إغلاق
 

Bookmark and Share

السنوات الوسطى من الطفولة ::

الكاتب: أ.د عبد الرحمن إبراهيم
نشرت على الموقع بتاريخ: 28/08/2008


السـنوات الأولـى للطفولــة: مواقف الخطر الأولى

طفل ما قبل المدرسة (3 - 6 سنوات)
تحدث تغيرات كبيرة في حياة الطفل خلال هذه السنوات الثلاث. لأنها تؤلف الوقت الذي يحدث خلاله تغير في عالم مركز بشكل كبير على علاقة الطفل مع أمه إلى علاقة تشمل الوالدين معاً. وفي هذا المجال فإن بعض الأمور التي كانت ثابتة في العلاقة مع كل من الوالدين تتغير ويحدث إعادة بناء لهذه العلاقة خلال هذه الفترة بحيث تأخذ شكلاً جديداً في النهاية. إن الطفل سيغير من نظريته بأنه مركز للعالم وسيدرك ويتقبل الواقع. فبالرغم من أن بعض التفكير السحري مازال قائماً والخط الفاصل بين الخيال والواقع لم يحدد بعد بشكل قاطع في بعض الأحيان، فإن التفكير المنطقي يصبح أكثر وضوحاً ويحل مكان السلوك التجريبي بحيث يصبح الطفل قادراً على توقع نتائج أفعال معينة دون أن يقوم بها بشكل فعلي.

وبشكل عام هناك درجة من ترويض المشاعر حيث يعبرون عنها باعتدال أكثر. فالطفل في السادسة من عمره يكون هادئاً ومنطقياً أكثر. ويحدث خلال هذه الفترة وبشكل متزايد تنظيم استدخالي وذلك من خلال تماسك وعيه حيث يَكون الشعور بالذنب والموافقة الذاتية المحدد الأكبر للسلوك. والطفل في هذه المرحلة يُكَوِّّن الأسس اللازمة لدخوله ضمن عالم أوسع من أسرته- أي عالم المدرسة- وذلك من خلال قدرته الجديدة على النظر والتعامل مع الراشدين على أن لهم وظائف أخرى غير رعايته وتلبية حاجاته. إن الاهتمام والفضول بالعالم سيزداد كما تنخفض درجة الانغماس بعالم العائلة.

كيف تحدث بعض هذه التغيرات؟. هذا ما سأحاول أن أجيب عليه وأوضحه في الفقرات التالية من خلال عرض تحليلي يمكن فهمه واستيعابه بيسر وسهولة.
المرحلة القضيبية
دعيت السنة الأولى من العمر بالمرحلة الفموية Oral Stage، أما السنة الثانية فقد سميت بالمرحلة الشرجية Anal Stage أما المرحلة التي يحدث فيها التطور النفسي والتي سأناقشها الآن فقد دعيت بالمرحلة القضيبية Phallic Stage حسب تسمية Freud إلا أن هذه التسمية مغلوطة ذلك أن القضيب Phallus بالتعريف هو مصطلح ذكري. وكان Freud مدركاً لذلك وكان استعماله لتلك العبارة يعكس الطريقة التي ظن بها أن الأطفال يكتشفون أنفسهم مهتمين وبشكل أساسي هل يملكون قضيباً أم لا وبناءً على ذلك يصنفون الناس.

إن عبارة المرحلة القضيبية عبارة مغلوطة ولكنها تشير إلى زيادة الاهتمام بالنسبة للأطفال من كلا الجنسين في هذا العمر بأعضائهم التناسلية ونحن لا نعرف لماذا يحدث هذا، ولكنها أثبتت من خلال مراقبة الأطفال الصغار، وهناك دراسات أشارت إلى زيادة في إفراز الهرمونات الجنسية حوالي السنة الثالثة من العمر وهذا المستوى العالي من الهرمونات يستمر حتى السنة السادسة من العمر ولا يرتفع مستوى الهرمونات ثانية حتى سن البلوغ. إن هذه الدراسات في نظر بعض العلماء لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل لأنها قليلة العدد نسبياً لكنها على الأقل موجهة فقط. وعلى كل حال سواء بسبب الزيادة الهرمونية أو لا فإننا نشاهد ازدياداً في الاهتمام بالأعضاء التناسلية حوالي السنة الثالثة من العمر. وبشكل عام يلاحظ أن الأطفال يبدلون اهتمامهم العام بأجسادهم إلى اهتمام خاص بأعضائهم التناسلية.

فالرضيع يكتشف أعضاءه التناسلية خلال الأشهر الأولى من حياته وذلك من خلال اكتشاف عشوائي لجسده ككل. وبالرغم من حدوث انتصاب القضيب عند الرضيع في هذه الفترة فإن الطفل لا يشعر بأي متعة خاصة بالانتصاب الذي يحدث. والانتصاب مجرد ظاهرة عرضية وكذلك فإن البنت تكتشف أعضائها التناسلية كجزء من جسدها فقط. أما خلال السنة الثالثة فيصبح الأطفال مهتمين بشكل خاص بأعضائهم التناسلية بشكل أكبر، وهكذا نجد من خلال المراقبة أن الأعضاء التناسلية تصبح مصدراً للذة أكثر من السابق فالأطفال في هذا السن وكأنهم يمارسون نوعاً من العادة السرية إذا صح التعبير أكثر وكأنهم يجدون شيئاً من المتعة عند قيامهم بهذا الفعل.

ومع هذا الاهتمام الجديد بأجسادهم نجد هناك نوعاً آخر من الاهتمام، حيث نلاحظ أن الأطفال يهتمون كثيراً في فقدان وإعادة أجزاء الجسد، فإذا ما وجد الطفل دودة فسوف يفتن بفكرة أنه إذا ما قطعها إلى نصفين فإن هذين النصفين سوف ينموان من جديد. كذلك قنديل البحر الذي يثير الاهتمام كثيراً، ذلك أن الأطفال يسألون هل صحيح أن قنديل البحر يستطيع أن ينمي أرجله المفقودة؟. وهل هذا يعني أنهم إذا ما فقدوا ذراعهم أو ساقهم فستنمو من جديد؟. فالخوف من الأذى الجسمي أو البتر هو ذلك الاهتمام الذي يعبرون عنه بطرق مختلفة.

إن التواصل مع الأطفال في هذا السن يجعلنا مدركين بأنهم يشكلون المستهلك الرئيس للاصق الطبي في معظم دول العالم المتمدن. فهم يلجؤون إلى أمهاتهم عندما يصابون بجروح أو خدوش أو بلدغات بعوضة أو بإصابات وهمية، وعلى الأم أن تفحص كل إصابة بعناية إذ تكون هذه الإصابة بالنسبة للطفل مرعبة وهي بحاجة لشيء ما مثل أن تقوم الأم بتقبيل الإصابة ثم تضع عليها اللاصق الطبي، عندها يقتنع الطفل بأنه شفي. وربما نجد أن هذا التصرف مضحك أو مزعج ولكنه ينبع من خوف كبير من أن جسده ليس على ما يرام.

إن كلاً من الجنسين يمران بنفس المرحلة ولكن بشكل مختلف. إن جميع الأطفال يظنون أن بنية كل فرد في هذا العالم تشبههم تماماً، ولكن عندما يكتشفون أن هذا ليس صحيحاً فإنهم يرتكسون بطرق مختلفة كل حسب جنسه. نحن لا نعرف لماذا يحدث هذا حتى أننا لا نعرف بأن هذه الظاهرة علمية أم لا ولكننا متأكدون من ملاحظتنا الناشئة عن دراسة لكثير من الأطفال في هذا المجتمع.

لنحاول أن ندرس الآن ارتكاسات الأطفال الذكور أولاً.

قلق الخصاء عند الصبية
إن الطفل في سن الثالثة يكون منغمساً جداً في اللذة التي يجنيها من ملامسة قضيبه ومن اكتشافه لذلك الجزء من جسده، كما أنه بنفس الوقت يعتبر قضيبه كجزء يعتز به، فكثيراً ما نرى طفلاً صغيراً يحرجُ أهله حيث يدخل غرفة الجلوس المكتظة بالضيوف وهو عارٍ ذلك لأنه يريد منهم أن يشاركوه فخره. أو أنّه يقف ليبول أو يتبجح أمام والده بفخر ويقول له (أبي انظر إلى هذا، أنا كبير) فهو ينسب إلى قضيبه خصائص الفخامة -الأهمية- والقوة. وإن لهذا وبلا شك علاقة بنظرة الطفل لوالده لأن الأب ينظر له بشكل عام على أنه كبير وقوي جداً. إن الطفل خلال تماثله المتزايد مع بقية الذكور في العالم يريد أن يكون أكبر وأقوى، وهذا يتضمن استعراضه متباهياً بأعضائه التناسلية. إنه لا يريد أن يقوم بأي عمل خاص بقضيبه لكنه يريد أن يؤثر بكل إنسان. فالصبية في هذا العمر يهتمون كثيراً بالتأثير على العالم حيث يقولون لبقية الأطفال أن آباءهم، إخوتهم، سياراتهم هم الأكبر والأقوى.

لذلك فإن الصبية خلال هذه المرحلة من التطور يهتمون كثيراً بالحجم والاستعراض، ومن هذا الوقت يكون الطفل فخوراً وتنافسياً ويهتم بأعضائه التناسلية.
إن اعتقاد الطفل بأن الآخرين لهم نفس بنيته سيتحطم عندما يكتشف أن هذا ليس صحيحاً، وهذا يحدث عندما يولد لهذا الصبي أخت، أو عندما يسترق النظر إلى بنت أكبر. أو عندما يستحم مع طفلة. إن معظم الأطفال تسنح لهم الفرص ليراقبوا بعضهم بعضاً قبل أن يصبحوا في سن الثالثة ولكن الطفل عندما يصبح في الثالثة من العمر ويشاهد الأعضاء التناسلية لبنت يصل إلى نتيجة واضحة ومحددة.

فطريقة التفكير ما قبل الإجرائية والإجرائية العيانية في هذه المرحلة تدفعه عندما يلاحظ الاختلاف إلى استنتاج أنه قد حصل لها شيء مؤذٍ، وأن ما حدث لها يمكن أن يحدث له. لذلك يصبح قلقاً وخائفاً على أعضائه التناسلية وهذا ما يدعى قلق الخصاء، وفي هذا الوقت من الحياة يصبح قلق الخصاء هو الموقف الخطر الثاني الذي يتعرض له الطفل في حياته إنه خوف قادم على ملاحظة الاختلاف بين الذكورة والأنوثة.

لقد ناقشت سابقاً موقف الخطر الأول وهو القلق من الانفصال والخوف من فقدان الحب. وهنا يظهر الخوف من الأذى للأعضاء التناسلية عند كلا الجنسين ويضاف إلى التسلسل الهرمي للحالات الخطرة. عند الصبية يأخذ هذا الخوف شكل الخوف من الخصي بينما عند البنات يأخذ شكل الخوف من الإيلاج والتشويه التناسلي، وكما في مواقف الخطر الأولى فإن الطفل يتعامل مع خطر حقيقي. فهو حقيقي جداً ومخيف جداً حتى أن بعض الأطفال ينكرون ما شاهدوا ويؤكدون أن البنات شبيهات بهم تماماً، فهن يملكن الأعضاء الذكرية لكنها مخبئة داخلهن، ولهذا السبب نجد الأطفال الذكور يمزقون الدمى لكي يكتشفوا التشريح الداخلي لها، إن الأطفال في هذا السن لديهم فكرة محددة عن محتويات الجسد، فالجسد بالنسبة لهم مجرد دائرة كبيرة فالأشياء تدخل من إحدى النهايات للجسد لتخرج من النهاية الأخرى، ولا يعرف ماذا يجري بين هاتين النهايتين، فلذلك يستنتج الطفل أن كل الأجساد متشابهة. فالبنات لديهم قضيب داخل أجسادهن ولذلك لا حاجة للقلق، وهذه إحدى الطرق للتغلب على الخوف من الخصي.

وهناك أطفال آخرون يستنتجون أن قضيب البنت قد فقد ليعود ويظهر ثانية. إن الطفل متأكد من ذلك، لذلك نجده مستمتعاً بفكرة إعادة النشوء فنجد الأطفال يلعبون ألعاباً تشير إلى تخيلاتهم حول الأشياء التي تفقد ثم تظهر ثانية. فالطفل يخبئ قضيبه بين فخذيه ثم يتركه يندفع خارجاً ويصرخ بفرح عندما يندفع خارجاً لأن ذلك يثبت نظريته أن ما لا يستطيع مشاهدته لا يعني أنه غير موجود لكنه مجرد نوع من خداع الحواس بالفقدان.

هناك اختبار آخر للطفل، فهو يخاف عندما يشاهد الأعضاء التناسلية للبنات وهذا الخوف يمتد، مما يجعل البنت مخيفة وعليه أن يتجنبها ويحتقرها وأن نشاطاتها يجب أن تراقب بشدة. إن الدافع لهذا السلوك هو القلق الحاصل عند الأطفال الصغار. ومن هنا حاول Freud زرع فكرة تحليلية مفادها أن معظم المجتمعات التي تميل إلى الانتقاص من قدر المرأة تتخذ هذا السلوك كاستجابة للخوف من الخصي عند الذكور.

وهكذا وقبل أن يصبح الطفل راشداً وقابلاً على الأخذ بقوانين المجتمع، يريد أن يتجنب البنات لنفس الأسباب لذلك فهو يسخر منهن ويغيظهن ويناديهن بأسماء مختلفة. إنها استجابة لذلك الخوف من الخصي الذي يظهر عبر إدراكه لذلك الاختلاف القائم في الأعضاء التناسلية بين الذكور والإناث. إن نفس الخوف يمكن أن يبدل مكانه إلى أماكن أخرى من جسد الطفل لذلك فهو يضطرب بشكل كبير عند حدوث أي خدش أو جرح. كذلك فإن الطفل الذي لم يبد أي مشكلة عند قص شعره يبدأ فجأة بإحداث معركة مزعجة عندما يريد أحدهم أن يأخذه إلى الحلاق ليقص شعره. نلاحظ الكثير من التهديدات التي يستخدمها الطفل أثناء السنة الثالثة من العمر مثل "سوف أقطع رقبتك وسوف أقطع رجلك، وسوف أقطعك إلى أجزاء صغيرة جداً" وبهذه الطريقة نجد الأطفال يتعاملون مع خوفهم من الأذية عن طريق تهديداتهم بأذية الآخرين. كما أنهم يعيدون طمأنة أنفسهم من خلال السلوك الاستعراضي ومن خلال ملامستهم لأجسادهم بشكل دائم. فإذا ما راقبنا طفلاً في هذا العمر سنجد أنّه يقضي نصف يومه ممسكاً بأعضائه التناسلية، وذلك ليس لمجرد الأحاسيس السارة بل لأنه أيضاً يشعر باضطراب وقلق وخوف وهو بحاجة لهذه الطمأنة .

إن كل هذه الارتكاسات لدى الطفل طبيعية في هذا السن. وأذكر أنّه من خلال هذه الارتكاسات فإن المرأة هي مصدر الخطر. والطفل حتى هذا الوقت قد تمثّل أمه وهذا التمثّل Identification الأنثوي بحد ذاته خطر بالنسبة له وأي نشاط أنثوي سينظر له الطفل على أنه خطر على نموه الذكري Masculinity . إن بعض هذه الارتكاسات يمكن أن تستمر حتى سن الرشد، فبعض الرجال يتجنبون أي نشاط معرّف على أنه أنثوي، لذلك يظهرون ذكورتهم بشكل كاريكاتوري. فمثلاً إذا ما نظرنا إلى الحنان والعواطف على أنها أنثوية سيكونون عاجزين عن التعبير عن مشاعرهم كما إنهم عاجزين عن غسل الأطباق أو تحضير طعامهم.

إن كثيراً من الرجال تكون خبرتهم مشوشة حول النساء بشكل عام، فهناك اصطلاحات أدبية وشعرية واجتماعية حول غموض ولا منطقية النساء. فقد قيل أن الرجال لا يمكن أن يفهموا النساء أبداً كما لا يمكن لهم أن يعرفوا ماذا تريد النساء لأنهن محيرات وغامضات.

وبشكل عام لا يوجد أي أساس منطقي لهذه الفكرة كما لا يوجد أي سبب يجعل فهم الرجال للنساء أشد صعوبة من فهم الرجال الآخرين. وهكذا نجد عبر التاريخ إشارات لتلك الفكرة التي تقول أن من الصعوبة بمكان أن تفهم النساء. ويمكنني القول بشكل أدق أن الصعوبة التي يواجهها الرجال هي في فهم وتخيل قلقهم من النساء.

                                                وللحديث بقية.............
 ________________________________________
 
- سغموند فرويد (Sigmund Freud (1856-1939 حاول أن يضع لعلم النفس ايدولوجيا لتعطي وتدلي برأيها في كل موضوع، من مواليد النمسا لأسرة برجوازية يهودية هو ابن الزوجة الثانية لأب يعمل في تجارة الصوف وله شقيق وأربع شقيقات، إضافة إلى أخين غير شقيقين من زوجة أبيه الأولى، وهو في عمر أولادهما وكان يلعب معهما. كانت أمه صغيرة السن جداً بالنسبة لأبيه، وكان يحمل أخلاق البرجوازية مضافاً إليها اتراثه وثقافته اليهودية، تخصص في الطب العصبي وحصل على الدكتوراة في سن 25 وتأثر بغوته وعمل فترة مع شاركو وتأثر بطريقته في علاج الهستريا بالتنويم، وسافر إلى باريس وتعرف إلى بروير وشاركه في كتاب دراسات عن الهستريا 1895، ورغم محاولاته فشل في تعلم التنويم المغناطيسي، ومارس العلاج بطريقة التنفيس التي اقتبسها عن أرسطو ونسبها لنفسه، ثم اختلف مع بروير المسيحي المحافظ المتدين الذي وصف فريد أمامه الأخلاق المسيحية بالذات بأنها كل النفاق، ولم يندم فرويد في حياته على أي شيء سوى زواجه الذي يعتبره مبكراً، فعادة أولاد العائلات اليهودية البرجوازية والمتوسطة خطب في سن 26 وتزوج في 30 من عمره وأنجب ثلاث ذكور وثلاث اناث أشهرهن أبنته الصغرى آنا Anna المعروفة في مجال التحليل النفسي للأطفال، وكانت من بين الذين تحلقوا حوله ومنهم يونغ وآدلر وجونز وفيرنزي وغيرهم، وصنعوا أول تجمع لعلماء النفس كحركة دولية، وأسسوا المؤتمر الدولي الأول للتحليل النفسي 1908 وشارك فيه 42 من خيرة العلماء، ثم تأسست منهم رابطة التحليل النفسي 1910. والملفت للنظر تأثير التوراة والتلمود على فرويد بما يسمى القبالة اليهودية وهي حلقات دراسية طقوسية سرية لها أهدافها واستراتيجيتها البعيدة وكان كافة أعضاء التجمع حول فرويد من اليهود باستثناء يونغ وجونز، وكلاهما تمرد على فرويد، ومع انسحاب يونغ وجونز وآدلر وشتيكل اضطر فرويد أن يكتب تاريخ حركة التحليل النفسي Zur Geschichte der Psychoanalystischen Bewegung 1914 دفاعاً عن نظرياته، وأشد المعارضين لفرويد كان يونغ الذي تمرد بسبب آراء فرويد الجنسية وغير الجنسية إضافة إلى طريقته في إدارة الجمعية الدولية لعلم النفس، فانسحب من الجمعية والجماعة كلها وكون لنفسه طريقته الخاصة واستطاع أن يكون أستاذاً عبقرياً له أثاراً مميزة في العلوم النفسية وإن لم تكن له شهرة فرويد، وإسهامات فرويد النفسية هي (طريقته في التحليل النفسي ورافدها التداعي الحر وتفسير الأحلام، ونظريته في الشخصية وآلياتها، وقوله في الجنسية الشاملة والصراع والكبت واللاشعور والتحويل) وجميعها كانت موجودة كتراث علمي تحدث فيه الفلاسفة أفلاطون وأرسطو ثم كانت وسبينوازا وبهيربرت وهارتمان ومن الأدباء غوته وشكسبير وديستيوفسكي، وكانت هناك الكثير من مؤلفات الجنس بدءاً بالهندية والصينية والعربية الى هيرشفيلد وكرافت وايبنغ وهافلوك اليس، وكذلك في تفسير الأحلام، فهناك الكثير من الكتب والنظريات وفرويد استفاد من كل ذلك، أهم كتبه تفسير الأحلام Die Traumdetung عام 1900 الباتالوجيا النفسية للحياة اليومية عام 1904 وثلاث مقالات في النظرية الجنسية عام 1905 وليوناردو دافنشي Eine Kindheitseerinnerung des Leonardo da Vinci عام 1910 والطوطم والمحرم Totem und Tabu عام 1912 ومابعد مبدأ اللذة Jenseits des Lustprinzips عام 1920 وعلم النفس الجماعي وتحليل الأنا Massenpsychologie und Ich-Analyse عام 1921 والأنا والهو Das Ich und das Es عام 1923 ومستقبل وهم Dae zukunft einer Illusion عام 1927 الذي أنكر فيه وجود الله ونسب الدين الى الخوف، ثم الحضارة ومكدراتها Das Unbehagen in der Kultur عام 1930 وموسى والتوحيد عام 1939 الذي أنكر فيه يهودية النبي موسى عليه السلام ونسب ديانته الى أخناتون. وبشكل عام يعتبر تناول فرويد للنبي موسى عليه السلام وليوناردو دافنشي في رأي الكثير من الخبراء ما هو إلاّ من قبيل توسيع دائرة شهرته ومحاولته لتخليد اسمه، مات فروريد بعد صراع طويل مع السرطان في لندن، ومعظم نظرياته وطريقته العلاجية تعتبر منذ تسعنيات القرن الماضي نوع من الثقافة العامة فقط. (المؤلف). 

المصدر:
المجلة الإلكترونية للشبكة العربية للعلوم النفسية



الكاتب: أ.د عبد الرحمن إبراهيم
نشرت على الموقع بتاريخ: 28/08/2008