الفراشة م1
الستار
السلام عليكم ورحمة الله: ما إن شارفت على إنهاء كوب القهوة، كانت آخر قطرات القهوة.. إنها تحتضر!
نظرت للوقت منذ بدئي وقد كان الكوب ممتلئ والآن القهوة.. تودع وكأن آخر وصاياها أن أنتبه للوقت!
أنا صاحبة الاستشارة بعنوان الفراشة
أستاذة أميرة بدران لقد عدت الاستشارات عشرات المرات كنت أتأمل كل كلمة قد كتبتها أنتِ
وكنت أتأمل نفسي وأتأمل نسيج الطفولة.. وقد رأيت ذاتي التي تعيش بين ثنايا العدم!
ورأيت مالذي تسبب في هذا.. أجل كلامك صحيح كنت أحيانا أتلقى زجرا فوق اللازم للأخطاء يمكن أن تعالج بهدوء أكثر... فكنت أشعر أنني ارتكبت أخطاء فادحة بسبب التأنيب والزجر فوق اللازم أثناء الخطأ.. لم أكن أتلقى ذلك طوال الوقت ولكن بعض الأخطاء العادية لطفل عادي كنت أتلقى فيها ذلك...
فكنت أشعر أن ذاتي في المنفى بالنسبة إلي فكنت ومازلت أراها على خطأ وأحاول تغيير هذه النظرة، أما أمام الآخرين لم تكن كذلك بل اتصفت بالعناد وفي فترة من الفترات لم أكن أتقبل الانتقاد أي أنني أستمع إلى من ينتقدني ولكنني بداخلي أرفض وأحيانا أرد على من ينتقدني بأن نقده غير صحيح ولكنني أكتشف بعد فترة أن نقده في محله... ربما لشعوري بأنني دائما على خطأ فكنت أصارع نفسي بأن شعوري خاطئ.. بالرغم أني لم أكن أُنتقد كثيرا
وكنت أحيانا أتلقى اللوم على أخطاء ومن دون توضيح الأسباب فأشعر أني طوال الوقت على خطأ.. فأصبحت الرؤية مشوشة
أما قلقي وخوفي الذي ظهر على هيئة الوساوس القلق الذي تستر لا أدري كيف تستر؟! أم هو ستار وضعته لرفضي بالاعتراف بأنني شخص بينه وبين الأمان مسافات شاسعة
أتسائل عشرات المرات مالذي جعل الخوف والقلق يُترجم على هيئة الوسواس فلم أجد إلا إجابة واحدة إنه الكبرياء وكبرياء في غير محله.. كل هذه السنوات لم أكن أعلم أنني أرفض أن أعترف بأنني شخص خائف وقلق جدا.. كان ذلك لا شعوريا.. كنت أستسلم إلى شعور الكبرياء.. بتُ أتصور أن كل من حولي يوسوس نسيت كيف يعيش الإنسان طبيعي وينعم بالراحة...
(فلماذا يغيب عنك شعور الأمان؟، وكيف ستخلقينه بداخلك دون أن يعتمد على أي آخر؛ وأقصد بالآخر العلم، الوالدين، العلاقات، المال، أي آخر غيرك؛ فكل ما سبق مهم وله أثره بداخلنا ولكنه ليس الأساس الذي نعتمد عليه في الشعور بالأمان ورغم أن ما أقوله صعب)
هذه كلماتكِ التي ظلت أمام عيني طوال الوقت بل إنها صارت من ضمن التفاصيل اليومية التي أشرد بها!.. وعندما لا يأتي أي شعاع باتجاه العين يتحول العالم إلى أسود.. عانيت كثيرا.. حاولت تصور نفسي من دون الآخر الذي قصدته.. وأدركت فعلا أنه الطريق الصحيح ووجدت خوفي ورأيت صورتي الحقيقية! فشعرت بضوء وبحثت عن مصدره
وسرعان ما أدركت أن الأمان لا يجب أن يُستمد من شيء غير الله.. وجدت الأمان على سجادتي...
فكما يقول الشاعر (مازلت حيا في مكان ما)
أما عن الطبيب النفسي لا شيء يمنعني،
تخيلت أني اتجهت إلى عيادة نفسية وجلست على الكرسي ووجدتني أتكلم عن كل شيء
فوجدتني أتوقف عند أشياء كثيرة ..
فتوقفت عن إكمال السيناريو.. توقف خيالي وكأنه أُصيب بعاهة ومع هذا لم ألغي الفكرة فلا أدري إن كنت سأنجح في رفع الستار كاملا حقا لاأدري.. فلازالت تهبُ رياح الكآبة..
ولازال جزء من العجز... ولا زالت بعض الأفعال القهرية... والحقيقة أنني لاأشعر بأمل كبير تجاه نفسي فالوقت الذي قضيته والرؤية مشوشة كان طويلا.. فأحيانا أشعر أني في قمة التحدي وأحيانا أشعر باليأس تراني هل سأنجح؟! لاأدري.. فلازلت أتخبط على خشبة المسرح ولازلت أحاول أن أحفظ الدور وأن أتقن المشهد..
ولكنني أتسائل تراني هل أصبحت في دوامتي فقط بسبب نتاج تربية.. أو نسيج طفولة
أم أنني عشت وأنا لاأرى الأمور بوضوح تمنيت أن يكون الأمر أخطاء في التربية فقط... لكنني أدركت أنني أتخبط ولم أتقن المشهد الآن هناك منتج أو مخرج قد أخطأ
وبعد
والآن بعد تنظيف المرآة من بخار كثيف وبعد وضوح الرؤيا..
لا أدري إن كنت سأنجح؟! من انتشال نفسي من هذا الشتات الذي ظهر بين سطوري،،
لا أدري إن كان شعوري بالتحدي سيذهب أدراج الرياح أم لا؟؟
لا أدري إن كنت سأنجح في مصافحة ذاتي
كما يقول الشاعر (صحتُ بألمي لاتنكسر! أجلسته على دكة المخذولين وقلتُ له: أنتظر ستحط على شُرفاتِنا فواختُ الفرح)
إن لم أنجح ستكون العيادة النفسية على أرض الواقع.. طبيبة ومريض والواقع ثالثنا
سأتوقف عند الأشياء التي توقفت عندها في خيالي وربما أصفها أصف أثرها من دون تفاصيل..
إنها قشتي الأخيرة أقصد فرصتي الأخيرة
فحين بدت المرآة صافية بدأ الواقع أكثر مرارة..
ولهذا أعطيت نفسي فرصة أخيرة في محاولة إتقان المشهد..
أجل أتهرب من الواقع.. كلما قررت البقاء فيه وتقبله وجدتني أنفر منه.. وقد قالها الشاعر
(وجدت نفسي قرب نفسي فابتعدت)
ترى هل قراري بالذهاب لطبيب نفسي إلى حين الفشل شبه هزيمة؟!..
فالإجابة معروفة سلفا أنني أرفض الذهاب للواقع لا للطبيب
لكن ربما هذه المرة أرفض أن يشاركني أحد في واقعي أو في شريط حياتي..
ولم أرفض ككل مرة مواجهة الواقع..
فباتت أحلام اليقظة أقل بريقا.. وبات النوم أقل أهمية.. وباتت الروايات أقل حماسا..
وبات الشرود متقطع بل وقل عمقه..
وأصبحت أنظر إلى ذاتي بأقل حدة وأقل احتقارا..
وأصبحت أحاول إرغام نفسي على الخروج من العزلة رغم أنني أكون بأشد الحاجة إليها في بعض الأحيان ورغم ألمي حين أكون بين الحشود أُمثل.. وأضيق ذرعا بين الكائنات البشرية لماذا لا أدري..
سألت نفسي مرار ماذا لو كنت مخلوقا يهتم فقط بأناقته ولقمة عيشه ويتطلع فقط لبيت وأسرة مستقبلية.. هل سأكون أقل كآبة؟ هل سأكون أقل تأقلما مع الواقع الذي لا أرى نفسي فيه سوى جنازة تنتظر مثواها الأخير..
لازالت أهدافي موجودة ولازلت أحاول تحقيق جزء منها ولو كان جزء بسيط بالقدر الذي يستطيع فعله المحتضر في لياليه الأخيرة من إصلاح وترميم..
وأعذريني لتشتت حروفي فلقد ضاعت الأبجدية..
ولازال الضياع أحد أعضاء المسرحية!
تراني هل عرفتُ الطريق؟ هل حفظت المشهد؟!
هل أنا على استعداد تام لتنفيذه؟!
هل المرآة نظيفة؟!
كم أتعبتني هذه الأسئلة لا أدري هل ينفجر الإنسان من التفكير!!؟
هل يضيع المرء إلى درجة أنه لا يعرف أنه ضائع؟؟
حين رأيت نفسي بصورة أوضح. وحين نظفت مرآتي جيدا من بخارٍ كان يُشوش انعكاس الصورة.. حين رأيت انعكاسي واضحا أدركتُ أن الوقت يداهمني.. أدركت أنني منحت الكآبة فرصة لتتسلل إلى كل شيء أدركت أن الأفعال القهرية لا يفعلها إلا شخص خائف مثلي وأنه على شفا الهزيمة وأن أحلام اليقظة كانت جسورا تعلقني بين الاستسلام وبين مواجهة الواقع وأدركت أنه ضاع كثير
من الوقت..
حين أُعيد قراءة سطوري أرى نغمة يائسة جدا وأخرى لازالت تمتلك الإرادة
أما عن الكتابة لم أهمل هذا الجانب هواياتي كانت مُتنفس أو باب لم أحاول إغلاقه
ألأنني أدركتُ أيضا أن هناك أبواب أغلقتها من غير أن أشعر..
وعن الموقع فهو بوابة أخرى لن أحاول إغلاقها...
شكرا لجميع القائمين على الموقع
أستاذة أميرة بدران لو كانت تتواجد كلمة أكبر من الشكر لقلتها ولكن لا أجد غيرها (شكرا)
ولكم خالص الدعاء بالتوفيق
22/9/2014
رد المستشار
ما أروعك!!.. كم ما تحملينه من آدمية وصدق يبهر من لا يرى ولا يسمع؛ فتنتقلين بين مشاعرك وصعودك وهبوطك كالمعتاد كالفراشة، ما أجمل أنت تتمكني بكثير من الجهد وكثير من العناء تنظيف مرآتك، وقدرتك على تخطي تشويش وارتباك المشاهد بدرجات واعدة، وكأنك بدأت تمسكين ببداية الخيط لأول مرة منذ سنوات؛ قد تتزلق يداك ولكنك عرفت أين بداية الخيط؛ فاعترافك بخوفك وقلقك، ثم قبولك لهما هما خطوتان أساسيتان في تخطي ألم المعاناة؛ ولكن.. فقط عليكي أن تميزي بقوة أن هناك فارق كبير بين قبول لتلك المشاعر والمخاوف والموافقة عليها؛ فقبولك لا يعني موافقتك؛ وهذا يضمن أمرين في غاية الأهمية؛
أولهما.... أن قبولك لارتباكك وضعفك وتبريرك القديم سيجعلك تتعاملين مع تلك المشاعر بحجمها الحقيقي وليس بحجمها المتضخم بداخلك، وثانيهما.. أن عدم قبولك لتلك المشاعر ستجعلك مسؤولة؛ فالقبول مع عدم الموافقة هي بداية مسؤوليتك الناضجة وتعاملك الصحي مع ما تعانيه، وتوقفك عن الهروب المرضي من مسؤولياتك بالوساوس والقلق، وكذلك من المهم أن تصدقي أن طبيعتك المبدعة والرقيقة والتي تلقت وجوب الكمال بطريقة خاطئة وعن غير تعمد قد تأثرت بتلك المرات -القليلة- من التوبيخ واللوم، فالنفسية المبدعة التلقائية الحساسة تتأثر ضعف غيرها، عجبا يا ابنتي.. مبدعة منذ سنوات طفولتك، هيا أكملي وستجدين عجبا.... دمت بخير.
ويتبع>>>>>: الفراشة م3
التعليق: وكنت أحيانا أتلقى اللوم على أخطاء ومن دون توضيح الأسباب فأشعر أني طوال الوقت على خطأ.. فأصبحت الرؤية مشوشة
أما قلقي وخوفي الذي ظهر على هيئة الوساوس القلق الذي تستر لا أدري كيف تستر؟! أم هو ستار وضعته لرفضي بالاعتراف بأنني شخص بينه وبين الأمان مسافات شاسعة
أتسائل عشرات المرات ما الذي جعل الخوف والقلق يُترجم على هيئة الوسواس فلم أجد إلا إجابة واحدة إنه الكبرياء وكبرياء في غير محله.. كل هذه السنوات لم أكن أعلم أنني أرفض أن أعترف بأنني شخص خائف وقلق جدا.. كان ذلك لا شعوريا.. كنت أستسلم إلى شعور الكبرياء.. بتُ أتصور أن كل من حولي يوسوس نسيت كيف يعيش الإنسان طبيعيا وينعم بالراحة...
(فلماذا يغيب عنك شعور الأمان؟، وكيف ستخلقينه بداخلك دون أن يعتمد على أي آخر؛ وأقصد بالآخر العلم، الوالدين، العلاقات، المال، أي آخر غيرك؛ فكل ما سبق مهم وله أثره بداخلنا ولكنه ليس الأساس الذي نعتمد عليه في الشعور بالأمان ورغم أن ما أقوله صعب)
هذه الكلمات كأنها تصف شعوري الآن