إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   عائدة من الخليج 
السن:  
23
الجنس:   C?E? 
الديانة: Muslim 
البلد:   Egypt 
عنوان المشكلة: العائدون من الخليج: الملف الساخن مشاركة 
تصنيف المشكلة: نفس اجتماعي: العائدون من الخليج 
تاريخ النشر: 09/12/2004 
 
تفاصيل المشكلة

 



العائدون من الخليج : الملف الساخن يتجدد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عزيزي د.أحمد عبد الله، عندما قرأت عنوان المشكلة على استشارات مجانين  شعرت بأن هناك شيئا يدفعني دفعا إلى قراءتها وأنها موجهة إلي، اسمح لي بأن أذكرك بنفسي، أنا التي شاركت في مشكلة الزواج للجميع : الفكرة ... الجمعية... التكاليف، أعترف بأنه بعد قراءتي لردك أعدت حساباتي مرة أخرى، أنا أعرف يا سيدي أن هناك أسرا تعيش بأقل من نصف دخلي ولكن هذا الخط الفاصل بين الحياة الكريمة والكماليات خط يراه كل إنسان حسب نشأته المادية وربما خانني التوفيق في تحديد هذا الخط.

أعتذر عن هذه المقدمة ولنعد للمشكلة التي أشارك حولها هذه المرة من باب تجربتي الشخصية.

لقد عشت في جدة منذ أن كان عمري سنة واحدة إلى أن أصبح عمري 16 سنة، وبعد حصولي على الثانوية العامة، عدت إلى مصر لوحدي وضع تحت لوحدي خط، حيث أن أسرتي (أبي، أمي وإخوتي) استمروا في العيش هناك.

سكنت في المدينة الجامعية على الرغم من رفضي لذلك في بادئ الأمر ولكن أمي كانت مقتنعة أنني سأرتاح هناك أكثر مما لو عشت مع أحد من أقربائي وأعترف الآن أنها كانت على حق. صدمتي الأولى كانت في المواصلات، فأنا التي عشت حياتي لا أتنقل إلا بسيارة مع سائق أصبح مطلوب مني أن أقضي ما بين السير والمواصلات حوالي 3 ساعات يوميا.

الصدمة الثانية كانت في المدينة الجامعية، فلن أنسى ما حييت أول ليلة أبيتها هناك، كنا في شهر أكتوبر والجو حار خانق، ولم أنم في عمري في غرفة ليس بها مكيف، بالطبع لم أنم طوال الليل، ولم أدخل الحمام - أكرمكم الله- لمدة أربع وعشرين ساعة حتى ذهبت لزيارة خالي في اليوم التالي.

بعد حوالي أسبوعين، بدأت (آخد على الجو) وأكرمني الله باثنتين من زميلات السكن هما صديقاتي المفضلتان حتى الآن، وأعترف أن لولا وقوفهما بجانبي بعد المولى جل وعلا ما تمكنت من تخطي المرحلة الانتقالية، كان أهم ما يميز صديقتي أنهما كانتا من نفس مستواي الاجتماعي والمادي تقريبا ولقد عاشا في مصر طوال حياتهما إلا أنا والد كل واحدة منهما كان من العاملين في الخليج ومن هنا جاء هذا القرب.

لم نلجأ أبدا إلى إغلاق دواليبنا بأقفال كما يحدث في غرف السكن المشتركة وكان بيننا ذلك الأسلوب المتحضر في الحوار، فلقد اكتشفت أن بعض الأصدقاء ينادون على بعضهم بألفاظ سيئة من باب المودة والعشم!!!!!

عند عودتي لم أكن محجبة، فعلى الرغم من أنني كنت أرتدي العباية والطرحة هناك حتى أنني كنت أغطي وجهي هناك، إلا أنني لم أعتد نفسي من المحجبات يوما لذلك اشتريت ملابس لغير المحجبات عند دخولي الجامعة ولكنها محتشمة، كنت أشعر أنني كالعصفور الحبيس الذي انطلق في الفضاء الحر وكم كانت سعادتي عندما يتخلل الهواء شعري من نافذة المترو إلا أن صديقتاي أقنعتاني بأنه بما أن ملابسي بالفعل محتشمة فإنه لن يتغير الكثير عندما أرتدي الإيشارب ولقد لاقى كلامهما هوى في نفسي لأنني نشأت في أسرة تتسم بالتدين في تعاملاتها ولقد كان أبي يود في ذلك منذ زمن.

نعود لنقطة البداية وهي التعامل مع الجنس الآخر في مصر، لم يشكل لي التعامل مع الشباب في كليتي أي مشكلة، لا أذكر أن الحوار زاد بيني وبين أي زميل عن (صباح الخير والدكتور قال إيه النهاردة كنت أنظر لهم على أنهم أطفال، نعم أطفال، كل ما يشغلهم السيارات والرحلات والنمُّ على الدكاترة و"هناكل إيه النهاردة!!" لا أتذكر أنني حضرت مناقشة ذات قيمة في الكلية، لذلك كان شعوري ناحية الشباب شعور أخوي بحت لم يتخلله أي ميل ناحية أحد بعينه.

واسمح لي يا سيدي أن أنتقل بك للمرحلة التالية من حياة العائدين من الخليج، مرحلة البحث عن شريك للحياة. فبعد انتهاء دراستي، أصرت أمي على أن أعود معها للخليج - على الرغم من تواجد أخي الأصغر لاستكمال دراسته وإمكانية أن نعيش معا- أصرت من باب أن دائرة معارفنا هناك أكبر وبالتالي فإن فرصة إيجاد شريك حياة مناسب أكثر وعدت يا سيدي لمدة عام كامل كان من أسوأ أعوام حياتي، فلقد اكتشفت أنه لم يعد باستطاعتي العيش مع أمي، فبعد أربع سنوات لم يعد بمقدوري تحمل توجيهات من عينة (قومي استحمي، شعرك طويل عايز يتقص، الطبخة الفلانية تتعمل بالطريقة الفلانية).

وشعرت أنني كالضيف الثقيل في بيت أبي، ناهيك عن الفراغ يا سيدي، فأبي على الرغم من دائرة معارفه واتصالاته لم يتمكن من إيجاد فرصة عمل مناسبة لي، فلقد سمعت بالتأكيد عن السعودية وهي أن الأفضلية للسعوديين وهذا حقهم بالطبع فهي بلدهم.

بحثت عن أصدقاء دراستي الثانوية فوجدتهن إما تزوجن وأما عدن إلى بلادهن. حتى فرص الزواج التي تمكن أبي من الوصول إليها كلها كانت لشباب سافروا إلى الخليج بدون ارتباط وبالتالي مر بهم العمر دون أن يشعروا، فكان أصغرهم يكبرني بعشر سنوات!!

وعندما عدنا في أجازة الصيف أجمع جميع من يراني أنني أوشك على الاكتئاب، لم أعد أضحك أو أبتسم، وأصبح كل قريب وغريب ينصح أمي أن تتركني مع أخي لعلي أجد عملا أو على الأقل أصدقاء، وهذا ما حدث بالفعل يا سيدي وبعد شهر واحد من سفر أمي وجدت عملي الحالي.

ولكن تظل المشكلة تؤرق أمي، أين الفرصة المناسبة لإيجاد شريك الحياة؟ أهي حيث أبي ومعارفه؟ أم هي حيث عملي واجتهادي الشخصي؟ أدي كتاب حياتي يا عين.. أعتذر يا سيدي عن الإطالة ولكن فتحك للملف جعلني أفتح صدري للحديث.. دمت في أمان الله

 
 
التعليق على المشكلة  


الابنة السائلة؛
شكرا على اهتمامك بالمشاركة إضافة إلى أوراق ملف "
العائدين من الخليج " والحقيقة أن صفحتنا  هذه تحاول أن تقوم ببدايات لدور التنبيه إلى ملفات وقضايا اجتماعية ونفسية جديرة بالدراسة لأنها هامة ومؤثرة، وغالبا لا يدرسها أحد من المختصين بالتعامل مع مثل هذه الأمور، وشعارنا دائما وهدفنا المستمر هو تشجيع المبادرات بأن يعود الناس إلى مسئوليتهم في إدارة شئون حياتهم ومناقشة قضاياهم والاهتمام بشئونهم بدلا من انتظار الجهات المسئولة، أو مناشدة الأطراف التي من المفترض أن تكون الفاعلة، وهدفنا هذا هو منهاج كامل ندعو إليه ونتبناه وبذلك تتجاوز صفحتنا  ثنائية الدردشة والتنفيس إلى محاولة الفهم والتفهيم والحوار الدائم لتحريك العقول والجهود نحو الفعل الاجتماعي النشيط باتجاه التغيير الثقافي والاجتماعي والفكري لأن الناس هم أصحاب المصلحة الحقيقية، والضرورة الملحة لتغيير ما ينبغي تغييره.

تأملت في قصتك وسألت نفسي كم من فتاة لم ترزقها الأقدار الرحيمة بظروف مثل ظروفك، وصديقات مثل صديقاتك المتشابهات معك في الظروف والخلفية لتصلن جميعا إلى شاطئ إنهاء الدراسة بسلام؟!!! وأين ذهبت الفتيات اللاتي لم يجدن هذه الفرصة، ولا ذلك الدعم؟!! وأين وصلت الفتيات اللاتي بدلا من ذلك أقمن مع الأهل أو وقعن في شباك بنات أو أبناء الحرام؟!

ثم توقفت أمام قرار ارتداء الحجاب في مسار فتاة عربية عادية ربما لم تمارس من الحرية بحكم الظروف سوى أن (تترك شعرها للهواء يتخلله مندفعا من نافذة المترو)!!!، فخطر لي أن مساحة جسد الفتاة المحدود ربما تكون هي المساحة الوحيدة التي تمارس فيها حريتها، وربما لهذا السبب فإن اتخاذ قرار الحجاب من عدمه يكتسب ثقلا كبيرا، ويظل محور نقاش دائم مع الأخريات، ربما لأن أغلب الفتيات يرضخن في غير هذا القرار للظروف وللآباء والكبار والتقاليد....الخ، بينما تبقى هذه المساحة نسبيا، وأقول نسبيا مفتوحة لممارسة حق الحرية بالتصرف في جسدها ليس إلا!!!!

وأمام الفتاة العربية معارك ينبغي أن نخوضها معها وليس بالنيابة عنها- لتحصل على حريتها الشخصية التي منحها لها الشرع وحرمناها نحن منها باسم التقاليد، ومشاعر الخوف عليها، وطقوس الحماية الزائدة لها.

ثم أمامها معارك أخرى لتمارس حريتها العامة فتكون إنسانا كاملا وفاعلا ومشاركا في الحياة الاجتماعية والسياسية بحسب الظروف والأحوال الخاصة بحياتها وأسرتها ومراحل عمرها ومطالب كل مرحلة، وبغير ذلك سنظل نجر قدما مشلولة أو شبه عاجزة أو كأن لدينا رئة مصابة بالعطب أو نصف دماغ مصاب بالسكتة، وهنيئا لنا ضياع النساء بين المحافظة المتشنجة والتمكين الزائف
!!!

ولا ينفصل هذا وذاك عن مسألة اختيار شريك الحياة فطالما المناخ السائد يسعد بتدليل الشباب فيظلون تافهين، وبحبس أنفاس الفتاة أو الاكتفاء بستر جسدها فتظل هي الأخرى مجرد أطلال إنسان فما هي قيمة ارتباط خواء بخواء
؟!!!

إذا كان الطالب الجامعي عندنا ممنوعا من ممارسة السياسة -تقريبا- وغير مدعو للمساهمة في نهضة بلاده أو حتى مناقشة قضاياها لأن أحدا لم يدعه، ولأن أحدا لا يناقش هذه القضايا غير "المسئولين" و"المختصين" ولا يبقى للشباب غير الكلام عن السيارات والرحلات والمطاعم، فماذا تناقش الفتيات يا آنستي
؟!!

هل يناقشن مستقبل هويتنا في ظل العولمة؟! أم يناقشن أثر البطالة في ارتفاع سن الزواج لدى الأجيال الشابة
؟!!!

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الساعة "يوم القيامة فبادره الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام متسائلا: ماذا أعددت لها؟! وأنت والسيدة والدتك مثل كل فتاة وكل أم مشغولات بشريك الحياة والارتباط وإقامة أسرة وفتح بيت، فماذا أعددتن لهذا؟!

هل كانت لدى والدتك الفرصة لتدربك كيف تسعدين زوجا وتتفاهمين معه؟! أو كيف تراعين طفلا وتربينه؟! هل تلقيت هذا التدريب والتكوين في أي مكان ومن أي مصدر؟!! الفتيات ينتظرن الارتباط فما هي إمكانيات وتكويناتهن الشخصية والمهارية لذلك؟!

راجعي ملفات التعاسة الزوجية سبب الجهل العاطفي، وجهل الوالدية عندنا. هل تراني أقصدك أنت تحديدا
؟!!
هل تراني أتهم والدتك التي لا أعرفها؟!!! بالطبع تعرفين الإجابة، وهي أنني أشكرك على مساهمتك الرائعة التي فتحت المزيد من النقاش حول أوجاعنا ونواحي القصور لدينا، ولأننا نؤمن أن هذا النقاش المفتوح والمفتقد بطول عالمنا العربي وعرضه هو خطوة البداية على طريق العلاج،
وتبقى الملفات كلها مفتوحة في انتظار المزيد من المشاركات والوعي والحركة.

 
   
المستشار: د.أحمد عبد الله