إغلاق
 

Bookmark and Share

التضخم ::

الكاتب: م. محمد علي حشيش
نشرت على الموقع بتاريخ: 28/05/2008


قبل البدء في الاستثمار في الأوراق المالية المختلفة والمتاجرة بها من خلال البورصة، يجب علينا أن نعي تماما بعض الأمور التي تؤثر تأثيرا مباشرا في أسواق الأوراق المالية خاصة والاقتصاد عامة.

موضوعنا اليوم حول التضخم Inflation، وكثيرا منا يسمع هذا المصطلح ربما كل عدة أشهر أو حتى أسابيع، بأن مستوى التضخم أصبح مرتفعا أو منخفضا مقارنة بفترة سابقة. فما هو التضخم وما تأثيره في المتاجرة بسوق الأوراق المالية.

نسمع كثيرا من آبائنا، أنه كان يشتري كيلو اللحم بسبعين قرشا وأن الجريدة كانت بقرشين وأن رغيف الخبز بنصف القرش، هذه الأسعار ربما كانت من حوالي 25 أو 30 عاما مضت. والكثير منا يعلم أن الأسعار تضاعفت خلال الثلاث سنوات الماضية، وهناك فارق كبير بين الأسعار العام الماضي والأسعار هذه الأيام، تسمع السيدات يتذكرن أن زجاجة الزيت (لتر) أصبحت بعشرة جنيهات بدلا من خمس جنيهات وأن كيلو اللحم أصبح بأربعين جنيها بدلا من ثلاثين جنيها وكيلو الأرز أصبح بأربعة جنيهات بدلا من جنيهان، كيلو الدقيق أصبح بأربعة جنيهات بدلا من جنيهين. بملاحظة هذه الأسعار نرى أن الأسعار تضاعفت لأكثر من 50 ضعفا خلال 25 عاما الماضية والضعف خلال هذا العام فقط. هذه الزيادة في الأسعار والتي يعلمها الكثيرون من الناس هي التضخم، لكن قليلا من الناس هم من يعرفون ما هي القوى التي خلف هذا التضخم. وكذلك ما تأثيره على مستوى معيشة الأفراد. هنا سوف أحاول شرح مختصر له.

ما هو التضخم؟
عادة يعرف التضخم على أنه الزيادة في عموم الأسعار للمنتجات والخدمات. ويقاس التضخم بنسبة الزيادة مئوية .
أي أنه عند زيادة التضخم، فكل جنيه تملكه يشتري بنسبة أقل من المنتج أو الخدمة. أي أن قيمة الجنية غير ثابتة في وجود التضخم.
قيمة الجنية تعني قوته الشرائية. مثلا على سبيل المثال لو كان معدل التضخم 5 % سنويا، هذا يعني نظريا أنك لن تستطيع شراء كيلو الأرز ذا الـ 4 جنيهات بهذا السعر إنما سوف يكلفك 4.20 جنية في العام التالي، أي أنه لم يعد مستطاعا أن تشتري نفس المنتج أو الخدمة بنفس المال قبل التضخم.

يوجد نوع من التضخم يسمى Hyperinflation ويحدث في حالات معينة وصعبة وهو تضخم سريع جدا وذو نسبة كبيرة جدا وعادة يحدث بسقوط النظام المالي للدول في حالات الحروب مثلما حدث لألمانيا في الحرب العالمية الثانية والعراق عند سقوطها على يد الأمريكان. تكون الزيادة بعدة آلاف للمائة مثل ما حدث في ألمانيا 2500 % في شهر واحد.

أسباب التضخم:
يعشق الاقتصاديون الحديث والمجادلة حول التضخم ولا يوجد سبب واحد من أسباب التضخم يتفقون عليه ولكن يوجد نظريتان يتحدث بهما معظمهم:
الأولى: التضخم بسبب سحب الطلب Demand –Pull Inflation وهو باختصار وجود كثير من المال لشراء قليل من السلع المعروضة، أي أن الطلب يزيد بمعدل أسرع من العرض مما يسبب ارتفاع الأسعار وهذا يحدث عادة في حالات النمو الاقتصادي، وعندنا في مصر الاقتصاديون الحكوميون يعزون سبب التضخم إلى هذه النظرية.

الثانية: التضخم بسبب ضغط التكلفة Cost-Push Inflation وهو باختصار زيادة تكلفة الإنتاج في المصانع مما يدفعها لزيادة الأسعار حتى تحافظ على هامش الربح. زيادة التكلفة تأتي بزيادة أشياء مثل: المرتبات، الضرائب، زيادة تكلفة الاستيراد وغيرها. وفي مصر، الاقتصاديون المستقلون يعزون التضخم لهذه النظرية.

معظم الناس يعتقدون أن التضخم سيئ، ولكن هذا ليس بالضروري، فهو يعتمد على تأثيره على الناس بطرق مختلفة، وأيضا يعتمد على كون التضخم متوقعا أم غير متوقع. ففي حالة التضخم المتوقع يمكن تعويضه بأن العمال يمكنهم مناقشة عقود عملهم ورفع أجرهم لتعويض ارتفاع الأسعار، كذلك في حالة الإيجارات يمكن رفع الإيجارات لمواجهة التضخم.
ولكن المشكلة الكبرى تكون في التضخم غير المتوقع، في هذه الحالة يوجد كثير من المشكلات، منها على سبيل المثال:
0 المقرضون يخسرون والمقترضون يكسبون لو لم يحسب أو يتوقع المقرض التضخم، كذلك يحدث لمن يحصلون على قروض بدون فائدة على هذا القرض.

0 في بعض الحالات تقل رغبة المستهلكين في الصرف مما يؤثر على الاقتصاد مستقبلا. هذا كما يحدث في السوق العقاري بزيادة الأسعار التي تجعل المستهلك يعزف عن الشراء مما يسبب كساد السوق.

0 الاقتصاد ككل يجب أن يمتص ويتعامل مع الأسعار ويعاد تسعير المنتجات وهو ما يسمى تكلفة القوائم Menu Costs حيث أنه يجب تجديد الأسعار في قوائم الأسعار بالأسواق، كذلك لوحات الأسعار وتذاكر الأسعار وخلافه.

0 لو كانت نسبة التضخم أعلى من معدلاتها في الدول الأخرى، يتسبب ذلك في كساد المنتجات المحلية وتصبح غير منافسة أمام المنتجات من الدول الأخرى.
التضخم يرينا أن هناك نمو اقتصاديا، وفي بعض الأحيان يكون عدم وجود التضخم أو وجوده بنسبة ضئيلة سيئا كما لو كان كبيرا. لأنه ربما يَنُمُّ عن اقتصاد ضعيف. وكما ترى أنه ليس من السهل الحكم على ما إذا كان هذا التضخم جيدا أم سيئا، فهو يعتمد على الاقتصاد ككل وعلى الأوضاع الشخصية للناس.

قياس التضخم:
قياس التضخم من المشاكل الصعبة التي تواجه الإحصائيات الحكومية. لعمل ذلك يتم وضع قائمة من المنتجات تعبر عن الاقتصاد وتسمى سلة السوق Market Basket ويتم تسعير هذه السلة وتقارن الأسعار بمرور الوقت. عند عمل ذلك نحصل على ما يسمى مؤشر السعر Price Index وهو عبارة عن تكلفة سلة السوق اليوم كنسبة مئوية من تكلفة نفس السلة في أول عام لها.

من أشهر المؤشرات، مؤشر سعر الاستهلاك (Consumer Price Index CPI): وهو يقيس تغير الأسعار في المنتجات الاستهلاكية والخدمات مثل الطعام والملابس والوقود والسيارات. ويتم قياس المؤشر نسبة لتغير الأسعار من وجهة نظر المشتري.

هناك علاقة وثيقة بين التضخم ومعدل الفائدة، عادة عند سماعك لأخبار التضخم في وسائل الإعلام يكون مرتبطا أيضا بأخبار عن تغيير معدل الفائدة. معدل الفائدة يؤثر تأثيرا مباشرا في سوق القروض، كون ارتفاع الفائدة يعني تكلفة عالية للاقتراض. في حالة خفض الفائدة، تشجيع للصرف والاستهلاك مما يجعل الاقتصاد في نمو أكبر. المشكلة أنه في زيادة النمو بدرجة كبيرة ربما يصبح سيئا وذلك لزيادة التضخم كما ذكرت سابقا.

المستوى الصحيح للنمو الاقتصادي وبالتالي التضخم هو الوسط وعليه يجب أن تعمل الحكومات لحفظ هذا التوازن بين النمو وبين التضخم.
نأتي الآن للمشكلة الكبرى، وهي تأثير التضخم على الاستثمار وخصوصا لمن هم على المعاش أو ذوي دخل ثابت.
تأثير التضخم على استثماراتك في البورصة يعتمد على نوعية محفظتك الاستثمارية، فلو كنت تعتمد على الأسهم فقط، فلا يوجد قلق حول التضخم، لأنه بالوقت تقوم الشركات بتعويض الأسعار للحفاظ على هامش ربحها. هذا ماعدا لو حدث الجمع بين اقتصاد سيئ وزيادة في الأسعار، لأنه في هذه الحالة الشركة مثلها مثل أي مستهلك عادي سوف تنخفض قوتها الشرائية بزيادة التضخم.

الخاسر الأكبر في التضخم هم المستثمرون ذووا الدخل الثابت، مثل الاستثمار في السندات. فمثلا لو كان هناك مستثمر في أذون الخزانة أو السندات بربح فائدة قدرة 10 % وفي هذا العام كان معدل التضخم 4%، أي أن القوة الشرائية انخفضت بمقدار 4 %، فهذا يعني أن العائد الحقيقي من الاستثمار في السندات كان 6% فقط وليس 10% كما قد يظن صاحبها. وكمستثمر عليك دائما النظر للعائد الحقيقي من الاستثمار. حيث أن الكثيرين ينظرون للعائد المكتوب وينسون القوة الشرائية!.

الخلاصة: أنه يجب عليك دائما النظر للقوة الشرائية والمتمثلة في معدل التضخم حتى تقرر طريقك الاستثماري.

ملاحظات:
(1) جميع حقوق الملكية والملكية الفكرية للعلامات التجارية والمسجلة التي ذكرت في المقال ملك لأصحابها.
(2) الحقوق الفكرية للمقالة لكاتبها وتحت ترخيص GPL General Public License. يمكن استخدامها للأغراض غير التجارية مع ذكر اسم كاتبها والموقع www.magnin.com .

واقرأ أيضا:
افتح يا سمسم
لغتنا الجميلة... واحد/ صفر
 
التوقيع الرقمي Digital Signature] 1]
التوقيع الرقمي 2 [Digital Signature]  
الجندي المجهول... ضغط البيانات –1  
الديكتاتورية الرقمية والحرية..
عالم العنكبوت الرقمي!!
الهاكر والصياد
البورصة والتعامل معها
البورصة والتعامل معها 2



الكاتب: م. محمد علي حشيش
نشرت على الموقع بتاريخ: 28/05/2008