اكتساب صفات شخصية هشة م
مشكلة أم مشاكل، مشوشة جدا
السلام عليكم ورحمة الله؛ أعزائي أطباء مجانين، هذه رسالتي الثالثة للموقع وأتمنى أنكم لم تسأموا مني. لقد مضت سنتان تقريبا منذ أن أرسلت رسالتي السابقة** ورغم أنني شعرت بالكثير من التغيير منذ ذلك الحين إلا أنني أجد نفسي مرة أخرى في مواقف محبطة وحالة نفسية سيئة.
خلال السنة السابقة تحسنت علاقتي بزوجي صرنا مقربين كزوجين وصديقين رغم أن "التسلط على البيت والزوج" كما جاء في الرد السابق لا يبدو شيئا يسيرا أو ممكنا. ورغم أن بيننا نوع من التفاهم إلا أننا نختلف في مسألة إنجاب الأبناء لأنني لا أرغب بذلك، على الأقل في الوقت الحالي، لا أرى سبب يدفعني لتكبد كل هذا العناء ولا أرى هدف من إنجاب طفل، أعني مالذي سأفعله به أصلا؟! ربما كانت الرغبة في إنجاب أطفال وتكوين أسرة مكونة من أكثر من فردين هي رغبة فطرية ولكنني لا أجد هذه الرغبة عندي. إنني أرى أن مسؤولية تربية طفل مسؤولية ضخمة ولا أعتقد أنني مؤهلة لذلك، ثم أن عملية الولادة بحد ذاتها مثيرة للاشمئزاز.
يعتقد بعض أقاربنا أنني أعاني من مشاكل صحية تمنع حصول الحمل مما يجعلني في حالة من القلق فيما إذا كنت أعاني من مشكلة حقا، لا أعرف ماذا أريد أو ما لا أريد، لا أريد طفل ولكن أريد القدرة على إنجابه.
هل تعد عدم رغبتي في إنجاب الأطفال رغبة غير طبيعية؟ وهل سأرغب في ذلك بالمستقبل؟ وماذا لو أنني لم أرغب في ذلك يوما؟
هل يفترض أن أنجب طفلا وأنهي هذا الخلاف؟ وكيف سأعتني به أصلا!
أما بالنسبة للدراسة فقد قررت منذ الفصل الأول عند دخولي للجامعة ألا أجتهد في دراستي بعد الآن لأنني سبق أن اجتهدت وبذلت كل ما أملك من مجهود وانتهى الأمر بالفشل لذا لم أرى معنى من تكرار الأمر مجددا، أنهيت الفصل الأول بمعدل 2.2 من 5، ورغم أنني لم أكترث لدرجاتي السيئة إلا أنني شعرت بالإحراج من أسرة زوجي كونهم مجموعة أطباء ومهندسين ومبتعثين وصار زوجي يشير إلى أنني كسولة ولا أتمتع بالذكاء الكافي ويخبرني بأنني لو التحقت بكلية الطب لما تمكنت من النجاح فيها.
في الفصل التالي قررت أن أرفع معدلي فقط لأثبت أنني لست غبية كما يفترض زوجي، ولكنني واجهت صعوبة بالغة في التركيز حيث أنني لم أستطع المذاكرة لأكثر من 3 ساعات ثم يبدأ ذهني في التشتت رغم أنني كنت أستمر في الدراسة لمدة 7 ساعات دون مشكلة أثناء الثانوية، كانت تلك معاناة وفي بعض الأحيان كنت أبكي لأنني لا أستطيع التركيز ولأنني أريد ولا أريد في نفس الوقت أن أذاكر كنت أفكر باستمرار أن دراستي هذه لا نفع منها لذلك لا يجدر بي أن أحاول جاهدة في الحفظ والفهم؛
وفي أحيانا أخرى كنت أؤذي نفسي لأنني أشعر بالغضب من نفسي فأرى بأنني أستحق هذا الإيذاء كوني غبية وغير قادرة على تحديد ما أريد، انتهى الفصل بارتفاع معدلي بعد كل شيء وتوقف زوجي عن إهانتي وعملنا على تحسين علاقتنا الزوجية.
في الفصل الذي يليه قررت مجددا ألا أجتهد في الدراسة وأن أكتفي بفهم ومعرفة الأمور الأساسية لكل مادة ومجددا انتهى الفصل بارتفاع معدلي إلى 4.1 وهو معدلي الحالي.
لا زلت أعاني من مشكلة قلة التركيز في المذاكرة وفي بعض الأحيان لا أستطيع التركيز لأكثر من 30 دقيقة لأنني أستغرق في التفكير في أمور مثل عدم جدوى دراستي أو ماذا كان سيحصل لو أنني التحقت بالمسار الصحي أو تخيل أشياء وشخصيات غير حقيقية كما في السابق أو الاستغراق في ذكريات متعلقة بمرض إخوتي وهو الأسوأ لأنني كلما تذكرتها أشعر بأنها تتكرر مجددا أي كأنني أرى الموقف من جديد أمام عيني ولا أستطيع إزاحته من رأسي وأبدأ بتذكر يوم محاولة انتحار أختي واليوم الذي يسبقه واليوم الذي بعده وحتى صوت ارتطامها بالأرض عندما ألقت بنفسها وعدد كسورها وعملياتها ومظهرها وكل شيء بالتفاصيل.
ليس لي علاقات صداقة في الجامعة، اختلطت بمجموعة من الزميلات في السنة التحضيرية لكنهن يشعرنني بالتوتر لأنني كنت موضع سخرية لهن بسبب شرودي الدائم وطبيعتي الهادئة، لست كثيرة الكلام وعندما أجبر نفسي على المشاركة في موضوع أشعر بأنني أقول أشياء غبية ولا داعي لها. ليس لدي مشكلة في إنشاء حوار عندما يكون هناك موضوع معين للحديث بشأنه وغالبا ما يكون متعلق بالدراسة لأنه كما أرى القاسم الوحيد المشترك بيننا.
غالبية الطالبات ليس لديهن اهتمام بالدراسة ويشكين دائما صعوبة الاختبارات مهما كان مستوى الاختبار - الأمر الذي أراه مزعجا لأنني دائما أرى الامتحانات سهلة- ورغم تسهيل المقررات الدراسية وكونها باللغة العربية وكونها باللغة العربية ليس جانب إيجابي لأن المراجع دائما قديمة ومحدودة وعدم معرفتنا بالمصطلحات الدراسية الإنجليزية يجعلنا أقل قدرة على الاستفادة من المراجع الإنجليزية.
لدي خوف شديد وشعور بالرهبة من المدرسين وعندما يطرح سؤال فإنني لا أجيب عليه رغم معرفتي للإجابة والأسوأ عندما يوجه لي السؤال بشكل مباشر تزداد نبضاتي وأشعر بارتفاع في درجة حرارتي وغالبا ما أتلعثم حتى لو كنت أعرف الإجابة.
ليس لدي أي ثقة في نفسي ولا سيما في مظهري، منذ طفولتي وأقاربي ينتقدونني لأنني "طويلة أكثر من اللازم" وعندما صرت في التاسعة صار الجميع ينتقدني بسبب زيادة وزني من إخوتي وأخواتي وأمي وخالاتي وبناتهن، وفي سن 14 صارت هواية أخواتي السخرية مني, فكان هناك اسم جديد يطلق علي كنوع من الدعابة ولم تمتنع أمي من المشاركة في الضحك، وفي كل أسبوع تعلمني خالتي أساليبها لخفض الوزن رغم أنها لا تتمتع بالصحة ولا الرشاقة أصلا، طولي 168 ووزني بين 60-64 وهو كذلك منذ 4 أو 5 سنوات.
هذه الأمور كلها حصلت خلال السنة والنصف السابقة إلى ما قبل 3 أشهر تقريبا حينما قررنا آداء فريضة الحج وقد وفقنا الله بحمده من آداء هذه الفريضة. والواقع أنني لم أرد الذهاب في البداية لأنني كنت خائفة جدا أن أذهب وأعود دون أن يتغير في شيء ودون أن أشعر بالنزعة الإيمانية التي يصفها لي كل من تمكن من آداء هذه الفريضة، كان هناك محاضرات للإرشاد الديني خلال الأسابيع السابقة لفريضة الحج لنتعلم أحكامه ونتهيأ للتوبة وفي هذه الأسابيع قررت أن أغير من نفسي أيضا وأن أنظر إلى المستقبل بالتفاؤل وأن كل ما حصل هو مكتوب علي ويجب علي تقبله والرضا به، أخبرت زميلاتي في الجامعة وتواصلت مع زميلاتي في المدرسة أيضا طالبة منهن السماح على أي خطأ قد صدر مني وأتممنا الحج بالحمد والتوفيق.
بعد عودتنا لم يزرني الكثير من أقاربي وفي بضعة أيام أحسست بالفراغ، بعد أسبوع انتهت العطلة وعدت إلى الجامعة وتحولت قلة التركيز وتشتت الانتباه إلى نوم أثناء المحاضرة، لم أكن أتذكر أي شيء مما درسناه قبل عطلة الحج بل إنني نسيت أسماء بعض زميلاتي اللاتي شاركنني أكثر من فصل، وفي الأسبوع الذي يليه شعرت برغبة في الانعزال عن الجميع وليس فقط في الجامعة بل في المنزل أيضا، شعرت بأنني أكره زوجي ومن دون سبب ظللت أسترجع الذكريات السيئة منذ بداية زواجنا رغم أننا تغيرنا كثيرا وصرت أشعر بأنه لا يهتم بي ولا يحسن معاملتي ولا يحبني أصلا ثم صرت أتمنى لو أنني لم أتزوجه ثم صرت أتخيل ماذا لو تزوجت من رجل آخر ولا أدري لماذا شعرت بهذه الكراهية رغم عدم حدوث أي خلافات بيننا.
لم أرغب في قضاء أي وقت معه كان الجلوس بجانبه يولد شعورا بالتعاسة وعندما أزور أهلي كنت أشعر بأنني لا أرغب في مجالستهم أيضا كنت أشعر بأنني أفكر في كل شي دفعة واحدة ومن الصعب التركيز على شيء واحد فقط حتى عندما أتحدث مع أحد وهكذا فإنني صرت أتجنب الجميع. استمر الأمر ثلاثة أسابيع تقريبا كان مزاجي دائما سيء وعقلي مشوش بالكامل, صرت أتحدث مع نفسي بصوت مرتفع الأمر الذي لم يكن له معنى لأن لا أحد يسمعني وشعرت بأنني مجنونة بالكامل.
ثم بدأت تدريجيا بالعودة إلى ما كنت عليه، توقفت عن تجنب إخوتي وزملائي ولكنني لا زلت أشعر بأن علاقتي بزوجي ليست كما كانت ولا زلت مشوشة وصرت أشعر بأن لا شيء له معنى، لماذا ندرس ولماذا نسعى لإعمار الأرض ولماذا يعالج المرضى في حين أنهم سيموتون وعندما نموت مالذي سنفعله في الجنة حين لا يوجد هناك عمل نفعله وهل سنشعر بالملل؟ هذه ليست المرة الأولى التي يتغير فيها مزاجي بدون سبب واضح ولكنها الأسوأ لأنها حصلت في أسبوع واحد.
أتمنى أن تكون هذه الرسالة واضحة لأنني قضيت تقريبا 8 ساعات في كتابتها ولا أعلم لماذا استغرقت كل هذا الوقت، لدي الكثير من المشاعر والأفكار المتضاربة.
أنا غالبا أشعر بالوحدة لأن لا أحد يفهم ما أمر به وحتى أنا نفسي لا أفهمه.
ورغم انشغالي بالدراسة إلا أنني أشعر دائما بالفراغ ولا أعلم مالذي أفعله، فكرت بالانضمام إلى بعض الأندية في الجامعة ولكنني تراجعت عندما رأيت فقرة "المهارات" لأنني لا أملك أي مهارة. انضممت إلى نادي القراءة ولكنني تغيبت عن جميع نشاطاته لأنها كانت معارضة لوقت امتحاناتي.
أرغب بفعل أي شيء مفيد للناس والمجتمع لأنني سئمت من كوني بلا منفعة.
أود أن أكون مع أشخاص يشاركونني اهتماماتي لأنني أشعر بأنني قادمة من الفضاء عندما أجلس مع زميلاتي.
وأعتذر على الإطالة أشعر بأنني سردت قصة حياتي بأكملها.
وشكرا.
12/11/2015
** وصلنا من نفس المستخدم :
أنت طبيعية فلا تكثري من التفكير
ستجعلك الحقيقة حرا
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
تحقيق أهداف الإنسان في الحياة أشبه بتسلق سُلم. هذا السُلم قد يكون مستقيما يتنقل به الإنسان من الأسفل إلى الأعلى وبسرعة. وهناك من يتسلق سُلماً حلزونياً أثناء رحلته ويتوقف بين الحين والآخر لينظر إلى الأسفل. هذا التوقف والنظر إلى الأسفل يصاحبه التوتر وعدم السعادة والشعور بالضجر من استمرار الصعود. في نهاية الأمر قد يتوقف الإنسان عن الصعود أو يهوي إلى القاع أو يبحث عن سلم مستقيم.
وأنت بصراحة لا تزالين تتسلقين السلم الحلزوني ولا تعرفين إلى أين؟ أهدافك في الحياة غير واضحة وبين الحين الآخر تطاردك ذكريات مؤلمة لا تعرفين كيف تتعاملين معها.
إنجاب الأطفال والتعلق بهم يقع جزئيا ضمن حريتك الشخصية ولكن أيضاً لرغبة زوجك. رغم أن ظاهرة رغبة عدم إنجاب الأطفال منتشرة في جنوب شرق آسيا في النساء اللاتي يشغلن مناصب إدارية ولكنها ظاهرة من الصعب تعميمها عالميا. هذا الجزء من شخصيتك يقع ضمن عدم وضوح أهدافك في الحياة.
أما التعليم والثقافة فالغاية منها تطوير الإنسان لشخصيته. هذه العملية لا تقتصر فقط على المطالعة وإجراء الامتحانات والحصول على نتائج مرموقة من أجل أن يثبت الإنسان للآخرين قدرته وتفوقه. إن فعل الإنسان ذلك من أجل التنافس والفوز فقط فشل. أما الإنسان الذي يقرأ ويتعلم ويشعر بالمتعة من ذلك فسيحالفه النجاح عاجلاً أو آجلاً. أنت من النوع الأول.
الخوف والشعور بالرهبة من المدرسين وعلاقاتك مع زميلات التعليم يعكس عدم ثقتك بالنفس. لا تزالين مطاردة من ذكريات الماضي حول استهزاء الولدة بوزنك ورشاقتك ولكن ربما حان الآن وضع هذه الذكريات في سهلة المهملات.
أما حديثك عن الحج فهو أيضاً يعكس عدم وضوح أهدافك وتعرقل مسيرتك في الحياة. وتنتهي الرسالة بعد ذلك بتوضيح الارتباك الذي يصاحب هذه المسيرة في الحياة من أجل تطوير الشخصية والشعور بالسعادة والثقة بالنفس.
التوصيات:
٠ عليك أولا وأخيراً الحديث مع زوجك.
٠ هناك عدة قضايا معلقة وخاصة في مجال التعليم؟ أنت بحاجة إلى تطوير مهاراتك الشخصية والمعرفية وليس المنافسة وإثبات ذكائك لزوجك أو غيره.
٠ لن يضرك شيئا لو دخلت في علاج كلامي مع معالج أو معالجة نفسية ولكن تحدثي مع زوجك وتقربي منه وعليك تحديد إصدار هوية خاصة بك ضمن إطار حياتك الزوجة.
ويتبع >>>>>>>>>>: اكتساب صفات شخصية هشة م2