إغلاق
 

Bookmark and Share

فهم الطفل والمراهق ::

الكاتب: أ.د عبد الرحمن إبراهيم
نشرت على الموقع بتاريخ: 22/07/2008


مقدمة الكتاب
إن البحث في السلوك الإنساني يجبرنا نحن خبراء الصحة النفسية والسلوك الإنسـاني على تقسيم دورة الحياة إلى مراحل مختلفة ومنفصلة ولأهداف تعليمية، وهذا ليس بتلك السهولة والبساطة، فكل مرحلة لا تؤدي إلى ما يليها إلا تدريجياً وببطء وغالباً يترافق ذلك ببعض العثرات أو على الأقل وفي أحسن الأحوال إلى وقفات بين فترة وأخرى لإلقاء نظرة سريعة إلى الوراء، فالطفل عندما يدخل المدرسة قد يتمنى العودة إلى عمر السنتين لتبقى أمه بقربه دائماً، والفتاة في بدء المرحلة الإعدادية تكتشف أنها بدأت تصبح شابة، وقد تتمنى أن تعود لتبقى لعبتها بجوارها، (مع العلم بأن هناك بعض الأطفال والمراهقين ممن يتمنى العكس في بعض اللحظات أي أن يغدو كبيراً بسرعة للتخلص من معاناة أو واقع ما.. كالطفل أو المراهق الذي يتعرض للإساءة الجسدية أو العقاب والاهانة من قبل أحد الوالدين أو الذي يعيش الحرمان،...الخ)، والآباء والأمهات وهم يلاحظون أولادهم يكبرون وهم يتقدمون بالسن يقفون.. "أين أمضيت سنوات عمري" وقد يتمنون لو تعود الأيام والسنون، وربما يشعر الأجداد والمعمرون الذين أنعم الله عليهم بحياة طويلة -هي على طولها- هي قصيرة جداً.. عندما تحين نهايتهم، بينما هي طويلة جداً بالنسبة لآخرين أرهقهم المرض أو الحزن والأسى فنجدهم يرحبون بالموت.

حقيقة دورة الحياة هي السر الأعظم لوجود هذا المخلوق الذي أبدعه الخالق على وجه الأرض ألا وهو الإنسان. وميزة الطبيب ومسؤوليته أيضاً.. تكمنان بشكل أساسي في قدرته على التدخل في الحوادث الهامة في دورة الحياة هذه من بدايتها إلى نهايتها.

فمنذ لحظة ولادة المرء يشارك قرابة ثمانية مليارات نسمة سر الحياة البشرية والهواء والمكان... يطلق عليه اسم، ويغدو هكذا.. حاملاً هوّية، ومع نموه يشاهد والديه وأسرته والمنزل والحي أو القرية وكل ما يحيط به ويتعلم الابتسامة والمشي والنطق... بعد ذلك يكتشف كل ما يصل إليه بشتى الطرق... ويبدأ بطرح الأسئلة ماذا بعد المليار؟ ماذا بعد السماء؟ ما هي الحياة؟ ماذا بعد الموت؟ ماذا تعني اللانهاية؟ كيف أتيت إلى الدنيا؟ الوالدان هنا ربما ينزعجان، أو لا يعلمان بم يجيبان، في أغلب الأحيان يجيب الأب «انصرف إلى أداء واجباتك المدرسية» أو تجيب الأم «ما رأيك أن تساعديني في ترتيب المائدة أو تنظيف الأواني»، وكون هذا الطفل على الغالب هو وديع ومطيع فانه يقرر أن هذه الأسئلة خارج نطاق واجباته، وبالتالي يتفادى إزعاج أبويه، ولا يلبث أن يتناسى أو حتى ينسى هذه التساؤلات وهذه الاضطرابات الميتافيزيقية إذا جازت التسمية.

ورداً على سؤاله «من أنا؟» يجيب مؤقتاً: «أنا ابن والدي ووالدتي، وعبارة عن طفل صغير يقوم بوظائفه المدرسية ويلاعب أخيه الصغير وله شقيقة صغيرة وله رفاق..».
هكذا يتقبل الحياة التي يقدمها والداه فترة تستمر حتى سن المراهقة.. وهنا لابدّ لهذا المراهق من قلب الصورة الوالدية لكي يغدو راشداً ناضجاً، لهذا نراه كيف يحاور والده قائلاً: «أنا لا أريد أن أكون مثلك، أريد أن أكون.. أنا!». وكذلك الأنثى المراهقة لا تريد أن تكون كأمها بل تريد أن تكون.. هي!. من السهولة ملاحظة الطرق الجديدة للعيش التي يسـلكها هذا المراهق، فهو يبحث عن هوية جديدة.. وهنا تظهر من جديد المشاكل والاضطرابات الميتافيزيقية، هذه المشاكل نفسها التي خنقها الوالدان في حياتهما: «فليس ثمة جواب، لا جدوى من طرح السؤال»، والذي يجعلهما يقولان: «ما الذي سيبحث عنه اذاً؟ اهتم بدروسك، وإيجاد عمل، وشريك الحياة،...»، ويجد نفسه يرفض نصائحهما جملة وتفصيلا.. ليعود فيتقبلها فيما بعد بكل رضا وطيب خاطر، تحت هذا الضغط الاجتماعي يعود مواطناً عادياً ويغدو رغم أنفه واحداً من هؤلاء الراشدين البعيدين عن أنفسهم، والذي يلوم والديه على أنه.. هو!. ويدخل الحياة العملية، ويعمل، ويتزوج، وينجب، ويربي أولاده...

ثم لا بد وأن تنتابه الهموم يوماً، فيجد نفسـه عصبياً، متوتراً، أو لا يبالي فقد يحسبها داء العصر أو نمط شـخصيته أو باختصار هكذا وُجِدَ، وبالنهاية يعتقد بعدم إمكانية فعل شيء.. فيتناول قرصاً مهدئاً أو يدخن سيجارة أو نفس نرجيلة أو ينهمك في العمل والمهام اليومية و.. بالنتيجة ينسى كل شيء.

وفي لحظات يخطر بباله أنه يحيا كالمجنون أو ربما يخفي هذا التفكير بشكل أو آخر ويواسي نفسه.. الجميع يفعلون الشيء نفسه، إذا..؟!..
يريد الاعتقاد بعالم تسوده المحبة والتقدير والقيم النبيلة والمساواة والإيجابية والبهجة والراحة.. وينجرف وراء الدعايات ووسائل الإعلام والإعلانات.. ويأتي وقت يضطر فيه إلى ترك بعض المسافة إذا جاز القول بينه وبين حياته اليومية الاستهلاكية.. عندها ينظر إلى اللامعقول..

وعندما يموت قريب أو صديق أو يعلم بمرض خطير ألمَّ به، أو عندما يشاهد من خلال الفضائيات وحشية المجازر وسفك الدماء وقتل وتمزيق أجساد الأطفال، أو عندما يسمع شعوباً تروي فظائع وطغيان دكتاتورها ويشاهد أطفالاً يواجهون الدبابات بالحجارة ويافعين يحولون أجسادهم إلى قنابل ناسفة في وجه الظلم والطغيان والاحتلال ويشاهد ويلات ودمار الحروب تفرض واقع القوة العظمى عالمياً في السلب والقتل والتدمير والاستغلال كيفما تشاء وأينما تشاء ولأي سبب تشاء... ويشاهد ساسة الكيان الصهيوني كيف يعلمون أطفالهم إرسال الصواريخ والقنابل كهدايا لتقتل وتمزق أجساد الأطفال في لبنان، يرتاب «أهذه هي الحياة؟!».

وغالباً لا يخطر بباله الوقوف أمام سؤال أساسي «ما هو معنى حياتي؟».. لكن الوعي يمزق ثغرة في جدار الآلية الضبابية للحياة الرتيبة دون بوصلة.. ليجد المرء نفسه أمام طريق حقيقي غير قابل للنفوذ.. هنا فقط وعي الذات يكسر العادات ويحطم تقاليد الآلية والأدوار.. «قدمت حياتي لأكون... من أنا اليوم، فهل كان ذلك يستحق كل الجهد الذي بذل؟.».. وهل يقوم المرء بخياراته ويرسم طريقه ويبني شـخصيته في كل يوم؟.. وهل يعي الطريقة التي يوجه بها حياته لدى كل مفترق طرق؟..

فمن البديهي الإجابة على مجموعة تساؤلات كي يحقق المرء نفسه بصورة منطقية ومعقولة ولا أقول كاملة: من أنا، من أين جئت، إلى أين أذهب، ما مغزى ما أعيشـه، ما هو مكاني ومقامي على الأرض وفي الكون،
من هنا دور الطبيب.. الذي لم يكن في السابق بهذه الأهمية، ففي القرون الماضية كان المشرعون يؤدون هذا الدور ثم تلاهم الكهنة وقبل ذلك وبعده البنيان العائلي المؤلف من الأقارب والأصدقاء والمرتبط بتراث واحد واهتمامات مشتركة. ولكن في هذا العصر، عصر السرعة والحاسب والقلق والتوتر والتكنولوجيا، وآلة الحرب، والجرائم، والانهيار العائلي، والمخدرات، والإدمان على الكحول، والتشرد، والطلاق، وانهيار القيم، والتضخم المالي، والغلاء، وارتفاع الأسعار، والاستبداد والاحتلال والعنف وازدواجية المعايير والانهيار المعنوي في النفوس، والمخاوف الظاهرة منها والمستترة من الحاضر والمستقبل ليست إلاّ أعراضاً لمشكلات أكثر عمقاً في السلوك الإنساني المعاصر والنفس البشرية التي غدت تائهةً وسط هذا الزحام والضباب.

وها هو الآن يخترق ميدان تطور العلوم البيولوجية بسرعةٍ مذهلةٍ، وطريقةٍ مرعبةٍ.. ولا يمثل كل ذلك إلا زاوية صغيرة محدودة من زوايا المسرحية الدرامية التي يحياها إنسان هذا العصر
وغدت مراجعة المشافي النفسية مطلب بقاءٍ ووجودٍ لأغلب بني البشرولكن الإجـابة على تسـاؤلاتهم ومعضلاتهم ما تزال قـيد الدراسـة والبحث…!!.. وأخذ علم النفس يتطور ليتمكن من استيعاب المشاكل وبدأت العلوم النفسية تحاول تجاوز ميدان التحليل الكيفي إلى ميدانٍ يرتكز على المعايير الكمية والاختبارات المقننة ومبدأ التنبؤ والمعالجات الإحصائية في تقييم القدرات العقلية والمهارات والاتجـاهات.. وتحديد الأغراض المحددة واقتراح مناهج التعامل معها.. وتطورت الروابط بين العلوم النفسية والطبية وغيرها من العلوم تطوراً كبيراً لمحاولة ربطها بالنواحي الاجتماعية والاقتصاديةالخ.. واتسعت مجالات الأبحاث العلمية النظرية والمجالات التطبيقية والتجريبية بشكلٍ مذهلٍ وطريفٍ.. ممّا ولدّ تقارباً وزوّد الخبراء والمختصين برؤيا جديدة أبعد مدىً، وأكثر مرونة واتساعاً وعمقاً

كل ذلك جعل التوجه نحو الأطباء يزداد أكثر فأكثر كي يقدموا خبراتهم في كافة مجالات سلوك حياتنا من الولادة والوالدية إلى النمو والطفولة والمراهقة والانفصال والفقد والمرض والموت..
أن هدف هذا الكتيب هو مساعدة الأب والأم والمعلم والمربي والمدرس وخبراء الطب وعلم النفس والتربية والاجتماع وجميع المهتمين بالعلوم السلوكية والنفسية بالإضافة إلى كل من له صلة في عالم الطفولة والمراهقة وقبل كل ذلك القارئ نفسه على فهم أنفسهم أولاً ومن ثم انجاز المهام الواقعة على عاتقهم من خلال تفهمهم لعالم الطفولة والمراهقة، وسنلاحظ في فصول هذا الكتيب تفاصيل دقيقة حول التطورات النفسية الطبيعية لسلوك الإنسان في مرحلتي الطفولة والمراهقة وكيف أسهم علم السلوك في تطور معرفتنا عن السلوك الإنساني وتعقيداته، ويجب أن لا يغيب عن أذهاننا تلك الأفكار أو التخيلات القليلة البسيطة والعظيمة في آن واحد والتي تمثل أول شيء يدخل إلى القلب كالنعاس دون إذن وهو أن هناك من يفهمنا ويهتم بنا، هذه الأفكار أو التخيلات يعيش فيها شخص يبعثه الأمل، والطبيب يمتلك ميزة دخول دائرة الضوء في هذه الأفكار أو التخيلات وبالتالي لديه الفرصة لأن يكون قريباً من أعمق أسرار القلب الإنساني، ويجب أن يكون لديه القدرة على لأن يزرع الأمل والطمأنينة في قلب مرضاه، فلا توجد مهنة أخرى غير مهنة الطب تسمح لصاحبها أن يسمع ويرى ويتفحص أكثر النواحي شخصية وخصوصية من حياة الناس وأجسامهم وعواطفهم وتفكيرهم، ولتحقيق ذلك علينا كأطباء أن نهتم ونكافح من أجل أن نَفهم، إذ أن الحاجات الإنسانية صُنفت منذ القدم وأكثرها إلحاحا هو الحاجة لأن نُفهم أو كما يقال بالانكليزية The need To be understood إنها حقيقة تنطبق على الكبار والصغار على حدٍ سواء، ولكن عند الصغار تكون أكثر أهمية لأن الصغار يعبرون عن حاجاتهم لكي يفهموا بطريقة رمزية سلوكية أكثر منها من خلال النطق والتعبير الكلامي فهم إما غير قادرين على النطق بسبب صغرهم أو لا يعرفون كيف يمكنهم التعبير عما يخالجهم من خلال التعبير بالنطق. وهنا الفائدة الحقيقية لهذا الكتيب.

هناك عدة أسباب تدعوني للتحدث عن الحمل كبداية للحياة والبدء بدراسة وعرض مراحل حياة الإنسان من الناحية النفسية لسلوكه والتي أبدؤها بهذا الكتيب كيف نفهم الطفل والمراهق (والذي يتناول الجوانب النفسية للسلوك الطبيعي للإنسان في مرحلتي الطفولة والمراهقة) وفي مقدمة هذه الأسباب أن كل مرحلة من مراحل النمو التي يمر بها الكائن الإنساني تمنحه فرصة للنمو والتطور وتحمل بين طياتها التغيير والتجديد من أجل السيطرة على الصراعات، وإيجاد الحلول المناسبة.. ومن البديهي أيضاً أن كل مرحلة تنطوي على خطر الفشل والنكوص هذا الخطر الذي يهدد كل مرحلة من مراحل حياة الإنسان من لحظة وجوده كبيضة ملقحة وجنين إلى ولادته وطفولته ومراهقته ثم فترة النضج والشـباب إلى فترة الكهولة والشيخوخة وانتهاءً بالوفاة، هذا اللفظ الذي لا يحب الإنسـان أن يفكر فيه كثيراً- رغم كونه حقاً- ولكن أين المفرّ، فهو المرحلة الأخيرة من الحياة شاء المرء ذلك أم أبى، وبتقديري يجب أن ننتبه نحن خبراء الصحة النفسية والسلوك الإنسـاني إلى أن الطريقة التي يواجه الإنسان فيها الوفاة هي مؤشر ومعيار دقيق على الطريقة التي عاش حياته فيها.

على كل.. يمكنني القول إن كل مرحلة من مراحل الحياة التي ذكرتها تمنح الفرصة من أجل النمو النفسي.. إلاّ أنها بنفس الوقت أيضاً تنطوي على خطر الفشل والنكوص، ويوافقني الرأي الكثير من الخبراء والباحثين في مجال الصحة النفسية بأن ذلك يظهر بوضوح خلال فترة الحمل..

والحمل من المنظور النفسي هو تجربة تطورية ليس للأم فقط، بل تتعداها إلى الأب والجنين وبقية الأطفال والعائلة كلها.. ولا وجود لتجربة مماثلة في حياة الإنسان تؤثر بهذه الصورة الدراماتيكية في حياة الآخرين كهذه التجربة، فإضافة عنصر جديد إلى أي مجموعة يغيّر من طبيعة هذه المجموعة، والتغيّر الأشـد عندما تكون المجموعة مكونة من اثنين فقط، فكيف إذا كان الوافد الجديد هو فلذة الكبد وسر استمرار المرء في هذه الحياة على وجه هذه المعمورة - فكل منا شئنا أم أبينا لا يمكنه الاستمرار إلى ما لا نهاية فالوفاة مصير حتمي ينتظرنا ولكن كل منا يستمر من خلال ابنه، إنها بشكل ما هي غريزة حب البقاء أو ما يوازي غريزة حفظ النوع عند باقي الكائنات - ورغم أن الحمل الأول هو التجربة الأكثر تأثيراً، إلا أن تجارب الحمول اللاحقة تحمل بين طياتها مشاكل جديدة ومتعة وسعادة جديدة أيضاً، وتتطلب إدراكا للواقع الجديد، كما تُحدث تغيراً في حياة كل فرد من أفراد العائلة من جديد.

وهكذا فان ولادة طفل هي أكثر بكثير من حدث بيولوجي، وتتطلب إيجاد نظام اجتماعي جديد يمنح الطفل فرصة للحياة والتطور الذهني والجسدي والعاطفي والنفسي، هذا عدا عن التحول النفسي للمرأة إلى أم والرجل إلى أب، وهذا الأمر أسـاسي لصحة الطفل وثبات واستقرار العائلة.

بالإضافة إلى الأسباب السابقة هناك سبب أخير لبدء كتابي ودراستي بالحمل وهو العلاقة بين العقل والجسـد the mind body relationship والتي تظهر بشـكل واضح جداً في هذه المرحلة، فهي تحمل تغيراً فيسيولوجياً عميقاً كما وتحمل تغييراً نفسياً عميقاً، إضافة إلى التأثير المتبادل والمستمر بينهما.

بقي أن أقول.. انني سأتحدث مطولاً من خلال فصول هذا الكتيب عن التطور الطبيعي من الولادة حتى بدء المراهقة، وسأخصص فصولا أقل لفترات التطور التي تشمل عدة سنوات قبل الكمون والمراهقة، ربما يبدو غريباً أن أخصص معظم الكتيب عن المراحل الأولى إضافة إلى السنة والنصف الأولى من سنوات هذه المرحلة حيث يبدو للملاحظ العادي أنه لا يحدث إلا القليل من التطور في هذه الفترة، ولكن في الحقيقة إن الشيء الكثير منه يحدث هنا منذ البداية، فهي الفترة الأولى من الحياة والتي يمكن أن نلاحظ فيها التوازن النسبي بين المواهب النظرية البيولوجية Biological Endowment والمحيط أو بين الطبيعية والتنشئة Nature and Nurture فالاثنين موجودين ومهمين ويتفاعلان منذ لحظة الإخصاب ومن المستحيل التحدث عن سنوات التطور إذا أهملنا أحد هذين الجانبين.

ويجب تذكر المقولة المأثورة بأن الطفل كالشجرة يمكن التحكم في طريقة نموها بيسر وسهولة وهي غرسه صغره غضة في حين يصعب ذلك فيما بعد عندما تكبر ويقسى عودها.
أشكر بحرارة الخبير الدولي في جراحة القلب عند الأطفال الصديق البروفيسور حسان صالح علي (العالم العربي السوري الذي سجل باسمه أكثر من خمسين إبداعاً عالمياً في مضمار جراحة قلب الأطفال) نائب رئيس قسم جراحة أفات القلب الخلقية وأستاذ كبار جراحي قلب الأطفال في مركز باكوليڤ العالمي لجراحة القلب والأوعية الدموية في موسكو.. ويتمتع بأنظف سجل جراحي لجراح قلب خطر في العالم إذ فاقت عملياته 4300 عملية خطرة على قلب الأطفال دون وفاة أو اختلاط يذكر.. وشـقيقه خبير الجراحة العصبية الصديق الأستاذ الدكتور محمد صالح علي كبير أطباء الجراحة العصبية في كلية الطب بجامعة يوهان فولفغانغ غوته في فرانكفورت بألمانيا.. والصديق الأستاذ الدكتور غياث ربيع (سوريا) أستاذ الطب النفسي بكلية الطب في جامعة تشرين.. والصديق الأستاذ الدكتور حسان ناصر (سوريا) أستاذ الجراحة البولية بكلية الطب في جامعة كلود برنار في ليون بفرنسا.. وخبيرة العلوم الاجتماعية الصديقة الدكتورة مناس الصوّاف (في العربية السعودية) فكل منهم تابع هذا العمل بصبر وشوق وأبدى ملاحظات علمية قيمة واقتراحات غنية..

وإنني ممتن لعملاق الطب النفسي في مصر وأستاذ الأجيال البرفيسور يحيى الرخاوي(مصر) وللصديق الدكتور جمال التركي (تونس) مؤسس الشبكة العربية للعلوم النفسية ورئيس هيئتها العلمية الاستشارية.. وللصديق الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي (مصر) أستاذ الطب النفسي بكلية الطب في جامعة الزقازيق.. والصديقة الأستاذة الدكتورة سهى مطلوب (العراق).. فكل منهم له عندي من اليد البيضاء ما أعجز أن أصف، وكل منهم زودني بآراء وملاحظات علمية دقيقة وساعدني في الحصول على أحدث الدراسات والأبحاث.

كما أنني مدين والأستاذة القديرة وخبيرة اللغة العربية السيدة حياة سليمان التي ساهمت في التدقيق اللغوي.. والصديق المهندس عصام عبيد والأستاذة جولي سليمان والأستاذة ليلى الصواف والأستاذة سلمى القدور على تعليقاتهم الإيجابية.. والصديق الصحفي حسن حسن الذي تولى متابعة الأعمال الإدارية.

أخيراً كلمة حق يجب أن تقال.. فلا يمكن اعتبار هذا الكتاب تأليفاً صرفاً أو إعدادا وتأليفاً أو حتى ترجمة، فالتأليف يجب أن يكون بالمجيء بشيء غير مسبوق، والإعداد والتأليف اعتدت في كتبي على أن يكون على الأقل مزيد ونصف الكتاب تأليفاً وأقل من النصف الآخر إعدادا، والترجمة هي نقل شيء من لغة إلى لغة أخرى، وهذا الكتيب لا تنطبق عليه أيّ من تلك الحالات ففيه من رؤيتي وخبرتي السريرية وأسلوبي وقراءتي التحليلية ولكن لا يصل ذلك إلى مستوى التأليف الصرف، وفيه من الإعداد والترجمة ولكن بطريقة وأسلوب وعرض وفق ما وفقت من فهم وخبرة وهو بعيد عن الأبحاث الأجنبية الأصل لأنها جرت في بيئات ومجتمعات ومعتقدات وسلوك ومفاهيم وثقافات جميعها مختلفة كلياً عن بيئة ومفاهيم وسلوك وقيم ومعتقدات وأخلاق مجتمعنا، ومع ذلك حرصت بكل ما استطعت على الأمانة والدقة العلمية وبما لا يسيء للحرفية والمهنية.. وتحقيق ذلك لم يكن بتلك السهولة.
 
وكلي أمل أن أكون قد وفقت في تقديم ما هو جدير بالزمن الذي سيبدد أثناء قراءة هذا الكتيب. 
        وللحديث بقية.......

المصدر: المجلة الإلكترونية للشبكة العربية للعلوم النفسية



الكاتب: أ.د عبد الرحمن إبراهيم
نشرت على الموقع بتاريخ: 22/07/2008