إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   رفيقة 
السن:  
20-25
الجنس:   C?E? 
الديانة: مسلمة والحمد لله 
البلد:   فرنسا 
عنوان المشكلة: أسرة أم جلسة مطعم: نذوب في الغرب ونشتمه 
تصنيف المشكلة: نفس اجتماعي: مشكلات الغربة Emigration Problems 
تاريخ النشر: 31/03/2004 
 
تفاصيل المشكلة

 
السلام عليكم
وجزاكم الله عنا خيرا.

أنا مقيمة بفرنسا منذ أربع سنوات. مع زوجي ويكبرني بخمس سنوات وطفلتي ثلاث سنوات والثانية تسعة أشهر هل من نجاح العلاقة بين الزوجين أن يعيش كل واحد منهما لأهدافه ومشاريعه بعيدا عن الآخر؟

أم أنها طبيعة الحياة هنا في الغرب؟

وهل على المرأة أن تستقل بأهدافها ومشاريعها لتحس بذاتها وبأنها نجحت؟

وهل من الصواب أن يكون اجتماع الزوجين عادة فقط للأكل أو تبادل بعض الكلمات أو لإشباع رغبات الجسد؟؟

أين المقياس الصحيح لعلاقة المرأة بزوجها؟

وهل لأكون ناجحة في حياتي بعد الزواج علي أن أفكر بنفس الطريقة التي كنت أفكر بها قبل الزواج وأضيف فقط مسؤوليات الزوج من طبخ وغسل وتلبية رغبته فيما يريد وبهذا أكون قد نجحت في حياتي؟؟؟

ولكن بهذا المعيار يكون لا فرق بين الأعزب والمتزوج إلا في تلبية رغبة الجسد!!! انتهى.

لقد فرحت كثيرا بموقعكم الجديد هذا.

وأرجو من الله أن يبارك لكم فيه, وأن يجعله بوابة خير للجميع وأن يلهمكم السداد في القول وعزيمة الرشد والقوة على إعطاء المزيد من الخير.آمين يا أرحم الراحمين.

 
 
التعليق على المشكلة  

 
الأخت السائلة: لن أتردد أكثر من ذلك في قبول التحدي بمحاولة الإجابة على تساؤلاتك،

وأبدأ بشكرك على هذه الرسالة القصيرة النافذة، وكما أخرج بلدك عقولا نيرة مثلك تدرك الحياة على هذا النحو المتفهم العميق فإنني أدعو الله أن يحقن دماء أهلنا هناك لتعود إلينا كل أقطار المسلمين سالمة عزيزة معطاءة.

أصل العلاقة الزوجية يا أختي الفاضلة أن تحقق لأطرافها السكن والمودة والرحمة،

وهي أهداف لا نصل إليها إلا بنوع من المشاركة الوجدانية والعملية، والفرد حين يختار أن يرتبط بعلاقة زوجية ينبغي أن يدرك أنه سيخرج من دائرة "الأنا" إلى دائرة "نحن" بما لا يلغي خصوصية كل طرف ولكن هذه الخصوصية تتقلص كثيرا عما قبل الزواج لتفسح مساحة لعلاقة تكامل ومساندة، ودعم متبادل على كل المستويات، وهذا البعد من أبعاد "الميثاق الغليظ" هو من أشد الوشائج ارتباطا باستقرار الأسرة، وقدرتها على الاستمرار وتخطي الصعاب.

وأنت تلمسين أن الوضع يختلف عن هذا الذي أقوله عندما نصبح في الغرب حيث الفرد يعلو فوق المجموع، والفردانية هي القيمة الأهم، و"الأنا" كعبة يسجد في محرابها الناس إلا من رحم ربي، وعلى حين نسحق الفرد والفردية والفردانية عندنا في أوطاننا فنخسر معها جوانبها الإيجابية مثل قيم المبادرة والإبداع والاعتماد على النفس والتفكير النقدي، فإننا حين نعيش في المجتمعات الغربية تبتلعنا الفردية وتعيد إفرازنا، كائنات مشوهة باردة عاجزة عن التواصل الحميم فلا تقترب من الحبيب أو الصديق إلا بعد حسابات معقدة، وبقدر شحيح لأن كل بذل يعتبر في أعراف الفردانية خصما من حساب الذات لصالح العلاقة، ودون عائد مادي محسوب وواضح ممكن قياسه!!!

وأنت بكلماتك هنا تفتحين ملفا خطيرا مهجورا لا يقترب منه أحد إلا بسطحية ونزق، ألا وهو حقيقة التغيرات التي تحدث لنا ولأهلنا في الغربة، وهي تغيرات تهدد هويتهم الحقيقية أي صبغتهم المؤمنة بأعمق مما هو متداول من نقاش حول وضع حجاب الرأس أو نزعه!!!

نحن نتآكل يا أختي الكريمة... نتآكل من الداخل ونفقد خصوصيتنا المعنوية ولا نجد من يقف ويصرخ لأنه تقريبا لا أحد يفهم هذا أو ينتبه إليه، بينما نصرخ ونحتشد حينما يبدو أن قانونا يمس "حشمة" أو شكل وزى بناتنا سيطبق، وتهب الملايين من كل بقاع الأرض دفاعا عن الحجاب بوصفه من الدين، بينما حقيقة ديننا وهويتنا وصبغتنا وما فضلنا الله به على العالمين من قيم وأوضاع اجتماعية ونفسية وثقافية ينسحق ويذوب فعلا تحت ضغوط المادية الغربية، وفي البيئة القاسية التي هناك، والتي هي بطبيعتها، وفي بعض جوانبها ضد الأسرة والإنسان.

نعم يا أختي قد يصبح المؤمن ماديا فرنسيا أو أمريكيا وإن كان اسمه في الأصل "محمد" أو "عبد الكريم"، وقد تصير "فاطمة" مجرد كائن رأسمالي استهلاكي أفسدته الحياة الغربية، وهي مازالت تضع حجابها، وتصلي الفروض، وتحج البيت إذا استطاعت إليه سبيلا، وتلك جرثومة وممارسة لا تقتصر على الحياة في الغرب الآن، ولكنها وصلت إلينا هنا عبر وسائل نقل المعلومات وأنماط العيش والسلوك.

أنت تثيرين أوضاعا كثيرة نائمة أو ننام نحن عنها لنتشاغل بالأسئلة التافهة، والقضايا السهلة المضمونة بدلا من أن نواجه أنفسنا بالأسئلة الصحيحة والأوضاع المختلة التي يعيشها أغلبنا، وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم.

ركام هائل من الأكاذيب، بحر متلاطم، ومحيط زاخر من الالتباسات والأوهام والحواجز والتشويش وعدم الإدراك السليم في تعاملنا مع العالم وفهمنا لديننا وواقعنا وحركتنا بهذا في ذاك.

لا يا أختي: الزواج أكثر من مجرد أعضاء تدخل في أعضاء، أو طعام يدخل الفم في البيت بدلا من المطعم، أو مجرد فراش نظيف وملابس مكوية، وهو أعمق من مجرد علاقة عابرة يتبادل فيها الناس الكلمات السريعة، وهو أوثق من مجرد خدمة فندقية أو مجاملة في المناسبات.

إن من يقابل امرأة وتعجبه، ويريد أن يصيب منها وطره فإنه يضع لذلك خطة، ويقيم معها علاقة تتضمن الأكل والهدايا، ولكنها أوسع من هذا بكثير، ويظل يقترب وينسج، ويقول ويفعل، ويهتم ويسأل، ويشارك ويدعم حتى يصل إلى مبتغاة فإن أراد أن يستمر الوصال، فلابد أن يستمر في الاتصال، وفي الاقتراب والاهتمام والدعم...الخ ولا أدري لماذا نفقد عقولنا وبديهيات ما هو مفروض إنسانيا بالفطرة وحسن التدبير حين تكون العلاقة حلالا بالزواج؟‍!!!

هل عقد الزواج هو عقد ملكية أو إذعان من طرف لآخر؟!

هل هو عقد إيجار محدد يدخل فيه الساكن إلى الموضع مقابل نفقة وكلمة عابرة؟!

هل هو تذكرة سفر مزدوجة بحيث يجالس فيها طرف طرف "مسافة السكة" كما نقول في مصر، ثم يذهب كل منهما إلي حال سبيله ومشاريعه وأهدافه؟!
لا يا أختي: الزواج غير ما تقولين، وغير ما تشاهدين في الغرب غالبا.

الزواج في ديننا، والأسرة عندنا هي أخطر تحدي يقدمه الإسلام لكل المذاهب والأديان والثقافات والحضارات.

هي بناء متين مبني بعناية الخبير الحكيم الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وهي شيء آخر غير هذا المنسخ الذي يعيشه المسلمون في بيوتهم مقيمين ومغتربين.

تفتحين موضوعا شرحه يطول، سأنتظر رسالتك وتعقيبك، ولم تقولي لنا عن زوجك وحياتك: هل زوجك عربي مسلم؟! ومن نفس بلدك؟!

ومنذ متى تقيمون في الخارج؟!

وهل تعملين أم تدرسين؟!

أهلا بك، وشكرا على رسالتك.

 
   
المستشار: د.أحمد عبد الله