ماذا أفعل لأتخلص من الوسواس؟؟
أنا أعاني من مرض الوسواس بشدة حتى أصبحت لا أعرف من أنا؛ هل أنا "أنا" أم الشيطان؟ إنسان كافر أم مسلم؟
السلام عليكم، أرسلت لكم هذه الرسالة بعد تردد بشأن إخباركم بفحوى الرسالة، وذلك بسبب أني أحب أن يستر الله عليّ مما أنا فيه يوم القيامة، لذلك لا أحب أن أتكلم به لأحد، ولكن لا أستطيع أن أصبر على الوسواس التي تنتابني بعدما أصبحت أشك في ديني وأشك في أني مسلم، ولا أعرف ما السبب: هل هو الشيطان أم عدم التزامي بالدين بشكل كامل؟.
في آخر مرة كنت قد بدأت أتعافى من وساوس كانت تنتابني فقرأت كتيباً صغيراً لأحد الشيوخ يتحدث فيه أن من يبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم يكون كافراً، وأنا بصفتي طالب في الجامعة، وقد تبت منذ فترة 3 أشهر، شهر واحد منها قضيته وأنا تائب وأتمتع بحلاوة الإيمان والتوبة، والشهرين التاليين قضيتهما بين الأمل في أن الله يشفيني مما أنا فيه ومصارعة الوسواس ونفسي، ولا أدري هل ربي غضبان عليّ لدرجة أنه لا يتقبل مني دعاء.
المهم عندما قرأت هذا الكتيب بما فيه عن مكفرات كثيرة أصبحت أحس أني لست على الصراط المستقيم، وأني سأعذب في النار، وازداد ذلك بعدما قرأت في النت أن من محبطات الأعمال منها الشك في أسماء الله وصفاته، لأني كنت أحس بمشاعر وسواس منافية، لذلك سبحانه الله وتعالى وتقدس عمّا كان يوسوس لي به الشيطان، ولا أدري ماذا أفعل لكي أتخلص من هذه الوساوس، لم أعد قادر على الدراسة ولا على الحياة بشكل طبيعي، ولا على التدين ولا على أي شيء حتى أني فكرت في الانتحار.
ما هو الحل؟ أنا أحس أنه من المستحيل أن أتعالج سوى بعلاج عشبي لأني أحس نفسي لم أعد قادراً على مقاومة الوسواوس، ماذا أفعل؟ أفيدوني.
22/12/2008
رد المستشار
السلام عليكم، الأخ الفاضل حاتم،
بداية أقول لك: لا داعي لخوفك وجزعك مما أنت فيه، فقد أصابك ما أصاب الصحابة من قبلك، فجاؤوا النبي -صلى الله عليه وسلم- خائفين مستعظمين لما يجدونه في نفوسهم وصدورهم من الوساوس والأفكار، فطمأنهم إلى أن ما يجدونه من وساوس مع استعظامهم لها ونكرانهم لمضمونها هو الإيمان الخالص الصريح الواضح! فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ») رواه مسلم.
فلو أنك كنت جاحداً كافراً –والعياذ بالله- لما استعظمت هذه الخواطر ولما خفت منها، فالكافر يعتقد بهذه الأفكار السيئة، ويؤمن بها، ويدافع عنها، أما المؤمن فهو يخاف مما يرد على قلبه، وهناك فرق بين من يطرح هذه الأفكار ليجادل بها ويدافع عنها، وبين من يطرحها سائلاً مستفسراً ليعلم الجواب الصحيح عنها، فالأول فعله كفر والثاني فعله واجب شرعاً! ثم بعد الاستفسار ومعرفة الجواب، إن بقيت هذه الأفكار تأتي فهي وساوس لا قيمة لها شرعاً ولا يترتب عليها أي حكم في حقك، جاء في كتاب مغني المحتاج (وهو كتاب في الفقه الشافعي) عند الكلام عن الردة، أن من حصلت عنده وساوس دون أن تلغي قصده بالبقاء على الإسلام والإيمان بالله وحده فإنه لا يكفر، وهذا هو النص: (...فإن لم يناقض جزم النية به [أي بالإسلام] كالذي يجري في الكن [يعني كالأفكار التي تجري في النفس] فهو مما يبتلى به الموسوس ولا اعتبار به..). فأنت لا تريد الكفر ولا تشك في الإسلام -بدليل أنك تستعظم الوساوس-، ولكن هذه الأفكار تأتيك دون اختيار فلا اعتبار بها ولا قيمة لها.
وهذه الأفكار والوساوس يلقيها الشيطان إليك حتى يصدك عن التزامك وعن توبتك، وها أنت تصل إلى مرحلة تفكر فيها بالانتحار وتعجز فيها عن مباشرة أعمالك. وهذا ما يريده الشيطان منك.
ودواؤك يكون بأمور:
1- الذهاب إلى الطبيب النفسي ليصف لك الدواء المناسب لوسوستك، ويبدو أن عندك أعراض الاكتئاب أيضاً، حيث فكرت بالانتحار، وأصبحت في حالة تعجز فيها عن مزاولة أعمالك الاعتيادية.
2- الاستعاذة بالله من الشيطان عند ورود هذه الخواطر.
3- مدافعة هذه الأفكار بضدها أي: قل كلما وردت: آمنت بالله، واقرأ سورة الإخلاص (قل هو الله أحد).
4- قطع هذه الأفكار والانتهاء عن التفكير بها قدر الإمكان، وإن أصرت على ملاحقتك فلا تحاول البرهنة على بطلانها وعلى أنك لا تؤمن بها، لأنه لا قيمة لها فلا تضيع وقتك بالتفكير فيها. (وهذه النقطة والاثنتين قبلها دواء ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأحاديث الصحيحة لمن هم في مثل حالتك).
5- ابحث عن إنسان قوي في العلم الشرعي -معتدل في نظرته غير معروف بتكفير الناس ورميهم بالابتداع في كل شاردة وواردة- وادرس عنده أساسيات العقيدة، والأمور التي تشكل عليك فيها، فالعلم من أقوى الأسلحة في التغلب على الشيطان، ومنع الاستجابة لوساوسه أو الخوف منها. ولا تقرأ كتاباً قبل أن تسأل عنه وعن مؤلفه، وتعلم هل هو ممن يؤخذ بقوله أم لا.
6- استمر على الدعاء ولا تيأس من رحمة الله، فهو قد يؤخر الاستجابة لحكمة يعلمها، ولأنه يحب أن يسمع صوتك وأنت تتضرع وتقف على بابه، وليذيقك حلاوة مناجاته والالتجاء إليه، وليس تأخر الإجابة علامة على غضب الله دائماً، فالله يغضب على من يعصيه غير آبه بمعصيته، ثم يأتي –من غير توبة- فيدعوه ويطلب منه ويتمنى، أما من يقف على بابه متذللاً يرجو رحمته ومغفرته، ويعترف أنه ارتكب ذنبه ضعفاً، لا إصراراً واستكباراً فلماذا يغضب الله عليه ويطرده؟! الله أكرم من أن يفعل ذلك.
7- اقبل نفسك كما هي، أي لا تحزن إذا وجدت نفسك موسوساً، وغيرك معافى من الوساوس، فكل إنسان له محنته في هذه الحياة، فهناك الأعمى وغيره ينعم بالنظر، وهناك الأصم وغيره ينعم بالسمع والكلام، وهناك مريض السكر، والضغط، والقلب، والسرطان...، وغير ذلك كثير، وهناك مريض الوسواس، والاكتئاب ونحو ذلك، وكل واحد من هؤلاء إنما عليه أن يصبر ويرضى بقضاء الله، وينتظر الفرج منه، وما هي إلا أيام قلائل ويلقى كل واحد منا جزاء صبره، و((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)) [الزمر:10]
أخيراً: أسأل الله تعالى أن يثبت قلبك ويعافيك في القريب العاجل، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير. وتابعنا بأخبارك.
واقرأ على مجانين:
أنواع الوسواس خناس ولا خناس
الوسواس القهري: أنواعه وأعراضه وحكمه الشرعي مويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> ماذا أفعل لأتخلص من الوسواس؟ مشاركة 1