مشكلتي مع الأرق..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكركم من كل قلبي على هذه الخدمة الجليلة التي تقدمونها للمسلمين وأسأل الله أن يوفيكم أجوركم بغير حساب.
أرجو أن تتسع صدوركم لرسالتي الطويلة.. أود أن أقول أن هذه هي المرة الأولى التي أتخذ فيها قرارا بالاستشارة بشأن حالتي النفسية.. إذ أنني كنت دوما أنظر لنفسي على أنني شخص سوي ولكن هذه الفكرة تغيرت تدريجيا.. والآن أعتقد أن لدي مشكلة وأرجو من الله أن يعينني على تجاوزها.
سأتحدث أولا عن طفولتي وأعطيكم لمحة عنها كنت طفلة هادئة جدا في حضرة الغرباء أو الكبار خجولة جدا وأنتقص ذاتي بشدة وأعتقد اعتقادا راسخا أنني قبيحة وسمينة ولست محبوبة وقد تعرضت لمواقف رفض في طفولتي من صديقاتي في المدرسة وكانت تلك الذكريات تنهش قلبي وأقصى ما كنت أفعله حيالها السكوت لئلا أوصم بالضعف ولم أعتد أبدا على مصارحة والدي بما أعاني كنت ألجأ للكتمان وأظهر للجميع أني سعيدة لا أعرف لماذا كنت أتحرج بشدة من أن أذكر موقفا أغضبني أو أن أصارح أحدا بمعاملة سيئة تعرضت لها من إحدى المدرسات.. تصوروا أن مدرسة شدت شعري وصرخت علي بشدة لأنني لم آكل الموز في الوجبة.. ولم أفض لوالدي بالأمر.. وقد قضيت سنين عمري الأولى بلا صديقات إلا فيما ندر لم أشاكس
كالأطفال لم أصرخ لم أركض لم أفتعل الشجارات.. كنت تماما طفلة مثالية سهلة الترويض.. وكنت أتمنى بشدة أن أصبح فتاة قوية لها كلمتها.. وأن أحظى بصداقات كثيرة.. ولأنني لم أجد هذا في الواقع لجأت إلى حيلة نفسية حيث كنت أتخيلني صديقة للجمادات.. وأعبر عن رفضي لها وأتصور أنها تستميت لإرضائي وتلاحقني وأنا التي أرفضها.. وهذا بالضبط ما كنت أتمناه أن أكون في موقف الرافض لا المرفوض..
في مراهقتي أصبحت أكثر رهافة وحساسية ولم أجد صراحة من يحتويني ويسري عني ولعل السبب هو تمنعي أنا في إفشاء مكنونات نفسي للآخرين أصبحت أتحسس بشدة لكل عضو في جسدي وأتمنى أن أصبح خالية من العيوب وفائقة الجمال وكنت أتقطع حسرة على نفسي حينما تمتدح أمي جمال إحدى الفتيات.. وأتلهف شوقا أن أكون أنا هي.. وأنجذب بشدة للشخصيات القوية الكاريزمية وأتمنى لو تتغير شخصيتي تماما.. في الحقيقة لقد عشت في صراع مع ذاتي ونادرا ما كنت أشعر بالاكتفاء.. يسيطر علي شعور مزمن بالنقص..
عندما كبرت تجاوزت معظم هذه الأفكار فقد رضيت بنفسي ولكنني لا زلت لا أفهم هذا الميل الغريب لدي إلى الصمت حتى وإن كان لدي شيء أرغب بشدة أن أفضي به أجدني أعقد لساني بحزم وأحتفظ بالأمر لنفسي سرا.. صامتة في التجمعات خجولة جدا أحيانا أجترأ وأعبر عن نفسي بعد جهد ومشقة ولكنني أشعر أن الناس لا يهتمون بي وبحديثي خصوصا من يعرف شخصيتي حق المعرفة.. أود لو أملك لسانا عذبا ولكن أحس أن كل الذكريات تفلت مني بشكل غريب وعندما تتحدث أختي التي تصغرني وتذكر بعض المواقف التي واجهناها أتعجب من أنني نسيت
الأمر.. ذاكرتي في الأحداث اليومية تكاد تكون معدومة.. أما الأشياء التي أتعمد حفظها فإنني أحفظها جيدا.. أشعر كما لو أنني مشلولة اجتماعيا.. وفي الآونة الأخيرة اشتد عندي الأرق وأصبحت أفكر في النوم وأخاف من اليوم التالي.. عندما كنت صغيرة ابتليت بخوف شديد من الجن وكنت لا أستطيع النوم وأظل أراقب الفراغ تحت السرير رغم أن جفني يغلق تلقائيا من شدة النوم إلا أنني كنت أجاهد أن أبقى مستيقظة وأحتمل الخوف الشديد والإعياء خشية أن أوصم بالضعف والجبن..
حاليا لا عمل لي وقد سبق أن عملت في شركة لمدة 3 أشهر كانت جحيما بالنسبة لي فلم أتمكن من الاندماج مع صديقات العمل.. فأحاديثهن لا تعجبني وتصرفاتهن لا تروق لي ولا أجد الراحة في الانبساط إليهن.. ورغم أنني رغبت في الوظيفة بشدة إلا أن قرار إخلاء طرفي كان مريحا لي جدا.. صحيح أنني حزنت وانكفأت على نفسي أبكي لأنها المرة الأولى التي أتعرض فيها
للطرد والسبب هو أنني لم أندمج مع المحيط وفشلت في تكوين صداقات.. المشكلة العظمى هي أنني أرتبك وأضطرب بشدة عند توجيه الملاحظات لي وأفقد القدرة على التركيز وبالتالي أغيب عن الرد والدفاع عن نفسي ويكون تركيزي منصبا على الخروج من المأزق الذي أنا فيه بسرعة.. لا أعرف ما أقول.. لكن أشعر أن كل تجربة جديدة خضتها في الماضي انقلبت وبالا علي..
والحمد لله أنا راضية تمام الرضى عن كل شيء.. أحب الله وأشتاق لقائه أحيانا كثيرة أشعر أنه أقرب لي من كل أحد وعندما يدهمني هم أفزع إلى صلاتي أنتحب وأبكي وأدعو من كل قلبي وأشعر كأن صدري انفرج قليلا.. أتمنى لو ألتحق بركب المتقين ولكن همتي ضعيفة ولا أذكر أنني أتممت عملا بدأته إلا فيما يتعلق بالجامعة ودائما ما أتأخر عن المواعيد وأستهين بالوقت.. في الوقت الراهن أرى أن أعظم مشكلة تواجهني هي الأرق.. فقد أتعبني ونال من راحتي وأرهقني.. لا أستطيع تحمله فنفسيتي تتدمر تماما في الأيام التي تعقب الليالي الساهرة.. أصبح سيئة مع والدي حتى..
أحاول النوم فيمتنع علي وأسترخي في السرير ولكنني لا أنام صحيح أنني أرى ما يشبه الحلم ولكنني واعية وأقل صوت يوقظني وأشعر بجفاف شديد في الحلق وهم وغم وحزن وأتألم لحالي وأتساءل كيف سأقضي يومي بلا نوم وكيف ستسوء نفسيتي.. أتمنى أن تنتظم حياتي.. وأفكاري.. وأن أقدم لأمتي خدمة جليلة وأن أرتقي في جنان الآخرة.. في الحقيقة لقد بادرت بالتسجيل في تحفيظ ولكنني وجدت نفسي أحاول التهرب منه بكافة الأشكال.. حتى صداقاتي في التحفيظ أتهرب منها لا أعرف لماذا.. أشعر أنني أنفر الصديقات مني ولكنني لا أعرف كيف أفسر تصرفي.. لا أحبذ العلاقات العميقة كي لا تظهر شخصيتي على حقيقتها..
أشعر أنني عندما أبدأ بإنشاء أي علاقة أصل إلى مستوى لا أستطيع التعمق معه أكثر لعلي أفتقد إلى المهارات الاجتماعية فأنا لم أتعود التفاعل مع الناس وقضيت معظم حياتي مع نفسي.. أشعر أنني أعزل نفسي عنوة عن المجتمع.. لا أعرف إن كنت مصابة باكتئاب ولكنني لا أكاد أشعر بالسعادة أبدا في الليالي التي يفر فيها النوم عن عيني.. أرجوكم ما الحل.. لست متزوجة والتفكير في هذا الموضوع هم يجثم على قلبي..
وأتمنى من كل قلبي أن أتزوج وأختي التي تكبرني وبقية أخواتي..
وأن أسعد والدتي حيث أنها تتحرق شوقا لرؤيتنا في عش الزوجية..
28/08/2014
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالسعادة.
استشارتك تثير القلق ويمكن معالجتها كما يلي:
1 - تقييم الاحتياجات الناقصة لآنسة تدخلت منتصف العقد الثالث من العمر.
2 - البحث عن تشخيص طبي نفسي للحالة.
البحث عن تشخيص طبي للحالة في غاية الأهمية. الشكوى من الأرق والخوف من النوم والحديث عن نهاية الحياة ناهيك عن تكرار الإشارة إلى اليأس من الحياة وعدم الثقة من الآخرين. القلق والاكتئاب في هذا العمر شائع جداً وخاصة مع وجود تاريخ شخصي وشخصية تميل إلى الخجل والرهاب من التفاعل الاجتماعي.الشك في وجود اضطراب وجداني يمكن تعزيزه بتاريخك الشخصي. تتطرقين في بداية الرسالة إلى طفولة غير سعيدة أدت إلى تأزم نفسي شخصي ولكنك بعدها تشيرين إلى تجاوز هذه الأزمات في مرحلة المراهقة. تجاوز الأزمات النفسية التي يعاني منها الإنسان في الطفولة يؤدي إلى تطور مستمر بعدها إلا إذا حدثت أزمة نفسية توقف هذه العملية وليس هناك إلا تفسير واحد وهو إصابة الفرد باضطراب نفسي وفي مقدمتها الاضطرابات الوجدانية.
قد يميل المستشار إلى تقييم حالتك عن طريق فحص احتياجات ناقصة لآنسة في هذا العمر. هذه الاحتياجات واضحة ومنها البحث عن شريك المستقبل وتوثيق علاقات عائلية والفشل في العمل وقيام ارتباطات اجتماعية. يضاف إلى ذلك بيئة اجتماعية غير صحية والحديث عن الجن تؤدي إلى الاستنتاج بشعور الإنسان بفقدان السيطرة على التحكم بحياته واتخاذ القرارات المصيرية.
الحل الأفضل هو الجمع بين النموذجين والاستنتاج بأن العوامل الشخصية والطفولة أنتجت آنسة تتميز بشخصية تميل إلى القلق والاكتئاب وعدم القدرة على التواصل الاجتماعي السليم. هذه الشخصية تتميز بعتبة واطئة للإصابة بالاضطرابات الوجدانية مع غياب شبكة اجتماعية تساندها في وقت الأزمات.
التوصيات:
• أنصحك بمراجعة طبية نفسية للحصول على التشخيص النهائي والعلاج.
• أنت في حاجة إلى علاج كلامي مهما كان التشخيص النهائي.
وفقك الله.
واقرئي أيضا :
كيف تكون نجما اجتماعيا ؟
أزمة الثقة بالنفس
الحائرة بين نفسها والآخرين
الثقة بالنفس: أنا أستطيع.......