عبر ست سنوات : شتى الوساوس والقهورات
وساوس الردة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كتبت سابقا معاناتي مع الوسواس القهري في الدين الذي استمر معي فترة طويلة وعلى طريقة متذبذة نوعا ما، أنا أعرف أن الوسواس هو أمر سيء ويجب على المرء تجنبه والسيطرة عليه. أنوي ذلك بالضبط وهذا ما جعلني أترك وسواس الوضوء والصلاة التي كانت إعادة الصلاة والوضوء جزءا من عاداتي. ولكن ليس كل الوساوس في الدين استطعت التغلب عليها.
لابد أن أتأكد من فتوى في النت في الموقع الفلاني الشيخ الفلاني كل شيء أسأل فيه لربما لا تكون وسوسة لربما تكون خطأ. بل وأحيانا أظن أنني بطيئة الاستيعاب نوعا ما لهذه الدرجة التي تجعلني أسأل عن الفتاوي في اليوم أكثر من 5 مرات تقريبا .. هذا الأمر يحصل غالبا.
وساوس الكفر والردة والشرك. كل يوم في الجامعة أو في الأماكن العامة. أذهب إلى مكان خفي لا يوجد به أحد وأتشهد لأنني مدركة إلى الآن تماما أن ما قلته تحديدا أو ما فكرت به كفر، لكن صدقني الأمر لا يقف على ذلك. بل إلى الآن أبحث في النت وأمسح ما كنت أبحث به حتى لا يرى أبي بحثي. أبحث هل التشهد يكفي أم يجب الاغتسال وبعد فترة أصبح بحثي في النت هل يجب على المرتد ثلاث مرات أن يقتل حتى لو تاب. أصبحت إلى الآن لا أعرف هل أنا كافرة أو مسلمة . هل حقا يجب أن يقتلني الحاكم؟ لا تفكر أنت أيها الدكتور أنني إنسانة حسنة تعرف لماذا. هذا الخوف لا يأتي هباءا منثورا، عندما كنت في المتوسطة أي بعد بلوغي بسنتين تقريبا. كان لدي صديقة أحبها تجلس جنبي في الصف. محترمة متحجبة. ولكنها جاهلة. ما جعلها هذه الغبية عندما تذكر اسم الله تضحك وتنظر في وجهي وهي تقولها باستهزاء بل أستغفر الله تنزل من عظمة ربنا عز وجل ولكن أنا لا كنت أعرف ما أفعل كنت غبية نوعا ما كنت أقول لها اسكتي حرام ما تقولينه ومن قلبي أقول هذه مجنونة لا يا ربي أنا أحبك ولكن ولكن..
كنت أضحك غصبا عني وأنا أمسك ضحكتي وأقول يا نفسي لا تضحكي .. هذا ما جعلني إلى الآن أطلب أبي أن أذهب إلى المحكمة ليقتلني الحاكم على سوء فعلتي. بل تعبت ذاكرتي وأنا أسأل نفسي كل صباح عندما (هذه الغبية) تكلمت عن الله هل ضحكت متعمدة أم ضحكت غصبا عني من الشيطان يريد أن يدخل الهم أم ماذا؟؟ أصبح سؤالي اليوم لماذا ضحكت يا ريم؟!
المشكلة أن (هذه الغبية) كانت تذكر اسم الله وتضحك وتقول نفس الشيء عن الرسول ولكن ليس سبا صريحا لا بل تقول باستهزاء في الصوت والضحكة وتضحك، المشكلة أنني أقول لها هذا كفر اسكتي سأشتكي عليك المعلمة، الرسول خير إنسان عرفته الأمة كيف تقولين ذلك؟ المشكلة أنني مع ذلك في جزء من الثانية انتابني ضحك لا أعلم لماذا؟ صدقوني أنني وقتها عندي خوف عظيم واحترام عظيم لله ولرسوله السؤال ينعاد مرة أخرى لماذا لا تقومين من المكان عندما استهزأت يا ريم؟ ولماذا ضحكت يا ريم؟ يا لي من بطيئة الاستيعاب؟؟
هذا جزء من -وساوس الردة- على قول أبي، ولكن على قولي لا هذه ليست وساوس لا أضحك على نفسي حتى أهرب من القتل.
نتائج ذلك أصبحت أتلذذ بنتف الشعرة (شعر الرأس)، كيف تتلذذ ريم بنتف الشعر؟ في الحقيقة أنا لا أحب أبدا أن أنتف شعرتي ولا أريدها أن تنتف، إنه شعور مؤلم، لكن هناك شعرات فيها تكسرات أو تموجات أي شعرة غير ملساء، هذه التكسرات ألفها بطريقة ما، بحيث تكون دائرية بالأخير أفتح الدائرة بسرعة. يصدر عن هذه الحركة صوت تردده قليل لا أحد يسمعه أحب جدا سماع هذا الصوت بل أشعر أن التوتر ذهب. صوت يصدر من شعرة يا له من شعور جميل كما أنني أحب أن أشعر بهذه التكسرات في إصبعي، ولكن فجأة ألاحظ أن الشعرة أصبحت في إصبعي. ولكن أدمنت هذا الفعل لا أعلم لماذا؟ لي خمس سنوات لا أستطيع ترك شعري.
المدرسات. الصديقات. كلهم يتضايقون من هذه الحركة. أصبح رأسي يؤلمني.
ولكن إذا لم أفعل تلك الحركة أشعر بتقلب في المزاج وتوتر وخوف وقلق ينتابني.
23/10/2014
رد المستشار
الابنة الفاضلة "ريم" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على الثقة والمتابعة، ختمت ردي على إفادتك الأولى بالعبارة التالية نصا (الغريب في إفادتك هو أنك على مدار سنوات ست هي عمر اضطراب الوسواس القهري لديك لم تتطرقي لفكرة طلب العلاج وعادة ما تفشل المكافحة الشخصية للوسواس يا "ريم"... ضعي حدا للمعاناة إذن واعرضي نفسك على أقرب معالج نفساني وتابعينا بالتطورات، رغم ذلك لا تظهر متابعتك أنك حتى فكرت في هذا الأمر وهو ما يعني استمرارك في المكافحة الشخصية للوسواس .... وهذا على مسئوليتك أنت.
واضح جدا من تفاصيل القصة التي حدثت بينك وبين زميلتك في مرحلة الدراسة المتوسطة أنك كنت رافضة لقولها وفعلها وهذا يكفي لإعفائك من الإثم.. وحتى الضحك غير الإرادي –بالتأكيد- لا حساب عليه، وأما لماذا أقول أنا: "بالتأكيد" رغم أنك شخصيا تشكين هل كان إراديا أم غير إرادي... فالحقيقة هو أن ذلك الشك هو دائما جزاء الموسوس حين يبقى يتذكر ويعاود التذكر ليتأكد فإذا به يشك في ذاكرته، وفي حين أن إرادتك الرافضة لفعل صديقتك وللضحك غير الإرادي من طرفك واضحة وضوح العيان لمن يقرأ نص إفادتك فإن شكك هو أمرٌ يصيبك وحدك من شدة ما تحاولين التذكر والتحقق وأنت في حالة عصيبة من القلق ... أتمنى أن تهملي هذا الموضوع إهمالا تاما وأن تكفي عن إدمان السؤال طلبا للفتوى وعن إدمان البحث على الإنترنت لنفس السبب .. ولعل زميلتنا المستشارة رفيف ستضيف شيئا بعد مراجعة هذا الرد إن شاء الله.
وأخيرا نصل إلى مشكلة نتف الشعر وهي حالة مرضية يسميها الطبيب النفساني اضطراب نزع الشعر Hair Pulling Disorder بعد تغيير اسمها القديم هوس نتف الشعر Trichotillomania والذي كان يشير إلى نوع من الهوس بنتف الشعر ولما كان الهوس في الطب النفسي يشير إلى حالة من انبساط المزاج لا علاقة لها حقيقة بما تشعرين من حزن وأسى بعد نزع الشعر.
ما تصفينه في شرح حالتك هو الشكل الوسواسي النموذجي لاضطراب نزع الشعر يا "ريم"، وليس غريبا أن يتواجد هذا الاضطراب مع اضطراب الوسواس القهري فالمرضان من عائلة واحدة، ووصفك للطقوس الوسواسية التي تسبق فعل نزع الشعرة ولخبرة انخفاض التوتر أو زواله التي تصاحبه هو وصف جدا رائع ومعبر كما يظهر في قولك (لكن هناك شعرات فيها تكسرات أو تموجات أي شعرة غير ملساء, هذه التكسرات ألفها بطريقة ما, بحيث تكون دائرية بالأخير أفتح الدائرة بسرعة. يصدر عن هذه الحركة صوت تردده قليل لا أحد يسمعه أحب جدا سماع هذا الصوت بل أشعر أن التوتر ذهب. صوت يصدر من شعرة يا له من شعور جميل كما أنني أحب أن أشعر بهذه التكسرات في إصبعي, ولكن فجأة ألاحظ أن الشعرة أصبحت في إصبعي. ولكن أدمنت هذا الفعل لا أعلم لماذا؟ لي خمس سنوات لا أستطيع ترك شعري) .... هذا الوصف أدق وأشمل ربما من الموصوف في المراجع الطبية.
من حسن الحظ يا "ريم" أن العلاج العقاري لهذين الاضطرابين واحد من عائلة الم.ا.س والم.ا.س.ا SSRIs وهذا يسهل الأمر كثيرا وإن اختلفت طريقة العلاج المعرفي السلوكي لكل اضطراب.. وبداية اقرئي عن نزع الشعر المرضي ما يلي:
نطاق الوسواس OCDSD نتف الشعر Trichotillomania
اضطراب نتف الشعر مقدمة:
اضطراب نتف الشعر التشخيص
اضطراب نتف الشعر: العلاج مقدمة
برنامج علاج سلوكي لنتف الشعر ( الأســبوع الخامس)
نتف الشعر غير الوسواسي !
وأكرر مرة أخرى يا "ريم" .. ضعي حدا للمعاناة الطويلة المستمرة واعرضي نفسك على أقرب معالج نفساني ثم تابعينا بالتطورات
وتضيف الأستاذة رفيف الصباغ شكرًا لأستاذي د. وائل الذي جعلني أهلًا لإضافة شيء على كلامه، ونعتني بالزميلة، وهو سيد هذا الموقع... وأوافقه القول تمامًا، لا مؤاخذة، ولا كُفر في هذا، الكفر ليس بهذه السهولة يا ريم، حتى صديقتك، لا نقول عنها كفرت، بل نكلمها بهدوء ونشرح لها أن ما تفعله لا يجوز، وأنها إذا أصرّت عليه يُخْشَى على إيمانها...، فإن اعترفت بخطئها، واستغفرت انتهى الأمر، فواضح أنها تتصرف –بجهل- تصرفات غير مسؤولة... لكن أحيانًا، الإنسان –وبعد مضي الحادثة- يتمنى لو فعل شيئًا أقسى مما فعله حين وقعت، إذ كلما تذكر الموقف كَبُر عنده وعظم، فيعظم ما يتخيله من عقوبات وردات أفعال، فيظن أن ما فعله أول مرة كان غير كافٍ أو كان موافقة للقائل... ولنفرض أنك قصرت، وكان عليك أن تفارقي المجلس، فأين المشكلة؟ قصرت في تطبيق حُكمٍ سهوًا (وهو مفارقة مجلس المستهزئين)، والأمر حصل وانتهى، في مرات قادمة لا تكرري الأمر... وبغض النظر عن هذا الوسواس، سأقول لك شيئًا يريحك ويجعلك تدعين لي يتعلق بطريقة التعامل مع الأخطاء والذنوب بشكل عام، وبتطبيقه تقفلين بابًا عظيمًا من الوسوسة: (دعي الذنب يموت في مكانه، ولا تحمليه معك) إن كان قابلًا للإصلاح أصلحيه فورًا ثم انسيه، وإن كان غير قابلًا للإصلاح فانسيه فورًا، فقد حدث وانتهى الأمر، فإياك أن تمكنيه من تعكير حاضرك ومستقبلك.
كانت عندي هذه العادة السخيفة في مثل عمرك، أتذكر الخطأ وأكثر اللوم، وليتني ما فعلت وليتني فعلت....، وربما تأثرت في هذا بأناس حولي في ذلك الوقت...، ثم اكتشفت أخيرًا أنه غباء يضيع الوقت والجهد، بعد أن قابلت شخصيات علمتني كيف أدفن الخطأ في مكانه، وأعيش براحة وسلام.
أعانك الله تعالى على التطبيق ووفقك الله وخفف عنك...
ويتبع>>>>>: عبر ست سنوات : شتى الوساوس والقهورات م1
التعليق: السلام عليكم
إلى الدكتور المخلص وائل أبو هندي والأستاذة الفاضلة رفيف الصباغ
لا أعرف كيف أعبر عن شكري الخالص لكما، أنا بصراحة مصدومة أنّ هذا الموقع يساعد في حل المشاكل النفسية والاجتماعية بهذه الدقة والإخلاص، كنت مبرمجة في عقلي أن العالم العربي أصبح فاسدا وهو غير مخلص وليت العرب أساتذة منهم ودكاترة يتعلمون الإخلاص وحب العمل من الغرب،
لكن عندما تعرفت على هذا الموقع، انصدمت بحق، أحسست أن ما كنت أتمناه من المسلمين العرب وجدته في هذا الموقع،
حقاً أنتم من تعلو بكم الأمة الإسلامية ...... حقاً رهيبين كيف أنكم تساعدون الناس بكل هذا الضمير ومن دون مقابل!!، أود أن أصبح مثلكم، وأكسب الكثير من الأجر وبذلك حقاً نرتقي،،