إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   أبو حيدر 
السن:  
25-30
الجنس:   ??? 
الديانة: مسلم 
البلد:   مصر 
عنوان المشكلة: الزواج وعلاقته بالقضاء والقدر 
تصنيف المشكلة: نفسي عائلي: اختيار شريك الحياة Spouse Choice 
تاريخ النشر: 17/08/2009 
 
تفاصيل المشكلة


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إلى الوردة بين الأشواك، إلى الكوكب المتلألئ في سماء المواقع النفسية العربية بل والعالمية، إلى المعين الذي لن ينضب بإذن الله، إلى موقع مجانين والقائمين عليه أبعث بأرق تحية معطرة بالورد والياسمين. وبعد،
فإني أرجو التكرم بمساعدتي على إيجاد حل لمشكلتي والتي قد يسخر منها الكثيرون:
أنا شاب أبلغ من العمر 30 عاماً، لم تكن لي قط علاقات نسائية لا في سني صباي ومراهقتي ولا خلال دراستي الجامعية أو حتى بعد التحاقي بالعمل، حيث اقتصرت علاقتي بمن عرفت من الفتيات على تبادل السلام والكلام في المواضيع المتعلقة بالدراسة أو العمل، وذلك مرده للوازع الديني الذي أتمتع به والحمد لله، بالإضافة إلى طبيعتي الخجولة التي قد يكن مردها إلى عدم وجود أخوات لي أو قريبات (بنات عم أو خال)، مما لم يعطني الفرصة للتعرف على الجنس الآخر، ناهيك عن عدم مجالستي لرفاق السوء فمعظم رفاقي هم على شاكلتي وربما يكون ذلك هو العامل الأبرز.

ولكن أين المشكلة؟! تكمن المشكلة في أنني قد تعرفت منذ فترة على فتاة أعجبتني تبلغ من العمر 28 سنة، لم تتجاوز العلاقة بيننا حدود الشرع والعرف، وهي على درجة من التدين والطيبة بالإضافة إلى وجود أشياء كثيرة مشتركة بيننا، باختصار دخلت قلبي من أوسع الأبواب وهو ما دفعني للتفكير جدياً بالزواج بها، ولكن نظراً لعدم خبرتي مع النساء ولكثرة ما أسمعه من الناس ووسائل الإعلام، ولحالة انعدام الثقة المستشرية بين الجنسين أخشى أن تكون مرتدية قناعاً ككثير من فتيات أيامنا هذه وشبابها أيضاً، فكيف لي أن أتأكد من أن تدينها حقيقي وليس تمثيلاً مع انتشار التدين السطحي والمزيف؟ وأنها تحبني بالفعل ولا تتسلى؟ وماذا عن ماضيها، كيف لي أن أتأكد من أنها لم تتورط في علاقات آثمة لا سيما مع كبر سنها النسبي (علماً أنه لا توجد قاعدة فقد ترتكب ابنة الخامسة عشر ما لا تجرؤ ابنة الأربعين على ارتكاب بعضه)؟؟ فأنا لا أملك الجرأة على سؤالها عن ماضيها خاصة أنني أراها فكرة تافهة فقد أجرحها أو قد (بل من المؤكد) لا تقول لي الحقيقة! بالإضافة إلى أنني أخشى من أن تهتز صورتي أمامها، حيث تعتبرني ككثيرين ممن يعرفونني رمز للثقافة والانفتاح (علماً أنني أعتقد أن حرص الرجل على عفة زوجته لا علاقة له بالانفتاح على عكس ما يقال هذه الأيام، وربما أيضاً على صفحات موقعكم الرائع من أن ماضي الشخص رجل أو امرأة هو ملك له وإلخ).

أنا لا أجيد "نصب الكمائن" كما يحلو للشباب تسميته هذه الأيام كما لا أجيد "تحليل الشخصية" وقد تعرضت لخيبات أمل كثيرة خلال حياتي، حيث فوجئت أن كثيرين ممن عرفتهم وكنت أتوسم فيهم التدين والطيبة كانوا في حقيقة الأمر على عكس ذلك تماماً.

صارحت صديقاً لي بهواجسي فقال لي لا "توجع راساك" فالمرأة المقدر لك الزواج بها سوف تتزوجها وكان أمراً مقضياً سواء أكانت عفيفة أم لا! وسواء أقمت بإجراء الدراسات والتحريات عنها أم لا، وهو ما دفعني لدراسة موضوع القضاء والقدر وهو ركن الإيمان الملازم لركن الإيمان بالله سبحانه وتعالى والعلاقة بين القدر والأخذ بالأسباب.

يقولون الزواج قسمة ونصيب، ولكن ما الفرق بين قرار الزواج وقرار إقامة مصنع أو قرار الالتحاق بكلية معينة أو شراء سيارة ما؟! هل الإنسان في الزواج مسير وفي بقية المسائل مخير؟! على اعتبار أن الإنسان لا يختار أبويه وإخوته وتاريخ ومكان ميلاده وبالتالي كل ما يقع قبل تلك اللحظة (لحظة الولادة) يكون مقرراً مسبقاً، ولكن الأمر يكون كذلك بالنسبة لأي أمر آخر، وإن اعتبرنا أن الإنسان مسير انتفت فكرة الابتلاء والثواب والعقاب!

أنا أعلم أن موقعكم هو موقع طبي نفسي تربوي إرشادي تثقيفي وليس موقعاً دينياً صوفياً، وإن كانت الصبغة الدينية واضحة جداً وهو ما يمنح موقعكم الثقة والمصداقية، كل ما أتمناه هو إرشادي إلى كيفية التعامل مع هواجسي بشأن تلك الفتاة وتوضيح علاقة الزواج بالقضاء والقدر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

21/06/2009

 
 
التعليق على المشكلة  


السلام عليكم، الأخ الكريم أبو حيدر،
من المعروف أن الأصل في الإنسان براءة الذمة، أي: أنه بريء من نسبة الذنوب والجرائم إليه حتى يثبت العكس، وتحرم إساءة الظن به ما دام ظاهره الصلاح... وما أظن أنك ترضى أن يسيء أحد بك الظن، لنفس الأسباب التي جعلتها مسوغاً لشكوكك.

إن ما تذكره ليس أكثر من وساوس وتعميمات لا برهان عليها، واستمرارك فيها سيقف في وجه مستقبلك، وإن لم تقم بإيقاف هذه الأفكار وطردها من ذهنك فستسيطر عليك وتجعلك تشك في زوجتك مهما كانت طاهرة نقية.

الفتاة في هذه الأيام –يا أخي الكريم- لا شيء يدعوها لإخفاء شخصيتها وتمثيل الالتزام والتدين لسببين:
الأول، لأن قلة التدين لم يعد أمراً مستهجناً هذه الأيام، وستجد الفتاة من يحبها ويتزوجها على ما فيها، والقليل اليوم من يشترط تدين المرأة ليتزوجها.
والآخر، ليس من مصلحة الفتاة المتفلتة أن تمثل التدين لتأخذ رجلاً متديناً لأنه سيرغمها على العيش في نظام لا ترضاه، وتحت قوانين لم تعتد عليها ولا تحب أن تلتزم بها، لهذا فالمرأة تعرف سلفاً شدة معاناتها، وفشل زواجها ممن يختلف عنها في طريقة تفكيره وسلوكه ومعتقداته، لأنها المحكومة لا الحاكمة.

وأما ماضيها: فليس لأحد -كائناً من كان- أن يسأل شخصاً آخر عن الذنوب التي ارتكبها في ماضيه وأن يكشف ستر الله عليه، بل عليه أن يتعامل معه على ما هو عليه الآن من استقامة أو انحراف، فليس للزوج حق أن يسال زوجته عن ماضيها ولكن له أن يشترط كونها بكراً ولا يحل لها أن تغشه في ذلك، لكن عدم غشه لا يلزم منه فضح نفسها، فيحق لها أن تتملص منه بأي طريقة تستر بها نفسها وتتورع عن غشه ومخالفة شرطه.

فانظر إلى أخلاق هذه الفتاة التي عرفتها فإما أنها أعجبتك وإما لا!! أما أن تعجبك ثم تشك فيها فهذا من وسوستك! وأما أن تدعي قلة خبرتك في معرفة الأشخاص فهذا من تقصيرك أنت لا من سوئها هي! فاذهب وتعلم كيف تكتشف الآخرين وتنتقيهم، سواء كانوا رجالاً أم نساءً.

أما عن علاقة الزواج بالقضاء والقدر: فهو كعلاقة أي فعل آخر -تقوم به- بالقضاء والقدر. هناك أشياء ليس للإنسان اختيار فيها، ولا يستطيع تغييرها لهذا لا يحاسب عليها، وذلك كالأمثلة التي ذكرتها من اختيار والديه وإخوته، وتاريخ ميلاده وزمانه، وكذلك هيئته وصفاته الجسدية ونحوها... وهناك أشياء أخرى يتجه إليها بإرادته ويفعلها باختياره، وهذه التي يترتب عليها الثواب والعقاب؛ فإن أراد إقامة مصنع، أو شراء سيارة، أو دخول كلية، أو اختيار زوجة....، فعليه قبل مباشرة أيٍّ من هذه الأمور أن يجتهد في إقامة الأسباب من السؤال والتعرف، واستشارة أهل الخبرة في الموضوع إلى أن يطمئن القلب إلى شيء، ثم بعد ذلك وقبله ومعه يتوجه إلى الله تعالى بالدعاء ويستخيره مراراً وتكراراً، ثم يمضي فيما اطمأن له قلبه، وفي النهاية سيكون هذا الذي مضى له واختاره بملء إرادته مطابقاً لعلم الله تعالى الأزلي وما سجله عنده من أقدار لأن علم الله تعالى لا يخطئ، فما علم أنه سيكون وسيصدر عن هذا الإنسان المختار فهو كائن لا محالة.

فأنت الذي تختار زوجتك بملء إرادتك، وأنت الذي تحاسب على اختيارك وتوجهك لذات الدين أو غيرها، ولكنك لن تتزوج إلا التي علم الله تعالى أنك ستختارها أخيراً، أي إن التي اخترتها بملء إرادتك يعلمها الله سلفاً وكتب أنها ستكون من نصيبك لعلمه الكاشف الأزلي للأشياء... فإن كانت الزوجة على الصفة التي ترغب بها، فقد سعدت معها وأنت مطالب بالشكر عليها، وستحاسب حسب نيتك وحسب الأسباب التي اتخذتها عند اختيارها. وإن بان أن الزوجة على غير ما ترغب، فهو امتحان لك عليك أن تصبر عليه وتحسن التعامل معه فتؤجر على ذلك، لكنك أيضاً لا تحاسب إلا على نيتك وأخذك بالأسباب عند اختيارك. وارجع إن شئت إلى: (الدمية الشقية والتحيز للذكور: مشاركة) ففيها كلام يفيدك عن القضاء والقدر ويوضح لك.

فتعلّم -إذن- كيف تختبر الفتيات، وأحسن الظن بهن إن كان ظاهرهن الصلاح، ثم اختبر هذه الفتاة وراقب أخلاقها، فإن أعجبتك فاسأل عنها المقربين منها، واستخر الله تعالى إلى أن ينشرح صدرك إلى شيء وتقدم إلى خطبتها، وحاذر ثم حاذر من الشك فيها بعد ذلك، ولا تتهمها بشيء لا يظهر لك عن برهان ناصع ودليل واضح.
وفقك الله لزوجة تسرك وترضيك، ويسر لك ما فيه رضاه.

 
   
المستشار: أ. رفيف الصباغ