لا تعجبني مبادئهم ولا نظراتهم للأمور ..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أود شكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع فجزاكم الله عنا خير الجزاء ووفقكم وسدد خطاكم لما يحبه ويرضاه.
أما بعد، فسأذكر مشكلة تؤرقني منذ الإعدادية. أنا فتاة في عائلة كبيرة بعض الشيء، وأغلبنا فتيات. الفتيات جميعهن تزوجن وأنا في سن صغيرة، لم تكن بيني وبينهن أي علاقة أخوية بين أي أختين، فقد كنت أقضي وقتي مع إخوتي (الفتية) الأصغر، فقد كان سنهم قريب من سني وكان في ذاك الوقت همنا اللعب.
لم أكن وما زلت من دون صداقات قوية، علاقتي بأمي علاقة جيدة لكنني لا أصارحها بكثير مما يجول في خاطري بسبب فارق السن وعدم تفهمها لما أرغب فيه، فهي فقط تنتقدني وتقول لي أنه خطأ وغير صحيح وأنني إن فعلت فسأدمر حياتي. في الحقيقة الاختلاف هو أنني منذ الإعدادية وحيث بدأت أتعرف على ما أحبه وما لا أحبه، فأنا لا أحب الأعمال المنزلية. أعلم أنها ضروريات حياة، لكنني لست من النوع الذي يداوم عليها، ولا أطيق صبرا أن أنتهي منها، لا أحب الطبخ أيضا فقد بلغت هذه السن وأنا ما زلت لا أعرف أن أطبخ.
أخواتي تزوجن ولم تنه إحداهن المرحلة الجامعية بل وبعضهن لم ينهين المرحلة الثانوية، لذلك كن يخبرن أمي أنني يجب أن أتعلم هذه الأمور قبل أن أتزوج حتى لا أتعب، أتفهم نصحهن لكنني أصرح لهم دائما بأنني لا أرغب بالزواج. في البداية كنت أشعر بخوف شديد من هذا الموضوع ولا أعلم السبب، ربما لأنني ومنذ نشأتي كنت أسمع الشكوى المتكررة من أخواتي وهن يخبرن والدتي، لكنني الآن أرى أنه لم يكن السبب، ولا أعلم ما هو؟
المهم وبعد تخرجي من الثانوية وتحدي العائلة بأنني أرغب في إكمال دراستي ولا أريد الزواج الآن، كنت أتعذر بالدراسة رغم أنني أعلم أنني وإن لم أجد فرصة للدراسة فلن أوافق على تزويجي. المهم أنني في هذه المرحلة بدأت أكون صورة عما أرغب في أن أصبحه بعد تخرجي من المرحلة الجامعية، وجميع هذه الصور بعيدة عن الزواج، مهما فكرت بجمالية ما يدعونني إليه إلا أنني أجد سعادة ومتعة أكبر فيما أرغب القيام به، حتى لمجرد التفكير ورغم أنني على استعداد لمواجهة ما قد يعيقني في سبيل تحقيق ما أرغب إلا أنهم يردعونني دائما بأنني على خطأ، وأنني سوف أتشرد إن لم أتزوج، فأمي دوما تقول "لا تعتقدي أننا سنعيش معك للأبد، لا أريدك أن تعيشي في ظل إخوتك تنتظرين أن يحسنوا إليك "أطال الله في عمرهما" لكني أرى أنني يمكنني تجاوز محنة السكن، والعمل هذه الأيام متوفر لكلا الجنسين، ثم إن رزقي وكما أذكر لهم دائما بيد الله ولله الحمد وليس بيد أي من المخلوقات، لذلك لست أخشى على نفسي إن لم أتزوج.
بالنسبة لرغبتي، فلست أرغب في ذكرها لكنني متأكدة أنها تنفعني وتنفع أمتي ومجتمعي، أنا حقا أرغب في تقديم المساعدة بدءا من أسرتي العزيزة إلى مجتمعي الغالي، لا أستطيع تحمل مسئولية الزواج ومتطلباته، كما أنني لا أجد لي أي مصلحة في ذلك، لا أرغب في تكوين أسرة ولا أن أجد حبيبا، ولا أن أكون أما، لا رغبة لي في ذلك.
حاولت في الفترة الماضية أن أقنع نفسي لما ترغب فيه أسرتي، فأنا أخشى أن يجبرونني على الزواج فقد واجهتهم كثيرا ورفضت كثيرا، ولم يبق على تخرجي سوى سنة، لكنني لم أستطع تقبل ذلك. لقد تخيلت الزواج بأجمل صوره، ومع ذلك لا أجد الرغبة والقوة التي تدفعني لأضحي وأقدم وأخوضه بحلوه ومره، بينما أمنيتي تمدني بقوة هائلة، أشعر أنني بها قد أواجه العالم كله دون أن أنحني لأحدهم، ومع ذلك أخشى أن يجبرونني. فماذا علي فعله هل أخضع لرغبتهم أم أواجههم؟ أم أن عنادهم يعتبر عقوقا؟!
لا أريد أن أصبح مثلهم، أعيش فقط لأطبخ وأنظف وأرضي زوجي وأربي أبنائي، أعلم أن التربية ليست أمرا سهلا وهي مسؤولية عظيمة بل وجزاؤها عظيم، لكنني لا أريد أن أعيش حياتي كواجب أو فرض بل أريد أن أفعل الأمور لأنني أريد ذلك، أن أستمتع بها.
ربما تقولون إذا تخيري المتقدمين، لا أستطيع ذلك فنحن من العائلات الزواج فيها تقليدي، وبمجرد كتب الكتاب لن يسمح لي أهلي بالتراجع، فهمهم ما سيقوله الناس، وأنا لا أريد إغضابهم فأتورط في دنياي وآخرتي وبنفس الوقت لا أريد أن أعيش دنياي كارهة ونادمة على ضياع سنيني. أعلم أنني بعد الزواج قد أحب الزواج، لكنني متأكدة أن هذا الأمر لن يطول وسأعود لسابق عهدي مع تقلبات الزواج.
لا تعجبني مبادئهم ولا نظراتهم للأمور ولا أريد أن أكون مثلهم، البنت للزواج فقط، ولا يهم كيف هو زواجها، المهم أن تتزوج وتنجب أطفالا، في اعتقادي أن الله جعل هذه الصورة ليست كواجب وإنما للراغب، فهي تروي الفطرة، لكن ماذا إن كان هناك استثناءات؟! ألن يكون؟!
لا أعرف كيف أذكر مشكلتي على وجه التحديد، فأفكاري مشتتة ولا أستطيع ربطها، أرجو أن تكونوا قد توصلتم لما أود إيصاله.
أعذروني على عربيتي المتخبطة، وأسلوبي السيء في الطرح، وعدم تناسق الأفكار.
أرجو أن تدلوني لما يجب علي التركيز عليه، أهو ما أنا حقا راغبة فيه، أم ما تذكره لي عائلتي?!
في القرية التي أنتمي إليها هناك امرآة عجوز كانت ترفض الزواج منذ شبابها رغم جمالها، وانتهى بها الحال في تربية الأغنام والعيش وحيدة ولا تجد من يعيلها أو يهتم بها وصحتها في تدهور مستمر، أمي تذكر لي هذه المرأة على الدوام نظرا منها أنني إن استمريت فيما أفعل فسينتهي بي المطاف كحالها، رغم أنني لا أرى ذلك فهناك فرق شاسع بين من ترفض وهي جالسة في المنزل ومن ترفض وهي تنوي تقديم ما تملك في سبيل ما ترغب وهي تعلم أن من كان في عون أخيه كان الله في عونه، ولا أشعر بأنني سأصبح مثلها.
عذرا على الإطالة،
فكل ما يخطر في بالي أضيفه على عجل
31/05/2015
رد المستشار
من روعة الحياة التي وهبها الله للبشر أننا نختار نوعية وجودة وجودنا في تلك الحياة، فمنا من يعتكف على علم فيخرج بشيء يخدم البشرية، ومنا من يعكف على الإنسان فيتعلم منه وفيه وله فيخدم البشرية، ومنا من يعكف على تربية الإنسان لينتج لنا المزيد والمزيد من البشر لنتنوع ونتناغم ونتكامل ونعطي عطاءات عظيمة في الكون الرحب، وغيره الكثير، والجميل في كل هذا بل هو بيت القصيد وهو "الاختيار"، وما يلزمه من "المسؤولية".
فمن يعكف على العلم لأنه لا يجيد فن التعامل مع نفسه ولا الآخرين فيهرب من ذلك بالعلم فهو "ميت"، ومن يعكف على تعلم الإنسان دون أن يطور نوعية وجوده بسبب ما تعلمه فهو "ميت"، ومن يعكف على تربية الإنسان لأنه لا يستطيع أن يفعل شيئا، أو يحقق من خلال أولاده قيمة له مزيفة، أو لأنه مضطر فهو "ميت"؛ فالحياة رائعة، ونحن من يزيدها جمالا وقوة وتأثيرا، فلا يجوز لكائن ما كان أن يقول لك أن اختياراتك غير صحيحة لسبب بسيط جدا، وهو أن كل الاختيارات صحيحة ما دامت لا تقع في مساحة الحرمة، والزواج في ديننا فطرة وسنة وليس فرضا، ولكن القصة قصة حقيقة "الاختيار" لتتمكني من الاستقرار النفسي والاستمتاع مع اختيارك حتى وإن دندن حولك الكثيرون بغير ذلك؛
فالسؤال هل رفضك لاختيار الزواج بسبب الخوف، أم بسبب الهروب، أم بسبب نفسي قد يخفى عليك؟، كيف ترين الرجل؟، كيف تفهمين حقيقة الزواج؟، فالمرأة العجوز في بلدتكم ليست أنت بكل المقاييس ولن تكوني هي حتى مع عدم زواجك بلا أدنى شك، والزواج لا يحقق الأمان في حد ذاته، وها نحن نرى ونحل آلاف المشكلات في الحياة الزوجية بسبب الزوجين، والأبناء كذلك لا يعني وجودهم الهم والغم والمسؤولية التي تغرق صاحبها، فنحن نسبح في محيط من الأفكار الخاطئة التي صدقناها وثبتت وعششت في رؤوسنا بسبب تكرارها وتوريثها لبعضنا البعض عبر الأجيال.
فليكن اختيارك اختيارا واعيا ومسؤولا ويحقق لك الرضا عن نفسك، والاختيار الواعي هو: الاختيار المدرك لأسباب الاختيار الحقيقية لا المزيفة ولا المبررة تبريرا "ذكيا" ومسؤولا، أي تعلمي تبعاته تماما وتنتوي تحملها وحدك دون تردد، ودون "معيلة"، ويحقق لك الرضا عن نفسك فلا حسرة، ولا لوم لنفسك؛ فالزواج بصدق ليس جنة الله في أرضه، ولا هو جهنم الحمراء، فهو منطقة وسط حين نختار شريكنا فيها بنجاح، شريك يتفهمنا ويحب شخصنا ويقبله كما هو تماما، شريكا لا يتزوج لكي يجد من تنظف له المكان والثياب ويفرغ طاقته الجنسية معها فقط لا غير، ولا شريكا يكون عالة عليك في التفكير واتخاذ قرارات الحياة وتربية الأولاد، ولا هو الشريك الذي يحطم كل ما هو جميل فيك؛ فكما نحن ستكون حياتنا الزوحية؛ فالحياة الزوجية المملة البائسة الرمادية هي مرآة لأطرافها، والحياة المفعمة حركة ونشاط وعطاء وتعاون هي أيضا مرآة لأطرافها وهكذا
فاستمتعي بحريتك في الاختيار دون قيود مخيفة أو مزيفة ودون استهتار لا يرقى لمستوى المسؤولية.
واقرئي أيضًا:
أنا سعيدة ولا أحتاج لشريك الحياة مشاركة (4)
تأكيد الذات واختيار شريك الحياة
حيرة اختيار شريك الحياة المناسب
أزمة اختيار شريك الحياة
اختيار شريك الحياة: هل من ضابط ؟
اختيار شريك الحياة وبناء مفاعل نووي!!
اختيار شريك الحياة عودٌ على بدء مشاركة
اختيار شريك الحياة.. نقول تاني
الجلسة الأولى لاختيار شريك الحياة
حيرة كل فتاة عند اختيار شريك الحياة
الشريك الأفضل في الحياة، ذلك الذي يدعمك
ويتبع >>>>: الحياة اختيارات م