إغلاق
 

Bookmark and Share

كراهية الأبناء للآباء ::

الكاتب: هدى الصاوي
نشرت على الموقع بتاريخ: 09/11/2005

الكراهية.. كلمة بغيضة على نفوسنا جميعًا وربما ارتبطت باليهود والأعداء والسفاحين المجرمين.. ولكن.. هل تخيلت يومًا أنها قد تخرج من.. أقرب الناس إليك.. فلذة كبدك.. يقولها بكل تحرق.. ولوعة وكمد.. وربما تمنى موتك. لماذا؟؟

 

قصص تحدث ومآسي تتكرر.. الأبناء ينفجرون.. يتمردون.. ويزداد الآباء هلعًا وشكوى..الجيل الذي كان صامتًا بالأمس وقوة تحمله (تهد الجبال) أصبح يصرخ الآن: أكرهكم جميعًا وأتمنى أن تموتوا.. وربما قتلهم بيديه..

 

هل فكرت يومًا قبل أن تصرخ وتتوعد وتلعن هذا (الجيل البايظ).. هل فكرت أن تتساءل لم ؟؟ هل حاولت أن تدخل  لهذه القلوب البضة لتعرف ما الذي حولها لحجارة صلدة .. أم اكتفيت بالاطمئنان إلى كمالك وأفعالك التي لا يمكن أن تقارب الخطأ واكتفيت بصب جام غضبك وثوراتك على كل من حولك.. كل ما يذكرك.. بابنك..

 

الآباء دائمًا في ساحة البراءة نعرف.. هذا الأب يتهدج صوته وهو يشكو حال ابنه القاسي الذي يصرخ بوجهه.. وتلك الأم تتفجر عيونها بالدموع ما إن ذكرت ابنتها أمامها.. وأمطرتها بوابل من الدعوات (عليها)..

والأبناء.. 

صمتهم موت.. وانفجارهم موت.. وقد خرجوا جميعًا حاملين كل الدنيا على كف.. الدنيا بقهرها وزحامها وآبائها ليلقوا بها إلى الجحيم..

 فهل يا ترى.. الآباء دائمًا على حق.. والعلاج لا يأتي إلا بنسف جميع الأبناء وإراحة الدنيا من شرورهم.. أم أن هناك حلولاً سلمية وأملاً في إعادة دفء كلمة (عائلة) وحتى تبرد الكثير الكثير من القلوب المحترقة..

 

ماذا يقول الأبناء:

*قالت: كانوا دائمًا ما يؤكدون أنهم لا يخطئون.. وعندما صدمت على الحقيقة.. لم أستطع أن أتقبلهم مرة أخرى..

* أمي آخر من يسأل عني، ولا أراها بالأشهر، أشعر أحيانًا أنها لو رأتني في الشارع لن تعرفني. لماذا أحبها؟؟ إنها (لا تستحق) أن تكون أمي

* كيف لا أكرههم وأنا أعيش حياة ذليلة.. البيت (أقصد السجن) مليء بكل طرق التعذيب.. سأهرب أو أنتحر فهذا أفضل

* دائمًا يعاملونني باستخفاف وكأنني لا شيء.. أريد لمرة واحدة أن أشعر بأنني إنسان.. نعم أكرههم وأكره نفسي

* معاملة لا ترقى لمستوى الآدمية، الضحية: طفلة في عمر الزهور، السبب: تشبه عمتها الدميمة..

* الطفل المدلل السعيد ما أن خطا إلى صفه الأول بالمدرسة تعثرت حياته لم؟؟ حلت القسوة مكان الحنان وأصبح يجلد على واجباته والسبب: خلاص كبر على الدلع

* في العيادة النفسية. وفي حالة حرجة من الفصام. يخرج الشاب من نفسه من(مسخ الصورة التي صنعها والده) يقول وعيه بكل مرارة.. أكرهه وأكره صورته داخلي .................

* جريمة بشعة تمت على يد طفل في العاشرة تناقلتها الصحف.. قتل والديه وأخويه.. السبب: إنهم لا يحبونه و(يفرقون بينهم في المعاملة)

* كان الأب المنهار.. الذي قضى سنوات عمره في دوامة العمل يشكو عصيان ولده المدلل الذي انحرف عن المسار الذي رسمه له.. فبعد (كل ما فعل من أجله) يكرهه.. نعم يكرهه جدًا ساد الصمت عندما نطق الفتى: لم أستطع أن أشتري أبًا بماله.. أنا يتيم..

* فتاة في حالة متردية من الذهول بعد أن ألقت بنفسها من الشرفة تردد: "بكرهك آه".. وبعد الاستقصاء تبين أن والدتها هي التي قتلتها بموشحها اليومي: أنت تكرهيني أنت تكرهيني.. فانتحرت

* شاب على مشارف الرجولة: كرهي لأبي هو سبب نجاحي.. لقد تمردت على (قيوده الخانقة) لا أكرهه فحسب.. بل أكره "صورة الأب" المتكررة ولن أتزوج..

 

حسنًا.. والحل؟؟:

* هل الأبوة أو الأمومة تشريف؟ أم تكليف؟ هل أعطاك الله الولد (هدية لتلعب به؟) أم (أمانة تحافظ عليها)؟.. عندما قال لك على لسان رسوله (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)..
 

* وعدنا الله بالتكفل بالرزق " لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقكم وإياهم" وطلب منا حسن التربية لأولادنا.. قلبنا الآية.. فأصبح شغلنا الشاغل هو الجري وراء الرزق وتركنا أولادنا للضياع ولسان الحال يقول بكل استهتار: ربيهم أنت يارب.
 

* حديث آخر يوضح الرؤية (كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول).. كيف يضيعهم وهو يغرقهم بالمال؟.. عندما يحتاج أبناؤه إلى (أب) ولا يجدون..
 

* الكثير من المؤسسات والدراسات تناولت قضية اليتم وآثارها السلبية وكيفية معالجة الشعور بالحرمان لدى اليتيم و.... ملايين من أبنائنا اليوم أيتام برغم وجود آبائهم على قيد الحياة وقد صدق الشاعر حين قال:

ليس اليتيم من انتهى أبواه في هذي الحياة وخلفاه ذليلا

  إن اليتيم من الذي تلقى له أمًا تخلت أو أبًا مشغولا
 

* الحل في كلمة سحرية، بسيطة جدًا هي: ابنك (إنسان) مثلك.. نبته صغيرة تضع بذرتها بيديك ترويها بصبر وحب وحنان.. يخفق قلبك وأنت تراها تنمو .. إن مالت قومها برفق.. ضع لها ما يساندها حتى تكبر.. حتى إذا ما أينعت.. انقلها بأمان إلى واحة أكبر لتكون شجرة كبيرة تظلك وتسعدك مدى حياتك..


*
أولادنا صفحات بيضاء نحن من يكتب فيها.. فانتبه لما تكتب فسيسألك الله عنه..
 

* قيل في الأثر"أحسنوا تربية أولادكم فقد خلقوا لجيل غير جيلكم".. ليس الحل في أن يلعن كل جيل الذي يليه.. فالحياة متغيرات.. وأن تعامل ابنك على حياته الجديدة خير لك أن تجبره أن يعيش حياتك فهذا.. لن يحدث بكل بساطة.
 

* (التربية مسؤولية).. كلمة سهلة ملقاة على الأرصفة تمتليء بها كتب المواعظ.. هل شعرنا بها يومًا.. هل فكرت يومًا قبل أن تنام أن تتذكر أولادك ولو بكلمه، بحضن دافيء.. بسؤال صغير عن أحوالهم.. بطوق أمان تلقيه حتى لا يجرفهم الضياع؟؟
 

* لا يكفي أن تعلق لافتة في لوحة الإعلانات تقول "لا أحد يكره أولاده".. الحب إحساس إن لم يكن متبادل.. فهو عذاب.. صدقني.. ستنتهي كل المشاكل عندما يبكي ولدك..

 

عندما يبكي.. من حبه لك..

*اقرأ أيضا:

كيف نُعد دستورًا أسريًا؟(1)  (2)
كيف نربي طفلاً منظمًا؟ (1)
 (2)
تربية بلا مشاكل، هل هي حقاً معادلة صعبة ؟



الكاتب: هدى الصاوي
نشرت على الموقع بتاريخ: 09/11/2005