إغلاق
 

Bookmark and Share

الحياة الزوجية حقوق وواجبات(3) ::

الكاتب: الشيخ أكرم جزيني العاملي د.قاسم كسروان
نشرت على الموقع بتاريخ: 17/10/2006


الحياة الزوجية حقوق وواجبات(2)  

واجبات الزوجة
سبق أن ذكرنا مقطعا من رسالة الحقوق وفيه صرح الإمام زين العابدين عليه السلام بأن حق الزوج على زوجته أوجب من حقها عليه، وهنا نرغب في أن نفتح الحديث بما ورد من أن رجلا جاء إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: إن لي زوجة إذا دخلت تلقتني، وإذا خرجت شيعتني، وإذا رأتني مهموما قالت لي: ما يهمك؟! إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل لك به غيرك، وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله هما، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أن لله عمالا، وهذه من عماله، لها نصف اجر الشهيد.

ما ألطف تلك التصرفات وأرق تلك الكلمات من زوجة تتقن أساليب التسلل إلي قلب زوجها لتحتل فيه مكانا، وما أعطر ذلك الثناء من رسول الله صلي الله عليه وسلم. فيا أيتها الزوجة الكريمة لم لا تكوني أنت صاحبة هذا الثناء العاطر، وتتسللي إلي قلب زوجك عبر أمور اخترنا لك منها:

1- احترام الزوج: حيث جاء عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. فإذا كان مستوي الاحترام واصلا إلي حد التلويح بسجود الزوجة إلي زوجها، فلا ريب أن كل ما يمكن أن نذكره من أساليب للحث على الاحترام سوف تكون دون المستوى.

نعم لا غني عن الإشارة إلي أن احترام الزوج لا يقتصر على احترامه شخصيا، بل يشمل احترام عمله واحترام والديه وأقاربه وأصدقائه، وكل من يمت إليه بصلة، فإن احترام هؤلاء هو احترام غير مباشر للزوج، كما أن أذية هؤلاء تعد أذية للزوج.

2- طاعة الزوج: فعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: إن رجلا من الأنصار على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم خرج في بعض حوائجه، فعهد إلي امرأته ألا تخرج من بيتها حتى يقدم .
قال: وإن أباها مرض، فبعثت المرأة إلي رسول الله فقالت: إن زوجي خرج وعهد إلي ألا أخرج من بيتي حتى يقدم، وإن أبي قد مرض، فتأمرني أن أعوده؟
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لا، أجلسي في بيتك وأطيعي زوجك.
قال: فثقل، فأرسلت إليه ثانيا بذلك، فقالت: فتأمرني أن أعوده؟
فقال صلي الله عليه وسلم: اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك.
قال: فمات أبوها، فبعثت إليه إن أبي قد مات، فتأمرني أن أصلي عليه؟
فقال صلي الله عليه وسلم: لا، اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك.
قال: فدفن الرجل، فبعث أليها رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن الله تعالي قد غفر لك ولأبيك بطاعتك لزوجك.

3- عدم تكليفه بما لا يطاق: فعن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل لأمراه أن تكلف زوجها فوق طاقته، ولا تشكوه إلي أحد من خلق الله، لا قريب ولا بعيد.

وقال صلي الله عليه وسلم أيضا: ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من يفر من شاهق إلي شاهق ومن جحر إلي جحر كالثعلب بأشباله.
قالوا: ومتى ذلك الزمان؟
قال صلي الله عليه وسلم: إذا لم تنل المعيشة إلا بمعاصي الله، فعند ذلك حلت العزوبة.
قالوا: يا رسول الله أمرتنا بالتزويج!
قال صلي الله عليه وسلم: بلي ولكن أذا كان ذلك الزمان فهلاك الرجل على يدي أبويه، فأن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده.
قيل: وكيف ذلك يا رسول الله؟
قال صلي الله عليه وسلم: يعيرونه بضيق المعيشة ويكلفونه ما لا يطيق حتى يوردوه موارد الهلكة.

4- اجتناب الانتقاد والغيرة المفرطة: حيث إن انتقاد الزوجة لزوجها بشكل لاذع فيما يتعلق بمظهره، أو طريقة كلامه، أو مشيته، أو غيرها من سائر التصرفات يولد في نفسه شعور بالإحباط والشقاء. كما أن طريقة التحقيق معه، أين ذهبت؟ ومع من تحدثت؟ ومن صادفت في الطريق؟ ومع من جلست؟ وماذا رأيت؟ ولماذا تأخرت؟ وغيرها من الأمور، تولد حالة من النفور، تنعكس سلبا على الأجواء الزوجية، وربما تؤدي إلي ما لا تحمد عقباه.

طرفة بالمناسبة: لا بأس هنا من إيراد هذه الحادثة الطريفة التي حدثت في لندن ونشرتها أحدي الصحف المحلية جاء فيها ما نصه:
قام رجل أتعبته وصايا زوجته العشر، بجلد شريكة عمره بواسطة جذع نبتة اصطناعية، بعدما منعته من مشاهدة مسلسل تلفيزيوني تقوم ببطولته ممثلة جميلة، فمزق الزوج قميص زوجته لكشف ظهرها، قبل أن يتناول قضيب النبتة الاصطناعية، ويجلدها به. ولم ينكر الزوج في المحكمة تهمة ضرب زوجته، بل أعترف بها بكل فخر، مع التشديد على أنه سيعيد الكرة مثنى وثلاثا وربعا.. وخامسا إذا اقتضت الحاجة، لأنها (ما بتنحمل) وهلكت نعمته بغيرتها غير المبررة.

وقال الزوج للقاضي: والله العظيم يا سيدنا.. طفح الكيل،ولم أعد أحتمل.. إنها امرأة لا تطاق.. تصور أنها تمنعني من العمل وحيدا، وتصور على مرافقتي إلي المنازل التي أقوم بتركيب الموكيت فيها، حتى لا أنظر إلي صاحبة البيت أو إلي الخادمة أو ألي أي امرأة أخرى يمكن أن أصادفها خلال عملي. وأضاف: تصور يا سيدنا أنها تحرم علي مشاهدة البرامج التلفزيونية لحد المنع من استماع نشرات الأخبار إلا إذا كان قارئتها رجلا. وعندما سأله القاضي عما إذا كان يملك إثباتا، سحب الزوج من جيبه لائحة الوصايا العشر التي أعدتها له زوجته، وقرأها بصوت عال وسط الحاضرين وجاء فيها:
1- ممنوع مشاهدة البرامج التليفزيونية التي تظهر فيها نساء جميلات.
2- ممنوع النظر إلي النساء في الحانات أو التحدث معهن.
3- ممنوع مشاهدة برامج تتضمن مشاهد مثيرة.
4- ممنوع العمل في منزل صاحبته عانس أو أرملة.
5- ممنوع السكن في منزل تكثر حوله النساء الجميلات.
6- ممنوع تلقي أي اتصال هاتفي من امرأة مهما كان السبب.
7- ممنوع الخروج من المنزل إلا الذهاب إلي العمل، وممنوع مغادرة العمل إلا للعودة إلي المنزل.
8- ممنوع التحديق في وجوه النساء في الأماكن العامة، ووجوب طأطأة الرأس في مثل هذه الحال.
9- ممنوع بتاتا النظر إلي الملصقات الإعلانية المثيرة.
10- ممنوع الخروج من المنزل إذا كانت الجارات تسبحن في برك السبحة الموجودة إلي جانب منازلهن.

وبعد انتهاء الزوج من تلاوة الوصايا العشر، نظر إليه القاضي وسأله بغضب: كيف تمكنت أيها الإنسان من الانتظار طوال هذه المدة قبل أن تصف عمرها؟
ومن دون أن يعطى له فرصة لإعطاء الجواب صرخ (براءة)من أعماق قلبه.. ومشى وهو يقول:(يحيا العدل). والملاحظ هنا أن الدافع لهذه الوصايا ليس دينيا بل هو ناتج عن الغيرة المفرطة.

5- اجتناب النكد والعناد: فإن النكد والعناد مسماران حادان يدقان في نعش السعادة الزوجية، ويهرمان المرء ويشيبانه قبل أوانه، وقد كان من دعاء النبي صلي الله عليه وسلم: (أعوذ بك من امرأة الباقر تشيبني قبل مشيبي). وعن الإمام الباقر أنه قال: كان في بني إسرائيل رجل عاقل كثير المال، وكان له ابن يشبهه في الشمايل من زوجة عفيفة، وكان له ابنان من زوجة غير عفيفة، فلما حضرته الوفاة قال لهم: هذا مالي لواحد منكم.

فلما توفي قال الكبير أن ذالك الواحد، وقال الأوسط أنا ذلك، وقال الأصغر أنا ذالك، فاختصموا إلي قاضيهم، قال: ليس عندي في أمركم شيء انطلقوا إلي بني غنام الأخوة الثلاثة. فانتهوا إلي واحد منهم فرأوه شيخا كبيرا فقال لهم: ادخلوا على أخي فلان فهو أكبر مني فاسألوا، فدخلوا عليه فخرج شيخ كهل، فقال سلوا أخي الكبر مني فدخلوا على الثالث فإذا هو في المنظر أصغر، فسألوا أولا عن حالهم ثم مبينا لهم.

فقال: أما أخي الثاني الذي رأيتموه أولا فهو الأصغر، وله امرأة سوء وقد صبر عليها مخافة أن يبتلي ببلاء لا صبر له عليه فهرمته. وأما أخي الثاني فإن عنده زوجه تسوده وتسره، فهو متماسك الشباب، وأما أنا فزوجتي تسرني ولا تسوؤني، وأما حديثكم الذي هو حديث أبيكم فانطلقوا أولا وبعثروا قبره واستخرجوا عظامه وأحرقوها ثم عودوا لأقضي بينكم. فانصرفوا فأخذ الصبي سيف أبيه وأخذ الأخوان المعاول، فلما هما بذلك قال لهم الأصغر: لا تبعثروا قبر أبي، وأنا أدع لكم حصتي، فانصرفوا إلي القاضي، فقال:يقنعكما هذا ائتوني بالمال، فقال للأصغر: خذ المال فلو كان ابنيه لدخلهما من الرقة ما دخلك.

6- تشجيع الزوج: فكم من امرأة حطمت زوجه، بسوء تصرفاته، وقلت طموحه، وزعت في قلبه الوهن والفشل، وكم من امرأة صنعت من زوجها رجلا تاريخيا، حتى قيل: إن وراء كل عظيم امرأة. فهذا سيد العظماء محمد صلي الله عليه وسلم كان يواجه في بداية دعواته المآسي والمحن والصعاب بقلب ثابت، وعزم ثاقب، وكانت من خلفه السيدة خديجة تمنحه الدعم والتشجيع، فتقول: يا رسول الله ثابر على ما نهضت به، فان الله ناصرك، وخاذل أعداءك.

وبعد رحيلها عن دار الدنيا كان النبي يذكرها ويبكي عليها ويقول: خديجة وأين مثل خديجة، صدقتني حين كذبني الناس، وآزرتني على دين الله وأعانتني عليه بمالها، والله أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب الزمرد لا صخب فيها ونصب.
                                              للحديث بقية..........



الكاتب: الشيخ أكرم جزيني العاملي د.قاسم كسروان
نشرت على الموقع بتاريخ: 17/10/2006