إغلاق
 

Bookmark and Share

قتل الحجيج بسبب الزحام مخالف للهدي النبوي ::

الكاتب: أ.مسعود صبري
نشرت على الموقع بتاريخ: 21/01/2006

ما حدث من قتل لما يزيد عن ثلاثمائة حاج في التدافع بمنى لرمي الجمار، ينافي هدي الإسلام في تشريع مناسك الحج، فالحج مبني على التيسير، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم في الحج عن أكثر من (25) أمرا، فكان جوابه "افعل ولا حرج".

وما حدث هو سبب لمخالفات الناس لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أولها التزام السلوك القويم والأدب في أداء المناسك، فالجلوس في جوانب الطرق المؤدية إلى مكان رمي الجمار، وإن لم يرد في الشرع نهي عن هذا، فإنه يمكن القول بالنهي عنها هنا في زماننا، لما يترتب عليه من الضرر، بل يمكن اعتبار هذا من آداب الطريق في أداء منسك رمي الجمار، وقد قال صلى الله عليه وسلم :" لا ضرر ولا ضرار".

وإن مما شرعه الله تعالى من تنوع في أداء منسك رمي الجمار يحفظ الناس من الضرر، فإنه يجوز التعجيل في رمي الجمار في أول يومين من أيام التشريق، أي اليوم الحادي عشر والثاني عشر من شهر ذي الحجة، لينقسم الناس فريقين، فريقا يقضي الرمي في يومين، وفريقا يقضيه في ثلاثة أيام، كما قال تعالى :"فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه ومن الحكمة أن نطبق هذا التنوع في التشريع، بل قد يصل إلى حد الوجوب إن ترتب على تركه ضرر، وفي هذا المقام يجوز تدخل ولي الأمر لتقييد المباح إن كان جلبا لمصلحة أو دفعا لمفسدة، فيمكن للسلطات أن تقسم للناس – إن استطاعت – فتجعل للبعض يومين وللآخرين ثلاثة أيام.

كما أن من أهم الأسباب التي تدعو إلى تلافي هذا الضرر البالغ الأخذ بالتيسير في الفتوى، وأن يدرك الناس قيمة خلاف الفقهاء، فغالب الخلاف مبني على الدليل، فلا يمكن القول بخطأ رأي دون آخر، بل حكمة الخلاف أنه متى نعمل هذا الرأي في وقته ومكانه، ومتى نترك الآخر ، ومتى نأخذ الرأي المتروك ونترك الرأي المعمول به ،

ولهذا يجب على المسلمين ألا يجدوا في أنفسهم حرجا ولا أن يستشعروا إثما في الأخذ برأي من قال إنه يجوز رمي الجمرات أيام التشريق قبل الزوال وهو مروي عن عدد من التابعين والفقهاء ، وهذا لا يعني ترك الرأي القائل بأنها تجب بعد الزوال، فيكون عندنا الرأيان ليتسع الزمان والمكان لأداء المناسك لملايين من الناس، فنعمل الرأيين معا،

وهو أمر نحتاج إليه استنادا للقاعدة الفقهية:"إعمال الرأي أولى من إهماله"، وإن كان الرمي بعد الزوال هو ما عليه الجمهور، فإن رأي من قال بإباحة الرمي قبل الزوال أوفق لزماننا، بل يكاد نقول: إنه يجب اعتماده، فإن الله تعالى ما جعل الحج ليموت الناس فيه، كما أن الرمي واجب من واجبات الحج يجبر بدم، وليس ركنا من أركان الحج، وإن ترتب على الرمي ضرر، من الازدحام، أو إذا كان يفضي إلى موت بعض الناس كما هو متكرر في الأعوام والسنين، فإن الله ما جعل علينا في الدين من حرج، وأن الضرر مرفوع، وهو يزال، وأن أصل الشريعة التيسير، متى كانت الحاجة إلى ذلك، فإن وجدت الحاجة، ارتفع الضرر، وأخذ بالتيسير.

و لو رأى فقهاؤنا القدامي زحام الحجيج هذه الأيام، وما ينتج من وفاة بعضهم، وإصابات البعض، لأفتوا بجواز الرمي قبل الزوال، على أن ذلك رخصة لا أصلا، وقد أخذت المملكة السعودية مؤخرا منذ سنين قليلة بجواز الرمي قبل الزوال، فلا يجوز الإصرار على تركه إن ترتب على الترك ضرر.

والمقصود من أداء مناسك الحج
هو التعبد لله ، والتطهر من المعاصي والآثام، وإظهار الناس ترك الدنيا ؛ابتغاء وجه الله تعالى ، وعلى الحجيج أن يهتموا بمقصود الحج وفق النسك ، لا أن يهتموا بالصور دون الجوهر، ولا أن يجعلوه عام حزن وقتل، بل عام عبادة ورحمة وطاعة لله .

ونحن نعتبر أن وفاة الحجيج في الحج شهداء عند الله تعالى ، وهم من شهداء الآخرة ، تقبلهم الله تعالى في عباده الصالحين ، و صبر أهليهم وذويهم، ورزقهم الصبر والسلوان .


للتواصل :

maganin@maganin.com

اقرأ أيضا:
العفاريت بريئة من دماء بني مزار

إمامة المرأة .. مصيدة أمريكية   
النكاح في الدبر .. الشجرة المحرمة  



 



الكاتب: أ.مسعود صبري
نشرت على الموقع بتاريخ: 21/01/2006