قل لنفسك آن الآوان
أنا ولا هي؟ قل لنفسك آن الآوان م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ ما زلت كما أنا أبحث بداخلي عن أسباب معاناتي لكني لم أصل إلى شيء, أريد أن أعرف فعلا من جعلني أقارن نفسي بالآخرين دوما. لماذا هذه الأفكار تتغلب علي في كل موقف وتجعلني أفهم من أمامي بشكل خاطئ كل مرة, لماذا لا أمل من الكلام فعلا في المشاجرات, اقتنعت بأني فعلا عندما أتشاجر مع زوجتي فأنا أتحدث مع شخص آخر لكن من هو, ممكن أن يكون والدي, فوالدي كان شخصا قاسيا إلى حد ما بالذات في طفولتي التي أتذكرها, لكنه كان حنونا علي أنا بالذات عند سن البلوغ وهدأت قسوته وضربه عند فعل شيء خطأ.
أمي أحس منها حبها لأخي أكثر وقولها أن أبي كان يعاملني أكثر حنية من أخي فلذلك هي تحنو على أخي أكثر لأن أبي كان يقسو عليه, أنا أصغر إخوتي, أخي وأختي أتذكر بعض المواقف كانوا يجلسون ويتكلمون مع بعضهما وعندما آتي أنا إليهم فإنهم يقومون أو يغيرون الموضوع الذي كانوا يتحدثون فيه, هل هذا هو السبب، هل لذلك أنا أشعر بالتهميش من صغري أم ماذا، وإن كان كذلك فما الحل. لا أذكر موقفا قويا لدرجة أنه يغير مني أو يؤثر علي لهذه الدرجة, أتذكر المواقف اليومية العادية, يمكن أن تكون طريقة تربية والدي ووالدتي مثلا أثرت علي, لا أعلم.
أريد أن أعرف لماذا أقارن نفسي بالآخرين دائما ومع من أتحدث حين أشاجر زوجتي، هل أتحدث إلى نفسي، هل أنا أعاتب نفسي مثلا، مع من أتحدث لا أعلم. أرجوكم ساعدوني فقد مللت من تكرار الآلام والمشاكل. ماذا جعلني فجأة أترك أصدقائي لا أعلم, ماذا يجعلني الآن أجادل مع زوجتي في كل شيء وأجلسها بجانبي أعاتب فيها على أمور تافهة, أرجوكم ساعدوني حتى ولو بالأسئلة المساعده لي, أرجوكم افتحوا لي بعض الأفكار.
لا أعلم ما سبب حيرتي هذه, الشيء الوحيد الذي لم يحل في حياتي وما زال عالقا كما هو ألا وهو سبب انعزالي عن أصدقائي ووحدتي, هذا الأمر الوحيد الذي أعتبره شيئا كبيرا وعانيت كثيرا وجلست أفكر وحدي فيه مئات الأيام وحدي أكلم نفسي كي أصل لشيء ولم أصل إلى شيء فانتهى بي الأمر إلى محاولة تطنيشه والحياة كأن هذا الأمر لم يحدث وإنكار أن هناك مشكلة ومحاولة الحياة بشكل طبيعي وتجنب الذهاب إلى الأماكن التي ممكن أن يتواجد فيها أصدقائي القدامي.
خطر في بالي تفسير, يمكن أن أكون بالفعل أعاتب نفسي, فأنا بعد ابتعادي عن أصدقائي شعرت بالذنب الشديد بالذات لأن أصدقائي لم يتركوني وظلوا أكثر من مرة يمرون علي وأنا أرفض ويتصلون بي وأنا أيضا أتظاهر بعدم وجودي أو عدم سماعي للاتصال وظلوا كثيرا وكثيرا يحاولون إرجاعي كما كنت معهم لكني لم أرد عليهم أو أعطيهم الفرصة, فشعرت بالذنب الشديد أني قصرت في حقهم, وأني فعلا مذنب ومخطئ لذلك كنت أتلاشى وأتجنب رؤيتهم, ممكن أن يكون هذا سبب افتعال المشاكل مع زوجتي لأني أريد أن أعاتب نفسي.
أرجو الرد والاهتمام بموضوع أصدقائي الذي لم يحل, لأني جربت أن أتصل ببعضهم وبعضهم رد علي بكل بساطة وسأل عني وعن أحوالي فهم متسالمين مع أنفسهم ليس عندهم تلك المشاكل النفسية التي عندي أو أفكر فيها لا أحد فيهم يشعر بالذنب وينغص عليه حياته, فعندما أسمعهم يتكلمون ببساطة أشعر بأني غبي ولكن أشعر أيضا بفرحة غامرة وأن مشاكلي كلها حلت وأني لا أشعر بأي شيء غير مريح لكنها مجرد مكالمة واحدة لمدة دقيقتين وتنتهي فأنا مغترب خارج مصر وهم أيضا كل واحد منهم في عمله وبيته ليسوا كما في الماضي شلة ثانوية عامة.
وأنا كل ما في ذاكرتي أنهم ما زالوا شبابا يضحكون ويخرجون معا سويا كما في الماضي لن تختفي هذه الصورة من ذهني لأنها آخر صورة كنت معهم عليها, أتذكر حياتي معهم وأتألم وأنا على يقين تام أن لا أحد منهم يفكر هكذا مثلي أو يتألم مما حدث في الماضي فكل هذا كان خاصا بي أنا, أنا من تركت وهجرت بدون أسباب إلا أن تكون أسبابا نفسية، إذا كانت هذه هي المشكلة فما الحل؟
11/9/2016
رد المستشار
أهلا وسهلا بك أخي الكريم؛
أولا أنا أقدر، وأحترم دأبك في حل صراعاتك بشجاعة، وأشعر بمعاناتك جدا، فألمك النفسي كبير، رغم أنه ليس مرضا نفسيا!؛ وهذا أمر مهم لتعرفه؛ فالمشكلات النفسية لا تأتي فقط من مواقف ضخمة مؤثرة، ولكنها كذلك تأتي من تفاصيل الحياة اليومية التي تتكرر!؛ فعلماء النفس أقروا أن أهم سنوات العمر من 5-3 سنوات!!؛ فيها يتكون الكيان النفسي للإنسان والذي إن لم يتم تدارك أمور غير جيدة حدثت فيها سيكبر الإنسان ولديه مشكلات توجعه نفسيا!،
وهذا حدث معك يا صديقي منذ نعومة أظافرك؛ فأنت "الصغير" الذي لم يجد لنفسه مكانا واضحا، متميزا بين إخوته، ولا عند والديه، وقلت والديه؛ فالطفل يحتاج الأبوين، وليس أحدهما فقط لينمو نفسيا، وعاطفيا وعقليا من داخله!؛ فأكبر ما حدث لك في داخلك أنك لم تكن موجودا!؛ فظللت تبحث لك عن وجود "متشاف"، وأسوأ رسالة وصلت لك- عن جهل نفسي/ تربوي غير متعمد- كانت أنك لا تستحق الحب، والاهتمام إلا بشروط؛ فطاعتك، أو تفوقك، أو مرضك، أو حتى أدبك، الخ هي شروط أخذ الرعاية، والاهتمام؛ وحين نكبر ولم نحصل على احتياجاتنا الرئيسية من والدينا نكبر وكأن بداخلنا ثقب!!!، هذا الثقب يدخل فيه بمنتهى البساطة كل كلمة، أو إشارة، أو تصرف متعمد، أو غير متعمد لداخلنا فيؤلمنا ألما شديدا!،
على عكس الطفل الذي تغذى على الحب، والاهتمام بلا شروط، والدعم، والحنان، والثقة فيه؛ فيكبر متناغما مستقرا محاطا بسند غليظ يحميه من الألم، والارتباكات النفسية؛ فيتحمل الإحباطات، ويتحمل التحديات، ويتحمل متطلبات العلاقات..... الخ؛ فأنت تعاتب أبوك، وأمك، وتحاول أن تجد لنفسك مكانا يخصك وحدك "متشاف" تحصل فيه على الاهتمام والإنصات والاحترام والثقة فيما بقى معك من علاقات، وعلى رأسها زوجتك التي تدفع فاتورتك السابقة دون وعي منك؛ ولانك كبرت وتصورت أن الاهتمام هو الجلوس للسماع لما تتحدث بتركيز، ولان الوجود هو احترام وجهة نظرك وتقديرها وتنفيذها، وأن الحب هو الموافقة التامة لكل، وأي شيء تريده تتعذب، وتعذبها؛
فأنت أولا تحتاج أن تتعرف على احتياجاتك التي كنت في أشد الحاجة لها منذ صغرك، وتعترف بأنك نشأت محروما منها، وهذا مؤلم جدا، ولكنه يفيدك في رؤية الحقائق،
ثانيا: تحتاج لوقفة تثبيتك لنفسك عند تلك المرحلة العمرية رغم عمرك الآن؛ فهذا التثبيت يعطلك، ويجعلك تغرق في أخذ ما حرمت منه صغيرا من أشخاص غير أبويك، ثم
ثالثا: تصدق أنك تستطيع تضميد جراحك، وسد "الثقب" بأن تسمح لنفسك أن تصدق، وتمارس وتتمتع بحب زوجتك لك، وحب أصدقائك القدامى لك، وحب والديك-رغم جهلهم النفسي-لك بلا شروط؛ لتبدأ في فهم الاحترام الحقيقي لا المزيف الذي تعتقده بسبب ألمك القديم، وتعي الحب الحقيقي لا المزيف الذي تتصوره تلاحم وتناغم بنسبة 100% وغير ذلك لا حب، وتفهم نفسك، وتقترب منها، وتقترب من زوجتك كما هي دون أن تحيا مع شخص آخر في شكل زوجتك،
ولتصبر على هذه الرحلة، ولا تتعجل خطواتها؛ لتهضمها حق هضمها لتتغير، وحتى لا "تستشيط غضبا" مني بعدم ردي على قصة أصدقائك -رغم أنها تدندن حول نفس المعاني،-؛ فأنت في الغالب قطعت علاقتك بهم؛ لأن في قرارة نفسك لم تكن مصدقا أنك فارق معهم، وأنك مهم لديهم، وبالتالي هم ليسوا مهمين لديك، وأنك ستكتفي بالعلاقات اللذيذة البسيطة السطحية حتى تتمكن من التحرك السريع؛ فالعلاقات العميقة تعطلك، وتتعطل فيها بسبب مشكلاتك القديمة؛ هيا ابدأ وستجد عجبا، وتحمل ألم "الشوفان"، وتحمل تحديات الرحلة؛ لأن المقابل يستحق، وأنا هنا أنتظر متابعتك.
ويتبع >>>>>: أنا ولا هي؟ قل لنفسك آن الأوان م2