فيّ كثيرا حيث تحدث عن صديق له فارقه لبعض السنين وإذا به يلتقي به بعد فترة الغياب وقد فُتلت عضلاته واشتد عوده وأصبح قوي البنية عريض المنكبين فتعجب لذلك كثيرا وسأله هل يمكن لأي إنسان عادي أن يمتلك مثل هذه القوة ويصبح على حال جديد؟

فقال له صديقه أن كل إنسان لديه مجموعة من العضلات مثلها مثل باقي الأعضاء والأجهزة التي يولد بها ومنا من ينمي هذه الأنسجة ويكتشف في نفسه القوة ومنا من يهملها ولا يلتفت إليها يوما وكأنه لم يخلق بها من الأصل....

فسأله الشيخ هل لتلك الحقيقة مدلول إيماني ؟

وإذا به يتأمل ويستطرد مؤكداً أن كل إنسان منا يولد وبداخله التوحيد والإيمان فمنا من يقوي بداخله تلك"العضلات" والبعض الآخر لا يستثيرها يوما فتخمد وتضمر وكأنه لم يُخلق بها من الأصل........

حقا البعض منا يكتشف ذاته ويقوي "عضلاته" الخلقية والإيمانية ويكتشف كنوز نفسه ويستثمرها ومنا من لا يلتفت إليها يوما وبل وللأسف الشديد لا ينظر إلا لشوائب النفس التي ابتلاه الله بها ووضعها بين جنبيه وإذا بها تنمو وتتكاثر حتى يملأها الصدأ ولا يصدر منها إلا كل ما هو خبيث وتعلو قلوب أصحاب هذه النفوس طبقات سميكة من الرنا "كلا بل ران على قلوبهم فهم لا يسمعون".

كل منا يحوي بداخل طيات نفسه العديد والعديد من القدرات والصفات وقد تواتي البعض فرص يكتشف فيها ذاته وقد لا تأتي هذه الفرص ولا يفوتني أن أقول أن من هذه الفرص ما يعمل على انبعاث قدرات الخير وما يعمل على انبعاث غير ذلك ومن يحاول التأمل العميق في ذاته هو فقط من يملك أن يختار أي الفرص يناسبه.

يقول الله سبحانه وتعالى "وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (الذاريات : 21 )"

يقول أبو بكر الرازي في كتابه "الطب الروحاني" والذي قصد من كتابته إصلاح الأخلاق أن أهم ما يحث الإنسان على إصلاح ذاته هو"تعرف الرجل عيوب نفسه"
لأن ذلك بالطبع يعينه على إصلاحها .

ويقول حجة الإسلام الشيخ الغزالي :

"اعلم أن مفتاح معرفة الله هو معرفة النفس كما قال سبحانه وتعالى (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (فصلت : 53 )

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :(من عرف نفسه فقد عرف ربه) وليس شيء أقرب إليك من نفسك فإذا لم تعرف نفسك فكيف تعرف غير نفسك؟

فإن قلت أعرف نفسي فإنما تعرف الجسد الظاهري الذي هو اليد والرجل والرأس والجثمان ولا تعرف ما في باطنك من الأمر الذي به إذا أغضبت طلبت الخصومة وإذا اشتهيت طلبت النكاح وإذا جعت طلبت الطعام وإذا عطشت طلبت الشراب والدواب تشاركك في هذه الأمور فالواجب عليك أن تعرف نفسك بالحقيقة حتى تدري أي شيء أنت ومن أين جئت إلى هذا المكان وإلى أي شيء خُلقت وبأي شيء سعادتك وبأي شيء شقاؤك فقد اجتمعت في باطنك صفات منها صفات البهائم ومنا صفات السباع ومنها صفات الملائكة ..."

صديقي اعرف نفسك كما يقول سقراط واستكشف كنوزها واستأصل خبائثها من الجذور وصدقني لا يوجد إنسان سيء بطبعه ولا إنسان طاغية بطبعه أو سلبي وهامشي بطبعه نحن من يملك أن يحرز لنفسه نصيبا وافرا من النجاح والرضا ونحن أيضا من يملك أن يجد لنفسه إرثاً ثمينا من الشقاء والفشل والسخط فهلا دخلت الآن لتلك الأغوار البعيدة في نفسك اقتحم تلك الأبواب المغلقة والتي أكاد أن اقسم لك بأنها تحوي ما لا تتخيله أنت هيا ابعث بالنور في أركان قلعتك فكم مضى عليها وهي غارقة في الظلام ....

وأناشد فيك كرمك بان تخبرني برأيك في كلماتي حتى أتأكد أنني لم أخطئ في اختيار "عضلاتي" الفكرية حين فكرت في سردها لك وإن كانت لم تروقك فأرجو منك كل الرجاء أن تسامحني عن تلك الدقائق التي أنفقتها في قراءة هذه الترّهات وأرجو منك كل الرجاء ألا تفهمني ولن أكلفك عناء إبداء الرأي إلا إذا أحببت أن تأخذ ثوابا بالتناصح فجزاك الله عني خيرا وأخيرا أستودعكم الله ربما تكون هذا أول وآخر مقال وربما يكون هناك أخرى وربما ألا تراها من الأصل ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الكاتب: أ.شيماء شفيق
نشرت على الموقع بتاريخ: 10/07/2005