إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   الشتاء البارد 
السن:  
20-25
الجنس:   C?E? 
الديانة: مسلمة 
البلد:   سوريا 
عنوان المشكلة: المريض الصعب .. هل يمكن أن يصبح سهلا !! 
تصنيف المشكلة: أعراض نفسية؟ Psychiatric Symptoms? 
تاريخ النشر: 02/01/2004 
 
تفاصيل المشكلة
المريض الصعب .. هل يمكن أن يصبح سهلا !!
 
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
 ماذا يمكن أن نفعل مع المريض العنيد الذي يرفض الالتزام بالجرعة الصحيحة من الدواء , وبالحمية المناسبة التي يصفها له الطبيب , لماذا ؟؟
 
 لأنه مقتنع بفكرة أن الإنسان هو طبيب نفسه !! ويعرف كيف يعالج نفسه بنفسه .. ولا أدري هل هو مقتنع فعلا بهذه الفكرة أم أنه يوهم نفسه بأن هذا صحيح ليستطيع التفلت من نصائح الطبيب بضمير مستريح !!
 
 والدي في التاسعة والستين من العمر , مريض بداء السكري منذ 14 عاما .. لا يلتزم أبدا بالحمية التي يجب أن يلتزم بها , ولا بالجرعة المناسبة من الأنسولين التي يحددها له الطبيب .. ولهذا السبب فإن نسبة السكر في دمه ما بين ارتفاع وانخفاض شديدين .. يرتفع ليصل إلى حوالي 5 غرامات .. وأحيانا 6 غرامات .. ويهبط ليصل إلى الدرجة التي يفقد فيها وعيه ..
 
 وأما بالنسبة لنصائح الطبيب بضرورة الحركة وبضرورة الامتناع عن التدخين , فهذه هي أول ما ضرب به والدي عرض الحائط !!
 
 الوضع خطير , وقد تسبب في حادث سيارة منذ عدة سنوات .. حيث فوجئ بهبوط في سكر الدم ففقد وعيه وهو يقود السيارة, والنتيجة: حادث, الحمد لله أن الأضرار هي فقط : كسر في فقرة في ظهر والدي وبعض الرضوض, وكسر في ذراع سائق السيارة الأخرى .. بالإضافة إلى أضرار مادية طبعا ..
 كل هذا لم يؤثر في أن يغير والدي من قناعته تلك .. وظلّ يطبب نفسه بنفسه حتى الآن ..!!!
 كيف أستطيع أن أساعده ليلتزم بالعلاج المناسب ؟؟ أم أن والدي عنيد إلى درجة أن المحاولة معه عقيمة ؟؟ طبعا العند طبع متأصل في شخصيته , وكمثال بسيط على ذلك ..
 
 منذ عدة سنوات كان والدي ينتقد طبخ والدتي دائما ويتهمها بأنها تكثر من الملح في الطعام .. مع أننا جميعا نراه عاديا .. وإذا بوالدي يصاب بارتفاع في ضغط الدم , وطبعا الحمية المطلوبة هي أولا : الإقلال من الملح .. فظننا لأول وهلة أن مشكلة الطعام المالح في بيتنا قد انحلت لأن والدتي أخذت تقلل كمية الملح كثيرا في الطعام أي إلى الدرجة التي يريدها والدي قبل إصابته بالضغط , ولكن ومنذ أن أصيب بالضغط أخذ يلومها دائما على قلة الملح في الطعام , ويأخذ المملحة ويضيف الملح وبكثرة إلى الطعام !!!
 
 والدي مريض بمركب خطير جدا : ضغط الدم المرتفع + السكر+ تدخين .. وهذا الخليط أصاب أحد أقربائنا بالشلل .. وأنا أخشى على والدي أن يلقى نفس المصير ..
 هل من طريقة لتجنب هذه الكارثة ؟؟
 وجزاكم الله كل خير
 
 19/12/2003
 
 
التعليق على المشكلة  
عزيزتي ........... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 رفض العلاج والتمرد على التعليمات العلاجية مشكلات نقابلها كثيرا في المرضى سواء كانوا نفسيين أو عضويين ، وهذا الرفض له احتمالات متعددة نذكر منها :
 1 – - فقد البصيرة (أو الاستبصار Insight) بالمرض ، وهذا نراه في بعض حالات المرض النفسي حيث لا يشعر المريض أنه مريض وبالتالي يرفض تناول العلاج .
 
 2 – - الإنكار Denial ، وهو حيلة دفاعية نفسية يلجأ إليها الجهاز النفسي لكي يحمي الإنسان _ ولو مؤقتا _ من الشعور بالمشكلة ، فالمريض في هذه الحالة يعلم (بعقله) أن لديه مرض ما ، ولكن الإنكار (كحيلة دفاعية) يجعله يهون من أمر هذا المرض ، ولا يرى داعيا للالتزام ببرنامج غذائي أو علاجي معين .
 
 3 – - نقص المعلومات عن المرض بحيث لا يدرك الشخص خطورة التراخي في تناول العلاج أو اتباع تعليمات الطبيب.
 
 -4 – العدوان على الذات ، بمعنى أن المريض لديه رغبة داخلية في أن يموت ، والمرض هنا فرصة لتحقيق هذا الهدف حتى لا يتحمل الشخص مسئولية الانتحار ، وكثيرا ما نجد نوعا من الاكتئاب)الظاهر أو المتخفيMasked Depression) عند هؤلاء المرضى يجعلهم يشعرون بعدم رغبه في استمرار حياتهم ، ورغبة في انتهائها ، ومساعدة العوامل التي تؤدي إلى ذلك ولو بشكل خفي .
 
 5 – - العدوان على الآخرين ، وهنا يكون العناد نوع من السلوك الذي يهدف إلى إزعاج المحيطين به ، فهو يريد لهم أن يقلقوا ويضطربوا من أجله ، وكأنه يعاقبهم على شيء ما(حقيقة أو وهما).
 
 6 – الشخصية الزورانية التي ترفض الاعتراف بالضعف في كل أشكاله وترفض الانصياع للتوجيهات أو الأوامر الصادرة من الطبيب أو من أفراد الأسرة . فالاستجابة للتوجيهات تعني (في نظره) أنه ضعيف أو تحت الوصاية ، أو أنه أصبح عاجزا عن تصريف أموره ، وهذه اعتبارات حساسة في هذا السن المتقدم .
 
 كانت هذه هي الأسباب بشكل عام ويمكنك مراجعتها ومطابقتها على حالة السيد الوالد ، خاصة وأنك لم تذكري تفاصيل كافية عن ظروفه النفسية وعن طبيعته الشخصية قبل وبعد المرض.
 
 ومن خلال المعلومات المتاحة نقرأ بعض الملاحظات المفيدة في التعامل مع مثل هذا النموذج العنيد :
 أولا : هو يكرر بأن الإنسان طبيب نفسه، وهذا يعني رفضه لأي توجيه أو وصاية من أحد، فهو شديد الحساسية نحو ذاته ونحو كرامته لدرجة أنه ربما يعتبر نصائح الطبيب وتوجيهاته نوع من التحكم فيه وفي حريته، ويصبح الوضع أصعب نحو أفراد الأسرة، فهو لا يحتمل أن تنصحه ابنته أو توجهه لأن هذا يعني (في نظره) أنه كبر وأصبح ضعيفا يتحكم فيه الآخرون. وهذا النموذج يحتاج لأن نقلل كثيرا من نصائحنا له ونمتنع عن الإلحاح عليه أو الضغط، وعندما نريد منه شيئا فليكن ذلك في صورة اقتراح ونعطيه الفرصة أن يقبل أو يرفض. فالأمر عنده يعني أنه أصبح مجنونا أو قاصرا أو عاجزا عن معرفة مصلحته، وبالتالي يرفض هذا الأمر المتحكم .
 
 ويستحسن أن نعرض عليه نتائج تحليلات السكر المرتفعة بشكل محايد لا يحمل ضغطا في اتجاه معين أو تحذيرا أو ترهيبا ،وهذا يعطي فرصة أكبر لكي يرى هو الخطر بنفسه دون مبالغة منا .
 
 ثانيا : هو لديه رغبة في أن يموت، ويفسر هذا تعرضه لغيبوبة سكر كاد أن يموت بسببها ومع ذلك يعاود إهماله للعلاج، وهذا يدفعنا للتفتيش عن جذور هذه الرغبة ، وكما قلنا يمكن أن يكون هناك اكتئابا وراء هذه الرغبة القوية .
 
 ثالثا : لديه مشاعر عدوانية نحو الآخرين، وقد عبر عنها انتقاداته لدرجة الملوحة في طعام الأم وهذه الدرجة لم تعجبه سواءا زادت أو نقصت ، وهذا أيضا يستدعي إتاحة الفرصة للتعبير الآمن عن هذه المشاعر، والتعامل معها حتى لا تتراكم مع الوقت .
 
 ويجب أن ننتبه أن الإنسان ( في حالته الطبيعية ) لديه غريزة الحياة التي تدفعه للحفاظ على حياته، ولديه أيضا غريزة الموت التي تدفعه ( بوعي أحيانا وبغير وعي غالبا ) إلى تدمير هذه الحياة، وأن تركيبته النفسية وظروفه الحياتية تعزز هذه الغريزة أو تلك
 
 أنصحك بعدم الإلحاح عليه حتى لا تتكون لديه مقاومة لهذا الإلحاح ويعتقد أنه قد أصابته الشيخوخة وأصبح تحت وصاية أبنائه ، واتركي غريزة الحياة لديه كي تعمل بعيدا عن الرغبة في العناد أو العدوان (على نفسه أو غيره)، وكوني جاهزة للمساعدة حين يطلبها (دون أن تفرضيها عليه فيكرهها ويقاومها)، وتذكري دائما أن الله قد خلق لكل إنسان إرادة لكي تعمل ، وطالما أنه مازال محتفظا بوعيه وبقدراته العقلية فهو أولا وأخيرا مسئول عن خياراته .
 
 وإذا كانت هناك علامات اكتئاب (الحزن، البكاء، فقد الاهتمام، اضطرا بات الشهية للطعام، اضطرابات النوم، الرغبة في الموت)، فيمكن إضافة أحد مضادات الاكتئاب بواسطة الطبيب الباطني لأن مثل هذا المريض ربما يرفض رفضا باتا فكرة إصابته بمرض نفسي .
 
   
المستشار: د.محمد المهدي