إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   الحزين 
السن:  
25-30
الجنس:   ??? 
الديانة: مسلم 
البلد:   سوريا 
عنوان المشكلة: الشر يكسب! 
تصنيف المشكلة: نطاق الوسواس OCDSD اضطراب وسواس قهري 
تاريخ النشر: 23/12/2008 
 
تفاصيل المشكلة

 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
كل عام وأنتم بخير، أعاد الله شهر رمضان المبارك علينا وعليكم وعلى سائر المسلمين بالخير واليمن والبركات، ووفقنا جميعاً لصيامه وقيامه، آمين اللهم آمين.

وبعد،
اسمحوا لي أن أهنئكم على هذا الموقع الرائع الذي يرقى دون أدنى مجاملة إلى مصاف المواقع العالمية، داعياً الله العلي القدير أن يجعل ثوابه في صحائف حسناتكم، آملاً مساعدتكم الكريمة في تجاوز أزمة نفسية أمر بها، قد يعتبرها البعض تافهة إلا أنني لا أنام الليل بسببها، وألتمس العذر مقدماً على إطالة لا غنى عنها في نظري للإحاطة بالموضوع من جميع جوانبه.

أنا شاب أبلغ من العمر 27 عاماً، على درجة لا بأس بها من التدين ولا أزكي نفسي على الله فهو يعلم السر وأخفى، مجاز جامعي بالإضافة إلى دبلوم دراسات عليا وأحضر للماجستير، فأنا من الأوائل منذ نعومة أظفاري، كما أتكلم ثلاث لغات أجنبية بشكل لا بأس به، أنتمي للطبقة التي توصف بالمخملية، فأنا سليل عائلة عريقة في بلدي ونحن والحمد لله ميسورو الحال.

أملك –والملك لله– بيتاً باسمي، كما أنني ورغم صغر سني أعمل في وظيفة مرموقة وأتقاضى راتباً يغبطني عليه المحبون ويحسدني عليه الكارهون، وقد وهبني الله لباقة الحديث وقوة الحضور وهو ما يشهد به القاصي والداني. سوف تقولون وما المشكلة إذاً؟؟ يا ليتنا كنا نملك بعض صفاتك!

المشكلة تكمن في علاقتي بالجنس الآخر والتي تعتبر حجر الزاوية في صحة المرء النفسية، فأنا خجول جداً مع الفتيات ولا أقوم بأية مبادرة تجاههن، أثناء الدراسة الجامعية لم يكن لي صديقات، ومعظم البنات اللواتي كنت أحادثهن كن صديقات أصدقائي وكانت علاقتي بهن دائماً رسمية، فعندما كانت "تتحرش" بي إحداهن بحجة استعارة دفتر أو... لم أكن أحاول أن أستغل الموقف كي "أعلقها" وأدعوها للكفتيريا أو... وحتى يومنا هذا علاقتي بزميلاتي في العمل أو بغيرهن رسمية، فأنا لا أمتلك مهارة "إقتناص الفرص" أو توظيف ما وهبني الله من مزايا للفت نظر الفتيات، ربما كان ذلك بسبب تديني فأنا أخشى العلاقات المحرمة أو غير الجدية، أو لأنني معقد من البنات، فعندما كنت طفلاً أبلغ حوالي الثامنة من العمر كنت في صالة ألعاب إلكترونية وكانت هناك طفلة في مثل عمري تقريباً اقتربت منها بكل براءة كي أشرح لها كيفية تشغيل إحدى الألعاب "فانزعجت" ونهرتني قائلة لم أطلب مساعدتك، وفي نفس المرحلة العمرية أيضاً كنت ألعب في أحد الأيام مع بنات جيراني اللواتي كن في نفس عمري تقريباً أمام حديقة منزلهن فجاء عمهن وغضب من لعبهن معي وكان يريد ضربي ربما لأني من جنسية مختلفة أو لا أعلم وقد نجوت بأعجوبة؛

المهم قد شكلت لي هذه الأحداث وربما غيرها تصوراً من أن التودد للفتيات يزعجهن خاصة إن كن عربيات، فللمفارقة أنا أخجل من أن أحدق في عيون فتاة عربية بينما مع الأجنبيات –وبحكم عملي- أحادثهن بكل سلاسة –ضمن حدود الأدب–! ربما لأن عقلي الباطن يقول لي أن الأمر عادي مع الأجنبية فهي لن تنفر مني لأن محادثة الشباب وفق منظومة الأخلاق الغربية ليست محرمة بخلاف منظومة الأخلاق الشرقية، أضف لكل ذلك أنه ليس لي بنات عم أو خال يمكن أن أحادثهن بشكل مريح فأقربائي من الدرجة الرابعة كلهم من الذكور، ولدي أختان أكبر مني غير متزوجات وصداقاتهن محدودة للغاية.

كل ما سبق كان المقدمة –طويلة أليس كذلك؟!-، المشكلة الحقيقية الآن هي أنني أرغب بالزواج لأعف نفسي وأجد السكينة إلا أنني لا أعرف كيف؟ فمن جهة لا أعرف أية فتاة ولا أعرف كيف أتعرف عليها إن كنت أنا من سوف يختار شريكة العمر، وإن كان الأمر سوف يتم بشكل تقليدي فليس من أحد يمكنه مساعدتي، فلا أحد في بيتنا يؤمن بالزواج التقليدي وإلا لما تأخر زواج إخوتي وأخواتي، فأبي وأمي تزوجا عن حب ضاربين بكل العادات والتقاليد عرض الحائط، ونظراً لضعف خبرتي مع البنات فإن جل ما أخشاه هو أن أتزوج من فتاة كانت على علاقة بشاب قبلي حتى ولو كان حباً يوصف بالبريء، فأنا على الرغم من مستوى تعليمي وثقافتي و..."معقد" جداً، وأعتقد أنا هذا من حقي فأنا لم تكن لي أية علاقة قبل الزواج وليس لأني شرقي أحلل للرجل وأحرم على المرأة.

وكيف لا أكون معقداً ونحن نعيش في هذا العصر "المهبب" عصر الزواج العرفي وعمليات الترقيع المرخصة شرعاً تحت مسمى الستر –ولن أدخل الآن في جدل فقهي حول مشروعيتها– والجنس السطحي والجنس الإلكتروني والدعوات الهدامة المنادية بحق الإنسان في السيادة على جسده، والحق في الكذب على زوج المستقبل فيما يخص الماضي العاطفي والجنسي و...، خاصة مع ما رأيته من انحلال في الجامعة وما أسمعه من قصص تروى عن علاقة مشينة يندى لها الجبين ويشيب لهولها الوليد في المهد، فالمجتمع الشرقي "من برا هاللا هاللا ومن جوا يعلم الله".

ستقولون ما زالت الدنيا بخير، ولكن أين أجد هذا الخير وكيف أميّز الخبيث من الطيب؟ سوف تقولون عليك بذات الدين ولكن ما معيار الدين؟ أهو الحجاب وكلنا يرى الممارسات الشاذة والسلوكيات المنحرفة التي تصدر عن عدد ليس بقليل من المحجبات –وأنا هنا لست بصدد مهاجمة الحجاب فهو أمر شرعي فضلاً عن كونه رمزاً للإسلام الدين الذي أفخر باعتناقه– أم هو الصلاة التي بدلاً من أن تكون عماد الدين أصبحت بالنسبة للكثير من المصلين مجرد تمرينات سويدية! لطالما سمعت قصصاً مخزية -بل إني كنت قريباً من إحداها– لفتيات يوصفن بالتدين والأخلاق وينتمين للعائلات المتدينة والمحترمة ويقمن العلاقات المحرمة، سوف تقولون اسأل عن الفتاة وأهلها، ولكن من أسأل الجزار وبائع الخضار؟! أم الجيران؟ فهؤلاء إما أن يعرفوا ويسكتوا وإما ألا يعرفوا بفضل وسائل التمويه المبتكرة، أو أن يختلقوا وقائع كاذبة لغاية في أنفسهم.

المهم أن كل ذلك أوجد في رأسي فكرة وسواسية هي أنني لن أكون الأول في حياة من سأتزوجها! وهو ما يجعلني أقرر أحياناً عدم الزواج، وأحياناً تأتيني الأفكار الشيطانية بممارسة الجنس مع عاهرة كي تكون "واحدة بواحدة" إلا أن خوفي من الله يردعني عن ذلك، وآخر ما وصلت إليه هو البحث في موضوع القضاء والقدر لأعرف هل الزواج مقدر ومكتوب وليس في اليد حيلة، أم ماذا؟ وتهت بين القدرية والجبرية و... كما صرت أبحث في تفاسير الآيات الكريمة: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) والآية الكريمة (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ)، والراجح أنه ليس شرطاً أن غير الزاني لا يتزوج زانية، بالإضافة إلى موضوع عدل الله في كونه والعلاقة بين العدل والرحمة أو العدل والحكمة.

المهم أنني أعيش حالة من الوسواس القهري –إن سمحتم لي أن أشخص حالتي–، هذه الحالة التي أثّرت على نفسيتي سلباً مما انعكس على أدائي الوظيفي وعلى علاقتي بالناس وعلى نظرتي للمستقبل، فكرت بمراجعة طبيب نفسي ولكنه سوف يقول "لسا الدنيا بخير" أو شيء من هذا القبيل. لا أعلم كيف بإمكانكم مساعدتي، ولكن مجرد اهتمامكم بهذه الرسالة يعني لي الشيء الكثير. أشكركم مقدماً، وآمل في قراءة ردّكم الكريم بأقرب فرصة ممكنة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

14/09/2008

 
 
التعليق على المشكلة  


نعم لم تعد الدنيا بخير، ولكن ليس معنى ذلك أنه لم يعد مساحة إلا للشر وأن الشر يكسب؟! والدليل على ذلك هو وجودك أنت! نعم... فأنت أحياناً تفكر بعلاقة محرمة ولكنك لا تفعل، ويمكنك فعل ذلك ببساطة كما تقول في تلك الأيام ولكنك تختار ألا تفعل فهل أنت وحيد في هذا الكون الفسيح؟ هل يصح تعميم ما تسمعه وتقرأه على كل الفتيات؟ فكيف حال أختيك؟ هما لم تتزوجا بعد ولكنهما شريفتين لأنهما اختارتا ذلك، ومن المؤكد وجود أخريات مثلهما أسأل الله أن يجعل لك منهن نصيباً. ما أراه من سطورك لا يشير بقوة لوجود وسواس قهري ولكنك فقط في حالة "يأس" غير حقيقي بعدم وجود إمكانية للزواج بمن ترتاح لها، وهذا اليأس يسبب لك اكتئاباً يظهر في أدائك الوظيفي ومعاملاتك، إلا إذا كانت هناك تفاصيل أكثر تدلل على الوسواس في هاتين المساحتين، ولكن عليك أن تعي عدة نقاط مهمة:

*
الزواج مثله مثل أي قدر في حياتنا الله يقدره ولكن الطريق إليه باختيارك، والاختيار أنت حر فيه تماماً لكن نتيجته في علم الله عز وجل مسبقاً، ولذلك تجد أن آية الزواج التي تقول "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(الروم:21) تنتهي بكلمة يتفكرون لأن الاختيار والزواج يحتاج لتفكير وليس اليأس، فأنا أتفق معك في أنه قرار "مهما" وليس قراراً "صعباً" نتيه فيه أو نتيه بسببه.

في الزواج جزء من المخاطرة لأنك لن تعرف شريك الحياة تماماً إلا حين تعيش معه وتراه في كل الأحوال والمواقف، فستظل مساحة غير معروفة دوماً. لكن المهم هو أنك تعرفه قدر الإمكان قبل الاقتران به، ولقد أعطانا الشرع هذا التسهيل فيما يعرف بالخطوبة، فالخطوبة فترة للتعرف الحقيقي قدر الإمكان على شريك الحياة والتأكد من خصاله، واختبار لبدء مشروع الحب بين الشريكين، وفي تلك الفترة نسأل بالفعل عنهم الجزار والزملاء والناس الذين احتكوا بشريك الحياة، وبأسرته لتسمع وتعرف، وكذلك بسؤالك المباشر لشريكة حياتك عن أمور تهمك في زوجة المستقبل على مستوى المسؤولية والتدين والتفكير كما تراهم، فأنت قد ترى المسؤولية بشكل غير ما أراه، وكذلك ستبحث عن التدين الذي تتصوره تديناً، وهكذا... وحين تأخذ بتلك الأسباب تذهب للاستخارة طالباً من الله أن يوفقك لإكمال مشروع الارتباط أو عرقلته إن كان فيه الخير لك وحياتك ودينك.

0 لا تنس حديث "أنا عند ظن عبدي بي إن أحسن أحسنت وإن أساء أسأت" أو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فكما نظن ونفكر نجد! وأتصوره في كل مناحي الحياة فإن ظننت الخير وجدته وإن ظننت العذاب والألم والخيانة وجدتها، وستشجعني نظرتك لنفسك أن أقول لك أن الدراسات التي تتحدث عن طاقة الإنسان تقول ببساطة شديدة أرجو ألا تكون مخلة، أن الإنسان تخرج منه طاقة جذب، هذه الطاقة تجذب من يتناغم معها فلو كنت تخرج طاقة سلبية فيها مثلاً الحزن والخمول والانكسار فستجد كل ما تصادقهم أو أغلبهم كذلك، وإن كنت متفائلاً ومطمئناً وترى الخير فسيقع في دائرتك هؤلاء الأخيار.

0 ليست كل قصص الحب قصص زواج، فالزواج قد يبدأ بقبول أو ارتياح أو حتى رغبة حقيقة في تحصين النفس، وليس زواج الصالونات زواجاً غير ممتع أو كله مساوئ، وأقصد أن تلك الطريقة تنجح وتكوّن بيوتاً مستقرة، فهي على الأقل تضمن لك التكافؤ الاجتماعي والفكري ويتبقى لك فيه أن تبحث في الدين والقبول النفسي، فلا ترفض كل الرفض فكرة أن تقول لوالدتك أن تبحث لك عن عروس! وبعدها يكون الدور عليك في معرفة باقي ما تتمناه في زوجة وأم المستقبل، على أن تراعي ألا تتنازل عن عيوب تكرهها بحق أو مميزات تحتاج إليها بحق وأن تظن خيراً.

بقي أن أقول لك أن تحليلك لخجلك من الفتيات العربيات فيه جزء كبير من الصواب، ولكنه لا يصل لدرجة "عدم" القدرة لأنك بالفعل تتعامل بتلقائية مع الأجنبيات وتحتاج فقط لتدرج وتدريب.

 
   
المستشار: أ. أميرة بدران